الخيانة وأنواعها

الكاتب: المدير -
الخيانة وأنواعها
"الخيانة وأنواعها

 

للخيانة صور عديدة:

منها: السَّرِقَة. وفى المصباح المنير: وربما قيل كلُّ سارقٍ خائنٌ دون عكس، وقيل في سبب نزول قوله تعالى: ? إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ? [النساء: 105- 107]: إنها نزلت في سارق الدِّرْعَين وقومِه.

 

وقيل الخيانة: أن يؤتمن المرء على شيء، فلا يقيم لحرمة الأمانة وزنًا. كما في روايتي أبي هريرة وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ...

وفي التحذير من خيانة الأمانة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ[1].

وممن يدخل في المطالبة بذلك: كلُّ مَن تحمل أمانة الحكم، أو أمانة المسؤولية، أو أمانة الكلمة، أو أمانة العلم، أو أمانة العمل، فلم يؤدِّها بإتقان، أو غَشَّ فيها، فمن غشَّ أمة الإسلام، فهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي[2].

 

• ومن صور الخيانة في القرآن الكريم:

1- التجسُّس لحساب الأعداء:

• قال تعالى: ? يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ? [المائدة: 41]

وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات، أنها نزلت في منافقي أهل الكتاب: ? سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ ? أي سمَّاعون لأجل قوم آخرين. وجَّهوا عيونًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين يحضرون مجالسهم، وينقلون أخبارهم إلى قوم وصفهم الله بقوله لَمْ يَأْتُوكَ.

ومن هذه الآية يَتبيَّن أن فريقًا من المنافقين من أهل الكتاب كانوا يزعمون الإسلام لغاية التجسُّس لأعداء الله عز وجل، ونقل أخبار المسلمين إليهم.

• قال تعالى: ? وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ? [البقرة: 76].

• وقال تعالى: ? وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ? [آل عمران: 72].

فالتجسُّس في صدر الأعمال التي يهتمُّ بها المنافقون للكيد للإسلام والمسلمين، والتعاون مع أعداء الله عز وجل على ذلك، ولذا نهى الله تعالى عنها المؤمنين بقوله: ? وَلَا تَجَسَّسُوا ? [الحجرات: 12].

 

2- إفشاء الأسرار للأعداء:

وهذا لون آخر للتجسُّس، فقد يكون التجسُّس مهنة وغاية، ولكن هناك من يُفشِي السرَّ تحت تأثير شيء معين، وضعف لا يلبث أن يزول إذا خالط قلبه نور الإيمان.

ومن ذلك قصة أبي لُبابةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه عندما حاصَر الرسولُ صلى الله عليه وسلم يهودَ (بني قريظة) بعد أن ظاهروا المشركين عليه في غَزْوَةِ الأحزابِ، فذهَبَ إلَيْهِم، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ وَهَشَّ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقَّ لَهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَبَا لُبَابَةَ أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: مَاذَا يَفْعَلُ بِنَا إِذَا نَزَلْنَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ، قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: [فَوَاللهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ]، ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ، ولم يأت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عَمَدِهِ، وَقَالَ: [لَا أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ ][3].

وأنزل الله تعالى قوله: ? يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ? [الأنفال: 27].

وقيل: إن هذه الآية: ? وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ? [التوبة: 102]. نزلت في توبة الله تعالى عليه.

ولا شكَّ أن أقصى ما يتمناه العدو من الفرد المسلم هو خيانته لجماعته بإفشاء أسرارها.. أو التآمر ضدَّها.

 

3- مصانعة العدو، ومصادقته:

كما حدث في قصة الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه. وقد كان له إخوة وبنون بمكة، ليس لهم عصب يحميهم، فخاف عليهم إذا غزا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكة عندما أراد فتحها، فأحب أن يكون له عند قريش يدٌ، وأراد أن يتقرَّب إليهم رغبة في عدم إيذاء أهله بمكة منهم، فكتب إليهم كتابًا وأرسله إليهم. رُوي أنه ورد فيه: أما بعد: يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش عظيم يسير كالسيل، فو الله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له، فانظروا لأنفسكم والسلام.

والذي ينظر إلى هذه الصيغة لا يفهم منها أنه قصد أذى المسلمين، وإنما هو إفشاء السرِّ لمصلحة رآها هو لأهله بمكة.

 

وقد أرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليًّا والزبير والمقداد في تتبُّع المرأة التي معها كتاب حاطب إلى قريش، حتى وجدوها عند (روضة خاخ)، فأخذوا منها الكتاب، فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا، وَلاَ رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ صَدَقَكُمْ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ[4].

وفى هذا الحديث دليل على أن ما عمله حاطب من النِّفاق، فقد أقر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قولَ عمرَ: [دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ]، وفى رواية: «فقال عمر: [إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني أضرب عنقه] فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل بدر دمعت عيناه رضي الله عنه، وقال: [الله ورسوله أعلم].

ومن هذا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستنكر وصف عمر لهذا العمل بأنه نفاق، ولا حتى العقوبة التي أراد عمر أن يوقعها عليه وهي القتل، وإنما الذي شفع له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان من أهل بدر، وأبلى بلاءً حسنًا في هذه الغزوة المباركة.

 

4- التآمر مع الأعداء، ولو في صورة طاعة من الطاعات:

(أ) قال تعالى: ? وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ? [التوبة: 107، 108] .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: هُمْ أُنَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ابْتَنَوْا مَسْجِدًا، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَامِرٍ: ابْنُوا مَسْجِدَكُمْ وَاسْتَمِدُّوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ سِلَاحٍ، فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى قَيْصَرَ مَلَكِ الرُّومِ فَآتِيَ بِجُنْدٍ مِنَ الرُّومِ، فَأُخْرِجَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ مَسْجِدِهِمْ أَتَوَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ فَرَغْنَا مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِنَا، فَنُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ، وَتَدْعُوَ بِالْبَرَكَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل هَذِهِ الآياتِ[5]، وبَنَوا المسجد ليكون أبو عامر الراهب (الفاسق) إمامَهم.

وكان الذين بنَوا هذا المسجد وأمُّوه اثني عشر منافقًا، ذكرهم ابن هشام في سيرته. أقاموا مسجدهم وشيَّدوه، وأخفَوْا مقاصدهم الدنيئة في صدورهم، كما أخفَوْا نفاقهم، وأرادوا أن يزيدوا طمأنة المسلمين، ويبالغوا في التمويه عليهم.

وحدثت الفتنة بين الناس، وانقسموا على أنفسهم بسبب هذا المسجد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مالكَ بنَ الدُّخْشُمِ ومَعْنَ بنَ عدي بهدمه وحرقه، فَحَرَّقَاهُ وَهَدَّمَاهُ، ونزل فيهم من القرآن ما نزل.

 

(ب) قال تعالى: ? وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا ? [الأحزاب: 14].

نزلت هذه الآيات في هؤلاءِ الذين جَبُنوا من المنافقين عند لقاء الأحزاب، وذهبوا إلى المدينة مُحتجِّين بأن بيوتهم عورة، فيرد الله على هؤلاءِ بأنهم ضعاف الإيمان، لا عقيدةَ لهم، لأن الله يعلم أن العدو لو قُدِّرَ له أن يدخل المدينة من جوانبها وأقطارها، ثم سألهم المشركون الرِّدَّة وحملَ السلاح في وجوه المسلمين ما تردَّدُوا لحظة. وهذه هي الخيانة العظمى في أقصى صورها، وقد فضح الله تعالى نواياهم في قرآن يتُلَى إلى يوم الدين.

 

(ج) قال تعالى: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ? [الحشر: 11، 12].

نزلت هذه الآيات في يهود بني النضير، الذين أرادوا قتل النبيِّ صلى الله عليه وسلم في ديارهم، وفي المنافقين الذين همُّوا بالخيانة العظمى، وحاولوا إشهار السيف مع أعداء الله في وجوه المسلمين، ولكن الله عز وجل خذلهم وثبَّطَهم، وألقَى في قلوبهم الرعب.

 

وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّهَيُّؤِ لِحَرْبِهِمْ وَالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فَحَاصَرَهُمْ سِتَّ لَيَالٍ، وَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ حِينَئِذٍ، وتحصنوا فِي الْحُصُونِ، فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ النَّخِيلِ وَالتَّحْرِيقِ فِيهَا، فَنَادَوْهُ: أَنْ يَا مُحَمَّدُ قَدْ كُنْتَ تَنْهَى عَنِ الْفساد، وتعيبُ مَنْ صَنَعَهُ، فَمَا بَالُ قَطْعِ النَّخِيلِ وَتَحْرِيقِهَا؟!.

وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبِيٍّ وَوَدِيعَةُ وَمَالِكٌ وَسُوِيدٌ وَدَاعِسٌ قَدْ بَعَثُوا إِلَى بَنِي النَّضِيرِ: أَنِ اثْبُتُوا وَتَمَنَّعُوا، فَإِنَّا لَنْ نُسْلِمَكُمْ، إِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ، وَإِنْ أُخْرِجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ.

فَتَرَبَّصُوا ذَلِكَ مِنْ نَصْرِهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَقَذَفَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ أَنْ يُجْلِيَهُمْ وَيَكُفَّ عَنْ دِمَائِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ مِنْ أَمْوَالِهم إِلَّا الْحَلْقَة. ففعل ذلك صلى الله عليه وسلم.

 

فالخيانة العُظْمَى شُعْبَة من شُعَب النِّفاق تكفي وحدها لإثبات صفة النِّفاق، وإلصاقها بشخص سوَّلَتْ له نفسه أن يرتكب إحدى الجرائم الثلاثة التي بينَّاها في آفة الخيانة (العمل كجاسوس لحساب العدو، أو أوقعه شيطانه في جريمة إفشاء سرِّ الجماعة المؤمنة، أو تخبط عقله في دياجير الخيبة، وعرض مشاركته مع الأعداء للتآمر ضد سلامة الإسلام والمسلمين).

 

5- الغل من الغنيمة في الغزو:

وهو صورة من صور الخيانة، والغلول يكون في الغنيمة قبل تقسيمها، وهي من الكبائر، ? وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ? [آل عمران: 161].




[1] أخرجه أحمد ح (15424)، وأبو داود: ك: الإجارة، ب: فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ حَقَّهُ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ، ح (3535)، والترمذي: ك: البيوع، ب:38، ح (1264)، وقال: حسن غريب، وقال الألباني: حسن صحيح.

[2] أخرجه مسلم، ك: الإيمان، ب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، ح (102).

[3] البداية والنهاية لابن كثير (4/ 138).

[4] أخرجه البخاري: ك: الجهاد والسير، ب: الجاسوس، ح (3007)، ومسلم: ك: فضائل الصحابة، ب: فضائل أهل بدر، وقصة حاطب، ح (2494).

[5] انظر: دلائل النبوة للبيهقي (2/ 263).


"
شارك المقالة:
29 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook