الدعاء للشهيد

الكاتب: مروى قويدر -
الدعاء للشهيد

الدعاء للشهيد.

 

 

معنى الشّهيد ومنزلته:

 

قبل التعرّف على الأدعية التي تُدعى للشهيد، لا بدّ من بيان المقصود بالشّهيد فيما يأتي:

  • الشَّهيد لُغةً: اسمٌ من الأصل الثلاثي؛ الشين، والهاء، والدال، ومعناه يدلّ على الحضور والإعلام، فيُقال: شَهيد؛ أي الذي قُتِل في سبيل الله، وقيل: سُمِّيَ بذلك لأنّ ملائكة الرّحمة تشهد خروج روحه.
  • الشَّهيد شرعاً: الشّهيد هو من قاتَلَ لتكون كلمة الله هي العُليا، ومات على ذلك، ويخرج من هذا كلّ من قاتل حميّةً، أو شجاعةً، أو رياءً، أو ليس لتكون كلمة الله هي العُليا، وذلك لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن قاتَل لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا، فهو في سبيلِ اللهِ).

 

كرامة الشّهيد:

 

كرّم الله -سبحانه- الشّهيد، ورفع منزلته، وعدّه في أعلى مراتب الجنّة، وما استحقاق الشّهيد لهذه المرتبة العظيمة إلا بسبب تضحيته بنفسه في سبيل الله، والنفسُ أقصى ما يمكن أنْ يضحّي به الإنسان في حياته؛ فاستحقّ الشّهيد التكريم والتفضيل، ولقد بلغت مكانته في الإسلام مبلغاً عظيماً عندما تمنّى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يُقتَل شهيداً في سبيل الله تعالى، والمسلمون عبر التاريخ الإسلامي يحفلون بالشهداء، ويذكرون فضلهم، ويعترفون بتضحياتهم، وينقلون سيرتهم الزّكية للأجيال، فمن هو الشّهيد في المفهوم الشرعي، وما هي مزاياه وعطاياه، وهل الشُّهَداء من أصحاب الشفاعة، وما واجب المسلمين تجاه الشهداء، وهل من البرّ أنْ ندعوَ لهم؟

 

دعاء للشّهيد:

 

من كرامات الشّهيد عند الله -عز ّوجلّ- أن أكرَمَهُ بقبول شفاعته لأهل بيته، وقد أثبتت الأدلّة ذلك، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يَشْفَعُ الشّهيدُ في سبعينَ من أهلِ بيتِه)، وأهل بيته هم أقاربه على وجه العموم، وتدخل في الأقارب زوجته وقرابته، ولا تمنع الكبائر من قبول الشفاعة إذا أذِنَ الله سبحانه وتعالى، ولكنّها لا تُقبَل في حقّ الكافر، أو من فعل فعلاً يُخرجه من الإسلام، مثل: تارك الصلاة مع إنكار فرضيّتها.


وفي حُكم الدّعاء للشهيد فإنّه يكون من جُملة دعاء المسلم لأموات المسلمين، ولا حرجَ في ذلك؛ لأنّ في الدُّعاء رحمةً لهم؛ فيدعو المسلم لمن مات شهيداً بأن يرحمه الله تعالى، ويتجاوز عن سيّئاته، ومن الأدعية المأثورة لأموات المسلمين:

  • قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في دعائه للميت: (اللهُمَّ إنَّ فلانَ بنَ فلانٍ في ذمَّتِك وحبلِ جوارِك، فأعِذْه مِن فتنةِ القبرِ، وعذابِ النَّارِ، أنتَ أهلُ الوفاءِ والحقِّ، اللَّهمَّ فاغفِرْ له وارحَمْه، إنَّك أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ).
  • قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في صلاة الجنازة على الميّت: (اللهُمَّ اغفرْ له وارحمْه، واعفُ عنه وعافِه، وأَكرِمْ نُزُلَه، ووسِّعْ مُدخلَه، واغسِلْه بماءٍ وثلجٍ وبرَدٍ، ونَقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنسِ، وأَبدِلْه داراً خيراً من دارِه، وأهلاً خيراً من أهلِه، وزوجاً خيراً من زوجِه، وقِه فتنةَ القبرِ وعذابَ النارِ).


وممّا كان من سُنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- تجاه الشّهداء، ما يأتي:

  • زيارة قبور الشهداء والدّعاء لهم: حيث كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يزور شهداء غزوة أحد، ويدعو لهم بدعائه المأثور: (السّلامُ عليكم أهلَ الدِّيارِ مَِنَ المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنَّا إنْ شاء اللهُ بكم لاحِقونَ، نسألُ اللهَ لنا ولكم العافيةَ).
  • الشهادة للشهداء بالخير: حيث يذكر المسلم حُسْن صُحبة الشهداء مع القرآن الكريم؛ فقد ثبت أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قدّم في الدّفن أكثر الشهداء صِلةً بالقرآن الكريم؛ فقد جاء في الحديث: (كان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يجمَعُ بين رجُلَينِ من قتلى أُحُدٍ، ثمّ يقولُ: أيُّهم أكثرُ أخذًا للقُرآنِ، فإذا أُشيرَ لهُ إلى أحدِهما قدَّمَهُ في اللَّحدِ، فقال: أنا شَهيدٌ على هَؤلاءِ يومَ القيامَةِ، فأمَر بدَفنِهِم بدِمائِهِم، ولم يُغَسِّلْهم).
  • الدّعاء على الأعداء ومن قتل الشُّهداء: فبعد أن فرغ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من دفن شُهداء أُحد، جمع الصحابة -رضي الله عنهم- خلفه، وتوجّه بالثناء على الله تعالى، والدّعاء على القتلة الذين يصدّون عن سبيل الله تعالى، وكان ممّا دعا به: (اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يُكذِّبون رُسُلَك، ويصدّون عن سبيلِك، واجعلْ عليهم رِجزَك وعذابَك، اللهمَّ قاتلْ كفرةَ الذين أوتوا الكتابَ، إلهَ الخلقِ).

 

مكانة الشَّهيد:

 

لقد صوّر القرآن الكريم والسُّنة النبويّة الشريفة الشّهيدَ بأبهى صورةٍ، ممّا يؤكّد فضله وعُلوّ منزلته، فوصفه القرآن بالحيّ، فقال الله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ)، والنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع علوّ شأنه عند الله -عزّ وجلّ- يتمنّى الموت في سبيل الله تعالى، حيث قال: (والذي نَفسُ محمَّدٍ بيَدِه، لوَدِدتُ أنِّي أغزُو في سبيلِ اللهِ فأُقتَلُ، ثمَّ أَغزُو فأُقتَلُ، ثمَّ أغزُو فأُقتَلُ)، وجاءت الأحاديث الصحيحة لتؤكّد منزلة الشّهيد عند الله تعالى، وتمنّيه للعودة إلى الدنيا ليُقتَل في سبيل الله مرّةً أخرى؛ وذلك لِما يراه من كرامة عند خروج روحه، كما أكّدت الرِّويات أنّ الشّهيد صاحب منزلة عالية في الجنّة، وأنّ ريحه تعبقُ يوم القيامة مِسكَاً، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مَكلومٍ يُكلَمُ في سبيلِ اللهِ إلَّا جاءَ يومَ القيامةِ وَكلمُه يدمى، اللَّونُ لونُ دمٍ، والرِّيحُ ريحُ مسكٍ).

شارك المقالة:
92 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook