الدعاة والاختلاط بالجماهير

الكاتب: المدير -
الدعاة والاختلاط بالجماهير
"الدعاة والاختلاط بالجماهير




إن من أمثل الطرق لمعرفة الناس، هي مخالطتهم[1]، فالداعية الذي يخرج ويبحث عن الناس ويغشى مجالسهم ويتوجه إليهم بالدعوة، ليس كمن شأنه البقاء في مكتبه أو بيته منتظرا قدوم الناس عليه، فهذا الصنف - غالباً - أضعف أثراً في الدعوة، وقلما يستجيب له الناس، لما يرون من جهله بأحوالهم واهتماماتهم.

 

فمعاشرة الجماهير والتعرف على عوائد الناس وأوضاعهم ومشكلاتهم، لها أثر كبير في نجاح الدعوة الإسلامية، فمن أراد أن يصلح المتدينين، فعليه أن يعيش معهم في مساجدهم ومجالسهم، ومن أراد أن يصلح العمال والفلاحين، عليه أن يعيش معهم في قراهم ومصانعهم، ومن أراد أن يصلح التجار، فلا بد أن يخالطهم في أسواقهم ومتاجرهم.. الخ[2].

 

ذلك أن الإسلام دين الجماعة، والأصل في المسلم أن يخالط الناس ليتمكن من أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وإرشادهم إلى الخير، وانتشالهم من الضلال.

 

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحسن معاملتهم، وأنه أفضل من الذي يعتزلهم، ولا يصبر على مخالطتهم، والأحوال تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والزمان، ولكل حال مقال[3]، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم إذا كان يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم))[4].




[1] اختلف العلماء في أيهما أفضل الخلطة أم العزلة، وبينوا أن هناك أحوالا تشرع فيها العزلة بشكل كلي أو جزئي وأنواعها. انظر على سبيل المثال: إحياء علوم الدين 2 /221 - 244، والآداب الشرعية والمنح المرعية 3 /476 فصل في المفاضلة بين العزلة والخلطة.

[2]بتصرف، السيرة النبوية دروس وعبر ص 37، وانظر الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف ص 218.

[3] بتصرف، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 7 /210.

[4] سبق تخريجه ص 438.


"
شارك المقالة:
37 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook