المحتوى

الدكتور الخضيري ومايو كلينك في مواجهة العابثين بـ صوديوم المياه: هل من مُناظر؟!

الكاتب: يزن النابلسي -

الدكتور الخضيري ومايو كلينك في مواجهة العابثين بـ صوديوم المياه: هل من مُناظر؟!

 

يبدو أننا على موعد مع معركة عنوانها “العبث بنسبة الصوديوم في مياه الشرب”؛ ففي الوقت الذي تروج فيه شركات تعبئة المياه لعبوات قليلة الصوديوم؛ نجد أن الباحث في المسرطنات الدكتور فهد الخضيري،كان قد أطلق في شهر أكتوبر الماضي “صيحة تحذير” من خطورة المياه المعبأة قليلة الصوديوم؛ مؤكداً أن العبث بنسبة الصوديوم من أجل التسويق التجاري خطير صحياً وخداع للمستهلك؛ مستدلاً بتقرير لـ”مايو كلينك”.
 
وفي التفاصيل تقترب “الغذاء والدواء” من المشكلة، دون حسم علمي، وسط رد رسمي إماراتي يقترب من رأي الخضيري.. وفي الخلفية جاءت باحثة في جامعة الملك سعود بنتائج مشوقة توصلت إليها عبر بوابة “ماء زمزم”.
بدأت معركة الصوديوم بتغريدة على موقع “تويتر” قال فيها الدكتور الخضيري: “العبث بنسبة الصوديوم من أجل التسويق التجاري، خداع للمستهلك الذي يجهل خطورة ذلك صحياً”، ثم يشير الخضيري إلى تقرير طبي منشور على موقع مؤسسة “مايو كلينيك” الطبية الأمريكية المعروفة عالمياً، ويكشف التقرير عن خطورة نقص الصوديوم، ويقول: “باختصار هنا أضرار خفض الصوديوم الذي يسبب (Hyponatremia) أو مرض (نقص صوديوم الدم)، ومخاطره من منشورات مايو كلينيك”.
وحسب تقرير “مايو كلينيك”، يلعب عنصر الصوديوم دوراً رئيسياً في الجسم؛ حيث يعمل على ضبط إرسال الرسائل العصبية الصادرة من الجهاز العصبي المركزي لأعضاء الجسم أو العكس، كما يدخل في بناء الخلايا وينشط الإنزيمات ويؤثر على الضغط الدم ونسبة الماء في الخلايا، ويتراوح معدل الصوديوم الطبيعي بين 135 و145 مللي مكافئ في اللتر من الصوديوم (mEq / L)، ولأهمية عنصر الصوديوم للجسم، تفرز الغدة الكظرية هرموناً معيناً يعيد امتصاص الصوديوم قبل خروجه مع البول.
ويحذّر تقرير “مايو كلينيك” من نقص الصوديوم في الدم، وتحدث الإصابة به عندما يقل معدل الصوديوم في دمك عن 135 مللي مكافئ في اللتر (mEq / L)، وعند الإصابة بنقص الصوديوم في الدم، يصاب المريض بالغثيان والقيء والصداع وضعف العضلات، وفي حالات نقص صوديوم الدم الحاد، تنخفض مستويات الصوديوم سريعاً؛ مما يؤدي إلى آثار خطيرة محتملة، مثل تورم الدماغ السريع، الذي يمكن أن يؤدي إلى الغيبوبة والوفاة.
وفي الردود على تغريدة الدكتور الخضيري، قال البعض إننا يمكن أن نعوّض نقص الصوديوم في المياه المعدنية، بتناول طعام غني بالصوديوم، ويرد الخضيري قائلاً: “الذي نقول نعوضه بالأكل؛ الصوديوم من الأكل هو مركب ملح الطعام، كلوريد الصوديوم، وليس عنصر صوديوم مفرد”؛ في إشارة إلى كلوريد الصوديوم الذي يدخل في تفاعل لتكوين حمض الهيدروكلوريك في خلايا المعدة لتنشيط الهضم، وليس عنصر الصوديوم وفوائده المعروفة.
وكانت الهيئة العامة للغذاء والدواء، قد تطرقت إلى الأمر قبل عدة أشهر في زاوية عبر موقعها الرسمي، خصصتها للرد على “الشائعات” عقب تداول ما يفيد بأن “بعض مياه الشرب المعبأة تسبب أمراض ضغط الدم والتهاب المسالك البولية؛ لاحتوائها على نسبة عالية من الصوديوم”.
فجاءت الهيئة نافية ذلك قائلة: “تحتوي مياه الشرب المعبأة على كميات قليلة من الصوديوم مقارنة بكمية الصوديوم الموجودة في العديد من المنتجات الغذائية الأخرى، وتحدد اللائحة الفنية السعودية/الخليجية “مياه الشرب المعبأة” رقم (GSO1025/2014)، مستويات آمنة للمواد الصلبة الذائبة، (ومنها الصوديوم)، وتشترط احتواء مياه الشرب المعبأة على هذه النسب الآمنة التي لا تشكل خطراً على صحة المستهلك”.
وتابعت: “بشكل عام توصي منظمة الصحة العالمية بتقليل استهلاك الصوديوم بأقل من 2000 ملغم للأشخاص الأصحاء يومياً، وينصح مرضى ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والفشل الكلوي بالتأكد من كمية الصوديوم المذكورة في البيانات الغذائية المسجلة على بطاقة المنتجات الغذائية، والحرص على اختيار منتجات تحتوي على كميات خالية أو منخفضة من الصوديوم”.
وجاء رد “الغذاء والدواء” متماشياً -إلى حد ما- مع أصحاب شركات ومصانع المياه التي واصلت ترويجها لمنتجاتها على أنها “تحوي نسباً قليلة من الصوديوم”؛ في توجه أعلن الخضيري و”مايو كلينك” رفضهم له.
ودعا الخضيري لرد علمي على ما طرحه؛ مؤكداً استعداده لمناظرة علمية حاسمة قائلاً: أنا لا أزال عند رأيي العلمي الطبي الذي قدّمته في مؤتمر “جودة مياه الشرب من الشبكة”، ومستعد لمناظرة علمية مع متخصص في “فيزياء صحة الجسم”، وحاجة أجسامنا للأملاح الموزونة والمعادن، ودور الأملاح والمعادن في نشاط الجسم وحيويته وحركته والنبض والتواصل العصبي.. إلخ”.
وليس بعيداً عن السعودية وفي الإمارات تحديداً، كان هناك رأي معتبر للجهات المختصة؛ حيث نقلت صحيفة “الإمارات اليوم” عن مدير عام هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (مواصفات)، قوله: إن “معيار التنافس الوحيد بين شركات إنتاج المياه المعبأة؛ أصبح يتمثل في نسبة تركيز الصوديوم، وشكل ومواصفات زجاجة المياه، بعد أن حددت الهيئة قبل عامين مواصفة موحدة لتداول مياه الشرب في الدولة، والتي تشمل عملية التعبئة من المصدر، مروراً بنقل المياه، وصولاً إلى رفوف مراكز البيع المختلفة”.
وأضاف: نشترط على المنتجين والموردين توضيح بيانات المنتج، ونسبة تركيز المعادن في المياه، وأن يتطابق ذلك مع المواصفات الإماراتية”؛ مشيراً إلى أن قلة نسبة الصوديوم أو تركيزه في المياه، لا يؤثران في صحة المستهلك؛ فهو عنصر يختلف معه طعم المياه فقط؛ وهو أمر متفاوت بين شخص وآخر، وربما تكون مجرد خطط دعائية لبعض الشركات، ولم تثبت أي دراسة تأثيره في صحة الإنسان.
في عام 2006 قدمت الباحثة نور الزهيري بجامعة الملك سعود، بحثاً لمقارنة التركيب الكيميائي بين ماء زمزم وبين مصدر مياه آخر صالح للشرب؛ فوجدت أن هنالك تبايناً ملحوظاً في خصائصهما الكيميائية المختلفة؛ ومن بينها: عنصر الصوديوم الذي يصل تركيزه في مياه زمزم إلى 133 مليجرام للتر؛ بينما تركيزه في مياه الشرب العادية يبلغ 37.8 مليجرام للتر.
والدكتور فهد الخضيري هو أستاذ وعالم أبحاث في تخصص المسرطنات، حاصل على دكتوراه PhD انقسام خلايا السرطان، وأبحاثه الطبية منشورة في مجلات عالية التصنيف، ويقدم النصائح الطبية والعلمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي “تويتر” و”سناب شات”، وله آلاف المتابعين الذي ينتظرون تغريداته العلمية المفيدة عن العادات الغذائية الخاطئة، وكيفية استبدالها بعادات صحية سليمة.
وهو حائز على دكتوراه في الطب؛ التخصص الدقيق “العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان”، والزمالة الأمريكية في التقنية الحيوية في مجال البحث عن ميكانيكية النمو السرطاني، كما أنه حاصل على عدد من المنح والبحوث الطبية الأمريكية والسعودية، وعضو في عدد من الجمعيات مثل الجمعية السعودية لمكافحة السرطان، والجمعية السعودية لمكافحة التدخين، وعضو لعدد من الاتحادات الأمريكية للأبحاث مثل الاتحاد الأمريكي لأبحاث السرطان، وباحث معتمد من الجمعية الأوروبية لأبحاث التقنية الحيوية الجزئية للاتحاد البريطاني للأبحاث الطبية، وعضو وحدة أبحاث الخلية، إلى غيرها من العضويات والمشاركات العلمية العالمية في مجال مكافحة السرطان، ومكافحة التدخين.
في عام 1405هـ التحق الدكتور فهد بالعمل في مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي؛ وذلك لحبه الشديد لمجال البحث العلمي، وهناك وجد أن المركز لديه برنامج عن المسرطنات الذي كان قد بدأ تقريباً في عام 1402هـ/ 1982م.. كان الدكتور من الأوائل الذين التحقوا بذلك البرنامج في عام 1405هـ؛ ولكن شغفه العلمي لم يكن قد انتهى عند هذا الحد؛ فقام بتحضير رسالة الماجيستر في عام 1409هـ، وكانت “وجود مطفرات ومسببات للطفرة الوراثية التي قد تقود إلى السرطان”؛ وذلك “عن أثر الأدخنة الناتجة عن عوادم البترول في المنطقة الشرقية على الخلايا السليمة، وهل تجعلها مسرطنة أم لا؟”، بعدها أكمل طريقه العلمي واستطاع إكمال دراسة الطب والحصول على الماجستير والدكتوراه ليصبح واجهة مشرفة أمام العالم، وقدوة لكل شاب عربي محب للعلم ومجال الأبحاث.
“مايو كلينك” هي مجموعة طبية وبحثية لا تهدف إلى الربح، مقرها الرئيسي في روتشيستر بولاية مينيسوتا الأمريكية، يتكون المقر الرئيسي من مدرسة مايو الطبية، ومدرسة مايو للمتدرجين، وكلية مايو للدراسة الطبية لما بعد التدرج، وعدة مدارس أخرى للعلوم الطبية.
وحلت “مايو كلينك” في روتشستر- مينيسوتا، في المرتبة رقم 1 في قائمة الشرف لأفضل المستشفيات، وتم تصنيفها على الصعيد الوطني في 15 تخصصاً للبالغين و7 تخصصات للأطفال، وتم تقييمها.
تعتبر كلية الطب في “مايو كلينيك” الذراع التعليمي لعيادة مايو.. وقَدِم إلى عيادة Mayo Clinic هذا العام 1.3 مليون شخص من جميع الولايات الأمريكية الخمسين، ومن 137 بلداً.
وصنفت مؤسسة “يو إس نيوز آند وورلد ريبورت” حرم “مايو كلينك” في روتشستر- مينيسوتا، بأنه أفضل مستشفى محلي في تصنيفاتها لعامي 2018- 2019، وصعد حرم “مايو كلينك” في أريزونا في قائمة شرف أفضل المستشفيات إلى المركز رقم 11 محلياً.
لقد ظل مستشفى “مايو كلينك” يحتل صدارة “قائمة الشرف لأفضل المستشفيات”، أو يكون قريباً من الصدارة خلال تاريخ تصنيفات “يو إس نيوز آند وورلد ريبورت” لأفضل المستشفيات.
جدير بالذكر أن المياه المعدنية هي المياه التي تأتي من الآبار أو الجبال، وتحتوي على أملاح معدنية؛ من أبرزها معادن الصوديوم والكالسيوم والمغنسيوم، كما يوجد بكل دولة قوانين تنظم استخراج وتعبئة المياه المعدنية، في أوروبا، تعتمد الدولُ والقوانين الوطنية بشأن استخراج وبيع المياه المعدنية الطبيعية، على توجيهات الاتحاد الأوروبي، وتحتاط بعض البلاد مثل ألمانيا والنمسا؛ فلا تسمح بتعبئة المياه المعدنية إلا بتصريح من الإدارات الصحية، وقد وصل عدد التصاريح الجاري العمل بها في ألمانيا إلى نحو 800 تصريح، وأخيراً فإن المياه الخالية من عنصر الصوديوم غير متزنة معدنياً.
شارك المقالة:
53 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook