يقع موقع الدوسرية على بعد 45كم إلى الشمال من مدينة القطيف وعلى بعد نحو 1كم من شاطئ الخليج العربي و 19كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة الجبيل.

 

ويحتضن الموقع منخفض تحده الكثبان الرملية التي يبلغ ارتفاعها ستة أمتار عن مستوى المنخفض، وغطت الكثبان الرملية جزءًا من الجنوب والشمال والغرب، أما من جهة الشرق فيحده الامتداد الشمالي لسبخة الصُّم، ويحتل الموقع مساحة قدرها 1.65كم  من المنخفض تنتشر عليها المعثورات الأثرية وبخاصة كسر الأواني الفخارية المزخرفة، إضافة إلى الأدوات الحجرية. ويتجاوز انتشار تلك المواد 2كم من قلب الموقع؛ ويعتقد أن الموقع كان على حافة الخليج العربي في العصور القديمة استدلالاً بعثور البعثة الدنماركية عام 1388هـ /1968م على قطعتين جبسيتين تحملان آثارًا لـحيوانات بحرية  

 

ويرجع الفضل في اكتشاف موقع الدوسرية إلى باحثة أمريكية   استطاعت أن تجمع كسرًا فخارية من سطح الموقع عام 1388هـ /1968م، وتم تحديد هويتها على أنها تعود إلى فترة العُبيد؛  ولذا صنف الموقع ضمن مواقع فترة العُبيد، تلك الفترة التي تؤرخ للعصر الحجري الحديث الفخاري وتستمر حتى العصر الحجري المعدني؛ أي من نهاية الألف السادس قبل الميلاد إلى منتصف الألف الرابع قبل الميلاد، بعدها تمت زيارة الموقع عام 1388هـ /1968م والكتابة عنه في تقرير نشر عام 1393هـ / 1973م  .  وفي عام 1392هـ /1972م كان الموقع ضمن المواقع التي تم مسحها مسحًا سطحيًا ونفذ فيه عددًا من الأسبار  .  واقتصرت أعمال الحفر التي تم تنفيذها في الموقع على بضعة أسبار أنجزت عام 1392هـ /1972م، فحُفِرَ أربعة مجسات 1 - 4 في المنحدر الغربي لهضبة من الأصداف تقع في منتصف الموقع، وثلاثة على امتداده من الشرق إلى الغرب مع تارك أربعة أمتار بين كل سبر والآخر، وسبرًا في وسط الموقع، وسبرًا في الامتداد الشمالي له بعد الكثبان الرملية التي تحده من تلك الجهة، في جميع المجسات ما عدا السبر الذي نفذ في الامتداد الشمالي للموقع الذي أثبت وجود خمس طبقات أثرية على حين أسفر السبر المذكور عن سبع طبقات أثرية تشغل تراكمًا بلغ عمقه ثلاثة أمتار ونصف المتر  . 

 

وأسفرت الأعمال الميدانية عن جمع مادة أثرية من الموقع تتمثل في الآتي:

 

 كسر من الأصداف البحرية يصل العمق الذي وجدت فيه إلى 30سم عن سطح الموقع.

 

 كمية كبيرة من الأواني الفخارية التي تجمع المزخرف بالألوان وغير المزخرف، يظهر المزخرف بعجينة لونها أخضر غامق أو سلموني معتم أو أخضر معتم. كما تظهر أوانٍ مصنوعة بطريقة جيدة وتمتزج عجينتها بذرات من الرمال، وتظهر على سطوح الأواني بطانة بلون الكريم   من الداخل أو الخارج أو كليهما. وتوجد أوانٍ ذات جدران رفيعة شبيهة ببيض النعام لونها يراوح بين المخضر إلى الباهت وهناك مجموعة من الأواني الفخارية ذات العجينة الحمراء النقية مشغولة جيدًا، وتظهر عليها بطانة كريمية اللون. ومن هذه المجموعة تظهر أوانٍ صلبة عجينتها مخضرة معتمة إلى سلموني معتم ممزوج بالرمل، ويظهر فخار أحمر ممزوج بكسر حجرية وشواؤه متوسط وخشن، كما أن هناك فخارًا رمليًا لونه أحمر باهت وممزوج بأعواد التبن، أو بعجينة بنية فاتحة، أو قاتمة ممزوجة بأعواد القش أو التبن  

 

وإضافة إلى مجموعات الأواني الفخارية عُثر في الموقع على مواد أخرى لعل أوفرها الأدوات الحجرية التي تشتمل على المكاشط ورؤوس السهام المسلوبة المصنعة من أحجار صوانية مسطحة، ومطارق يدوية وأزاميل ومساحق ومداق وأدوات قشط. كما وجدت في الموقع مجموعة من الشظايا المصنوعة من حجر الإندسايت بالإضافة إلى عدد من السكاكين. ووجدت مجموعة من الخرز المصنوع من أحجار كريمية اللون علاوة على أدوات زينة أخرى. ويظهر أن المستوطن عرف البطانة الجصية؛ فقد عُثر على مجموعة من كسر البطانة الجصية الناعمة على سطح وعلى الآخر تظهر آثار سعف النخيل؛ ما يعني أن الموقع كان محاطًا بسياج مشيد من الأغصان وسعف النخيل ومبطنًا بمادة الجص  

 

وبعد دراسة نتائج الأسبار مع المواد الأثرية التي عُثر عليها من سطح الموقع يظن أن الاستقرار في الموقع كان على مراحل أقدمها وقعت في الجزء الشمالي الشرقي، ثم انتشر إلى بقية أجزاء الموقع، ومرد ذلك الظن إلى اكتشافه الطبقات السبع في السبر الخامس الذي مرّ ذكره أعلاه وعدم وجودها في الأسبار الأخرى التي اقتصر ما وجد فيها على خمس طبقات  

 

وبالنسبة إلى تاريخ الموقع فقد أخذت عينتان للتحليل بوساطة كربون 14؛ إحدى العينتين أخذت من على عمق 30سم من سطح الموقع، وهي صدفة أعطيت تاريخًا هو 4185 سنة قبل الميلاد. أما العينة الأخرى فقد أخذت من أعمق مستوى في حفرية المجس السابع وأعطيت تاريخًا هو 4950 سنة قبل الميلاد