لا شكّ بأن العرب قديماً من أهمّ الشعوب وزناً في حكم عجلة التاريخ، حيث تطلق كلمة العرب على الشّعوب التي تنطق اللغة العربية إحدى لغات العالم المشهورة منذ القدم، فعلى مختلف الأزمان والأماكن قبل الإسلام سكن العرب بلاد العراق، وبلاد الشام، وشبه الجزيرة العربية، وكذلك شمال أفريقيا، فتشكّلت العديد من الحضارات والممالك التي ما زالت آثارها مُنتشرةً في العديد من الدول العربية الحالية، وقد أشادت كتب التّاريخ بمجد تلك الحضارات الغابرة، وكذلك ذكر القرآن الكريم من أخبارهم كأمثال مملكة سبأ.
بدأت مملكة سبأ حكايتها في عام 650 قبل الميلاد في الجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية في اليمن، واتخذ ملوك سبأ من مدينة مأرب لتكون عاصمة مملكتهم حيث انطلق حكمهم وإدارتهم من قصر سلحين؛ نتيجة موقعه المُهم على الطريق التجاري الذي تَعبر منه القوافل التجاريّة المتّجهة إلى حضرموت شرقاً وإلى المناطق الأخرى القريبة من البحر الأبيض المتوسط، ونذكر كان أول ملوك سبأ هو المك كرب آل وتر(ايل وتر). اشتهرت مملكة سبأ بأراضيها الخصبة؛ حيث عمل شعبها في الزراعة واستغلال المياه في ري المزروعات، وتعتبر مملكة سبأ من الشعوب الوثنية التي عبدت الأصنام ومجّدتها؛ فقد ذكر القرآن الكريم أخبارهم، وذكر ملكتهم الملكة بلقيس، والجنان التي كانوا يعيشون فيها وكيف طغوا وكفروا بنعم الله تعالى، وكيف عاقبهم الله تعالى بسيل العرم الذي شرّدهم بعد أن دمّر سدهم ( سد مأرب الشهير) وجنانهم.
ظهرت دولة معين في عام 500 قبل الميلاد واستمرّ حكمها 50 عاماً، وتعتبر قرناو هي العاصمة الرئيسيّة لدولة معين؛ حيث تمركزت هذه المملكة في حضرموت أي شمال مملكة سبأ، وازدهرت الحضارة في مملكة معين بعد أن اعتمدت على التجارة؛ حيث كانت أيضاً مركزاً لمرور القوافل التجارية المحملة بالعطور، والبخور، والتوابل، واللبان. تَوسّعت هذه المملكة في تجارتها في اليمن وخارجه حتى مصر ودول حوض البحر المتوسط، ومن أشهر مدن معين هي مدينة براقش المزيّنة بالنقوش التاريخية، وقد تنافست مملكة معين ومملكة سبأ على التجارة وانتهى ذلك بانهيار مملكة معين في منتصف القرن الأول للميلاد.
بدأ ظهور هذه المملكة ما بين عام 115 قبل الميلاد إلى 525 للميلاد، بعدما توسّعت مملكة سبأ مع ذي ريدان، واتخذّ الحِميريون من مدينة ظفار العاصمة لمملكتهم ومقراً لملوك حُميْر، ويُذكر بأنّ ملوك حمير تلقّبوا بلقب ملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت، وكغيرها من الممالك كانت من الدول الوثنية التي تعبد الأصنام وأبرزها آلهة أشتار، ونجحت أيضاً مملكة حِمير بإدارة التجارة البرية والبحرية. مع أوائل القرن الرابع الميلادي انتشرت الديانة النصرانية في اليمن (أحباش اليمن) التي كانت شعلة انتهاء مملكة حِمير بعد أن قام ملك حِمير ذو نواس بحرق نصارى نجران في الأخاديد، وثأراً لذلك خرج الأحباش من بلادهم وهجموا على الحميريين في اليمن، واستولى الأحباش على حكم الجزيرة وانتهى حكمهم بعد أن قضت عليهم طيور الأبابيل التي أرسلها الله تعالى عليهم أثناء الهجوم على الكعبة المشرفة لهدمها.
هي مملكة العرب البدو، وتعتبر البتراء المدينة الأثرية المشهورة في الأردن هي عاصمة الأنباط، وبدأ حكم الأنباط في القرن الرابع (300) قبل الميلاد، وامتد نفوذها من غزة وإلى مدائن صالح جنوباً، وحتى دمشق، وانتهى حكم الأنباط بعد هجوم الرومان عليهم؛ لأنهم كانوا خطراً على تجارتهم.
ظهرت هذه المملكة في القرن الثالث للميلاد، واتخذت من مدينة الحيرة العاصمة للمملكة؛ حيث تقع الحيرة بالقرب من نَهر الفرات، ويرجع سكان المملكة في أصولهم إلى قبائل تنوخ ولخم من اليمن، ومن أبرز ملوك الحيرة هم جُذيمة الأبرش التنوخي، وعمرو بن عدي اللخمي، وكانت تُلقّب المملكة بلقب مملكة اللخميين، ومملكة المناذرة، وأبناء نصر. كونُ هذه المملكة كانت تقع في العراق فقد كانت تخضع تحت حكم دولة الفرس، وكان المناذرة أيضاً ممن كانوا يعبدون الأوثان فلذلك كانوا يرفضون الدخول في دين النصرانية، وبدأت المملكة بالانهيار بعد الحروب التي حدثت بين الفرس والروم؛ حيث كانت دولة المناذرة تُناصر الفرس في حربهم على الروم، وبعد خسارة الفرس من الروم عام 623 للميلاد هجم الرّومان على المناذرة وأبادوهم.
مملكة الغساسنة
قامت هذه الدولة ما بين عام 300 إلى 628 للميلاد عند رحيل الغساسنة من اليمن إلى تهامة، واتخذت من بصرى الشام عاصمةً لها، وخضع الغساسنة في حكمهم تحت حكم الرومان، ولذلك كانت هذه الدولة ممن يعتنق الديانة النصرانية التي كانت دائمة الغزو مع مملكة المناذرة، وانتهى حكمهم بعد ضعف الدولة وانتشار الإسلام في الجزيرة العربية.
موقع موضوع