الدولة السعودية الأولى

الكاتب: ولاء الحمود -
الدولة السعودية الأولى

الدولة السعودية الأولى.

 
تعدُّ المبايعة التي تمت بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب والأمير محمد بن سعود الخطوة الأولى على طريق تأسيس الدولة السعودية الأولى، كما أنه نقطة تحول مهمة في تاريخ الجزيرة العربية، وفي تاريخ منطقة الرياض بشكل خاص، إذ أصبحت هذه المنطقة محور الاهتمام في تاريخنا الحديث والمعاصر، لقد احتضنت هذه المنطقة عاصمة الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة، مثلما كانت كذلك مهد المنطلق والبداية، ينقسم حكم الأمير محمد بن سعود إلى فترتين: الأولى بوصفه أميرًا للدرعية من سنة 1139هـ / 1726م حتى سنة 1157هـ / 1744م، والثانية بوصفه حاكمًا أو إمامًا للدولة الجديدة من أواخر سنة 1157هـ / 1744م حتى سنة 1179هـ / 1765م.
 
استقرَّ الشيخ في مقامه الجديد في حماية الأمير محمد بن سعود، ولم يُضع وقتًا، وبدأ في شرح الدعوة لسكان الدرعية ومراسلة زعماء البلدان المجاورة وعلمائها، فكثر أنصاره ولحق به كثير من مؤيديه، ومنهم من استقرَّ عنده طلبًا للعلم ورغبة في الإسهام في نشر الدعوة، وأصبحت الدرعية المركز الرئيس للدولة والدعوة وكَثُرَ الوافدون إليها، وبقدر ما كان الشيخ سعيدًا بذلك لأنه سيتقوى بهم ضد خصوم الدعوة، إلا أنه يعلم أن اقتصاديات تلك البلدة الصغيرة - في بداية أمرها - لن تتمكن من تأمين الأعمال لمن هم في حاجة من هؤلاء الوافدين، إذ كان كثير منهم من الفقراء الذين دفعهم حبهم للعلم، ورغبتهم في مجاورة الشيخ، والدفاع عن الدعوة إلى هجر أوطانهم، ولهذا اضطروا إلى العمل ليلاً والدراسة عند الشيخ نهارًا، وكان الشيخ يستدين لمساعدة المحتاجين منهم  .  ومن المؤكد أن اهتمام الشيخ بهؤلاء الوافدين الجدد سهَّل لهم البقاء في الدرعية، وجعل منهم قوة ضاربة في يد الدولة والدعوة، وسلاحًا فعالاً في وجه أعدائهما
 
اشتهر أمر الشيخ ودعوته بعد أن كَثُرَ مؤيدوها في الدرعية، ولذا نَدِمَ عثمان بن معمر أمير العيينة على إخراجه للشيخ، وعرف مدى الخسارة التي لحقت ببلدته، وأن الدرعية سيقوى مركزها بسبب ذلك، لذا حاول إصلاح الخطأ الذي ارتكبه، فجاء على رأس وفد من كبار أهل العيينة ليطلب من الشيخ العودة معه إلى بلده، ولكن الشيخ أخبره بأن الأمر متروك للأمير محمد بن سعود، أو كما قال ابن غنام: "فأقبل إليهم وقدم عليهم وحاول الشيخ في الرجوع إلى بلده فأحال الأمر على محمد بن سعود فأبى ولم يسعفه بالمقصود، فرجع على عقبه ولم يفز بغاية طلبه"  
 
قضت الدولة والدعوة العامين الأولين من عمريهما في التهيئة العامة للمرحلة المقبلة، وذلك في النواحي السياسية، والدعوية، والاجتماعية لمجتمع الدرعية، فأخذ الشيخ في عقد حلقات العلم ودروس المواعظ لجميع فئات المجتمع، ومراسلة العلماء ورؤساء البلدان وقبائل البادية لشرح الدعوة لهم، ودعوتهم للانضمام إليها وإلى الدولة التي قامت على أساسها، وقد أثمرت هذه الجهود الدينية والسياسية في بداية الأمر، فانضمَّت العيينة بزعامة أميرها عثمان بن معمر، ومنفوحة وكان أميرها علي بن مزروع  .  كما انضمَّت حريملاء بزعامة أميرها محمد بن مبارك، وكانت بلدتا عرقة والعمارية القريبتان من الدرعية قد أعلنتا ولاءهما للدولة الجديدة  .  ومع أن انضمام هذه البلدان شهد نوعًا من التذبذب في ولاء زعمائها حسب ما تمليه مصالحهم الذاتية، إلا أن ذلك أصبح كسبًا معنويًا وسياسيًا للدرعية، فقد بدأت موازين القوى تميل لصالحها بعض الشيء، وبعد أن تمت التهيئة الأولية للدولة الجديدة في الدرعية، وكثر الوافدون إليها من البلدان المجاورة وقد كان معظمهم من المتحمسين للدعوة والدفاع عنها، ما أضاف رصيدًا كبيرًا إلى قوتها العسكرية، وكسبت بعض الأنصار خارجها، رأى الشيخ والأمير أن الوقت قد حان للتوسع في نشر الدعوة.
 
شارك المقالة:
42 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook