الدين النصيحة

الكاتب: المدير -
الدين النصيحة
"الدين النصيحة

 

النصح مسؤولية أخلاقية ودينية، تقع على عاتق كل شخص نبيل، يستشعر مسؤوليته الشخصية تجاه مجتمعه؛ لإنقاذ الناس من الموبقات والضلال؛ ويطالعنا في هذا السياق قول الله تعالى عز وجل: ? وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ? [العصر: 1 - 3]، ولقد أخذت النصيحة أهمية مركزية في توجيهات النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه على قاعدة ((الدين النصيحة))؛ وذلك لحاجة المجتمع لها في تقويم السلوك الخاطئ، وتصحيح الانحرافات عن المنهج القويم في حياة الإنسان.

 

وينبغي أن يتم النصح والتوجيه والإرشاد بصدقٍ ولياقة، ومن دون تعالٍ؛ تماشيًا مع التوجيه القرآني الكريم، باعتماد أسلوب اللين في الخطاب وممارسة النقد، والتوجيه بسلاسة؛ كقوله تعالى: ? فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ? [طه: 44]؛ وذلك لما لأسلوب اللين من أثر إيجابي في النفوس؛ حيث تستقبله برحابة صدرٍ، وتتلقاه بالقبول، في حين أن الأسلوب المعاكس لذلك قد يترك منعكسات سلبية على مشاعر من تُسدَى له النصيحة؛ ومن ثَمَّ يخفق الناصح في تحقيق الغرض المطلوب من النصح.

 

ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى أن القرآن الكريم قد حذَّر من أسلوب التعالي في الرد على الناصحين؛ كما قال تعالى: ? قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ? [القصص: 78]، والأصل أن يكون الغرض من النصح ليس استعراض القدرات الكلامية، والتفوق على الآخرين، بقدر ما هو استهداف الإصلاح بصدقٍ بعيدًا عن تجريح الآخرين.

 

ولا بد من الإشارة إلى أن آلية النصح تقتضي مراعاة مشاعر ومستويات وعي الناس؛ كما قال تعالى: ? ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ? [فصلت: 34]، وهو الأسلوب الأمثل الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرة دعوته منهجًا للدعاة والمربِّين، في مخاطبة الآخرين عند وعظهم، أو نصحهم، أو عند التحاور معهم.

 

فعلى الناصح اجتناب ما قد يكون سببًا مباشرًا في إحجام الناس عن قَبول النصيحة، والابتعاد عن الأخذ بالتوجيه ورفضه؛ ولذلك يتطلب الأمر التناغم مع مستوى من يحادثهم الناصح والواعظ، ومراعاة الحرص على مخاطبتهم بما يناسب أحوالهم، والتماشي مع درجة وعيهم، بحيث يجعلهم يشعرون وكأنه واحد منهم.


"
شارك المقالة:
35 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook