للجهاز المناعيّ في الجسم العديد من الوظائف والمهامّ، ولعلّ أهمّها مقاومة الميكروبات والأجسام الغريبة التي قد يتعرّض لها الجسم والتصدّي لها، وفي بعض الحالات يمكن أن يُهاجم الجهاز المناعيّ أجزاء من الجسم ذاته عن طريق الخطأ، وتُعرف مثل هذه الحالات بأمراض المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune Diseases)، وفي الحقيقة هناك العديد من أمراض المناعة الذاتية، منها ما يُعرف بالذئبة الحمراء (بالإنجليزية: Systemic Lupus Erythematosus) واختصاراً SLE، ويتمثل داء الذئبة الحمراء بمراحل شديدة من المرض وأخرى تخف فيها الأعراض بشكلٍ ملحوظ للغاية، ويُعدّ هذا المرض من المشاكل الصحية غير النادرة، فقد سجّلت الإحصائيات المُجراة على سكان الولايات المتحدة الأمريكية ما يُقارب مليون ونصف المليون حالة تمّ تشخيصها بالذئبة الحمراء، ويعتقد الخبراء والمختصون أنّ هناك عدد كبير من الحالات المصابة بالذئبة الحمراء ولم يتمّ تشخيصها، وعلى الرغم من اعتبار الذئبة الحمراء أحد الأمراض المزمنة التي تُرافق المصاب طيلة حياته، إلا أنّ هناك العديد من العلاجات التي يمكن باستخدامها السيطرة على حالة المصاب، ممّا يُتيح له الحياة بشكلٍ طبيعيّ إلى حدّ ما.
ولفهم الذئبة الحمراء بشكلٍ أفضل لا بُدّ من بيان الأعراض والعلامات التي تظهر على المصاب، وعلى الرغم من اختلافها وتفاوتها من شخص إلى آخر، وكذلك من حينٍ إلى آخر لدى المصاب ذاته، إلا أنّها بشكلٍ عام تتمثل بالمعاناة من آلام المفاصل وتورّمها، والشعور بالإعياء العامّ، والصداع، وتساقط الشعر، وفقر الدم، والطفح الجلديّ الذي يُعرف بطفح الفراشة لوجوده على الأنف والخدّين مُشكّلاً ما يُشبه الفراشة، بالإضافة إلى الإصابة بظاهرة رينود (بالإنجليزية: Raynaud’s phenomenon) التي تتمثل بتغير لون الأصابع إلى الأزرق أو الأبيض وشعور المصاب بوخز وألم فيها عند تعرّضه للبرد، ويجدر التنبيه إلى أنّ هناك العديد من الأعراض الأخرى التي قد تُرافق الإصابة بهذا المرض، والتي تعتمد في طبيعتها على الجهاز الذي هاجمه هذا المرض، فمثلاً يُعاني المصاب من أعراض على مستوى الجهاز الهضميّ في حال ألحق المرض الضرر بهذا الجهاز، وكذلك الأمر بالنسبة للقلب، والجلد، وغيرها من أجزاء وأجهزة الجسم.
تعتمد الخطة العلاجية التي يضعها الطبيب على عمر المصاب، وجنسه، والأعراض التي يُعاني منها، بالإضافة إلى طبيعة حياته، وحالته الصحية بشكلٍ عامّ، ويهدف الطبيب في علاج الذئبة الحمراء إلى السيطرة على نوبات المرض التي تشتد فيها الأعراض، ومنع حدوثها قدر المستطاع، بالإضافة إلى تقليل خطر المعاناة من مضاعفات هذا المرض، ويمكن بيان أهمّ الخيارات العلاجية التي يُلجأ إليها فيما يأتي:
يُعتقد أنّ الإصابة بالذئبة الحمراء تُعزى لوجود اضطرابات أو طفرات في الجينات المرتبطة بوظيفة الجهاز المناعيّ، وقد تكون هذه الطفرات في جين واحد أو أكثر، وإضافة إلى ذلك يُعتقد أنّ العوامل البيئية تلعب دوراً كبيراً في تحفيز ظهور المرض، ومن هذه العوامل: تناول أنواع معينة من الأدوية، والتعرّض لبعض المواد الكيمائية، والتوتر، والعدوى الفيروسية، وطبيعة الغذاء، وأشعة الشمس.