الرحلة

الكاتب: المدير -
الرحلة
"الرحلة

 

إن الحياة رحلة، فارتحل يا أخا الإسلام، ولا تنسَ الزاد؛ فمن دون الزاد تجوع وتهوي وتنتهي الرحلة، أبحر في الحياة، وتذكر قدرة الله.

 

الدنيا ثلاثة أشياء:

1- مسرح كبير وفصول عديدة لمسرحية لها أبطال وشخصيات وحكاية، وأنت بطلها، وفي اليوم الذي ينتهي فيه العرض ستبدأ الحقيقة، ويظهر الواقع وينتهي الوهم.

 

2- رحلة طويلة لها شاطئان، قد ارتحلتَ منذ الصغر، وتركتَ وطنك وبلدك الأم، ورحلتَ بلا زاد، وهناك يدٌ قوية قد دفعتك، أنت في بداية الرحلة ثم بدأتَ تبعد وتدنو؛ تبعد عن شاطئك الأم، وتدنو من الشاطئ الآخر الذي هو أيضًا شاطئك الأم، هل علمت الآن أن الرحلة كانت داخل دائرة وهمية؟ هذا لأنك تدور في الدائرة نفسها: ? مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ? [طه: 55].

 

تدور بك الأمواج يمنة ويسرة، يهيج البحر من حولك، يقذفك من مكان لآخر، تكاد مركبك تنقلب مرة، ومرة تستقيم، يجب أن تتوقف لتحمل الزاد حتى تصلح مركبك، فإياك والغرق؛ فإنك لو غرقتَ فلا عودة يا صديقي إلا أن يشاء الله.

 

إنه الجزء الأصعب من الرحلة، ناضِل يا أخي واستمر في رحلتك، وتزود بالصبر، ولا تيأس ولا تضعف، قاوم الأمواج، قاتل البحر، ولا تتخيل أنك وحيد في ظلمة البحر، وظلمة الجو، وظلمة الوحدة، ظلمات فوق بعضها، اجعل المصباح منيرًا ودليلًا لغيرك، فمصباحك هو كلمة واحدة هي كلمة التوحيد، واختر زيت مصباحك من شجرة زيتونة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، واحفظ الله يحفظك، واذكره في السر والعلن؛ فإنك ستقضي أيامًا وحيدًا في الظلام؛ فتسلح بالصبر، ألا تعلم أنه من الليل يولد الفجر، ومن الظلام يولد الضوء؟ وإن كان اليوم موج والغد موج، فاصبر حتى يستقر بك البحر وتهدأ أمواجه، ثم تبحر دون موج ودون ظلام، قد انتهى عهد الظلام وعاد النور والأمان وانتهت الأمواج، الآن غادر مركبك؛ فليس لك حاجة إليه، اتركه واسبح ما تبقى لك، فلن تصبر على الوصول، تريد أن تتجه للناحية الأخرى من الشاطئ، فاسبح وافرح؛ فإنك قد اقتربت واجتهدت، لا تنسَ أبدًا الزاد والمصباح والصبر، وإياك والغرق حتى تصل في سلام، ثم قف وتأمل؛ فما ستراه لم تره عين من قبل، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.

 

3- قطار طويل يرحل بك ويقف في محطات عديدة، وكل محطة تحكي حكاية وقصة وذكرى.

 

ويستمر القطار، وتختلف الأشخاص ولكن يبقى القطار.

وتبقى أنت فيه؛ فأنت آخر الركاب، أنت أول من يركب وآخر من ينزل.

 

ومن الممكن أن تنسى بعض المحطات وبعض الأشخاص، وعندما تترك قطارك ستنظر وراءك وتتذكر كل شيء؛ فبصرك اليوم حديد، وستبكي إما فرحًا وإما جزعًا.

 

فاحفظ قطارك يا أخي فقد نسيت أنك قائده، تختار من تريد من الركاب، وترفض من تريد، وتقف أينما تريد إلى ما تريد، وتقابل العديد، وترى المزيد والمزيد.

 

فنصحيتي لك أن تلين الحديد...

وتعين المريض...

وتفعل الخير، وتترك النقيض...

وتهدي العبيد...

وتعطي العون السديد...

وتتبع السعيد...

وتهجر البعيد...

فإنه قطارك، وإنها رحلتك، وأنت تختار المحطة لتنزل فيها وتروي ظمأك، ثم تعاود رحلتك...

ولكن احذر القطارات الأخرى... فإنك لا تدري عن شر البشر شيئًا...

 

كن يقظًا سلسًا مستمتعًا بالرحلة، وإن واجهتك الصعاب، وأحاطت بك الذئاب فلا تخف؛ فأنت في القطار وهم على الأرض...

واحذر من اقتراب النهاية دون أن تفعل ما نصحتك به، أتعلم لماذا؟

لأن القطار لا يعود... إنه يسير في اتجاه واحد فقط!


"
شارك المقالة:
27 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook