الرسوم الصخرية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 الرسوم الصخرية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

 الرسوم الصخرية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
تمثل الرسوم الصخرية مظهرًا مميزًا لفنون الإنسان في عصور ما قبل التاريخ، يعبر من خلالها عن أنشطته المعيشية، وممارساته الدينية، وتفاعله مع البيئة المحيطة، في وقت لم يهتدِ فيه إلى الكتابة. وقد سجلت أعمال المسح التي قامت بها وكالة الآثار والمتاحف وغيرها من الدارسين في منطقة تبوك ما يزيد على ألف موقع للرسوم الصخرية معظمها من عصور ما قبل التاريخ، وبعضها يعود إلى فترات تاريخيه سابقة للإسلام وأخرى للفترة الإسلامية وقد نفذت بالنقش على الواجهات الصخرية بطريقة الحفر الغائر أو القليل العمق.
 
وتصور رسوم ما قبل التاريخ التي عُثر عليها في منطقة تبوك أشكالاً آدمية في أوضاع وأنشطة مختلفة ومتعددة، وأشكال الحيوانات التي تعامل معها الإنسان  من أبقار، ووعول، وغزلان، وماعز جبلي، وكلاب، وزرافات، وحيوانات مفترسة، ورسوم طبعات الأيدي والأقدام بطريقة تجريدية بسيطة، منتظمة وغير منتظمة، وبأحجام صغيرة ومتوسطة وكبيرة، وبعض هذه الرسوم صور لمعبودات نُفذت في مواقع عبادة مفتوحة، وبعضها الآخر له صفة الرمزية، وقُصد به التعبير عن أمر ذي مغزى، مما يدل على أنها وسيلة للتخاطب وتسجيل الأفكار استخدمها إنسان المنطقة قبل اهتدائه إلى الكتابة، كما أن بعض هذه الرسوم يجمع بين الإنسان والحيوان  في ترتيب معين يظهر الإنسان يحوز الحيوان أو يتغلب عليه أو يصطاده، كما استخدم التكرار والترتيب والتقارب في رسم الإنسان والحيوان للتعبير عن دلالات معينة وبطريقة تجعل كامل المشهد يمثل لوحة ذات معنى، وفي بعض الأحيان يتم التشكيل بأنواع مختلفة من الحيوانات مع أشكال آدمية في اللوحة الواحدة، ويلاحظ في رسوم الأبقار العائدة إلى فترة ما قبل التاريخ وجود أشكال هندسية على أجسادها، ربما كانت تعبيرًا عن ألوانها.
 
أما الرسوم الصخرية التي تعود إلى الفترات التاريخية السابقة للإسلام في المنطقة (الألف الثاني والألف الأول قبل الميلاد) فيلاحظ عليها كثرة استخدام أشكال الجِمال التي عمّ استخدامها في تلك الفترة، والوعول والنعام والغزلان والخيول، والغياب التدريجي لأشكال البقر الوحشي، مما يدل على قلة هذا النوع من الحيوانات أو اختفائه نظرًا إلى التغيرات المناخية التي شهدتها المنطقة، كما يلاحظ أيضًا وجود أشكال رسوم ونصوص كتابية بالخط الثمودي أو غيره من الخطوط إلى جوار بعضها، وفي مواقع أخرى توجد رسوم للصيد والغزو على ظهور الجمال والخيول أو للمبارزات بين الأفراد وعراك الحيوانات، كما توجد رسوم لصيد الأسود وفي حالات قليلة لشجرة النخيل، وتختفي من رسوم تلك الفترة الأشكال الآدمية والحيوانية ذات الحجم الكبير التي كانت سائدة في رسوم ما قبل التاريخ.
 
ويلاحظ أن معظم مواقع الرسوم الصخرية بمنطقة تبوك وغيرها من مناطق المملكة تقع بجوار مصادر المياه، مثل: البحيرات، والعيون، والينابيع، والأودية، والمماسك الجبلية للمياه، والآبار، والثمائل، والأحساء، والقلتات، والأخبية وهي تجويفات جبلية تتجمع فيها مياه الأمطار، وتكثر في منطقة تيماء. وتتوافر الرسوم الصخرية أيضًا على مسار درب البكرة وبقية طرق الحج والتجارة القديمة المارة بالمنطقة، كما توجد أيضًا في الجبال والتكوينات الجبلية التي تنتشر في المرابع والمصائف التي ارتادها الإنسان في عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية. وتجاور بعض مواقع الرسوم الصخرية الخاصة بفترة ما قبل التاريخ منشآت ودوائر حجرية عائدة إلى الفترة نفسها، كما توجد بعض رسوم ما قبل التاريخ في الكهوف الطبيعية، وقد سجلت بعض المسوحات التي تمت في المنطقة وجود رسوم منفذة بالألوان في منطقة جبل اللوز أُرخت بالفترة 4500 - 4000 ق.م  
 
وفيما يلي ذكر لأشهر مواقع الرسوم الصخرية بمنطقة تبوك:
 
 موقع كلوة  ويقع إلى الشمال الشرقي من تبوك على مقربة من الحدود الأردنية السعودية، في وسط منطقة الطبيق، ويُعَدُّ أهم مواقع الرسوم الصخرية بالمنطقة، وأحد أهم المواقع على مستوى المملكة، وتوجد به رسوم أشكال آدمية ووعول وأبقار كبيرة الحجم نُفذت بأسلوب الحفر العميق غير المنتظم، ويظهر أحد الرسوم وعلاً يخترق جسده سهم وينـزف منه الدم كما لو كان مصادًا، وقد عُثر في كلوة على أدوات حجرية تؤرخ بالعصر الحجري القديم الأعلى  
 
 موقع وادي ضم  ، شمال غرب تبوك، ويحوي رسومًا لغزلان تعود إلى فترة العصر الحجري القديم الأعلى، كما توجد بالوادي لوحة تمثل رقصًا لأشخاص يمسكون بعصي في أيديهم، قد يكون له مغزى ديني  
 
 موقع وادي الأبيض، وتوجد به رسوم قد تكون لمعبودات من العصور الحجرية نُفذت في مكان عبادة مفتوح  
 
 موقع وضحى  الذي يقع على بعد 24كم جنوب غرب تيماء، وتوجد فيه أشكال آدمية ورسوم أبقار نُفذت بحجم كبير مشابه لما وجد في موقع جبة بحائل، وتعود إلى فترة العصر الحجري الحديث   
 
 جبل أبا مغير ويقع على بعد 120كم جنوب شرق تيماء، وتوجد به رسوم لأشكال آدمية وأبقار من فترة العصر الحجري الحديث، ويتميز أيضًا بوجود رسوم لزرافات، وهو من المواقع القليلة التي توجد بها رسوم زرافات في المملكة  
 موقع أم سرف  ، وهو كهف طبيعي يضم عددًا كبيرًا من رسوم الأبقار وبأشكال مختلفة  
شارك المقالة:
51 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook