الرياضة وتأثيرها على الحيض

الكاتب: د. ايمان شبارة -
الرياضة وتأثيرها على الحيض.

الرياضة وتأثيرها على الحيض.

النسبة للكثير من الفتيات والشابات اللائي يتنافسن في المستويات العليا للألعاب الرياضية، يُنظر إلى عدم انتظام فترة الحيض لديهن كجزء طبيعي من كونهن رياضيات، أو حتى شارة شرف لما يبذلن من عمل شاق وتدريب بدني مكثف. ولكن في الواقع يمكن أن يشير غياب فترات الحيض بانتظام في كثير من الأحيان إلى أن الفتاة لا تحصل على التغذية الكافية. من المرجح أن إنتاج هرمون لديها غير متوازن، مما يمثل مشكلة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة محتملة على المدى القريب والمدى البعيد.

وظيفة التناسل طبيعية

يرتكز الجهاز التناسلي السليم لدى الأنثى على نظام التغذية المرتدة المعدل بشكل دقيق بين ثلاثي الأعضاء الحيوية: الوطاء والغدة النخامية — يقع كلاهما في المخ — والمبيضين. يُعرف الثلاثة معًا بمحور الغدة التناسلية-الوطاء-الغدة النخامية.

يبدأ الوطاء تشغيل الدورة التناسلية من خلال ارسال الهرمون الموجِّه لإفراز الغدد التناسلية (Gn-RH)، مما يحفز الغدة النخامية لإفراز الهرمون المنبه للجريب (FSH). يشير الهرمون المنبه للجريب إلى عدة بويضات محددة غير ناضجة (الجريبات) داخل المبيضين للبدء في عملية النضج. تفرز هذه الجريبات هرمون الإستروجين بمجرد نضجها. تتحول مستويات هرمون الإستروجين المرتفعة إلى إشارات وتُرسل إلى الوطاء والغدة النخامية معلنة أن التبويض — إطلاق بويضة لإخصاب محتمل — قد اقترب.

في هذه الأثناء، تنتج الغدة النخامية هرمونًا آخر يُسمى الهرمون الملوتن (LH). قبل التبويض بفترة قصيرة، يحفز زيادة الهرمون الملوتن إطلاق البويضة. بالإضافة إلى هرمون الإستروجين، يبدأ الجريب الفارغ حاليًّا في إنتاج هرمون البروجيستيرون، الذي يساعد في تحضير الرحم لاستقبال حمل محتمل.

إذا لم تُخصب البويضة المنبعثة خلال 12 إلى 24 ساعة، فستذوب البويضة وسيتم إراقة غشاء الرحم أثناء الدورة الشهرية. عقب الدورة الشهرية، تنخفض مستويات هرمون الإستروجين والبروجيستيرون ثانيةً، مما يحفز الوطاء لإفراز الهرمون المنبه للجريب مرة أخرى، والبدء في دورة جديدة.

عدم انتظام الدورة الشهرية

يُعد التوفير الملائم للطاقة أحد أهم العناصر في دورة التبويض. فعندما لا تتناول الفتاة أو المرأة الشابة السعرات الحرارية الكافية؛ لتحقيق توازن الطاقة، يحاول الجسم الاحتفاظ بالطاقة. وتتمثَّل إحدى الطرق التي من خلالها يفعل الجسم هذه العملية في كبت إنتاج الهرمون المطلق للموجهة التناسلية، مع حدوث آثار تالية متكررة على الغدة النخامية والمبيضين. كما قد لا يحدث الارتفاع البالغ لهرمون اللوتنة في وسط الدورة، وتفشل الجريبات في تحقيق النمو الطبيعي، وينخفض إنتاج الإستروجين. ونتيجة لما سبق، قد يندر حدوث التبويض أو ينعدم بالكامل. وتكون الدورة الشهرية خفيفة أو مفقودة. ويُعد انقطاع الحيض المهادي الوظيفي المصطلح العلمي الذي يصف هذه الحالة. وانقطاع الحيض يعني عدم حدوث الدورات الشهرية.

وبالنسبة لبعض الفتيات اللاتي يبدأن التدريبات الرياضية في مرحلة عمرية مبكرة، يمكن أن يؤدي التدريب المكثف مع التغذية غير الملائمة إلى تأخر البلوغ. ويرى الأطباء أن الفتيات اللاتي لم تحضن للمرأة الأولى بحلول 15 سنة، مصابات بانقطاع الحيض الأولي. ويطلق الأطباء اسم انقطاع الحيض الثانوي على حالة غياب أكثر من ثلاث دورات شهرية على التوالي منذ بداية دورات الحيض المنتظمة. وأما وجود أكثر من 35 يومًا بين الدورات الشهرية، فيُعرف باسم ندرة الطموث.

ويمكن للإجهاد البدني للتدريبات المكثفة، علاوة على الضغط العصبي الانفعالي والنفسي، أن يتسببا في حالات الشذوذ الهرمونية. فالمنافسة يمكن أن تسبب الضغط العصبي والقلق، وهذا مثل ما ينتج عن ضغط الأقران، والعلاقات الديناميكية العائلية، والتحديات التي تنطوي عليها عملية النضج. واستجابةً للعوامل المذكورة وعناصر الضغط العصبي الانفعالي والإجهاد البدني، يمكن أن يفرز الجسم الكورتيزول والكاتيكولامينات (وهي مواد كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي). وعلاوة على ما سبق، يمكن أن يقل إنتاج هرمون النمو. ويمكن أن يكون لكل هذه التغيرات أثر سلبي على وظيفة الحيض.

يقل اللبتين، وهو هرمون ينتجه الجسم في الأنسجة الدهنية، في أجسام الرياضيين وفي النساء ذوات دهون الجسم القليلة. ولأن اللبتين يستثير إفراز الهرمون المطلق للموجهة التناسلية وهو المسؤول عن بدء دورات الحيض، يمكن أن يتسبب نقص اللبتين في عدم حدوث الدورات الشهرية الطبيعية.

ويمكن للصفات الوراثية أن تلعب دورًا أيضًا. فبعض الفتيات ينضجن في وقت لاحق على الفتيات الأخريات، وبعض الفتيات عُرضة أكثر للتقلبات الهرمونية. ومن المرجح أن لكل فتاة نقطة توازن داخلي مختلفة والتي تحدد وقت حدوث الحالات غير الطبيعية للهرمون، أو تحدد ما إذا كان ذلك يحدث.

عواقب الحيض الفائت

قد لا يبدو عدم ظهور دورة الحيض الشهرية شيئًا مزعجًا. على أي حال، تكون الدورة الشهرية عادةً مزعجة وتسبب دائمًا الانتفاخ، وتغيرًا في الحالة المزاجية، وآلام البطن الشديدة وأعراض أخرى تسبب التعب الشديد.

ولكن قد يجلب الحيض الفائت بعض التتابعات المرضية. العقم أحد هذه التتابعات. فمعظم النساء البالغون والسيدات حديثات البلوغ اللاتي يمارسن الرياضة بصورة منتظمة، لا يبالين متى سيحدث الحمل لهن. ولكن لتلك النساء اللائي يرِدن ذلك، قد يسبب التبويض غير المنتظم بالمرحلة العمرية المبكرة تأخر حدوث الحمل في حياتهم بعد ذلك.

وتعد تأثر كثافة العظام هي إحدى المشكلات البعيدة المدى الناتجة عن الحيض الفائت أثناء فترة المراهقة. تتكون حوالي نصف كثافة العظام عند الفتاة بمرحلة المراهقة، ويظهر تكون الجزء الأعظم ما بين 11 عامًا حتى 14 عامًا من العمر. وتوثر العديد من العوامل البيولوجية على كثافة العظام، ويعد هرمون الإستروجين واحدًا من هذه العوامل. وتعد الفتيات اللائي يعانين من الانخفاض المزمن لمعدل هرمون الإستروجين الناتج عن انقطاع الحيض أكثر عرضة للإصابة بضعف العظام وعدم بلوغ نسبة كثافة العظام القصوى. ويمكن أيضا للإنتاج غير الطبيعي لهرمون الكورتيزول وهرمون النمو الذي يكون لنتيجة الضغط الجسدي والعاطفي أن يؤثر سلبا على كثافة العظام، دورة الطمث بصفة عامة.

شارك المقالة:
177 مشاهدة
المراجع +

موقع : Mayoclinic

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook