الزعامات في عصر ظهور الإسلام بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الزعامات في عصر ظهور الإسلام بالرياض في المملكة العربية السعودية

الزعامات في عصر ظهور الإسلام بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
بموجب النظام القبلي المهيمن على الحياة الاجتماعية في البوادي والحواضر العربية، تخضع القبائل لقادة وزعماء يتولون إدارة شؤون القبائل، ويمسكون بزمام التأثير ورسم قواعد السلوك. وتضم تلك الشريحة أعيان القبائل وخطباءها والشعراء والكهان والفرسان المتميزين. ومن بين هؤلاء خرج من تزعم قبيلته وقادها معتمدًا على مكانته وجاهه وتأثيره على القبيلة، والتفاف بقية شريحة الأعيان وسراة القوم حوله. ولعل من أبرز هؤلاء الزعماء في اليمامة زعماء بني حنيفة وأبرزهم:
 

هوذة بن علي الحنفي

 
ينتسب إلى بني الدول بن حنيفة  ،  وكان ينـزل في الخضرمة  .  وقد ورد عند البكري أنه كان ينـزل مع قومه بني سحيم في قران (القرينة الآن) بين حريملاء وملهم، وسكن جو الخضارم (الخرج)  .  ومعروف عن بعض الأعيان والزعماء العرب اتخاذهم منازل تشمل بساتين ومزارع خارج مدنهم ومن هؤلاء: عتبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب، وهما من زعماء مكة في عهد هوذة بن علي، إذ كان لهما أملاك بالطائف 
ولهوذة بن علي زعيم بني حنيفة في زمانه منتجعات زراعية خارج الخضرمة. استطاع هوذة بن علي الذي وصف نفسه بأنه خطيب قومه وشاعرهم، إنجاز علاقات وطيدة مع قوة عالمية - آنذاك - هي دولة الفرس، إذ كان يحمي تجار الفرس الذاهبين إلى اليمن. ولما تعرضت بنو تميم لقافلة فارسية أرسلها وهرز حاكم اليمن الفارسي إلى المدائن، انطلق أصحاب القافلة إلى هوذة بن علي فكساهم وحملهم وسار معهم، مما أثار اهتمام الدولة الساسانية بهوذة بن علي وما يمثله من نفوذ؛ إذ أدركت تلك الدولة أهمية هوذة في تأمين المسالك التي يطرقها تجار الفرس عبر اليمامة. وقد وفد هوذة بن علي على البلاط الفارسي بعد تلك الحادثة. ويذكر ابن الأثير أن الملك الفارسي استقبله وأكرمه وأحسن إليه وجعل يحادثه ليرى عقله، فرأى ما سره منه، فأمر له بمال كثير وتوّجه بتاج من تيجانه  .  ووراء هذا التكريم رغبت الدولة الساسانية في بناء علاقات وثيقة مع أحد مراكز النفوذ في اليمامة.
وُصف هوذة بن علي بأنه ملك اليمامة في بعض المصادر، في حين أشركت مصادر أخرى معه في المنصب ذاته ثمامة بن أثال الحنفي، إذ وصفا في رواية ابن هشام بأنهما ملكا اليمامة  .  ولعل كلاً منهما كانت له منطقته الجغرافية الخاصة. ويعد تعدد الزعامات أمرًا واردًا في إطار القبيلة الواحدة بحكم تعدد عشائرها وانتشارها في مناطق متعددة. ولقد ظل هوذة بن علي يتولى الزعامة في موطنه حتى وفاته بعد فتح مكة من العام الثامن 
 

ثمامة بن أثال

 
من سادات اليمامة، وله منـزلة توازي منـزلة هوذة بن علي في الإقليم نفسه. وقد عرف ثمامة بإجارته للقوافل بحكم سكناه بحجر والقرى التي تقع بمحاذاة الطريق الذي يربط اليمامة بالحجاز. وكان وراء قرار مقاطعة مكة بعد إسلامه، إذ منع حمل الحبوب إليها حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أجهد أهل مكة، فكتبوا إلى رسول الله، يسألونه بأرحامهم أن يكتب لثمامة حتى يخلي لهم حمل الطعام ففعل ذلك. هذا الإجراء من جانب ثمامة بن أثال ينبئ عن مكانته ومنـزلته بين قومه  .  ويرجح أن يكون اتخذه بعد فتح خيبر؛ لأن أبا هريرة شهد قصة إسلام ثمامة كما في الرواية، وقد أسلم أبو هريرة في أثناء فتح خيبر عام 7هـ / 628م  .  كما أن دخول خيبر وتيماء وفدك ووادي القرى تحت سيادة الدولة الإسلامية، حدَّ من فرص اتجاه قريش إلى تلك المراكز الزراعية بعد انقطاع الميرة من اليمامة، وكان لهذا الإجراء أثره البالغ على مكة. ويرى بعض الباحثين، أن ثمامة بن أثال قطع الميرة عن قريش من اليمامة على الرغم من وجود هوذة بن علي الحنفي؛ لأنه كان يساوي هوذة بالشرف والسؤدد، وكان يسكن مع قومه مدينة حجر والقرى القريبة منها التي تقع على الطريق الذي يربط اليمامة بالحجاز، فكان بإمكانه التحكم في هذه الطريق وقطع الإمدادات التي كانت تصل من اليمامة أو البحرين. كما أن نفوذ هوذة الحنفي بدأ يضعف بسبب توقف الدعم الفارسي لليمامة والاضطرابات التي سادت دولة الفرس وانهيار مملكة الحيرة التي كانت تربطها بالفرس واليمامة علاقات جيدة 
ومن زعامات حنيفة مسيلمة الحنفي، ومجاعة بن مرارة، ومطرف بن النعمان بن سلمة الحنفي الذي عيَّنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه واليًا على اليمامة
 
وهناك من التميميين من جاوروا حنيفة من أسافل منطقة الخرج، وامتدت ديارهم إلى رمال يبرين، كما جاور بني حنيفة من الشمال فروع تميمية أخرى في (الفقي)، وكذلك في المناطق الواقعة إلى الشمال الغربي من منازل حنيفة  .  ولعل أبرز زعماء تميم في منطقة اليمامة قيس بن عاصم بن سنان الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم. ومما قال عنه: (هذا سيد أهل الوبر). عرف بالحلم والحكمة  ،  وكان من قادة تميم يوم الكلاب الثاني بين مذحج وأحلافها وتميم  
 
ومن الزعماء في مناطق تميم اليمامية (الزبرقان بن بدر) الذي وصف بأنه عظيم القدر في قومه  .  ومن منازله مع عشيرته (قوُّ) و (بنبان) وماء (الوشيع) الوسيع الآن  .  وثمة زعامات قبلية أخرى برزت خلال أيام العرب وحروبهم في عالية نجد وجنوب اليمامة. ومن هؤلاء على سبيل المثال: قرة بن هبيرة القشيري، من فرسان بني قشير ووجهائهم وقد عرف بغاراته الظافرة، وبجير بن عبدالله القشيري  ،  وعقال بن خويلد العقيلي من زعماء بني عقيل العامرية، ومن أبطالهم في حروبهم مع مذحج وغيرها من القبائل  
 
ومعظم تلك الزعامات كانت تنطلق من عصبية قبلية وطموح شخصي، ولطالما عبأت تلك الزعامات قوى القبيلة وإمكاناتها في سبيل أهداف صغيرة محدودة، إذ إن العقلية الجاهلية لم تكن ترى سوى هذه الأهداف، ولم تصل بعد إلى مرحلة تتلمس فيها الجوامع المشتركة لقبائل الإقليم وفوائد إيجاد حالة من الاستقرار والمهادنة بين تلك القبائل.
 
شارك المقالة:
66 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook