السدود في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
السدود في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

السدود في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
لم يكن الاعتماد على السدود كبيرًا؛ لكثرة العيون الجارية، وسهولة استنباط الماء حين حفر الآبار، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يبدو أن طبيعة الأرض الفسيحة المنبسطة التي تقل فيها الامتدادات الجبلية التي تفضي إلى سهول صالحة للزراعة، تحد من إقامة السدود التي تختزن خلفها المياه للاستفادة منها وقت الحاجة. ويمكن رصد أهم السدود في المنطقة على النحو الآتي:
 
1 - سد ضرية: 
 
تحتوي بلدة ضرية الواقعة غربي القصيم على عدد من المنشآت المعمارية والآثار والنقوش الإسلامية، وكذلك المنشآت المائية التي من بينها عين ضرية وآبارها وسدها الذي لاتزال آثاره باقية على مقربة من البلدة الحالية. إذ تشير المصادر إلى أن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان ضفر بعين ضرية المعروفة بـ (عين رضوى) ضفيرة بالصخر، وجعلها تحبس الماء  .  وقد شيد السد شرق ضرية الحالية على بعد نحو 1كم منها، واستخدمت في بنائه كتل صخرية جلبت من الجبال والأكمات الصخرية القريبة منه، وقد شكلت أحجار السد بطريقة هندسية منتظمة، بحيث يسهل رص بعضها فوق بعض، ويمتد السد انطلاقًا من أكمة صخرية ملاصقة له جهة الشرق، وتعد هذه الأكمة جزءًا من صخور (جبل الربوض) الذي كان يُعرف قديمًا بـ (ضلع ضرية)، وجهة منه متصلة بالبرقة التي كانت تسمى (برقة العيرات)  ،  والهدف من بناء هذا السد على مجرى وادي ضرية لكي يعترض سيول الوادي المتجهة من الغرب إلى الشرق فيقطع ماءه ويحبسه زمانًا ليكون أغزر لعين حفرية  
 
وتدل آثار السد الشاخصة في الوقت الراهن على أن موقعه اختير بعناية في مجرى الوادي، وذلك في نقطة ضيقة منه، ولأن أطرافه في ذلك الموقع تتكئ على أكمات صخرية صلبة. كما أن الجهة الغربية من السد تتجمع المياه فيها من أكثر من رافد؛ فتصب في مجرى واحد يستمر حتى يصل منطقة السد، وبعده تنكشف له الأرض، ويتخذ له عددًا من المجاري عبر منطقة واسعة  
 
2 - سد الأسياح (النباج): 
 
يُعرف سد الأسياح الذي لاتزال آثاره باقية حتى يومنا هذا بـ (المسْكَر)، بفتح الميم ثم سين ساكنة فكاف مفتوحة، ثم راء أخيرة، من سكر القوم السيل: إذا سدّوه وهي فصيحة  .  كما يُعرف بسد (الحكار) نسبة إلى أكمات صخرية حمراء تسمى (حصاة الحكار)، و (الحكار) تعني حجر الشيء أي: حجزه باتجاه واحد  ،  ويقع السد شمال غربي قصر مارد، أي شمال محافظة الأسياح قرب عين ابن فهيد، ويبعد عنها نحو 4.4 كم، وذلك على مقربة من السد الخرساني الذي شيدته الدولة عام 1394هـ / 1974م، وقد شيد السد في منطقة خانقة في مضيق بين روضة عين ابن فهيد التي يقوم على أكمتها القصر، وبين روضة مطارق الشمالية، ويستند الطرف الشرقي للسد على أكمات حصاة الحكار، أما الطرف الغربي فيستند على جال صخري يسمى جال السمراء  .  وهو بذلك يحجز المياه القادمة من الجهة الشمالية، وخصوصًا من صفراء الأسياح وشعاب وجداول الجارمة وطريف والبرود  ،  والسد مبني بحجارة متوسطة الحجم، على هيئة جدارين متوازيين بينهما فراغ مملوء بخليط من الحجارة الصغيرة والمونة الطينية الصلبة. أما جهتاه الأمامية والخلفية فمكسوتان بطبقة من اللياسة الجصية المعدة محليًا، والبناء بهذا الأسلوب يزيد السد قوة وصلابة تمنع سقوطه جراء دفع المياه المحجوزة خلفه، ويبلغ طول السد حاليًا 250م، ويبلغ متوسط ارتفاعه 3م، ويصل سُمْك جداره في بعض الأمكنة إلى 2.50م   في حين يبلغ في أمكنة أخرى 11م  ،  وقد زود السد بفتحات أرضية لتسريب الماء، وإن كانت غير واضحة حاليًا بسبب الردم المتراكم الذي يغطي الأجزاء السفلية منه  .  ولم يرد في الروايات الشفهية ذكر لتلك الفتحات السفلية وذكرت أن على السد أبوابًا حديدية تتحكم فيه منذ القدم  
 
ومما يروى أن الذي أقام السد هو سلطان مارد الذي شيد قصر مارد قريبًا منه؛ ولذا يُطلق عليه بعضهم (سد مارد)، وليس من المستبعد أن الذي بنى القصر والسد هو شخص واحد وفي زمان واحد، ولا سيما أن مواد البناء وطريقته في البنائين متماثلة، وإن كان هناك بعض الاختلاف في نوعية الحجارة المستخدمة  ،  وهناك من يشير إلى أن ضخامة البناء وهندسته المعمارية تدل على أنه لا يمكن أن يكون من صنع محلي، بل لا بد أن يكون المهندسون الذين صنعوه قدموا من العراق، بل الأقرب من ذلك أن يكون من عمل الكريزيين أبناء عبدالله بن عامر بن كريز، أو عمل عبدالله نفسه، عندما كان عاملاً على البصرة وأعاد جريان عيون النباج  
 
شارك المقالة:
35 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook