السكان بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 السكان بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

 السكان بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
من الصعوبة بمكان الحصول على بيانات توثق التطور العددي لسكان منطقة مكة المكرمة للفترات الزمنية السابقة لإجراء التعدادات في المملكة العربية السعودية، أي قبل الحصر السكاني الذي أجري عام 1394هـ / 1974م، ولكن يمكن توظيف التقديرات والإحصاءات ذات الصلة بالسكان في التعرف إلى الصورة العامة لسكان المنطقة عبر التاريخ من خلال عدة فترات كما سيأتي لاحقًا
 

الصورة العامة للسكان عبر التاريخ

 
أ - الفترة السابقة لظهور الإسلام:  
ليس معروفًا بالضبط تاريخ قيام مكة المكرمة بيد أن بدء السكن فيها يرجع إلى أيام إبراهيم وإسماعيل صلوات الله عليهما في أرجح الروايات، أي إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد. وبسبب تفجر مياه زمزم طاب لبعض القبائل المقام فيها، مثل جرهم، وقطور، كما أشار الطبري إلى وجود بعض العماليق في المدينة وحولها
تشكل سكان مكة المكرمة من أفراد هذه القبيلة وأولاد إسماعيل وقطور وأفراد من قبائل شبه الجزيرة العربية الذين طاب لهم المقام في مكة المكرمة لأسباب دينية: (الحج والزيارة)، أو اقتصادية: (التجارة) إلى جانب أسباب أخرى
وبحلول القرن الخامس الميلادي انتهى أمر مكة المكرمة إلى قريش بزعامة قصي بن كلاب بن مرة القرشي؛ لذلك غلب على سكانها الأصول القرشية بحيث إن البطون القرشية الرئيسة فيما قبيل الإسلام ناهزت الثلاثة عشرة وفقًا لابن هشام ألا وهي: بنو عبدالمطلب، بنو زهرة، بنو عدي، بنو الحارث ابن فهد، بنو عبدشمس، بنو نوفل، بنو أسد، بنو عبدالدار، بنو مخزوم، بنو سهم، بنو جمح، وبنو عامر
ولم يقتصر سكان مكة المكرمة - آنئذٍ - على العرب وحدهم، بل كانت تحفل في العهد القرشي بوجود جاليات أجنبية تشمل الروم والفرس والأحباش وعدة أجناس أخرى، وقد يكون سبب نـزوح بعض هؤلاء إليها ما لاقوه من الاضطهاد والعنف في بلادهم
وكان الوضع السكاني في مكة المكرمة متأرجحًا طوال هذه الفترة بسبب عدم الاستقرار السياسي من جهة، وسنوات القحط والجفاف التي تعاقبت على المدينة من جهة أخرى، وقد أشار النجم بن فهد إلى عشرات السنوات التي غلت فيها الأسعار وعمَّ فيها القحط والجفاف، ومع ذلك فقد أشار بعض الرحالة إلى سنوات خصب ورخاء ولين في الأسعار، وأن مكة المكرمة كان يجلب إليها جميع منتجات الطائف من حبوب وخضراوات وفواكه، وأن الأسعار فيها رخيصة على حد رواية ابن جبير الذي زارها سنة 579هـ / 1183م، ورواية ابن بطوطة الذي زارها سنة 726هـ / 1326م  ،  وأشارا إلى كثرة المجاورين في مكة المكرمة الذين ظلوا يشكلون شريحة جيدة من السكان، كما أن منتجات البادية حولها - من سمن وألبان ولحوم وجلود - كانت تمثل مصدرًا آخر جاذبًا للسكان
ونقيضًا لهذه الحالة لم يجد الاستقرار السياسي إلى مكة المكرمة سبيلاً في القسم الأعظم من هذه الفترة، بل لم يتعد فواتح العهد العباسي الأول
 
ب - فجر الإسلام حتى نهاية العهد الأموي:
خلال هذه الحقبة التي تشمل صدر الإسلام ابتداءً من البعثة النبوية حتى نهاية العهد الأموي عام 132هـ / 750م، أصبح سكان مكة المكرمة من الصحابة والتابعين قادةً وجنودًا في جيوش الإسلام في العهدين الراشدي والأموي، وانتقل عدد كبير منهم إلى البلاد المفتوحة في مصر والشام والعراق. وشهدت مكة المكرمة في عهد النبوة والعهد الراشدي نوعًا من الهجرة الوافدة والنازحة إلى المدينة المنورة في أوائل البعثة، أو إلى أمصار العالم الإسلامي مع الجيوش الإسلامية أو لتولي المناصب القيادية في الأمصار المفتوحة. كما شهدت في العهد الأموي نوعًا من الهجرة الوافدة، وغصت بجمهرة كبيرة من طلاب العلم الذين وفدوا إليها من أقطار العالم الإسلامي ليتلقوا العلم عن الصحابة والتابعين، وعاد بعض أبنائها ممن غادروها للاشتراك في الجهاد وحركات الفتوح، وإجمالاً عاشت مكة المكرمة في العهد الأموي على هامش الحياة السياسية وخصوصًا بعد انتقال مركز الخلافة إلى دمشق الشام
 
ج - العهد العباسي حتى نهاية العهد المملوكي:
تمتد هذه الفترة من أوائل العهد العباسي وتنتهي بعهد المماليك، وتشمل قرابة ثمانية قرون بين 132 و 923هـ / 750 و 1517م، وقد تعاقب على حكم مكة المكرمة في هذه الحقبة العباسيون والفاطميون والأيوبيون والمماليك
وترتب على هذا أن عانت مكة المكرمة من الضيق وغلاء الأسعار؛ فقلَّ عدد سكانها، وتفرق أبناؤها في الآفاق، واتخذوا أملاكًا لهم في مصر والمغرب والشام والعراق حتى لم يبق في مكة المكرمة من أهلها إلا القليل مع من جاورهم من مسلمي البلاد الأخرى للتشرف بجوار بيت الله الحرام، فقد عرفت مكة المكرمة في العهد العباسي الثاني جاليات من الترك بجانب جاليات من الفرس والبربر وبعض الأصقاع القريبة من بلاد العرب
 
د - الحكم العثماني حتى العهد السعودي:
في القرن العاشر الهجري آلت مقاليد المسلمين إلى آل عثمان الذين اتسعت فتوحاتهم وشمل نفوذهم الحرمين، وطوال هذه الحقبة كانت الهجرة مستمرة إلى مكة المكرمة، فقد بدأ القادمون من بلاد الإسلام يجدون طريقهم ميسورًا إليها أكثر من ذي قبل، فكثر المجاورون وتنوعت أصنافهم، فكان منهم المنقطعون للعبادة والزهد، ومنهم العاملون الذين أغراهم الكسب في بلد مفتوح، ومنهم العلماء الذين طاب لهم أن يجاوروا بيت الله الحرام وينشروا علومهم في أرجائه
وزادت الهجرة في الحكم العثماني - بين 1256 و 1343هـ / 1840 و 1925م - إلى مكة المكرمة نتيجة مجاورة موظفي الأتراك والموظفين المصريين الذين تخلفوا فيها بعد رحيل جيش محمد علي باشا منها، يضاف إلى ذلك أن أطماع أوروبا في أملاك العالم الإسلامي ساعدت على الهجرة إلى مكة المكرمة في هذه الفترة، وبخاصة أن الدولة العثمانية كانت ضعيفة الجانب، الأمر الذي شجع الدول الغربية على اقتطاع أملاكها، فقد شن الروس حروبهم على آسيا الوسطى (تركستان)، وكذلك فعل الإنجليز في الهند وإفريقية، والفرنسيون في غرب إفريقية، والهولنديون في إندونيسيا، وزادت الفتن والحروب ففر كثير من سكان هذه البلاد إلى مكة المكرمة وبقية مدن الحجاز لبعد هذه البلاد عن ضغط الأوروبيين، بحيث قدر عدد السكان بـ18.000 نسمة عام 1250هـ / 1840م، ثم ما لبث أن قارب 70.000 نسمة في نهاية فترة العثمانيين 1343هـ / 1925م،
ومع توحيد المملكة ودخول النفط موردًا رئيسًا قامت عليه نهضة البلاد الحديثة توافرت لمكة المكرمة قوة جذب للمهاجرين من الداخل والخارج، فضلاً عن الزيادة الطبيعية لسكان المدينة قاربوا مليون نسمة في تعداد 1413هـ / 1992م، وفاقوا المليون عام 1425هـ / 2004م، ومن المقدر لعدد سكان مدينة مكة المكرمة أن يرتفع إلى خمسة ملايين نسمة بحلول عام 1470هـ / 2048م،
 
هـ - النمو السكاني خلال الفترة 1394 - 1425هـ / 1974 - 2004م:
بلغ عدد سكان منطقة مكة المكرمة 5.797.971 نسمة في عام 1425هـ / 2004م بزيادة 349.198 نسمة على عددهم في عام 1421هـ / 2000م، وبزيادة 1.329.301 نسمة على عددهم في عام 1413هـ / 1992م، و 4.0430863 نسمة على عددهم في 1394هـ / 1974م، (جدول 34) . وقد مثل سكان المنطقة نحو 26% من إجمالي سكان المملكة في عام 1425هـ / 2004م، وهي نسبة تقل قليلاً عن نظائرها في تقدير 1421هـ / 2000م وتعدادي 1394 و 1413هـ / 1974 و 1992م. ويلاحظ أن هذه النسبة ارتفعت قليلاً في عام 1413هـ / 1992م، ثم ما لبثت أن تراجعت قليلاً إلى 26% في 1421هـ / 2000م، ثم هبطت إلى 25.6% في التعداد الأخير 1425هـ / 2004م
إن تأرجح هذه النسبة بين صعودٍ وهبوط يجعل من الصعب الحكم على اتجاهاتها المحتملة في المستقبل، وإن كان معدل التغير محدودًا وهي في جميع أحوالها لم تتراجع إلى ما دون 25% وهو ما يعني أن سكان منطقة مكة المكرمة يمثلون نحو ربع سكان المملكة، وبهذا تتصدر مناطق المملكة جميعًا من حيث عدد السكان
وخلال الفترة من 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م، ازداد عدد السكان بنسبة تصل إلى نحو 153% وذلك خلال 19 عامًا فقط، كما أن نسبة الزيادة وصلت إلى 228% خلال 31 عامًا أي خلال الفترة من 1394 - 1425هـ / 1974 - 2004م. وهذا يعني أن حجم سكان المنطقة قد تضاعف بما يزيد على ثلاث مرات في غضون 31 عامًا، كما تضاعف عدد السكان في معظم المحافظات وبخاصة في محافظتي جدة والطائف بالإضافة إلى مدينة مكة المكرمة (مقر إمارة المنطقة)، وشملت الزيادة السكانية مختلف المراكز العمرانية في المنطقة مع بعض التفاوت من مدينة إلى أخرى
ويُلاحظ أن بدايات تنامي حجم السكان قد تزامنت إلى حَدٍّ ما مع ارتفاع أسعار النفط ومن ثم ارتفاع دخل المملكة، الأمر الذي مكنها من تخصيص مبالغ كبيرة لصالح مشروعات التنمية في المملكة كلها ومنطقة مكة المكرمة بصفة خاصة؛ ما أدى إلى إيجاد فرص عمل كثيرة ومتنوعة أدت إلى جذب أعداد كبيرة من الوافدين، ومن ثم انعكس ذلك على معدل النمو السكاني في المنطقة، وكانت تلك المشروعات في إطار خطط التنمية في المملكة والمنطقة التي بدأت عام 1390هـ / 1970م، ولا تزال مستمرة
كانت مشروعات البنية التحتية هي الإطار الأساس في خطط التنمية الأولى والثانية والثالثة من 1390 - 1405هـ / 1970 - 2004م، يستوي في ذلك البنى التحتية داخل المدن وبخاصة جدة ومكة المكرمة والطائف التي يقطنها أكثر من 88% من سكان المنطقة، وكذلك البنى التحتية بين المدن، لقد تطلب ذلك استقدام أعدادٍ كبيرة من الأيدي العاملة العربية والآسيوية والإفريقية بل من جميع أنحاء العالم، فانعكس على زيادة أعداد السكان ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على مستوى جميع محافظاتها بين التعدادين الأول والأخير، كما في (جدول 34) . التوزيع الجغرافي للسكان في المنطقة
ويظهر من (جدول 35) أن سكان جميع المحافظات   قد ازداد عددهم على تفاوت في تلك الزيادة، إذ تراوح بين نحو 408% لجدة، ونحو 7% فقط لمحافظة الكامل خلال الفترة من 1394 - 1425هـ / 1974 - 2004م، ومهما يكن من أمر فإن الزيادات الكبرى قد سجلتها محافظات: جدة، مكة المكرمة، الليث، القنفذة، رابغ، الجموم، والطائف، إذ تجاوز مستوى الزيادة في هذه المحافظات 100%، في حين سجلت المحافظات الأخرى أدنى من ذلك، ومن الواضح أن الزيادة السكانية تعكس الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها كل محافظة
 
وبالإضافة إلى ذلك، يُلاحظ أن المحافظات التي تضم المراكز الرئيسة للنشاط الاقتصادي (جدة مثلاً) هي التي سجلت أعلى النسب في زيادة السكان، وعلى العموم فإن تفسير الواقع السكاني لمنطقة مكة المكرمة يحتاج إلى نظرة تعطي اعتبارًا كبيرًا للماضي؛ لأن الواقع السكاني الحالي يعبّر عن عملية تراكمية ممتدة الجذور في الماضي وبخاصة فيما يتعلق بسكان العاصمة المقدسة: مكة المكرمة، وكذلك جدة. فتعد جدة ميناء الحج وذات خصوصية تجارية في التعامل الاقتصادي مع العالم الخارجي، فضلاً عن أن كثيرًا من سكان مكة المكرمة الأصليين استقروا في جدة، ومنهم من له وجود مزدوج (مسكن في جدة وآخر في مكة المكرمة)، إذ تُعد جدة رئة مكة المكرمة
ولما كانت جدة ومكة المكرمة تستوعبان ما يقارب 73% من إجمالي سكان المنطقة فإنهما بالفعل تمثلان سكان المنطقة كلهم، وبعبارة أخرى هما الصورة المصغرة لمنطقة مكة المكرمة، وتعتمد قدرة منطقة مكة المكرمة على جذب السكان من الداخل والخارج بسبب خصوصيتها الدينية والثقافية لوجود المشاعر المقدسة فيها
ويرتبط تنوع القاعدة الاقتصادية بالوظائف الرئيسة لأكبر التجمعات السكانية الحضرية: جدة ومكة المكرمة والطائف. فتتأثر جدة - على سبيل المثال - بأكبر حركة تجارية بوصفها الميناء الأول في المنطقة خاصة والمملكة على وجه العموم، كما أنها الميناء الجوي الدولي والداخلي الأول. وهناك نشاط زراعي كبير، إذ اتسعت مساحة المحصولات المزروعة، كما أشير سابقًا
وتمثل السياحة  ،  إضافة إلى الزراعة، رافدًا مهمًا لاقتصاد المنطقة، وتعد الوظيفة الأولى للطائف، كما أن جدة تستأثر بأعداد كبيرة من السياح فضلاً عن زوار مكة المكرمة ومعتمريها وحجاجها، وبالمنطقة نحو 226 فندقًا
وبسبب المساكن المخصصة للإيجار خلال الحج ومواسم العمرة، فإن الطاقة الإيوائية الكبيرة لمنطقة مكة المكرمة تعد مرتفعة إذ بلغ عدد المساكن 982162 مسكنًا عام 1421هـ / 2000م، بواقع مسكن لكل 5 أشخاص تقريبًا، وهو وضع جيد قياسًا ببقية مناطق المملكة بل حتى على مستوى العالم، ولا يكاد يوجد له نظير في الشرق الأوسط وسائر دول العالم الثالث، (جدول 36) . وقد كانت أحد عوامل الجذب السكاني للمنطقة من الداخل والخارج، ومن عوامل الجذب السكاني المهمة توافر الخدمات في معظم محافظاتها، بل إن المدن الثلاث الكبرى تكاد تكون متكاملة الخدمات
وباستثناء منطقة المدينة المنورة التي يجمع بينها وبين منطقة مكة المكرمة قواسم مشتركة من حيث الواقع السكاني فيهما، فلا يكاد يوجد بين مناطق المملكة الأخرى منطقة ذات واقع سكاني له خصوصية منطقة مكة المكرمة، ومن بين المؤشرات التي يمكن أن تساق في معرض التعرف إلى هذا الواقع الديناميكية غير العادية التي تتميز بها المنطقة سكانيًا، ولعلها واحدة من المناطق القليلة في العالم التي يدخلها زوار (حجاج، عمار، سياح، ورجال أعمال) من داخل المملكة وخارجها تصل أعدادهم إلى أضعاف سكان المنطقة المستقرين فيها، كما أن الحراك السكاني داخلها يسجل مستويات كبيرة، وكما ذكر آنفًا، فإن وجود مكة المكرمة وما تعنيه مكة المكرمة والمشاعر المقدسة فيها للعالم الإسلامي الكبير، يجعلها ويجعل من منطقتها قطب جذب دائم لأعداد كبيرة من المسلمين
ومن جهة أخرى فإن وجود جدة بنشاطها الاقتصادي والسياحي، ثم الطائف ذات الظروف المناخية الجاذبة للسياح قد شجع - ولا يزال - الاستقرار في المنطقة، وبخاصة مع تنامي الاهتمام بالسياحة في المملكة العربية السعودية
وبشكل عام، فقد نما حجم السكان نموًا مطردًا بحيث وصل معدل النمو السنوي إلى 5% خلال الفترة من 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م، و 2.5% خلال الفترة من 1413 - 1425هـ / 1974 - 2004م،
وعلى الرغم من تقلص النمو خلال الفترة الثانية إلا أن الاتجاه العام هو إلى الزيادة، وكما هو معروف، تعود هذه الزيادة إلى عناصر النمو السكاني المعروفة: الزيادة الطبيعية، والهجرة بنوعيها الداخلية والخارجية
 

عناصر النمو السكاني

 
أ - المواليد:
وفقًا لتعداد 1413هـ / 1992م بلغ العدد الكلي للمواليد في منطقة مكة المكرمة 151535 مولودًا في سنة التعداد، وتوزع هذا العدد بنسبة 69.8% للسعوديين و 30.2% لغير السعوديين، وقد بلغت نسبة المواليد السعوديين الذكور 53.2% مقارنة بنحو 45.7% للذكور غير السعوديين، وفي الوقت نفسـه مثلت مواليد الإناث السعوديات ما نسبته 46.8% مقابل 54.3% للإناث غير السعوديات
ولا يبدو أن هناك تفسيرًا منطقيًا للتباين الواضح في التركيب النوعي للمواليد في حالة السعوديين وغير السعوديين، وعلى الرغم من أن النتائج الأولية للتعداد الأخير 1425هـ / 2004م لم تعط تفاصيل عن الولادات والوفيات، إلا أن المتوقع أن تكون الصورة قد اختلفت كثيرًا بعد مضي 12 عامًا على تعداد 1413هـ / 1992م
وفي تقدير عام 1421هـ / 2000م الذي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة قدرت الزيادة الطبيعية لسكان المنطقة في حدود 3% وهو يفوق المعدل العام للزيادة الطبيعية للمملكة من ذلك الوقت، بل إن ذلك المعدل كان يزيد على معدل النمو السنوي (الزيادة الطبيعية والهجرة) للفترة من 1413 - 1425هـ / 1992 - 2004م المقدر بـ 2.5%، وتكشف الإحصاءات عن تراجع في المعدل السنوي للولادات وذلك لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالخصوبة والحضرية وتأخر سن الزواج وتباعد الولادات، ومع أن عدد الولادات يزداد تبعًا لعدد السكان لكنها تتناقص كمعدل في الألف، مثال ذلك كان عدد الولادات في منطقة مكة المكرمة 15443 نسمة عام 1402هـ / 1982م، وارتفعت إلى 51903 عام 1414هـ / 1993م، ثم ارتفعت إلى 67269 عام 1421هـ / 2000م
 
ب- الوفيات:
لقد انخفضت الوفيات خلال العقود الماضية ليصل معدل الوفيات إلى 4 في الألف عام 1421هـ / 2000م، وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة دور في ذلك، وبخاصة في التجمعات الحضرية الكبرى (مكة المكرمة، جدة، والطائف) بسبب التحسن في الخدمات الطبية وصحة البيئة
إن أرقام البحث الديموغرافي المطلقة الذي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة عام 1421هـ / 2000م تعطينا فكرة عن هذا الجانب المهم لنمو السكان، أي عن أعداد المواليد والوفيات، إذ بلغت أعداد المواليد في منطقة مكة المكرمة 105033 مولودًا سعوديًا و 49618 مولودًا غير سعودي
أما بيانات وفيات الأطفال في منطقة مكة المكرمة خلال الـ 12 شهرًا السابقة للبحث الديموغرافي لعام 1421هـ / 2000م فقد أوضحت أن هناك 9078 وفاة موزعة بين 4830 وفاة للذكور و 4248 وفاة للإناث، ولما كان معدل النمو السنوي للفترة كاملة بين التعدادين الأخيرين قد قدر بنحو 2.5% فقط وهذه محصلة عنصري نمو السكان - الزيادة الطبيعية والهجرة - الأمر الذي يعني أن معدل الزيادة الطبيعية للفترة يقل عن 2.5%، وهو أيضًا مؤشر على أن الولادات تتراجع للأسباب التي ذكرناها، كما أن الوفيات هي الأخرى تتراجع أيضًا بسبب تحسن الوضع الصحي والغذائي والسلامة النسبية للبيئة
 

 الهجرة

 
1 - الهجرة الخارجية:
 
في عام 1413هـ / 1992م كانت باكستان منشأ لنحو 14.74% من المهاجرين إلى مكة المكرمة، تلتها اليمن 14.71%، فمصر 12.88%، ثم الهند 8%، فبنغلاديش 6.86%، والسودان 5.36% ثم الفلبين 4.75%، فإندونيسيا 4.37%، فتشاد 2.46%، وبورما 2.45%، والصومال 2.25%، وسورية 2.25%، والأردن 1.63%، وإريتريا 1.35%، وأفغانستان 1%، (جدول 37) . وبلغ مجموع هذه النسب نحو 85.07% من إجمالي السكان غير السعوديين، بينما دول أخرى يقارب عددها 200 دولة بالبقية
ويلاحظ أنه باستثناء الهند والفلبين، فإن جميع الدول الواردة في (جدول 37) هي دول إسلامية أو إسلامية وعربية، وحتى الهند نفسها أو الفلبين فهما يضمان أقلية مسلمة كبيرة، وهو أمر متوقع؛ لأن المنطقة تضم العاصمة المقدسة ولا يسمح لغير المسلمين بالعمل فيها، وإن لم تكن هي السوق الأكبر للعمالة الوافدة في المنطقة، وقد يعود تقدم باكستان على سواها من حيث عدد الوافدين إلى منطقة مكة المكرمة إلى رخص اليد العاملة الباكستانية، ويصدق هذا أيضًا على العمالة الآسيوية الأخرى القادمة من بنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين
ومن جهة أخرى، تمثل الدول العربية من المنطقة المصدر الآخر للهجرة الوافدة وهي: مصر، اليمن، السودان، سورية، الأردن والصومال، كما كانت إرتيريا مصدرًا للهجرة لقربها الجغرافي وتمتعها بأغلبية مسلمة
 
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول التي لم يرد لها ذكر في الجدول قد وردت تفصيلاً في بيانات تعداد 1413هـ / 1992م ممثلة بأعداد ضئيلة جدًا، وينطبق هذا القول على الدومينكان مثلاً، وبعض دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، وكذلك نيوزيلندا، وفيجي، وهايتي وغيرها، وقد يكون البعد الجغرافي إلى جانب عناصر أخرى السبب الرئيس في هذا الواقع
وتجدر الإشارة إلى أن عدد المهاجرين اليمنيين كان أكبر في الفترة السابقة لتعداد 1413هـ / 1992م لكنهم استمروا في التزايد خلال الفترة القليلة السابقة
 
2 - الهجرة الداخلية:
مثلت الهجرة الداخلية من مناطق المملكة الأخرى إلى منطقة مكة المكرمة رافدًا مهمًا أسهم في زيادة عدد السكان، ويعزى ذلك إلى أن توزيع فرص العمل وفعالياته على مستوى المملكة لم يكن متوازنًا، الأمر الذي ترتب عليه تحركات سكانية بهدف الحصول على فرص وظيفية أفضل، وقد جاء ترتيب مناطق المملكة من حيث كونها منشأ للهجرة كما يأتي: المدينة المنورة، جازان، عسير، الباحة، الرياض، القصيم، تبوك، حائل، الشرقية، الجوف، نجران، والحدود الشمالية، (جدول 38) ، وجاء نحو 88% من المهاجرين من المناطق الخمس الأولى، وهي جميعها مناطق إدارية مجاورة لمنطقة مكة المكرمة، ولا شك أن سهولة الوصول بسبب الكفاءة الجيدة لمعظم أجزاء شـبكة الطرق مع إمكانية الانتقال جوًا يسَّـر الوصول إلى منطقة مكة المكرمة، كما أن الكفاءة العالية لمنظومة الاتصالات السلكية واللاسلكية والإعلام المرئي والمسموع وانتشار الصحف، كل ذلك زود المهاجرين بالمعلومات الضرورية عن فرص العمل المحتملة، مما أسهم في إيجاد الدافع للهجرة ومن ثم اتخاذ القرار بذلك
ومهما يكن من أمر فإن دوافع الهجرة إلى منطقة مكة المكرمة تظل اقتصادية في المقام الأول،
فضلاً عن أن المنطقة نظام جغرافي مفتوح داخليًا لتمتعه بشبكة مواصلات واتصالات متميزة ورابطة للمنطقة بالمناطق الأخرى، كما أنها نظام مفتوح على الخارج عن طريق البحر، فهي جبهة بحرية طويلة تصل إلى 500كم وبها مطاران دوليان (مطار الملك عبدالعزيز بجدة، ومطار الطائف)، ومن جهة أخرى فإن الخصوصية الدينية لمكة المكرمة مع التطور الكبير الذي شمل وسائل النقل والاتصال العالمي، وتوفير الخدمات والتوسعات في المشاعر المقدسة جذب إلى مكة المكرمة أعدادًا كبيرة من الحجاج بلغ 2.012.074 حاجًا، منهم 1.419.706 حجاج من خارج المملكة العربية السعودية عام 1424هـ / 2003م
هذه الزيادة في أعداد الحجاج والزوار التي استمرت إلى يومنا هذا حتى مع تطبيق نظام (الحصص) وتقييد الحج داخليًا بمرور خمس سنوات - دفعت المملكة إلى الدخول في مشروعات كبيرة وطموحة في منطقة المشاعر المقدسة وتوسعات الحرم وفتح الأنفاق  وتحديث شبكة الطرق إلى غير ذلك من أعمال، كل ذلك يتطلب أيادي عاملة كثيرة، وصب كل ذلك في خانة زيادة أعداد المهاجرين إليها من الخارج والداخل على حد سواء
وهناك حقيقة أخرى كنا قد ألمحنا إليها سابقًا وهي أن جدة تعد الميناء الأكبر في المملكة، وما يترتب على ذلك من نشاط تجاري وخدمي وإداري، كما أن لجدة أدوارًا سياسـية مهمة من حيث كونها مقرًا لكثير من القنصليـات، وبها وجود نسبي لبعض المؤسسات الحكومية المهمة، يضاف إلى هذا أنها ميناء الحج (بحرًا وجوًا)، ومن ثم فلا غرابة أن تكون جدة على وجه الخصوص قطبًا جاذبًا للوافدين إليها وإلى المنطقة ككل
 

 

شارك المقالة:
60 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook