تحتل الدراسات السكانية مكانة كبيرة، وتحظى باهتمام واسع، وذلك بعد تزايد أعداد السكان، وارتفاع معدلات النمو السكاني في بعض الدول، والإحساس بالارتباط الوثيق بين النمو السكاني والتنمية، فتعنى الدراسات السكانية بالمناطق الكبيرة مثل: القارات، أو الأقاليم، أو الدول، وكذلك المناطق الداخلية، والمحافظات، بل قد تهتم بالأوضاع السكانية في الأحياء داخل المدن، أو حتى الخصائص الديموغرافية للأسر والأفراد، وتتناول الدراسات السكانية حجم السكان، ونموه، والتوزيع المكاني، والكثافة السكانية، والتركيب السكاني حسب الجنسية، والسمات الديموغرافية، والخصائص الاجتماعية.

 

وتعتمد دقة نتائج الدراسات السكانية وفائدتها على مدى دقة البيانات المتوافرة واكتمالها. فالمعلومات التفصيلية الدقيقة والحديثة تسهم في رسم صورة صادقة عن الأوضاع السكانية، ومن ثَمَّ تساعد في وضع الخطط المناسبة من قبل المهتمين بالخطط التنموية والمسائل السكانية.

 

وتُعد عملية جمع البيانات السكانية في المملكة حديثة نسبيًّا مقارنة بالدول الأخرى، وبخاصة المتقدمة منها. فقد أجري أول حصر سكاني خلال عامي 1382هــ / 1962م، ولم تكن نتائجه دقيقة؛ ما أدى إلى رفض نتائجه، وبعد ذلك أجريت ثلاثة تعدادات سكانية أولها في عام 1394هــ / 1974م، والثاني في عام 1413هــ / 1992م، والثالث في عام 1425هــ / 2004م، وقد حرصت الجهات المسؤولة على إجراء بعض المسوحات الديموغرافية لتحديث بيانات هذه التعدادات، وتلبية احتياجات المؤسسات الحكومية من البيانات، ويعتمد هذا الفصل على ما يتوافر من بيانات من مختلف المصادر التاريخية، والكتب والرسائل الجامعية، والتقارير الحكومية؛ وعلى رأسها نتائج تعدادات السكان الثلاثة المذكورة آنفًا.

 

ويتناول هذا الفصل النمو السكاني في منطقة حائل، وكذلك التوزيع الجغرافي، وأخيرًا التركيب السكاني وبعض الخصائص الاجتماعية على النحو الآتي:

 

 

لا شك في أن النمو السكاني أحد المدخلات المهمة في التخطيط بوجه عام، ووضع الخطط والإستراتيجيات التنموية بشكل خاص، ونظرًا إلى هذه الأهمية يهتم هذا الجزء بالنمو السكاني في منطقة حائل في الماضي والحاضر، حسب ما يتوافر من بيانات على النحو الآتي:

 

أ - النمو السكاني قبل توحيد المملكة:

 

تُعد البيانات السكانية عن منطقة حائل في الفترات التاريخية الماضية نادرة جدًا، إذ يقتصر ما يتوافر منها على بعض التقديرات التي أوردها قليل من الباحثين، أو الرحالة الغربيين الذين زاروها، أو كتبوا عنها. ومن هؤلاء الرحالة بلجريف الذي قدر سكانها عام 1279هــ / 1862م - 1863م بنحو 162 ألف نسمة  .  كما أشار رحالة آخر أثناء زيارته لمنطقة حائل في بداية عام 1884م إلى أن عدد سكان بلدة موقق كان يراوح بين 5000 و 7000 نسمة، ولكنهم اضطروا بسبب مرض الطاعون والكوليرا إلى هجر البلدة، إذ لم يتبق منهم عند زيارته لها سوى 1000 أو 1200 نسمة على أقصى تقدير  ،  وقدر آخر عدد سكان مدينتي حائل وقفار في بداية القرن العشرين الميلادي بنحو 3000 نسمة لكل منهما  

 

ب - النمو السكاني خلال الفترة من توحيد المملكة إلى عام 1394هــ / 1974م:

 

لقد وردت في كتاب جزيرة العرب في القرن العشرين تقديرات لعدد سكان بعض مدن منطقة حائل وقراها في الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، وذلك على النحو الآتي: مدينة حائل 5000 نسمة، وفيد 1500 نسمة، وهم خليط من شمر وبني تميم، وقفار 5000 نسمة، وأغلب سكانها من بني تميم، وعقدة وتضم موقق، والمستجدة، وسيفان، والغزالة، والجفنة، والروضة، وقدر إجمالي سكان عقدة بنحو 1800 نسمة، وأكثرها عمرانًا موقق والمستجدة  

 

ومن جهة أخرى، قُدِّرَ إجمالي عدد سكان جبل شمر بنحو 90 ألف نسمة. كما أورد بعض التقديرات لعدد سكان بعض المدن، فقدر سكان مدينة حائل بنحو 30 ألف نسمة، وقفار بأكثر من 5000 نسمة، وفيد 1500 نسمة تقريبًا  ،  وبناء على الحصر الشامل لسكان المملكة في عام 1962م، فقد بلغ إجمالي سكان منطقة حائل 187804 نسمات  

 

ج - النمو السكاني خلال الفترة 1394- 1425هــ / 2004م:

 

بلغ إجمالي عدد سكان منطقة حائل 265216 نسمة عام 1394هــ / 1974م، شكل السكان السعوديون منهم ما نسبته 98%، وارتفع عدد سكانها في عام 1413هــ / 1992م ليصل إلى 411284 نسمة، شكل السعوديون منهم نحو 84%، وفي عام 1425هــ / 2004م وصل إجمالي عدد السكان إلى 527033 نسمة شكل السعوديون منهم نحو 86%، (جدول 13) .

 

أما بالنسبة إلى السكان غير السعوديين فلم تتجاوز نسبتهم 2% في عام 1394هــ / 1974م، ولكنها ارتفعت بشكل حاد في عام 1413هــ / 1992م لتصل إلى نحو 16%. ويعود ذلك إلى بدء الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المنطقة مثل غيرها من مناطق المملكة خلال الفترة 1394 - 1413هــ / 1974 - 1992م، وفي عام 1425هــ / 2004م تراجعت نسبتهم إلى 14%، (شكل 1) .

 

ومن ناحية ثانية، بلغ معدل النمو السنوي لإجمالي السكان في المنطقة خلال الفترة 1394 - 1413هــ / 1974 - 1992م نحو 2.5%، في حين بلغ 1.6% للسعوديين، مقابل 15.2% لغير السعوديين، (جدول 13) ، وقد شهد النمو السكاني انخفاضًا طفيفًا خلال الفترة 1413 - 1425هــ / 1992 - 2004م، إذ بلغ معدل النمو لإجمالي السكان نحو 2.1% مقارنة بمعدل النمو خلال الفترة السابقة، وفي الوقت نفسه ارتفع معدل نمو السكان السعوديين، في حين انخفض معدل نمو السكان غير السعوديين، (جدول 13) . وهذا أمر متوقع، فالحاجة للعمالة الوافدة أصبحت أقل من ذي قبل. وبوجه عام، يُعد معدل النمو السكاني لمنطقة حائل أقل من المعدل العام لنمو سكان المملكة البالغ 2.4% خلال الفترة 1413 - 1425هــ / 1992 - 2004م.

 

أما على مستوى المحافظات، فيُعد مقر الإمارة (مدينة حائل) الأكثر نموًا خلال الثماني عشرة سنة التي فصلت بين تعدادي السكان في عامي 1394 و 1413هــ / 1974 و 1992م، إذ بلغ معدل نموها السنوي 4.9%، أي ضعف المعدل السنوي للمنطقة البالغ نحو 2%، (جدول 14) ، وتأتي في المرتبة الثانية محافظة الشنان، بمعدل نمو منخفض جدًّا لا يكاد يختلف كثيرًا عن الصفر. أما محافظتا بقعاء والغزالة، فقد سجلتا نموًا سالبًا حيث بلغ معدل النمو فيهما على التوالي - 0.13% و- 0.19%. أما خلال الفترة الثانية 1413 - 1425هــ / 1992 - 2004م، فقد اختلفت الصورة قليلاً. ففي حين انخفض معدل النمو في مدينة حائل إلى قرابة النصف، فإن عدد سكانها ازداد بمعدل أعلى من المعدل العام على مستوى منطقة حائل كُلِّها، (جدول 14) و (خريطة 11) ، ومن جهة أخرى ارتفع معدل النمو في كل من محافظتي الغزالة وبقعاء ليصبح موجبًا، ولكن معدل النمو في محافظة الشنان انخفض ليصبح سالبًا، بمعنى أن عدد سكان الشنان تناقص خلال تلك الفترة. ولم تشهد المنطقة نموًا سريعًا مثل بعض المناطق الإدارية الأخرى، وكان نمو السكان في محافظاتها محدودًا، إن لم تكن شهدت تناقصًا في أعداد سكانها.