الشرك بالله

الكاتب: مروى قويدر -
الشرك بالله

الشرك بالله.

 

 

يُعرّف الشرك لغةً على أنه الاعتقاد بتعدد الآلهة، وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معنى الشرك عندما سُئل عنه، حيث قال: (أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ)، ومن الجدير بالذكر أن الشرك بالله أعظم ذنب ارتُكب منذ أن خلق الله -تعالى- الأرض وما عليها، وقد وصفه الله -تعالى- في القرآن الكريم بالظلم العظيم، حيث قال: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، لا سيما أن في الشرك اعتداءً على حقٍ من حقوق الله عز وجل، حيث إن الله -تعالى- هو الخالق، وهو الرازق، وهو المحيي، وهو المميت، وما من نعمة تصيب الإنسان إلا بفضله سبحانه، ثم يجحد المشرك كل هذه النعم التي أنعمها الله -تعالى- عليه، ويصرف العبادة إلى غير الله سبحانه، فيظلم نفس ظلماً عظيماً، ولذلك توعد الله -تعالى- المشركين بأشد العقوبات، ألا وهي الخلود في جهنم، حيث قال: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).


بالإضافة إلى أن الله -تعالى- وعد المشرك بعدم المغفرة إن مات مشركاً من غير أن يتوب، حيث قال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)، وتجدر الإشارة إلى أن الشرك بالله ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول شرك في الربوبية، وهو الاعتقاد بوجود متصرف في الكون بالتدبير والخلق مع الله تعالى، كما فعل فرعون؛ حيث ادّعى الربوبية، مصداقاً لقول الله -تعالى- عن فرعون: (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)، فأبطل الله -تعالى- دعواه بأن أغرقه، وفي ذلك إبطالاً لدعواه الكاذبة، فكيف يغرق الرب في ملكه الذي يتحكم به؟ والقسم الثاني هو الشرك في الألوهية؛ وهو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى؛ كعبادة الأصنام، أو القبور، أو اتخاذها واسطة بين العبد وربه عز وجل، والقسم الثالث هو الشرك في الأسماء والصفات؛ وهو الاعتقاد بأن مخلوقاً من المخلوقات متّصف بصفة من صفات الله -تعالى- كاتصاف الله بها، ومنها الاعتقاد بأن أحد البشر يستطيع معرفة الغيب.

 

مظاهر الشّرك:

 

هناك العديد من مظاهر الشرك التي ينبغي للمسلم الحذر منها واجتنابها، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:

  • شد الرحال لأولياء الله تعالى: من مظاهر الشرك التي انتشرت بشكل كبير شد الرحال إلى أضرحة أقطاب الصوفية، والأولياء الذين ماتوا ودعائهم، والاستغاثة بهم، والاستعانة بهم، والنذر لهم، وكل هذه الأعمال تعد من الشرك الذي يخالف نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، فقد قال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)، وروى أبوهريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ).
  • الحلف بغير الله تعالى: ومن صور الشرك الحلف بغير الله، كالذي يحلف بأمه أو أبيه، أو يُقسم بالأمانة، أو النعمة، أو حياة النبي عليه الصلاة والسلام، أو روح فلان، أو رحمة فلان، وغيرها من الصيغ المختلفة للقَسم، وقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تحلفْ بأبيك ولا بغيرِ اللهِ فإنه من حلفَ بغيرِ اللهِ فقد أَشركَ)، وفي حال الحلف بغير الله -تعالى- بسبب العادات المتوارثة، ومن غير قصد أو نية، يكون الخروج من ذلك بقول لا إله إلا الله، لأن ذلك الحلف شرك، والشرك لا كفارة له من صيام، أو مال، وليس له إلا الاستغفار بقول لا إله إلا الله، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن حَلَفَ، فقالَ في حَلِفِهِ: باللَّاتِ والعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ).
  • الاستغاثة والتوسل بغير الله: ومن مظاهر الشرك الدعاء والتوسل بالملائكة، أو الأنبياء، أو غيرهم، حيث بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن التوسل بالملائكة، والأنبياء بعد موتهم عند قبورهم، أو في مغيبهم، وخطاب تماثيلهم من أعظم أنواع الشرك الذي يقوم به المشركون من غير أهل الكتاب، والمبتدعة من أهل الكتاب، والمسلمين، حيث أحدثوا من العبادات والشرك ما لم يأذن به الله سبحانه، وقد قال الله تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)، ولذلك فإن الاستغاثة بالملائكة، أو الأنبياء بعد موتهم، وتشييد تماثيل لهم ودعائهم، والاستشفاع بهم، يُعد من الدين الذي لم يأذن به الله تعالى، ولا أرسل به رسولاً، ولا أنزل به كتاباً، ولا فعله أحد من الصحابة أو التابعين رضي الله عنهم، ولا أمر به إمام من الأئمة، ولا يُعد واجباً ولا مستحباً باتفاق الأمة، وإنما ذلك من تلبيس الشيطان على بعض الناس ممن له عبادة وزهد، فيذكرون بذلك الحكايات والمنامات، وينظمون القصائد في دعاء الميت واستغاثته والاستشفاع به.

 

أنواع الشرك:

 

ينقسم الشرك إلى نوعين، وهما:

  • الشرك الأكبر: يعد الشرك الأكبر ناقض للتوحيد، كما أن الكفر ناقض للإيمان، ويمكن تعريفه على أنه الاعتقاد بأن لله شريك في ربوبيته، أوفي ألوهيته، أو في عبادته، أو في ملكه، أو في أسمائه وصفاته، ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الشرك يوجب الخروج من الإسلام والخلود في النار، ومن أنواعه: شرك الدعاء، وهو دعاء غير الله؛ وشرك النية والإرادة والقصد؛ وهو القصد والنية بكل الأعمال لغير الله تعالى، وشرك المحبة؛ وهو المساواة في محبة أي شيء مع الله تعالى، وشرك الطاعة؛ وهو مساواة غير الله -تعالى- في الحكم والتشريع، وشرك الحلول؛ وهو الاعتقاد بأن الله -تعالى- يحل في المخلوقات، وشرك التصرف؛ وهو الاعتقاد بأن غير الله يملك التصرف في الكون، وشرك الخوف؛ بالاعتقاد أن غير الله -تعالى- قادر على النفع والضر، ومساواة غيره -تعالى- بالخشية والخوف، وشرك التوكل؛ بالاعتماد على غير الله فيما لا يقدر، والتوكل على غير الله تعالى.
  • الشرك الأصغر:يُعد الشرك الأصغر وسيلة للوقوع في الشرك الأكبر، وقد نهى عنه الشرع وسماه شركاً، ولكنه لا يُخرج من الإسلام، وقد يكون في الأعمال؛ كالرياء، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أخوفُ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ، فسُئِلَ عنه فقال: الرياءُ)، وقد يكون في الأقوال؛ كالحلف بغير الله.
شارك المقالة:
101 مشاهدة
المراجع +

مسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook