الصناعة في عصر البترول بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 الصناعة في عصر البترول بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

 الصناعة في عصر البترول بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
اكتشاف البترول وظهور أنشطة مساندة لصناعة البترول بروز الحاجة إلى تقديم خدمات متخصصة وأنشطة صناعية بسيطة على شكل مقاولات في الدمام والخبر والأحساء، حيث أبرمت الدائرة الاقتصادية في شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) عام 1365هـ /1946م ما مجموعه 257 عقد مقاولات مع تجار ومقاولين محليين، بلغت قيمتها الإجمالية ثمانية ملايين ريال. ومن أهم هذه المقاولات تأمين وسائل النقل والإنشاءات وصيانتها ورصف الطرق وتأمين الإعاشة والتغذية البسيطة وصناعة الطابوق والجير، ومن ثم تطور الأمر إلى إنشاء محطات كهرباء محلية وورش صناعية ومعامل إنتاج الثلج وورش نجارة ومصانع للبلاط وتوزيع الغاز السائل على المصانع إلى غير ذلك من الصناعات البسيطة، وفي عام 1370هـ /1951م افتتح أول مصنع لتعبئة المرطبات في مدينة الخبر، وتبعه في عام 1378هـ /1959م افتتاح معامل الغازات الصناعية بالخبر، ويمكن اعتبار قيام صناعة الأسمنت بالهفوف عام 1379هـ /1960م من أهم التحولات الصناعية في المنطقة الشرقية، وقد تسارعت وتيرة المشروعات الصناعية ومستوى تمويلها بعد ذلك بشكل ملحوظ، فظهرت المغاسل الحديثة ومصانع الأسمنت ومصانع تعبئة المشروبات الغازية ومسابك لأنابيب الحديد وقطع النحاس الأصفر، وشركات الكهرباء في رحيمة وتاروت، ثم مصنع النسيج في الدمام، ومصنع إنتاج أكياس الورق ومصنع الأحذية بالدمام، ثم تلتها صناعات سبك المعادن والهياكل المعدنية.
 
وتعد المنطقة الشرقية مركز ثقل الصناعات الأساسية بالمملكة؛ إذ يتوطن فيها أكثر من 80% من المجمعات الصناعية للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) التي تتركز معظمها في مدينة الجبيل الصناعية بالإضافة إلى مصنع واحد في مدينة الدمام، وذلك من إجمالي 18 مصنعًا منتجًا تمتلكها (سابك) داخل المملكة.
 
تعد المنطقة الشرقية قلعة الصناعة في المملكة؛ فهي من أكثر مناطق المملكة تميزًا في الصناعة نتيجة توافر خامات البترول والغاز الطبيعي، وترجع أهمية المنطقة إلى وجود إحدى أحدث مدينتين صناعيتين في المملكة العربية السعودية وهي مدينة الجبيل الصناعية التي يوجد بها - كما ذكرنا - المجمعات الصناعية للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، قلعة الصناعات الثقيلة في المملكة؛ لأنها تعتمد في إنتاجها على الخامات الهيدروكربونية الموجودة في المنطقة الشرقية. وفي الواقع فإن هناك عاملين مهمين لسرعة التقدم في صناعة البتروكيميائيات السعودية هما: الرغبة القوية في توسيع القاعدة الاقتصادية، وتلافي الاعتماد الكلي على البترول، واستغلال القيمة الاقتصادية العالية للغاز المصاحب للبترول الذي كان يحرق بكميات كبيرة في السبعينيات، وبناءً على ذلك تم بناء مدينتين صناعيتين في الجبيل وينبع، وإنشاء الهيئة الملكية لتشرف عليهما، كما تم بناء شبكة الغاز العامة من قبل (أرامكو) لتجميع الغازات المصاحبة للبترول وتوزيعها، بالإضافة إلى إنشاء الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) لبناء المشروعات الصناعية وتشغيلها، ولمزيد من الدعم للصناعة تم إنشاء صندوق الاستثمارات العامة، وقد أسست (سابك) بمرسوم ملكي في سبتمبر 1396هـ /1976م للاستفادة من القيمة المضافة للخامات الهيدروكربونية السعودية وهي مملوكة لحكومة المملكة بالكامل، ومنذ بداية عام 1404هـ /1984م باعت الحكومة 30% للمساهمين من القطاع الخاص، كما استثمرت (سابك)   25 مليار دولار لإنشاء منظومة متكاملة تشمل 18 مجمعًا صناعيًا عالميًا في المملكة، وقد تم تجميع وحدات العمل الإستراتيجي كلها في ستة قطاعات مركزية: الكيماويات الأساسية، والكيماويات الوسطية، والبوليمرات، و (PVC / PS)، والبوليستر والأسمدة، ثم المعادن.
 
لقد تضافرت مجموعة من العوامل التي أسهمت في تميز صناعة البتروكيميائيات السعودية وهي: الاحتياطي الضخم من الغازات المصاحبة للبترول وسوائل الغاز الطبيعي من البروبان والبيوتان المتوافرة بأسعار منافسة في المملكة لجميع المستثمرين السعوديين، وكذلك الأجانب علاوة على الموقع المتوسط بالقرب من الأسواق التي تستهلك البتروكيميائيات ووجود المشروعات المشتركة مع الشركات الكبرى ذات الخبرة القوية في تصنيع البتروكيميائيات وتسويقها وتوافر البنية التحتية الممتازة للصناعة، ورخص تكاليف الخدمات بالإضافة إلى تشجيع حكومة المملكة للاستثمار الصناعي مع توفير التسهيلات المناسبة في نظام التمويل.
 
كانت أهم مشاركات القطاع الخاص في الفترات السابقة محصورة في تصنيع المنتجات الاستهلاكية من البتروكيميائيات (وأهمها تصنيع المنتجات البلاستيكية المختلفة)، وفي التسعينيات بدأ إنتاج الفورمالديهايد والهكسامين، وراتنجات اليوريا المختلفة، وفي عام 1421هـ /2000م بدأ إنتاج شركة شيفرون السعودية للبتروكيميائيات، باستخدام سوائل الغاز الطبيعي بوصفه خامًا بطاقة إنتاجية سنوية مقدارها 480 ألف طن من البنـزين العطري، و 220 ألف طن من الهكسان الحلقي، مع 370 ألف طن من مزيج الجازولين الحراري، غير أن مسيرة صناعة البتروكيميائيات لا تزال تعترضها تحديات منها: المحافظة على استمرار التسعيرة المخفضة للغاز الخام والبروبان والبيوتان، وزيادة الطاقة الإنتاجية، وتوسيع تشكيلة المنتجات والمشتقات، وتنمية دور القطاع الخاص بالمملكة في التوسعات المستقبلية، وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال المشروعات المشتركة، وسد احتياجات السوق المحلية من الأصناف المختلفة من مشتقات البتروكيميائيات، ويبين (جدول 8) الطاقة الإنتاجية لمنتجات قطاعات (سابك) الصناعية في عام 1425هـ /2004م.
 
 
شارك المقالة:
45 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook