الصناعة في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الصناعة في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الصناعة في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
أ - لمحة تاريخية:
 
تعد الحرف اليدوية البدائية   النواة الأولى للصناعات الحديثة في المملكة، وهي تعتمد في كل منطقة على احتياجات السكان والمواد الخام المتوافرة فيها؛ ففي المناطق الساحلية تنتشر صناعة السفن والقوارب، وتكثر صناعة السجاد والأقمشة في مناطق المواشي والمراعي، كما تنتشر الصناعات الحجرية والمعدنية في المناطق الجبلية.
 
وقد اشتهرت المناطق الشمالية من المملكة بصناعة السجاد إجمالاً، إلى جانب صناعة الأسلحة المختلفة من سيوف، وسكاكين، وخناجر، وبنادق، بالإضافة إلى صناعة النجر الحجري، والمباخر الحجرية، والمحاريث. كما كانت هناك صناعات يدوية أخرى مثل: الحصر، والمفارش، والمهفات، والمحالات الخشبية، وأشداد الجمال (الذلول)، بالإضافة إلى اختصاص بعض المدن بحرف وصناعات معينة؛ ففي مدينة الوجه - على سبيل المثال - انتشر قديمًا عدد من الصناعات الجلدية والنحاسية، وكذا قوارب الصيد وشباكه  ، كما اشتهرت أملج بصناعة الفخار والنحاس؛ ومن أهم منتجاتها: الجرار، والأباريق، والأطباق، والقدور الفخارية والنحاسية 
 
وقد ظلت هذه الصناعات التقليدية تعمل على سد حاجة الاستهلاك المحلي لفترات طويلة من الزمن. وكان ظهور النفط واستخراجه في المنطقة الشرقية من المملكة ابتداءً من عام 1357هـ / 1938م نقطة تحول مهمة أدت إلى رفع مستوى معيشة السكان وزيادة القوة الشرائية لديهم. ولهذا كان من الطبيعي أن يزداد استيراد السلع الصناعية من الخارج فامتلأت بها الأسواق ولم تستطع الصناعات التقليدية الصمود أمام هذه المنافسة ما أسهم في اختفاء الكثير منها.
 
ويمكن القول إن النشاط الصناعي لم يوجد في غالب مدن المنطقة إلا في الثمانينيات الهجرية، فظهرت بعض الورش والمؤسسات الصناعية التي ترتبط مباشرة بالحاجات المحلية للسكان؛ مثل ورش صيانة السيارات، والحدادة، والنجارة، والمخابز، والصناعات الغذائية، ومواد البناء.
 
ب - أبرز التطورات:
 
بعد أن فرغ الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - من تأمين وحدة البلاد بدأ يفكر في تأمين الموارد المالية والاقتصادية اللازمة لتسيير أمور الدولة المعيشية، وتوفير الشروط الضرورية لتنميتها وازدهارها وذلك من خلال المعاهدات والاتفاقيات التي عقدها مع كبار زعماء العالم في الدول الصناعية المتقدمة. كما كان يجلب المستشارين والخبراء وفرق البحث للاطلاع على الأوضاع في المملكة وتقديم التقارير عن أساليب التنمية الملائمة، والتي كانت الأساس لقيام الصناعات الحديثة في المملكة.
 
وقد كان من أولى اهتماماته - رحمه الله - بيت الله الحرام فأنشأ مصنع كسوة الكعبة عام 1346هـ / 1927م، كما صدر في عهده أيضًا نظام الغرفة الصناعية التجارية في مدينة جدة عام 1365هـ / 1946م، واستمرت الدولة على هذا النهج بتوجيه ومتابعة من أبنائه الكرام.
 
وفي عام 1390هـ / 1970م دخلت المملكة العربية السعودية مرحلة جديدة من التنمية التي تعتمد على وضع الخطط والإستراتيجيات والأهداف ضمن خطط خمسية لتحقيق هدف أساس يتمثل في تنويع القاعدة الاقتصادية وبخاصة الصناعية لتخفيف الاعتماد على النفط بوصفه مصدرًا رئيسًا للدخل. وقد بدأت بالخطة الأولى من 1390 - 1395هـ / 1970 - 1975م، ومما لا شك فيه أن هذه المرحلة تعد نقطة النمو في تاريخ التنمية الشاملة في المملكة بوجه عام وفي تاريخ التنمية الصناعية بوجه خاص؛ فقد شهدت تلك الخطة إقامة أول ثلاث مدن صناعية متطورة في كل من جدة والرياض والدمام.
 
وفي عام 1394هـ / 1974م أصدرت الحكومة بيانًا يحدد مبادئ السياسة الصناعية التي تتبعها المملكة لتحقيق التنمية الصناعية المرجوة، وذلك بهدف إطلاع الوزارات والإدارات الحكومية ورجال الأعمال على المبادئ الأساسية لسياسة الدولة تجاه التنمية الصناعية.
 
أما خطة التنمية الثانية فشهدت تأسيس كل من وزارة الصناعة والكهرباء 1395هـ / 1975م والهيئة الملكية في الجبيل وينبع 1395هـ / 1975م، والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)   1396هـ / 1976م. كما تم في عام 1399هـ / 1979م تحويل مركز الأبحاث والتنمية الصناعية الذي أنشئ عام 1386هـ / 1966م إلى مؤسسة وطنية تقدم الخدمات الاستشارية الهندسية والاقتصادية الضرورية للقطاع الصناعي وهي الدار السعودية للخدمات الاستشارية. وبذلك اكتمل عقد الهيئات والمؤسسات الحكومية التي أخذت على عاتقها تشجيع الصناعة الوطنية وتنظيمها ورعايتها في انطلاقتها الحقيقية التي شهدتها هذه الفترة.
 
ثم أتت الخطتان الخمسيتان الثالثة والرابعة اللتان ركزتا على مقوم رئيس من مقومات الصناعة المحلية المتمثل في تطوير القوى العاملة الوطنية بهدف إحلالها محل العمالة الأجنبية عن طريق التعليم والتدريب، والاستمرار في تشجيع رأس المال الأجنبي من أجل جلب التقنية الحديثة وتوطينها عن طريق المشاركة من المستثمرين السعوديين. كما أسست في مطلع الخطة الثالثة المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني (المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني حاليًا) بهدف تطوير القوى الوطنية لتصبح قادرة على أن تحل محل العمالة الأجنبية.
 
وصدر النظام الموحد للغرف التجارية الصناعية في المملكة عام 1400هـ / 1980م وتبعه في العام نفسه إنشاء مجلس الغرف السعودية من أجل التنسيق بين الغرف بما يحقق أهداف التنمية في المملكة وبما يحقق تمثيل هذه الغرف إقليميًا ودوليًا للمشاركة في إقامة المعارض الصناعية والتجارية المحلية والخارجية.
 
وجاءت الخطتان الخامسة والسادسة لتحققا أهدافًا جديدة تمثلت جميعها في محاولة علاج مشكلات التنمية الاقتصادية بعد بلوغها درجة متقدمة من النضج والبلوغ، حيث ركزت الخطة السادسة على التوسع في الصناعات القائمة وتشجيع الصناعات المحلية على تجاوز السوق المحلية بالإضافة إلى ضرورة تحقيق النمو الصناعي المنشود في إطار المحافظة على البيئة.
 
أما خطة التنمية السابعة فقد ركزت في سياساتها على تطوير الأنظمة واللوائح من أجل تشجيع الصناعات الصغيرة، ودراسة وسائل تمويلها، وتنميتها، وحل مشكلاتها، كما ركزت على التوسع في إقامة المدن الصناعية في المناطق التي تتميز بمقومات النمو الصناعي وإشراك القطاع الخاص في إقامتها وتشغيلها وصيانتها.
 
وبنهاية عام 1425هـ / 2004م نفذت المملكة سبع خطط تنموية على مدى 35 عامًا، ومما لا شك فيه أن الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمن الذي تنعم به المملكة، قد أسهم في استقطاب عدد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حدٍّ سواء. حيث أسفر عن تحول المملكة من دولة منتجة ومصدرة للمواد الأولية فقط إلى دولة تمتلك قاعدة صناعية متطورة ذات تقنية عالية، واستطاعت تصدير منتجاتها إلى أكثر من 118 دولة من دول العالم بما فيها عشر من دول السوق الأوروبية المشتركة، والولايات المتحدة الأمريكي. 
 
ج - الوضع الحالي ودوره في اقتصاد المنطقة:
 
لا يزال القطاع الصناعي في تبوك ناشئًا، إلاّ أَنه يتخذ خطوات عملية نحو التوسع والرسوخ بشكل سريع، وقد أسهم في ذلك بشكل كبير: إنشاء المدينة الصناعية، وتوافر المواد الخام، والنمو السكاني الكبير، والنجاح الذي حققته المنطقة في المجال الزراعي. ويوجد في تبوك عدد من المصانع، منها:
 
 ثلاثة مصانع لإنتاج علف الحيوان والدواجن.
 
 مصنع لإنتاج أنابيب الري بأحجام مختلفة.
 
 مصنع للأسمنت.
 
 مصنعان للمصنوعات الحديدية.
 
 ثلاثة مصانع لتعبئة الفواكه والخضراوات.
 
 مصنع لإنتاج عبوات لتعبئة الخضراوات والفواكه.
 
 أربعة مصانع للمنتجات الغذائية والألبان.
 
 ثلاثة مصانع للبلاستيك.
 
 ثلاثة مصانع لمواد البناء.
 
 180 ورشة صناعية تقوم بأعمال الإصلاح والصيانة، وتصنيع بعض قطع الغيار.د - المدينة الصناعية بالمنطقة:
 
تعد المدينة الصناعية في تبوك من أهم المدن الصناعية ومن أوضح صور الدعم التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين للقطاع الصناعي؛ ففضلاً عن أنها تخفف أعباء التأسيس على أصحاب المصانع، حيث يحصلون على الأرض اللازمة لإقامة مشروعاتهم بإيجار رمزي، فهي أيضًا تخدم التخطيط والتوطين الصناعي، وقد بدأ إنشاء المدن الصناعية في المملكة عام 1390هـ / 1970م عندما تم إنشاء ثلاث مدن صناعية في كل من الرياض وجدة والدمام، ومع التطور الذي شهدته المملكة فقد أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 235 بتاريخ 27 / 8 / 1422هـ الموافق 2001م بإنشاء الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، لتتولى عمليات الإشراف على إنشاء وتطوير وصيانة وتنظيم ومتابعة المدن الصناعية. ويوجد في المملكة الآن ثلاث عشرة مدينة صناعية قائمة إجمالي مساحتها أكثر من 458 مليون متر مربع، وقد قامت وزارة التجارة والصناعة خلال عام 1424هـ / 2003م بتخصيـص أراضٍ صناعيـة لـ 269 مشروعًا صناعيًا بزيادة عن عام 1423هـ / 2002م بنسبة 61%، إذ بلغ عدد المشروعات الصناعية التي تم تخصيص أراضٍ صناعية لها خـلال عام 1423هـ / 2002م 167 مشروعًا صناعيًا، وبلغ إجمالي مساحات الأراضي الصناعية المخصصة عام 1424هـ / 2003م أكثر من 1.8 مليون متر مربع بزيادة تصل إلى 50% عن مساحات الأراضي الصناعية المخصصة عام 1423هـ / 2002م. وقد جاء تخصيص الأراضي الصناعية مـوزعًا علـى عدد من المدن الصناعية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة وكان نصيب منطقة تبوك منها: 12 قطعة أرض صناعية في المدينة الصناعية بتبوك بإجمالي مساحات 68.8 ألف متر مربع.
 
وتقدر المساحة الإجمالية للمدينة الصناعية بتبوك بنحو أربعة ملايين متر مربع، وقد طورت المرحلة الأولى منها ووضعت خطة لإنشاء 41 مصنعًا بتكلفة مقدارها 9.6 ملايين ريال، على مساحة 1350م  . 
 
ومن خلال بيانات (جدول 9) الذي يبين المصانع المنتجة المرخصة وإجمالي التمويل بموجب نظامي حماية وتشجيع الصناعات الوطنية واستثمار رأس المال الأجنبي في منطقة تبوك خلال الفترة 1409-1425هـ / 1989 - 2004م مقارنة بإجمالي المملكة يتضح الآتي:
 
 مضاعفة عدد المصانع المنتجة خلال الخمس عشرة سنة الماضية من 16 مصنعًا إلى 31 مصنعًا.
 
 تزايد إجمالي التمويل بشكل كبير، وعلى الأخص خلال السنوات الخمسة الأخيرة، حيث ازداد من 283 مليون ريال عام 1419هـ / 1998م، إلى 426.71 مليون ريال عام 1420هـ / 1999م، ثم قفز إلى 1333.61 مليون ريال عام 1421هـ / 2000م، واستمر في التزايد مع زيادة عدد المصانع المرخصة حيث بلغ عام 1425هـ / 2004م قرابة 1.351 مليون ريال.
 
 لا يشكل عدد المصانع في منطقة تبوك نسبة تذكر إلى إجمالي المصانع المنتجة على مستوى المملكة، إذ لم تتجاوز نسبتها 0.94% عام 1409هـ / 1989م، كما أن هذه النسبة انخفضت إلى 0.83% فقط من إجمالي المصانع المنتجة على مستوى المملكة عام 1425هـ / 2004م، ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى أن نمو المصانع على مستوى المملكة يفوق كثيرًا نمو أعدادها على مستوى منطقة تبوك وذلك لأنها تتضمن أعداد المصانع في المناطق الأخرى. ما أدى إلى انخفاض نسبة مصانع تبوك إلى مصانع المملكة.
 
شارك المقالة:
67 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook