تخصيص صيام شهر رجب لم يرد فيه شيئ من الفضل الزائد عن الصيام في بقيّة شهور السنة، ولم يصحّ فيه شيئ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- أجمعين، ولكن ورد في الشريعة الإسلامية ما يدلّ على أفضليّة الصيام بشكل عام مطلق، وصيام شهر رجب يدخل في هذا العموم تبعاً، ويجوز للمسلم صيام أيّام من شهر رجب على وجه الإطلاق دون تحديد، ودون اعتقاد أنّ فيه خصوصيّة معيّنة، ولا يكون صيام المسلم في جميع أيّام شهر رجب؛ حتى لا يشتبه بشهر رمضان المبارك.
ويُعد شهر رجب من الأشهر الحُرم الداخلة في قوله -تعالى-: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم)؛ فقد نهى الله -سبحانه وتعالى- عن اقتراف الذنوب والمعاصي في هذه الأشهر، وإيقاع الظلم على النفوس، ويدخل في ذلك الأمر بعمل الطاعات، وأداء العبادات؛ فالأشهر التي تعظُم فيها السيئات، تعظُم فيها الحسنات، وهذا يشير إلى أنّ الأشهر الحُرم تختصّ بمزيد من الحرمة؛ فالله -تعالى- نهى عن الظلم في كلّ وقت من أيّام السنة، وقد جعل للأشهر الحُرم حرمة مضاعفة تختصّ بها عن باقي الشهور، ولا يختصّ شهر رجب بصيامٍ خاص فيه، وإنّما وردت السنة النبويّة باستحباب صيام عدد من الأيّام في كل شهر، وبيان هذه الأيام فيما يأتي:
السنّة النبويّة ليس فيها دليل صحيح على تخصيص شهر رجب بصيام خاصّ فيه، وجميع ما ورد في ذلك مُحدث لا أصل له في السنّة الصحيحة، وإنّما هي أحاديث ضعيفة لا ترقى للاحتجاج بها، وبعضها موضوع، ولم يوجد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- نصّ صريح صحيح يدلّ على أفضليّة الصيام في شهر رجب بشكل خاصّ، وإنما هو من الأشهر الحُرم التي حرّمها الله -تعالى- في كتابه الكريم،ويقول الحافظ ابن رجب الحنبلي- رحمه الله تعالى: تخصيص شهر رجب بالصيام لم يرد فيه شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من أصحابه -رضوان الله عليهم- أجمعين.
موسوعة موضوع