الصيد والقنص في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الصيد والقنص في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الصيد والقنص في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 
ارتبط العرب بالصيد منذ القدم بسبب طبيعة حياتهم البدوية وقلة الموارد في معظم البيئات التي يسكنون فيها. وقد شكل صيد الحيوانات المختلفة واستخدام عدد من النباتات التي تنمو في الصحارى مصدر رزق ومعاش جيد لكثير منهم؛ فكانوا يخرجون للصيد في رحلات فردية وجماعية تختلف بحسب أحوال الناس ومقاماتهم في نوعية الوسائل المستخدمة، وأعداد المشاركين بالرحلة، والتجهيزات الأخرى التي تحتاجها جماعة الرحلة، وبذلك فهي رياضة الأغنياء والفقراء على حد سواء 
 
بالإضافة إلى أهمية الصيد لتوفير بعض متطلبات الحياة الأساسية عند أهل شبه الجزيرة العربية، فقد كانت له أهمية كبيرة ولا تزال لأنه مصدر متعة ونـزهة وفروسية، ومجال رحب في التدريب على أساليب الطرد والقتال واستخدام السلاح باختلاف أنواعه، كما أنه مجال للفخر والاعتزاز بين الأقران في مجتمع القبيلة بالقوة والبراعة والقدرة وإسعاد الأهل والأقارب بما يصيد. وهو أيضًا مجال للتباهي والتفاخر بما يملك الصياد من أنواع السلاح والصقور المدربة غالية الثمن.
 
وقد ورث الصيادون منذ القدم عادات وتقاليد كثيرة تدل على أخلاقيات ممارسة هذه الرياضة العربية الأصيلة وآدابها، مثل: عدم صيد الفريسة التي تلوذ بهم إحساسًا منهم بضعفها، وتجنب الصيد على موارد المياه، ولم يكن لديهم الأسلحة متعددة الطلقات، مثل: الرشاشات، والبنادق الأوتوماتيكية، ولا يستخدمون السموم التي تميت الحيوان، وغير ذلك مما لا يعطي الطريدة الفرصة للخلاص من الصياد. وكذلك تهادي لحم الصيد بين جماعة الصيادين، والإهداء إلى الأقارب والأصدقاء. ومنها اختيار الوقت المناسب للصيد مثل أيام الغيم، وعدم تعذيب الحيوان وإتلاف الممتلكات والزروع التي يمر بها الصياد أثناء تجواله باحثًا عن الصيد.
 
والصيد ليس متعة وفروسية ومفاخرة فقط بل هو أيضًا معرفة وقوة تحمل وفراسة وشهامة وكرم، ومعرفة بأحوال الطرائد وطبائع الحيوان وأنواعه وأجناسه وصفاته وأشكال أثره على الأرض، ومعرفة بأحوال الطقس، ومتى يفضل الصيد ومتى يتوقف. كما يتوجب عليه معرفة أنواع الأسلحة المستخدمة، وما يناسب كل صيد، وكذلك معرفة الصقور وأنواعها إن كان ممن يستخدمها، وأنواع الضواري المستخدمة، مثل: الكلاب السلوقية. وفي الصيد تحمل للظروف التي قد يصادفها أثناء قنصه، مثل: السير مسافات طويلة، والجوع والعطش، وربما الضياع في الصحراء فترات طويلة.
 
واستخدم الصيادون أنواعًا متعددة من أدوات الصيد، فقد استخدمت الرماح والسهام وغيرها قديمًا، ثم تطورت وشملت البنادق البدائية  ، مثل: بنادق الفتيل، وأم إصبع، والمقمع وغيرها، وكانت هذه الأسلحة تعطي الفرصة للطريدة للهرب إن لم تصب في المرة الأولى، غير أن هذا الوضع تغير عندما بدأ الصيادون يستخدمون الأسلحة متعددة الطلقات، مثل: أم خمس، وأم إحدى عشرة، والرشاشات...، وأشباهها؛ مما لا يمكن الحيوان من الهرب إلا نادرًا.
 
كما استخدم العرب منذ القدم – ولا يزالون - الصقور بأنواعها  والكلاب المدربة لصيد الطرائد المختلفة وبخاصة الطيور مثل: الحبارى، والكروان، والقطا، والحمام، وأنواع البط وغيرها  .  ومن أشهر أنواع الصقور المستخدمة في الصيد في شبه الجزيرة العربية الصقر الحر  ، وهو أكثرها شهرة واستخدامًا وأغلاها ثمنًا، وهو طير قوي البنية، وأشهر ألوانه: الأشقر، والأحمر، والأرقط، كما أنه طائر مهاجر من وسط آسيا وشرق أوروبا، ويمر أثناء هجرته بشمال غرب المملكة. ويعد الشاهين ثاني أشهر الصقور، وهو أكبر من الصقر الحر ومنه البحري والجبلي، وأشهر ألوانه الأحمر، والأسود، وهو طائر قوي سريع الطيران، ويأتي مهاجرًا من وسط آسيا وجنوب المنطقة القطبية.
 
أما الصقر السنجاري فيقارب الشاهين في الحجم، وهو صقر مهاجر, وقوي البنية، ويكون ذا لون أبيض أو رمادي أو بني. أما الصقر الوكري فمتوسط الحجم، ويتميز بقمة رأسه ذات اللون الأصفر البرتقالي، ويعيش في وسط آسيا وشرق أوروبا، وكذلك في بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية. ويعد الباز من أصغر الصقور، ويتميز بأنه أحمر العينين أصفر الرجلين، ومواطنه غرب أوروبا وشرق آسيا، كما يوجد في بلاد الشام وشمال إفريقية.
 
ومن أشهر كلاب الصيد السلوقي ومنه سلالات متعددة، ويتميز بطول الرقبة وقصر الظهر وضمور البطن وطول الأرجل والأذنين، وهو سريع العدو، وأشهر ألوانه: الأشقر، والبني المحمر، والأسود الرمادي. ويستخدمه كثير من هواة الصيد في المملكة.
 
وهناك عدد من الطرائد التي يولع الصيادون بالبحث عنها وصيدها، ويتكبدون في طلبها الغالي من وسائل الصيد من الأسلحة والجوارح والمتاع والنقل وغير ذلك. ومن أشهر هذه الطرائد: الظباء بأنواعها، والوعول، والأرانب البرية، والوبر في عدد من المناطق المشهورة بالصيد.
 
أما الطيور فأشهرها: الحبارى، والكروان، والحمام، واليمام، والقمري، والحجل، ودجاج الحبش، والقطا، وأنواع البط والفراشيق، وكثير من أنواع الطيور المهاجرة أثناء فترة مرورها بالمملكة؛ وبخاصة أوائل الشتاء والخريف. كما أن هناك صيادين مختصين بصيد الصقور المهاجرة، مثل: الحر، والشياهين وغيرها أثناء مرورها بالمملكة في مناطق الساحل جنوب مكة المكرمة قرب القنفذة.
 
وبدأت الطرائد تتناقص بُعيد منتصف القرن الماضي الهجري بسبب الصيد المكثف والجائر في جميع المناطق. وقد ساعد في سرعة القضاء عليها استخدام السيارات، وبخاصة ذات الدفع الرباعي، وتوافر السلاح متعدد الطلقات، وتفرغ أعداد كبيرة من الناس لهذا النشاط بعد توحيد المملكة، بالإضافة إلى عدم وجود جهة تنظم عملية الصيد في ذلك الوقت. وكانت النتيجة أن انقرضت جميع أنواع الظلفيات، مثل: الظباء، والمها العربي، وكذلك الفهد الآسيوي، وقبلها النعام، والحمار البري، ولم يسلم من ذلك سوى أعداد من الوعول التي احتمت في أعالي الجبال.
 
ويعد أهل البادية أهم فئات الصيادين، وهم مولعون بالصيد منذ نعومة أظفارهم، ويتعلمون مهاراته ويتعرفون على أنواع الحيوانات والسلاح من آبائهم وأجدادهم وأقرانهم، ويمارسون الصيد أثناء تجوالهم مع إبلهم وأغنامهم, والصيد بالنسبة لهم معاش وفروسية واستغلال للوقت. والفئة الثانية من الصيادين هم سكان المدن والقرى، وهم صيادون مولعون بالصيد ومهتمون به أشد الاهتمام، ويحافظون على أوقاته، ويستعدون لمواسمه، ويهيئون السلاح والجوارح والسيارات والعتاد له.
 
وهناك فئة أخرى، وهم جامعو حيوانات، وغالبية هذه الفئة حديثو الممارسة، ونشأ هذا النشاط تلبية لحاجة السوق المحلية لبيع الحيوانات، وتكون مؤسسات تعنى بعرض الحيوانات المختلفة، وبخاصة الغريبة منها، وكذلك الصيد للمؤسسات الطبية التي تطلب أنواعًا معينة من الثعابين مثلاً لإنتاج الأمصال. ويضاف لهم من يطلب منهم أجزاء محددة من أجسام بعض الحيوانات لاستخدامها في الطب الشعبي. وقد بدا أثر هذه الفئة على بعض الأنواع، حيث شارفت على الانقراض من مواطنها الطبيعية.
 
شارك المقالة:
95 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook