الطريق للهداية

الكاتب: مروى قويدر -
الطريق للهداية

الطريق للهداية.

 

 

معنى الهداية:

 

ذكر العلماء العديد من التعريفات للهداية، وفيما يأتي تعريف الهداية لغةً واصطلاحاً:

  • تعريف الهداية لغةً: هي مصدرٌ من الفعل هدى، وهو الإرشاد والدلالة إلى ما يُوصل إلى المطلوب، وطريق الهداية: هو طريق الصواب.
  • تعريف الهداية اصطلاحاً: تأتي الهداية اصطلاحاً على قسمين؛ أحدهما هداية الدلالة والإرشاد، وهي الهداية التي يقوم بها الأنبياء والرسل، حين يدعون أقوامهم، ويدخل في ذلك إرشاد الدعاة والمصلحين، فكلّ ذلك يكون تحت هداية الدلالة، ولا يملك الهادي في ذلك النوع نتائج عمله، فيكون عليه الدعوة والمحاولة وحسب، والله -تعالى- يقدّر بحكمته النتائج، ويُقصد بالنوع الثاني من الهداية: التوفيق، أو إقرار الهدى في قلوب الناس، وهو ممّا لا يملكه إلّا الله سبحانه، فبيده تقليب القلوب ومفاتيحها، فمن شاء أن يهديه يشرح صدره للهداية، ويوفّقه إليها، فهي فضلٌ من الله تعالى، يمنّ به على من يشاء من البشر.

 

طرق اكتساب الهداية:

 

إذا كان الهدى أمرٌ من عند الله تعالى، يُنعم به على من يشاء من عباده، فأول ما يكون من اكتساب الهداية، هو طلبها من عند الله تعالى، لقبول العبد الحقّ، والانشراح له، ونطق اللسان به، ورضا القلب عنه، وسير الجوارح نحوه، ولقد وردت نصوص عن بعض الأعمال التي يأتيها المسلم، لتشرح صدره أكثر، وتزداد الهداية في قلبه أكثر، وفيما يأتي بيان بعض تلك الأعمال:

  • الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، والعمل به، وتدبّره، وإتيان أوامره، والانتهاء عن نواهيه، فالله -تعالى- جعل القرآن مصدر الهداية للمؤمنين، حيث قال: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ).
  • عمارة المساجد، سواءً بالمساهمة والإنفاق في بنائها، أو عمارتها من خلال دوام التردّد عليها في الصلوات، وأداء مختلف أنواع الطاعات، حيث قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ).
  • دوام معاهدة القلب على الإخلاص لله تعالى، والتوجّه لرضاه في سائر الأعمال والأحوال، فمن تلمّس رضا الله وحده في أعماله، كان أقرب لنيل الهداية التي تُرضي الله -تعالى- عنه، حيث قال الله سبحانه: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
  • المسارعة إلى أداء الطاعات والفرائض بمجرّد دخول وقتها، أو الدعوة والحضّ عليها، حيث قال الله تعالى: (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى).
  • التسليم لله تعالى، والرضا في كلّ قدرٍ مكروهٍ أو مصيبةٍ حصلت، فإنّ من أعظم أسباب نيل الهدى الاسترجاع عند المصائب، وقد امتدح الله -تعالى- من اتّصف بتلك الصفة، حيث قال: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
  • الاستمساك بشرع القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، فالله -تعالى- يقول: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى).

 

أقسام الهداية:

 

ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم أقسام ومراتب للهداية، فهناك هدايةٌ عامةٌ؛ تشمل الإنسان والحيوان، وسائر المخلوقات، وهناك هدايةٌ خاصةٌ، وغيرهما، وفيما يأتي بيان أقسام الهداية الواردة في القرآن الكريم:

  • الهداية العامّة؛ وهي لكلّ المخلوقات، والكائنات الحية؛ لتدير أمورها، وتقضي حاجاتها، وتستقيم حياتها، ومن الأمثلة على الهداية العامّة: هداية جميع الكائنات الحية إلى كيفية التكاثر والتزاوج، وهداية النحل إلى كيفية الوصول إلى ما تحتاج، والعودة إلى خليّتها، وهداية النملة إلى كيفية الخروج من بيتها، والبحث عن قوتها، ومخاطبة النمل من جنسها، وقد وثقّ الله -تعالى- ذلك في القرآن الكريم، حيث قال: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
  • هداية البيان والإرشاد؛ وهي الهداية سالفة الذكر، التي تصف وظيفة الأنبياء والرسل، في اجتهادهم لإيصال دعوة التوحيد، والهداية إلى السبل الموصلة الى الصراط المستقيم، وذلك النوع أخصّ ممّا قبله، فهو منوطٌ بالإنسان المكلّف وحده، دون باقي الكائنات، وبه تقوم حُجّة الله -تعالى- على خلقه، حين تصلهم الرسائل من رسلهم، حيث قال الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)، ويقول أيضاً: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)، وإنّ ذلك النوع من الهداية عامٌّ لكلّ البشر، لم يحجبه الله -تعالى- عن أحدٍ من خلقه، بل أوصل الدعوة إلى الأقوام والبشر، فمن رغب عن تلك الدعوة وتركها لسواها، فقد حُجب عنه التوفيق والخير، بعد أن كان مخيّراً في البداية.
  • هداية التوفيق والإلهام، وهي مرتبةٌ أخصّ من سابقتها، اختُصّ الله -تعالى- بها وحده، فلا يقوم بها ملكٌ أو نبيٌ، بل إنّ الله -تعالى- يقذف ذلك النوع من الهداية والتوفيق في قلب من يشاء من عباده، ويجب أن تتوافر في العبد شروط حتى يستحقّ ذلك الاعتناء، منها: أن يكون الله قد قذف الهداية في قلب العبد، ويكون ذلك متبوعاً بإقبال العبد على ربّه، باتباعه الحقّ، فإن لم يتحقّق الشرط الأول؛ وهو هداية الله للعبد، لن يتحقّق الشرط الثاني، حيث قال الله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا).
  • الهداية إلى الجنة والنار، وذلك يوم القيامة، وهي آخر مراتب الهداية، ولا تحصل إلّا يوم القيامة، ويكون ذلك بتثبيت العبد على الصراط المنصوب فوق جهنّم، حتى يصل إلى الجنة، فمن مشى على الصراط المستقيم في الدنيا، وآمن بالله تعالى؛ ثُبّت وهُدي يوم القيامة، فبلغ الجنة بهداية الله تعالى، حيث قال الله سبحانه: (إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ يَهديهِم رَبُّهُم بِإيمانِهِم تَجري مِن تَحتِهِمُ الأَنهارُ في جَنّاتِ النَّعيمِ).
شارك المقالة:
76 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook