الطيور بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الطيور بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الطيور بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
ارتبط سكان المنطقة الشرقية منذ القدم بالبحر، وعرفوا الكثير من الكائنات الفطرية التي تعيش فيه، وأخذت الطيور  حيزًا لا بأس به من هذه المعرفة؛ فهذا الغاق السقطري الذي يسمى في المنطقة الشرقية ومعظم دول الخليج العربي (اللوهة)، وهو من الطيور المتوطنة بالخليج العربي وبحر العرب  ،  وقد ذكر كثيرًا في الأهازيج الشعبية بالمنطقة، وهناك رقصة شعبية يتمايل فيها الراقصون تقليدًا لهذا الطائر الذي يتميز بطيرانه، فيكونون خطوطًا طولية متموجة، فهذا يصعد وذاك ينـزل وكأنها أمواج البحر طائرة:
لوهـــه  يـــا لوهـــه فــي     النقعــــــة  صادوهــــــا
شــــافوا  اللحــــم يـــابس     قــــــاموا  وقطعوهــــــا
ولا يتوقف هذا الترابط عند هذا الحد بل عرف صيادو المنطقة قديمًا بمتابعتهم الطيور البحرية لمعرفة المواقع الجيدة لصيد الأسماك، فالطيور البحرية تتبع أسراب السمك الصغيرة، وهذه الأسماك تتبعها أسماك أكبر حجمًا هي هدف الصيادين، فعندما يشاهد الصياد أسراب الطيور فوق الماء تقوم بصيد الأسماك الصغيرة يعرف أن هذه المنطقة جيدة للصيد فيبدأ برمي شباكه، وبالإضافة إلى ذلك كان الصيادون في الماضي يزورون الجزر خلال موسم تكاثر الطيور البحرية للحصول على بيضها، خصوصًا طيور الخرشنة وبلشون الصخر. ولصيادي السمك بالمنطقة معرفة بأنواع الطيور التي يمكن الحصول على بيضها، فمثلاً يقومون بجمع البيض في أول الموسم لتكاثر طيور الخرشنة، بينما يبتعدون عن بيض الغاق السقطري على الرغم من كبر مستعمراتها وتكاثرها طوال العام، ويفسر ذلك ربما لمعرفتهم أن مستعمرات الغاق السقطري يوجد بها قراد ينقل فيروسات تسبب الحمى، وإن كان بعض صيادي السمك يمسك فراخ الغاق السقطري خصوصًا خلال تجمعها في مناطق على مسافة بعيدة من المستعمرة.
يعشق الكثير من أهالي المنطقة الشرقية الصيد بالصقور، كما هو الشأن في معظم مناطق المملكة، وقديمًا كانت الصقور تمسك خلال هجرتها في شهر أكتوبر، وتدرب في شهر نوفمبر قبل الذهاب للصيد في بداية شهر ديسمبر، ويفضل سكان المنطقة الصيد بالصقر الحر وكذلك الشاهين البحري، ومن الطرائد المفضلة طائر الحبارى، أما نوع الوكري من الصقور فيفضل الكثير استخدامه لصيد طائر الكروان، كما يقوم بعض أبناء الصيادين بإمساك بعض الطيور الخواضة المهاجرة لاستخدامها لتدريب الصقور قبل موعد الذهاب للمقناص، ومن هذه الطيور الطيطوي أحمر الساق، والطيطوي أخضر الساق، ويسميان محليا الرهيز الحمير وطليلي، والثاني يطلق عليه (نكدة)، وهناك طيور أخرى منها: الدحروج أو ما يعرف بـ (الكريوي).
 
وأول عينة جمعت من المنطقة الشرقية كانت من الجزيرة العربية عام 1287هـ /1870م، وذلك لطائر الخرشنة المتوجة الصغيرة، وهي من الطيور المعششة في الخليج العربي، والعينة ما زالت موجودة في متحف جمعية بومبابي للتاريخ الطبيعي  ،  ومن أوائل من كتبوا عن طيور المنطقة الشرقية كول شيزمان (Col Cheesman) الذي جمع عددًا كبيرًا من العينات خلال زيارته للجزر والهفوف والمناطق الشاطئية بين سلوى والعقير، وذلك بين عامي 1320 و 1341هـ /1902 و 1923م  ،  وقد عرف هذا العالم بإعجابه بالملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله حتى إنه أطلق اسم سلالة على نوع من القبُّرات هي القبرة الصحراوية باسم الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود (Ammomanes deserti azizi)، كما صنف السلالة التي توجد بالهفوف في خانة العصفور الدوري بوصفها سلالة منفصلة أعطاها اسم (Psser domestics hofufae)  .  ومن الذين كتبوا أيضًا عن طيور المنطقة الشرقية السيد عبد الله فيلبي، وذلك من واقع زيارته للمنطقة في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي بعد أن جمع عددًا من العينات للطيور، وهي موجودة الآن في المتحف البريطاني للتاريخ الطبيعي بالمملكة المتحدة  ،  وفي عام 1369هـ /1950م زار ماينرز هاجين الظهران والهفوف وسجل ملاحظاته في كتابه (طيور الجزيرة العربية)  .  ومع بداية الستينيات وقدوم الكثير من المهتمين بالطيور خلال عملهم بالمنطقة خصوصًا العاملين بالشركة العربية للزيت (أرامكو) سجل غالبيتهم من هواة مراقبة الطيور الكثير من الطيور بالمنطقة، وذلك من خلال رسالة إخبارية عنها، ومن هؤلاء مايكل جليجر (Michael Gallagher) الذي ما زال يكتب عن الطيور بالخليج العربي من خلال عمله في سلطنة عمان، ومن أشهر المتابعين للطيور خلال الستينيات والسبعينيات السيدة وار؛ إذ أصدرت أول قائمة عن الطيور بالظهران والهفوف، وكذلك قائمة بالطيور الموجودة في المنطقة الشرقية، وقد نشرت الأولى عام 1392هـ / 1972م  ،  والثانية بمشاركة من السيد ج. بوندي   وبعدها زاد عدد المهتمين بمراقبة الطيور والتعرف عليها بالمنطقة الشرقية؛ فسجلوا الكثير من الملاحظات والقوائم لأنواع الطيور بالمنطقة الشرقية، ولا يزال معظمها موجودًا بمكتبة شركة (أرامكو) بالظهران. وقد استفاد السيد بوندي، وكونور، وهاريس من هذه القوائم، وقاموا بعدد من المسوحات لنشر أول كتاب متخصص عن طيور المنطقة الشرقية  ،  وهذا الكتاب يعدّ من أهم الكتب المنشورة عن الطيور، ليس في المنطقة الشرقية فحسب، بل في جميع أنحاء المملكة، وقد قدموا من خلاله نبذة عن الطيور ومواطنها، وعرضوا معظم الطيور التي سجلت بالمنطقة الشرقية حتى التي انقرضت من المنطقة مثل: النعامة التي سجل وجودها في النصف الأول من القرن الماضي بالربع الخالي  ،  ومع بداية التسعينيات في القرن الماضي وبعد حرب الخليج قامت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها ضمن برنامجها لإنقاذ الطيور من التلوث البترولي بعدد من الدراسات التفصيلية للطيور بالمنطقة الشرقية، منها الدراسات الخاصة بالطيور البحرية المعششة بالخليج العربي، وسجلت من خلالها أنواعًا جديدة معششة بالمنطقة الشرقية، ومن أشهر هذه الدراسات دراسات طيور الخرشنة بالخليج العربي  ،  وكذلك الدراسة التي قام بها الأستاذ عبد الله السحيباني على طائر الخرشنة أبيض الخد، ومدى تأقلمه مع البيئة  ،  وأشارت هذه الدراسات إلى أهمية ملاءمة بيئة المنطقة الشرقية للطيور؛ لذا فقد قامت الهيئة بإنشاء محمية الجبيل للأحياء الفطرية؛ لتكون نواة لحماية الأحياء الفطرية بشكل عام، والطيور البحرية وبيئاتها بشكل خاص.
 
على الرغم من أن المنطقة الشرقية يغلب عليها الطابع الصحراوي، فهي تحوي عددًا من البيئات يمكن تقسيمها إلى البيئة الساحلية، وبيئة الجزر، والبيئة الصحراوية والرملية، وبيئة المسطحات المائية، وبيئة المناطق الزراعية الحضرية، والبيئة الجبلية. أما بالنسبة إلى البيئة الساحلية والجزر فيمكن تقسيمها إلى ثلاث مناطق: منطقة الرذاذ وتسمى أيضًا الحزام العلوي (Splash zone or Upper Zone)، وهي تقع فوق أعلى مستوى للمد، وتأتيها الرطوبة بشكل رذاذ مالح، وتعيش في هذا الحزام أو النطاق الطحالب الخضراء، والقواقع، والقشريات، والنباتات المقاومة للأملاح، وهذه المنطقة مهمة لتعشيش الطيور البحرية مثل: طيور الخرشنة، والغاق السقطري، والقطقاط الإسكندراني. ومن أهم المناطق التي تحوي هذه البيئات جزيرة جنة وكاران، أما المنطقة الثانية فهي منطقة المد والجزر (Intertidal zone)، وتقع بين حد المد والجزر، وينحسر عنه الماء عند الجزر، وأهم البيئات داخل هذه المنطقة بيئة أشجار القرم (الشورى)، وتعشش فيها بلشون الصخور، وبيئة السبخات الطينية الملحية، وهذه البيئة مهمة لتغذية الكثير من الطيور المهاجرة؛ وذلك لاحتوائها على القشريات وبعض الأنواع من اللافقاريات التي تتغذى عليها هذه الطيور مثل: آكل المحار، وكروان الماء، والطيور الخواضة بأنواعها. وتأثرت هذه البيئات خلال السنوات الأخيرة بسبب الردميات الناتجة من التوسع العمراني، ولم تبقَ إلا مناطق صغيرة يوجد بها القرم، وتتمثل هذه المناطق في: رحيمة، وصفوة، وجزيرة القرم بالجبيل، وهناك منطقة داخل شركة (أرامكو)، وقامت الشركة بالتعاون مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بإعادة استزراع أشجار القرم فيها، وقد نجحت هذه التجربة في زيادة رقعة أشجار القرم بالمنطقة الشرقية. أما بالنسبة إلى بيئة المياه الضحلة التي تقع تحت مستوى حد الجزر، والتي تعيش فيها نباتات كثيفة من نوع الطحالب البنية والحمراء والحشائش البحرية، إضافة إلى حيوانات مختلفة مثل: نجم البحر، وخيار البحر، وقنافذ البحر، والسرطانات، والأصداف، وبعض الأسماك الصغيرة، وأنواع من الثدييات البحرية مثل عرائس البحر، فإن هذه البيئة مهمة لتغذية الطيور البحرية المعششة والمهاجرة  
 
تتميز بيئة المناطق الرملية المتمثلة في منطقة الربع الخالي بالجنوب  ، والدهناء بالشرق، وكذلك رملة الجفيراء بعروق رملية تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي بمنطقة الدهناء، ويصل ارتفاع بعضها إلى 30م بخلاف الربع الخالي الذي تصل بعض العروق الرملية فيه أكثر من 100م، كما أن رمل الدهناء يميل لونه إلى الأحمر البرتقالي، أما الجفيراء فتميل إلى اللون الأبيض، وفي الربع الخالي تميل هذه العروق إلى اللون الأصفر، وتوجد بينها سبخات وتجمعات نباتية تستوطنها الطيور والأحياء الصحراوية الأخرى. ومن الطيور التي تستوطن هذه المناطق طيور القبرة، ومنها طائر القبرة الهدهدية (القبرة)، والغراب بني الرقبة. ومن الطيور التي كانت تستوطن هذه المناطق وانقرضت من هذه البيئات بصفة خاصة ومن المملكة بصفة عامة النعام العربي أحمر الرقبة، وقد سجل بهذه المنطقة خلال الثلاثينيات من القرن الماضي  ،  كما سجل بيع بيضة نعام في سوق الهفوف عام 1366هـ / 1947م  .  ومن الطيور الأخرى التي تستوطن هذه البيئات الدراج، والحبارى، والكروان.
 
وتتركز بيئة المسطحات المائية في واحة الأحساء، والهفوف، والقطيف؛ بسبب ما تحويه من كثرة العيون التي تمد المناطق الزراعية حولها بالماء، وبالإضافة إلى هذه المسطحات الطبيعية هناك تجمعات ظهرت حديثًا ناتجة من تجمعات الصرف الصحي، وهي مهمة لعدد من الطيور المقيمة والمهاجرة مثل: الغطاس الصغير، وأنواع البط ومنها البلول وأبو مجرفة، والطيور الخواضة مثل: الزهير الصغير، وآكل السمك.
 
وتتمثل بيئة المناطق الزراعية والحضرية بالمناطق الشجرية مثل: مزارع النخيل المنتشرة بالأحساء والقطيف، وأشجار الأثل أيضًا، وكذلك الحدائق العامة والخاصة بالمدن التي تنتشر فيها بعض أنواع الطيور مثل: الحمامة المطوقة، والحمام الصخري، والبلابل، وأبو حناء الأحراش الأسود، بالإضافة إلى بعض الطيور الدخيلة مثل: الغراب الهندي المنـزلي، والمنية الاعتيادية.
 
أما البيئة الجبلية فهي على الرغم من محدوديتها تتكون من صخور رسوبية، ويمثل جبل قارا جزءًا من هذه البيئة، ومن الطيور التي تقطن هذه المنطقة: حمام الصخور، والأبلق الأسود أبيض القنة، والرخمة المصرية، والحوام طويل الساق (الباز).
 
أشارت دراسات المجلس العالمي لحياة الطيور خلال التسعينيات إلى أن هناك ستة مواقع مهمة للطيور بالمنطقة الشرقية، وهي الجزر المرجانية، ومنطقة (أبو علي)، وسبخة الفصل، وخليج تاروت، والبحيرة الصفراء بالأحساء وما جاورها، وخليج سلوى  .  أما الجزر المرجانية فهي خمس جزر بالخليج العربي هي: حرقوص، وكاران، وكرين، وجنة  ، وجريد. وهذه الجزر محاطة بشعاب مرجانية، وتحتوي على منطقة رملية، وفي المنطقة الوسطية للجزر الكبيرة هناك غطاء نباتي جيد من النباتات الملحية مثل السويداء، وهذه الجزر تعدُّ من أهم المناطق في العالم لتكاثر طيور الخرشنة المتوجة الصغيرة؛ إذ إن هناك أكثر من 24000 زوج يتكاثر بها سنويا  ،  ويبلغ عدد الطيور البحرية الحقيقية (طيور تعتمد على البيئة البحرية طوال حياتها سواء للتغذية أو التكاثر) أكثر من 70000 زوج معظمها من طيور الخرشنة  ،  ولا تقتصر أهمية هذه الجزر على الطيور البحرية، ولكن هناك أيضًا الطيور البرية المقيمة مثل: القبرة المتوجة، والقبرة الشرقية الكبيرة. ومن الطيور المهاجرة أبو الحناء أبيض الزور، وهازجة الشجر، وهذه الجزر لها أهمية أيضًا لأنواع حيوانية أخرى مهددة بالانقراض على مستوى العالم، ومنها السلحفاة الخضراء.
 
أما منطقة (أبو علي) فتتكون من جزيرتين شاطئيتين هما: أبو علي، والباطنة، وتقعان شمال شرق مدينة الجبيل، وهذه المنطقة مهمة لطيور النحام الكبير؛ إذ بلغ عدد الطيور التي تقضي الشتاء في هذه الجزيرة أكثر من 8000 طائر. وبصفة عامة فقد أشارت إحدى دراسات الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في بداية التسعينيات من القرن الميلادي الماضي إلى أن عدد الطيور التي تستخدم المنطقة إما للتعشيش أو للتغذية بلغ نحو 28000 طائر  .  بالنسبة إلى منطقة سبخة الفصل التي تقع على طرف مدينة الجبيل الصناعية فقد أنشئت للتخلص من النفايات العضوية الناتجة من المصانع بالمدينة، لتكون بحيرة من المياه الضحلة التي قد يصل ارتفاع الماء بها إلى 3سم، وهذه المواد العضوية ساعدت عملية التبخر على ترسيب هذه المواد العضوية، وبالتالي زيادة وفرة الأحياء النباتية والحيوانية؛ ما جعلها منطقة مهمة لتغذية الكثير من الطيور، وتوصلت إحدى الدراسات إلى أن هناك 25000 من الطيور الخواضة المهاجرة والعابرة تستخدم المنطقة خلال هجرتها للتغذية، منها ما يبقى بالمنطقة ليقضي الشتاء، ومنها ما أخذ يستوطن المنطقة مثل الغواص الصغير، كما أن زيادة الرقعة الخضراء داخل هذه المياه المتمثلة في سيقان القصب التي كونت بحيرات صغيرة، جذبت أنواعًا من البط والبلاشين والطيور الخواضة، وبعضها بدأ في التعشيش بالمنطقة مثل: دجاجة الماء، والخضاري  
 
ويعدّ خليج تاروت منطقة مهمة لتغذية الكثير من الطيور المهاجرة؛ وذلك لاحتوائه على بيئات مختلفة وغنية بالمواد العضوية التي تسهم في وفرة الغذاء، مثل: منطقة أشجار القرم (الشورى) التي تعد ملاذًا للأسماك الصغيرة التي تجذب طيور البلشون والنحام، وكذلك المنطقة الطينية الناتجة من المد والجزر التي تستخدمها الطيور الخواضة للتغذية على الحشرات والديدان داخل الطين، ومن البيئات الموجودة داخل هذه المنطقة بيئة المياه الضحلة التي تستخدمها الطيور البحرية الحقيقية للتغذية، ومثال ذلك: الخرشنة بيضاء الخد التي أخذت بالتكاثر في المنطقة. وقد قُدّرت أعداد الطيور التي تقضي الشتاء في هذا المكان بنحو 53000 طائر  . 
 
أما البحيرة الصفراء بالأحساء، وهي بحيرة صناعية تكوّنت من مياه الصرف الصحي ومياه الري، فهي مهمة للكثير من الطيور المهاجرة والعابرة والزائرة الشتوية، ومنها ما بدأ الاستيطان بالمنطقة مثل الغواص الصغير، وأنواع من البط مثل: البلبول، وأبو مجرفة. كما أن المنطقة الرملية الممتدة حول البحيرة الصفراء مهمة لطيور صحراوية مهاجرة مثل الحبارى التي تقضي الشتاء في المنطقة، كما سجل نوع من الحجل، وهو الحجل الرمادي الذي يُعتقد أنه انقرض في المملكة بعد أن سجل بهذه المنطقة في بداية التسعينيات من القرن الماضي.
 
وأخيرًا منطقة خليج سلوى التي تتكون من شاطئ رملي ذي غطاء نباتي كثيف يشمل أشجار النخيل، وكذلك تحوي المنطقة سبخات ومنطقة طينية ناتجة من المد والجزر، وكذلك هناك المنطقة الضحلة، وثلاث جزر هي: الزخنونية، وسماميك، وجذيم، والأخيرة تحوي غطاءً نباتيا جيدًا، وهي إحدى أهم المناطق بالخليج العربي لتعشيش الغاق السقطري؛ حيث سجل فيها أكثر من 11000 زوج تعشش سنويا على الجزيرة. كذلك سجل تكاثر أكثر من 4000 زوج من طيور الخرشنة   ،  أما منطقة المياه الضحلة، فبالإضافة إلى أهميتها لتغذية طيور الخرشنة، فقد سجلت بها أنواع مهاجرة مثل: الغواص المتوج الكبير، والغواص أسود الرقبة، والنورس أسطواني المنقار. أما المنطقة الشاطئية فهي مهمة لأنواع البلاشين مثل بلشون الصخور.
 
ومن خلال الدراسات في المنطقة تم تسجيل نحو 330 نوعًا معظمها طيور مهاجرة تستغل البيئات الساحلية والجزر على الخليج العربي، أو المناطق المائية بالأحساء كونها مواقع تقضي فيها الشتاء أو تعبرها خلال هجرتها جنوبًا في بداية الخريف وعند عودتها خلال الربيع. ويمكن تقسيم الطيور بالمنطقة إلى طيور مقيمة (Breeding Resident)، وهي طيور موجودة طوال العام مثل الغراب بنيّ الرقبة، وهناك طيور مستوطنة (Residents possible breeding) قبل وقت قريب بسبب ملاءمة البيئة لها، وبدأت التكاثر، ومنها بعض الطيور المائية مثل الغواص الصغير، وطيور الزينة الشاردة مثل طائر المنية، أما الطيور المهاجرة التي تمثل أكثر الأنواع المسجلة في المنطقة، فتقسم حسب أوقات وصولها إلى أربعة أقسام: الطيور الزائرة شتاءً (Winter visitors)، والطيور العابرة (Passage migrants)، والطيور الزائرة صيفًا (Summer visitors)، وأخيرًا الطيور السائحة أو المتنقلة (Dispersal).
 
بالنسبة إلى الطيور الزائرة الشتوية يقصد بها الطيور التي تتناسل في المناطق الشمالية من أوراسيا، وتأتي إلى المنطقة لتقضي فترة الشتاء في أواخر شهر أغسطس وبداية شهر أكتوبر، وتغادرها في شهر مارس أو أبريل، ومنها عدد من الطيور المائية مثل: الطيطوي أحمر الساق، والطيطوي أخضر الساق، والنحام الكبير، وهذه الطيور توجد في المناطق الساحلية، وهناك طيور توجد في المناطق الداخلية مثل: الحبارى، والكروان.
 
والطيور العابرة هي التي تمر فوق المنطقة متجهةً جنوبًا في فصل الخريف (أواخر شهر أغسطس إلى سبتمبر)، وتعود مرة أخرى في فصل الربيع متجهةً شمالاً إلى مناطق تعشيشها، ومنها التي تمر فوق المنطقة من دون توقف، ولكن غالبيتها تتوقف للتغذية فترات تراوح بين عدد من الساعات وعدد من الأسابيع، ومن أمثلة هذه الطيور بعض أنواع البلاشين، وطيور الوروار، وأنواع من طيور الصرد مثل: الصرد المقنع، والصرد أحمر الظهر.
 
الطيور الزائرة الصيفية هي التي قضت الشتاء بمناطق شمالية أو جنوبية، وتأتي إلى المنطقة في الربيع أو الصيف للتكاثر، بعدها تغادر المنطقة، ومن أهم هذه الطيور، الطيور البحرية مثل: الخرشنة المقنعة، والخرشنة بيضاء الخد، والخرشنة الكبيرة. أما آخر شكل من أشكال الهجرة فهي هجرة الانتشار، وتكون لطيور مقيمة، ولكنها تقوم بتحركات موسمية داخل المملكة، ولا تغادرها إلا نادرًا، وهذه الهجرة معروفة لدى صغار الطيور بعد أن تغادر أعشاشها؛ وذلك للتعرف على العالم المحيط بها، ومثال ذلك صغار طيور الجوارح مثل: العوسق، والحوام طويل الساق. ويوضح الجدول الآتي العدد الكلي لأنواع طيور المنطقة والنسب المئوية للمجموعات آنفة الذكر:
 
شارك المقالة:
121 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook