العادات المرتبطة بختم القرآن الكريم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
العادات المرتبطة بختم القرآن الكريم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

العادات المرتبطة بختم القرآن الكريم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
وكان من وسائل تشجيع التلاميذ على التحصيل ما يقام لهم من حفلات وما يوزع عليهم من هدايا كلما قطع أحدهم شوطًا في التحصيل العلمي، ويُخص كتاب الله بمزيد من العناية، إذ اشتهرت ثلاثة أنواع من الاحتفالات للتلميذ الذي يتعلم القرآن الكريم وهي على النحو الآتي:
 
أ - الصرفة:
 
وتعطى للتلميذ الذي حفظ من سورة الناس إلى سورة الضحى، إذ يحضر ولي أمره إلى الكتَّاب ومعه (قُفة) مملوءة بالورد والفل والنعناع، وبفاكهة الصيف بالمدينة من سربان أو زهو أو رطب أو رمان أو تين أو غير ذلك، وإن كان الوقت شتاء فإنهم يملؤون (القفة) بالتمر والحلوى واللوز وغيرها، ويقوم الشيخ بتوزيع هذه الأشياء على التلاميذ، ويصرفهم ذلك اليوم احتفالاً بهذه المناسبة.
 
ب - الصرافة:
 
يتلقاها التلميذ الذي حفظ جزء عم أو جزء تبارك أو ربع يس، إذ يقوم بعض الموسرين من أولياء التلاميذ بدعوة الشيخ وجميع التلاميذ إلى بيوتهم، ويقدمون لهم طعام الغداء في بيت المحتفى به، كما يوزعون على التلاميذ الحلوى وشراب الليمون والبرتقال، وتقدم للشيخ هدية بهذه المناسبة السعيدة، فيقوم الشيخ بدوره بـ (صرافة) أي صرف التلاميذ إلى بيوتهم.
 
ج - الختم:
 
ويتم ذلك للتلميذ الذي حفظ كتاب الله الكريم كله، إذ يقيم ولي أمره احتفالاً كبيرًا يدعى إليه الشيخ وجميع التلاميذ، والأهل والأقرباء والأصدقاء والجيران.
 
يأتي التلميذ المحتفى به إلى الكتَّاب وهو في أبهى زينة وأجمل حُلَّة، وقد ارتدى ثوبًا أبيض وعمامة بيضاء وعقالاً مقصبًا وعباءة مزركشة، وجميع التلاميذ يرتدون أحسن أثوابهم في ذلك اليوم البهيج، ويقوم الشيخ بصف التلاميذ صفوفًا منتظمة، ثم يتقدمهم وبجانبه التلميذ الحافظ وهو يحمل بيديه مصحفًا مغلفًا بقماش من الحرير المكلل بالورد والفل واللمام والنعناع، ويسير الموكب من الكتَّاب إلى بيت الحافظ وهم ينشدون الأناشيد الجميلة بأصواتهم الرقيقة في إبداع ومهارة وإتقان.
 
وكثيرًا ما يشد هذا المنظر الرائع انتباه المارة وأصحاب العربات، فيقفون إجلالاً واحترامًا لهذا الموكب، ولسان حالهم يلهج بالدعاء لهذا التلميذ الحافظ بأن يحفظه الله ويرعاه وينفع به، وعند وصولهم إلى بيته يجري استقبالهم بكل حفاوة وترحاب، ويقدم لهم شراب الليمون والبرتقال أو التوت والرمان، أو السحلب بالزنجبيل واللوز، ويلقي الشيخ كلمة بهذه المناسبة، كما يقوم ولي أمر الحافظ بإلقاء كلمة أيضًا، ويقوم الحافظ بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم، ثم يتناول الجميع طعام الغداء، ومن ثم يتم توزيع الحلوى والهدايا للتلاميذ، كما تقدم للشيخ هدية تليق بهذه المناسبة السعيدة، وينصرف الجميع بعد ذلك  . 
 

 مظاهر الثبات التغير

 
في حين بقيت حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف على ما هي عليه، إلا أن نمط التعليم في الكتَّاب قد توارى ولم يعد له اليوم أي أثر، وظل تعليم القرآن الكريم يحظى بعناية أبناء المدينة المنورة سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الأهلي، فمع تغير أنظمة المدارس الحكومية العثمانية والهاشمية بعد قيام المملكة العربية السعودية زادت ثقة المدنيين بالمدارس النظامية وكثر الإقبال عليها، وتزايدت أعداد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وافتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة طيبة، وكذلك أنشئت مدارس خاصة سميت (مدارس تحفيظ القرآن الكريم في المراحل الثلاث)، كل هذا علاوة على حلقات تحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار في المساجد، ومنها المسجد النبوي الشريف، فضلاً عن أنشطة التحفيظ الملحقة ببعض الجمعيات الخيرية أو الجمعيات القائمة على التحفيظ.
 
ولكن يبدو أن حفلات الصرفة والصرافة والختم قد أتت عليها رياح التغيير الاجتماعي الذي طال كثيرًا من أنماط الحياة الاجتماعية والثقافية في المدينة المنورة وفي غيرها، فلم يعد الجيل الجديد يعرف تلك الحفلات ولو حتى بالاسم، إلا أن أولياء الأمور يشجعون أبناءهم أحيانًا بإعطائهم بعض المكافآت عند اتمام حفظ القرآن الكريم أو أجزاء منه، وكذلك يفعلون عند نجاحهم من أحد الصفوف المدرسية إلى الصف الذي يليه.
شارك المقالة:
67 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook