تشكل منطقة مكة المكرمة في العصر الحديث جزءًا من إقليم الحجاز الممتد من شمال شبه الجزيرة العربية، وتحديدًا مدينة العقبة، إلى تخوم إقليم عسير في الجنوب. وقد خضع الحجاز عامة ومنطقة مكة المكرمة خاصة للحكم العثماني منذ عام 923هـ / 1517م، لكن نفوذ العثمانيين في الحجاز لم يكن على وتيرة واحدة، بل انتابته فترات مدٍّ وجزر طوال القرون الأربعة التالية. وخلال هذه المدة الطويلة خضع الحجاز مدة عشر سنوات لحكم الدولة السعودية الأولى منذ دخولها مكة المكرمة في أوائل عام 1218هـ / 1803م، حتى وصول قوات محمد علي باشا وإعادة النفوذ العثماني على الحرمين عام 1228هـ / 1813م. وبعد ذلك خضع الحجاز لحكم محمد علي باشا المباشر قرابة الثلاثين عامًا خلال الفترة 1228 - 1256هـ / 1813 - 1840م. وخلال مراحل متأخرة كان للأشراف حكم ذاتي في مكة المكرمة حتى انتهى الحكم العثماني من الحجاز بما فيه حكم الأشراف باستعادة الملك عبدالعزيز الحجاز عامة ومكة المكرمة خاصة في عام 1343هـ / 1924م

 

وحسب الوثائق العثمانية الرسمية لإقليم الحجاز (حجاز ولايتي سالنامة سي)، فإن مكة المكرمة كانت العاصمة الإدارية للإقليم الذي كان يقطنه قرابة مليونين ونصف المليون نسمة في بداية القرن الرابع عشر الهجري  .  وكما يذكر عدد من المؤرخين، فإن إقليم الحجاز اختلف في مساحته الجغرافية وتأثيره الإداري ونفوذه طوال فترة الحكم العثماني حسب عدة ظروف؛ لعل في مقدمتها قوة أمير مكة المكرمة من الأشراف أو ضعفه. ففي حين تمتد حدود الحجاز من مدينة معان الأردنية الحالية في الشمال إلى تخوم إقليم عسير، وتحديدًا مدينة أبها في الجنوب، ومن ساحل البحر الأحمر غربًا إلى حدود هضبة نجد شرقًا، وتتقلص أحيانًا أخرى إلى منطقة لا تزيد مساحتها على مدن العلا شمالاً والقنفذة جنوبًا وتربة شرقًا والبحر الأحمر غربًا

وسنتناول في الصفحات الآتية التطور التاريخي في منطقة مكة المكرمة حسب التسلسل الزمني للقوى التي كان لها نفوذ واضح فيها وهي

العهد العثماني الأول 923 - 1217هـ / 1517 - 1803م

عهد الدولة السعودية الأولى 1218 - 1228هـ / 1803 - 1813م

نفوذ محمد علي 1228 - 1256هـ / 1813 - 1840م

العهد العثماني الثاني 1256 - 1334هـ / 1840م - 1916م

المملكة العربية السعودية من عام 1343هـ / 1925م حتى الوقت الحاضر