العلاقات مع الرومان والفرس في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 العلاقات مع الرومان والفرس في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

 العلاقات مع الرومان والفرس في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
بدأت علاقة الرومان بالعرب عندما بدأ نفوذ اليونان يضعف، واستطاع القائد الروماني بومبي (Pompey 106 - 48BC) أن يضم بلاد الشام إلى سلطته عام 64 ق.م.
 
ثم جهز أغسطس سيزار (Julius Caesar) في عام 25 - 24 ق.م حملة لغزو جزيرة العرب بقيادة آيليوس جاللوس (Aelius Gallus)، وقد أورد استرابو (Strabo) وصفًا مفصلاً لهذه الحملة التي كان القصد منها السيطرة على جزيرة العرب لما ذكر عن غنى بلاد العرب بالطيب والأحجار الكريمة والذهب والفضة. ولقد ساعد الأنباط في التجهيز لهذه الحملة، وأرسل الملك عبادة الثاني 28 - 9 ق.م وزيره سيلي (صالح) لمرافقة الحملة، لكنه - كما تذكر الرواية. لم يقدم المساندة المطلوبة التي توفر الأمن والسلامة للحملة، حيث قادها إلى شواطئ صخرية وموانئ ضحلة.
 
انطلقت الحملة ومعها ألف محارب نبطي ووصلت إلى ميناء لوكي كومة (Leuke Kome) في أرض الأنباط الذي تخرج القوافل منه إلى البتراء في أمن وسلام، وبعد فترة اتجه غالوس إلى أرض الحارث قريب الملك عبادة عبر أراضٍ اضطر فيها إلى حمل الماء على ظهور الجمال، وقد استقبله الحارث بحفاوة وزوده بالهدايا. ثم انطلقت الحملة ومرت بأمكنة كثيرة إلى أن وصلت نجران (Negrani) التي يسود فيها الأمن وتنتشر بها المزارع، وقد اضطر ملكها إلى مغادرتها خوفًا من الجيش الغازي، ومن نجران تنقلت الحملة عبر مواضع مختلفة إلى أن أصبحت على بعد يومين فقط من البلد المنتج للعطور، إلا أن غالوس لم يستطع المواصلة واضطر إلى العودة بسبب إعياء الجند من طول الرحلة ومشقتها، فقد استمرت زهاء ستة أشهر.
 
وفي طريق العودة سلكت الحملة طريقًا مختلفًا حيث ارتحلت من نجران عبر عدد من المدن إلى أجرا (Egra) التي تقع على البحر في أرض الملك عبادة، وقد استغرقت رحلة الذهاب ستة أشهر في حين لم تستغرق رحلة العودة سوى ستين يومًا، حيث انتقلت من أجرا إلى ميوس (Myus)، ثم وصلت أخيرًا إلى الإسكندرية  
 
لم يترك الرومان في شمالي الجزيرة شواهد تدل على استيطانهم فيها، وحكمهم المباشر لها باستثناء بعض الشواهد البسيطة، مثل: نقش (روافة)   74كم غرب تبوك المؤرخ في 166 - 169م وهو يشير إلى بناء حلف ثمود دارًا للعبادة تخليدًا لذكرى الإمبراطورين ماركوس أورليوس أنطونيوس ولوسيوس أوروليوس فيروس  ،  والنقش الآخر الذي وجد في (قلعة الأزرق)، ويشير إلى منشأة دينية في الجوف أقيمت في القرن الرابع الميلادي  
 
كما وجد عدد من العملات الرومانية في الحفائر التي أجريت في مدائن صالح وتعود تواريخها إلى عهد تراجان، وجالينوس 256 - 259م، وكونستاتنيسج (Constantinvsag) القرن الرابع الميلادي، كما تم كشف كسر من الفخار الروماني  .  وهذه الشواهد لا تعني بالضرورة حكم الرومان أو وجودهم المباشر في المنطقة، بل عُرِف عن الرومان إنشاؤهم كتائب من العرب تقوم بحماية حدود الإمبراطورية. ولقد سجلت بعض النقوش الصفوية فرار بعض الجنود العرب من هذه الكتائب مثل النقش الذي سجله تيم أيل ويذكر فيه أنه فر من الروم  ،  بخلاف آثارهم في بلاد الشام، حيث أنشأ الإمبراطور تراجان طريقًا تجاريًا يمر من أيلة إلى البتراء ثم بصرى ثم دمشق، وأنشئت على هذا الطريق المحطات التي لا تزال آثارها باقية إلى الوقت الحاضر.
 
عصفت الأحداث الداخلية والخارجية بالإمبراطورية الرومانية فانقسمت على نفسها إلى قسمين: شرقية وغربية، وذلك في عام 330م. وقد استطاعت الإمبراطورية الشرقية أن تكون الوريث الحقيقي للإمبراطورية الرومانية وبقيت في مجرى الأحداث فترة تناهز ألف عام إلى أن سقطت على أيدي سلاطين بني عثمان (السلطان محمد الفاتح) في عام 857هـ / 1453م. في حين انتهت سلطة الجزء الغربي من الإمبراطورية في القرن الخامس الميلادي.
 
أصبحت مدينة بيزنطة عاصمة الإمبراطورية الجديدة، بعدما جددها الإمبراطور قسطنطين (Constantine)، وسميت القسطنطينية باسمه. وورثت الإمبراطورية كثيرًا من ممتلكات الدولة الرومانية بما فيها بلاد الشام ومصر، وأصبحت الدولة البيزنطية على اتصال مباشر بشمالي الجزيرة وسكانها، حيث كان الأعراب يهجمون على حدود بلاد الشام طلبًا للماء والكلأ. وقد أقام الرومان حاميات للدفاع عن حدودهم زودوها بـ (المونة) والماء والسلاح، كما قاموا باستمالة رؤساء العشائر بإغرائهم تارة وترهيبهم تارة أخرى ليسيطروا على عشائرهم ويمنعوا غاراتهم. وفي ضوء الحقيقة التاريخية القائلة بأن الرومان ورثوا ممتلكات المملكة النبطية، فإن ذلك يدعم أيضًا وجود النفوذ الروماني في منطقة الحدود الشمالية، ولا سيما أنه قد وجد في المنطقة عدد من النقوش اللاتينية في أمكنة بعيدة باتجاه الجنوب، مثل: مدائن صالح.
 
وقد ظهر تطور مشابه في بلاد الفرس لما وقع في الإمبراطورية الرومانية من أحداث، حيث زالت حكومة الفرثيين في عام 224م، واستطاع أردشير (Ardashir) أن يؤسس حكم الأسرة الساسانية. ثم ما لبثت السلطة الجديدة أن دخلت في سلسلة من الصراعات مع البيزنطيين كانت تنتهي بنصرة طرف في معركة ثم هزيمته في معركة أخرى، وقد استطاع الملك الفارسي خسرو الثاني (Khosrau II)   590 - 628م أن يشن سلسلة من الهجمات على الإمبراطورية البيزنطية. وبحلول عام 619م استطاع السيطرة على كثير من أجزاء الإمبراطورية بما فيها مصر. إلا أن الإمبراطور هرقل (هيروكليس) (Heraclius) استطاع أن يهزم الفرس في بضع سنين ويعيدهم إلى حدود مملكتهم في عام 628م.
 
وكما استمال الروم سادات العرب وزعماءهم للحفاظ على حدود إمبراطوريتهم، كذلك فعل الفرس، وبنوا المسالح للحفاظ على حدودهم، وأقاموا حولها الخنادق. كما دخلوا في حروب مع العرب وتذكر المصادر أن شابور الأول 241 - 272م قد تحارب مع (أذينة ملك تدمر)، وتمكن أذينة من أسر بعض زوجاته  .  وقد كانت الأراضي الممتدة بين حدود الإمبراطوريتين بما فيها الأطراف الشمالية من الجزيرة العربية مسرحًا للصراع الذي امتد كذلك إلى القبائل العربية الموالية لهم من العرب.
 
لقد تردد اسم أذينة كثيرًا في النقوش التي اكتشفت في منطقة الحدود الشمالية (ج ر غ 44، ج ر غ 47، ج ر غ 54 أ، ج ر غ 82)   ما يوحي بأن سلطة الملك قد شملت هذه المنطقة، أو كان لها أثر كبير في حياة ساكنيها ما جعلهم يَتَسمَّونَ باسم هذا الملك، جريًا على عادة الشعوب في التسمي بأسماء ملوكها وسادتها.
 
كان أذينة بن السميدع ملكًا عربيًا على تدمر، واستفاد من الظروف السياسية التي سادت في المنطقة في عصره من صراع مستمر بين الفرس والروم، واستطاع أن يزيد في حدود مملكته وأن يوسع من ثرائها بالسيطرة على الطريق التجاري الذي يربط بين الشام والعراق. وقد حققت تدمر، تلك المدينة الواقعة في طرف منعزل من الصحراء السورية شمال دمشق، ثراءً من جراء التجارة، وكان لها جيش قوي، وقد عرفت في المصادر الكلاسيكية باسم (Palmyra)، وقد زارها الإمبراطور هيدريانوس ومنحها لقب (هدريا بالميرا)، ومنحت درجة مستعمرة رومانية ذات صلاحيات واسعة في إدارة شؤونها، وكانت بها حامية رومانية أيام الإمبراطور ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius)، وكان لها مجلس شيوخ يدير شؤونها 
قُتل أذينة على يد ابن أخيه بعد أن كان له شأن كبير، إذ حارب الفرس ووصل إلى حدود إمبراطوريتهم وتوغل فيها، وحاصر المدائن. وقد تولت الحكم من بعده زوجته (الزباء) وصية على ابنها الذي كان صغيرًا. كانت الزباء على درجة كبيرة من الكفاءة وحسن التدبير واستطاعت أن توسع حدود مملكتها وأرسلت جيوشها إلى مصر وانتصرت على الرومان في معركة قرب الفسطاط، وتُظهر عُملة نقدية ضربت في الإسكندرية على وجهيها صورتان لكل من القيصر أورليانوس ووهب اللات الملك ابن الزباء  ؛  السلطة المزدوجة على مصر من القيصر والملك. ولم تدم هذه السلطة على مصر طويلاً إذ ما لبثت الزباء أن تعرضت للهزيمة، وتعقبها القيصر أورليانوس بعد هزيمتها في أنطاكية إلى حمص ثم حاصرها في معقل دارها في تدمر ما اضطرها إلى الفرار من المدينة ولحق بها الرومان وأخذوها أسيرة في نحو 273م. ثم خربت تدمر ومن ثَمَّ اضمحل دورها إلى أن أعاد القيصر جستنيان (Justinianus)   527 - 565م ترميم بعض معالمها وأسوارها، وبعد ذلك أقام بها بعض ملوك الغساسنة إلى أن فتحت في العصر الإسلامي عام 13هـ / 634م.
 
وفي إطار الحديث عن الممالك العربية التي أسهمت في تاريخ شمالي الجزيرة العربية قبل الاسلام، نشير إلى مملكة (الحيرة) التي تقع بالقرب من الكوفة وكانت موالية للفرس، وقد دعم الفرس هذه الإمارة العربية لتكون حائلاً بينهم وبين غزوات الأعراب لحدود الإمبراطورية، وامتد تاريخها من القرن الثالث الميلادي إلى ظهور الإسلام. ومن ملوكها (جذيمة الأبرش) الذي ورد اسمه في نص نبطي ويوناني عثر عليه في أم الجمال على بعد 85كم شمال شرق عَمَّان، ويذكر النقش:
 
"هذا قبر فهر بن سلي مربي جذيمت ملك تنوخ" 
ويؤرخ هذا النقش بنحو 270م، وقد كان جذيمة ملكا مهيبًا وغزا (طسم وجديس) في اليمامة. وحكم بعده عمرو بن عدي، ثم ابنه امرؤ القيس الأول وقد يكون هو المذكور في نقش النمارة الذي فحواه:
 
هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي تقلد التاج وأخضع قبيلتي أسد ونـزار وملوكهم، وهزم مذحج وقاد على الظفر إلى أسوار نجران مدينة شمر وأخضع معدًّا واستعمل بنيه على القبائل وأنابهم عنه لدى الفرس والروم، فلم يبلغ ملك مبلغه إلى اليوم. توفي سنة 223 في يوم 7 بكسلول وفق بنوه للسعاده)  
 
ويدل النقش على سطوة الملك واتساع رقعة حكمه التي قد تكون شملت شمالي الجزيرة وتوافق وفاة الملك نحو 328م. ومن ملوكهم (النعمان الأول) الذي يعرف بالأعور والسائح لكونه تنصر في آخر زمانه وساح في الأرض تاركًا ملكه، وقد كان النعمان ملكًا قويًا وهو باني قصر الخورنق. وبعد النعمان أخذ الضعف يدب في جسد الدولة وانهزم أحد خلفائه وهو المنذر بن ماء السماء وقتل في موقعة مرج حليمة التي نشبت مع الغساسنة في عهد الملك الحارث بن أبي شمر الغساني سنة 570م.
 
ومن ملوك الحيرة (عمرو بن هند) الذي قتله عمرو بن كلثوم صاحب إحدى القصائد المعلقات. وقد قتله بسبب إهانة لحقت بأمه عندما طلبت منها أم عمرو بن هند أن تخدمها، وقال في ذلك:
 
بـأي  مشـيئة عمـرو بن هند     تطيـع  بنـا الوشـاة وتزدرينا
تهددنــا  وتوعدنــا  رويـدًا     متــى  كنـا لأمـك مقتوينـا
ومنهم (النعمان بن المنذر)   583 - 605م الذي نشب بينه وبين كسرى خلاف فطلبه كسرى وأبت العرب أن تجيره، فأودع سلاحه وأولاده لدى هانئ بن مسعود في (ذي قار) ورحل إلى كسرى فسجنه، ومات قتيلاً تحت أرجل الفيلة نحو 605م. وعندما طلب كسرى ودائع النعمان وأبى تسليمها نشبت الحرب بين العرب والفرس في يوم (ذي قار) نحو 609 - 610م وانتصر العرب على الفرس. وبمقتل النعمان بن المنذر دبَّ الضعف في مملكة الحيرة وولي أمرها رجل من فارس ثم المنذر بن النعمان لفترة وجيزة انتهت بوصول جيوش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد عام 632م  . 
 
أما في الشام فقد نشأت دولة الغساسنة وكانت موالية للروم، ويرجع النسابون الغساسنة إلى أزد اليمن وأنهم هاجروا بعد انهيار سد مأرب وأول أمرائهم (جفنة بن عمرو)، ومن ملوكهم (الحارث بن جبلة)   529 - 569م وقد كان معاصرًا للإمبراطور جستنيان (Justinian)   527 - 565م. قام الحارث بغزو الحيرة وهزم جيش المنذر بن النعمان، ومنحه الإمبراطور لقب ملك أو بطريق، وكانت الحرب سجالاً بينه وبين المناذرة، وقد زار عاصمة الروم القسطنطينية لبحث أمر من يخلفه من ولده. ومن ملوك الغساسنة المنذر بن الحارث الذي اختلف مع الروم وأُرسل أسيرًا إلى القسطنطينية. وحكم من بعده ابنه النعمان الذي أسر أيضًا وتفرقت المملكة من بعده.
 
وتذكر المصادر أن جبلة بن الأيهم هو آخر الحكام الغساسنة، وكان مواليًا للروم ضد العرب واشترك مساندًا لهم في معركة اليرموك عام 15هـ / 636م، ويقال: إنه أسلم ثم ارتد وهاجر إلى بلاد الروم  
 
وفي هذه المنطقة دار يوم من أيام العرب قبل الإسلام يعرف بـ (يوم زبالة)، وهي موضع معروف على طريق الحج الواصل من الكوفة إلى مكة، حيث أغار الأقرع بن حابس وأخوه فراس وأبو جعل بن حنظلة على بكر بن وائل فأسرهم بسطام بن قيس رئيس بني شيبان. وكان مع الأقرع وأخيه أسير لم يستطع أن يفدي نفسه فأنشد قائلاً:
 
فــدى بوالـدةٍ علـيَّ شـفيقة     فكأنهـا حـرضٌ علـى الأسقام
لـو  أنهـا علمت فيسكن جأشها     أنـي  سقطت على الفتى المنعام
إن  الـذي ترجـين ثَـمّ إيابـه     سـقط  العشـاء به على بسطام
سـقط العشـاء بـه على مُتنعم     سـمح اليـدين مُعَـاوِد الإقـدام
وسمع بسطام شعره هذا فأطلق سراحه  
 
مما سبق يتضح أن منطقة الحدود الشمالية قد شهدت وجودًا بشريًا منذ العصور الحجرية في عدد من الأمكنة بعضها يمتد بمحاذاة خط النفط (التابلاين)، وكذلك في دوقرة، وعرعر، ووادي الشاظي، ووادي بدنة، وبدينة، ووادي الخشيبي؛ وقد يكون سكانها من العرب ممن ورد ذكرهم في السجلات الآشورية ممن حاربوا الآشوريين. وربما يكون الموضع الحالي لبدنة هو المقصود بالذكر في السجلات الآشورية. كما اتضح وجود علاقات وصلات للمنطقة مع ما جاورها من مراكز حضارية في الجزيرة، مثل: تيماء في العهد البابلي، وكذلك العلاقة مع المملكة النبطية. وقد أمدتنا النقوش الصفوية المنتشرة في المنطقة بمعلومات قيّمة عن جوانب من الحياة السياسية والاجتماعية والدينية.
 
وفي الفترة السابقة للإسلام كانت المنطقة جزءًا من مسرح الأحداث الذي دارت عليه الصراعات بين أعظم قوتين في تلك الفترة: الفرس والروم، ومن والاهما من العرب خصوصًا دولتي الغساسنة والمناذرة، الأولى موالية للروم والثانية موالية للفرس، وكثيرًا ما نشب الصراع حتى في فترة السلم بين القوتين العظميين، حيث كانت كل فئة تسيطر على من والاها من العرب في هذه المنطقة وتمنع هجماتهم على حدود الإمبراطورية التي أوكلت إليها حراستها، وتجبي منهم الضرائب، ويدينون لها بالولاء. وكان لهاتين المملكتين العربيتين دور حضاري بخلاف دورهما العسكري، إذ ازدهرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية وشيدت المباني، مثل: قصر الخورنق الذي بناه النعمان. كما أن الغساسنة شيدوا حضارة مزدهرة وبنوا القصور التي يعتقد أن قصر المشتى أحدها، كما أن قصر دوقرة  في منطقة الحدود الشمالية الذي بني بحجارة بازلتية سوداء - ويرجعه بعض الباحثين إلى عصر الدولة الأموية أو إلى فترة قبيل الإسلام - ربما يكون إحدى المنشآت التي شيدها الغساسنة. استمرت حالة الصراع بين الإمبراطوريتين العظميين ومن والاهما من ممالك عربية إلى ظهور الإسلام وتقدم جيوش الفاتحين إلى العراق؛ حيث انتصر الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية عام 15هـ / 636م على قائد الجيش الفارسي رستم، وأعقب ذلك سلسلة من الهزائم للفرس، إلى أن قتل يزدجرد الثالث عام 31هـ / 652م   إبان خلافة الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبموته أفل نجم الدولة الساسانية إلى الأبد، كما تم فتح بلاد الشام على يد خالد بن الوليد رضي الله عنه إثر هزيمة الروم في معركة اليرموك، ولما علم هرقل بالهزيمة غادر أنطاكية إلى القسطنطينية وقال:"السلام عليك يا سورية، سلام مودع لا يرجو اللقاء"  .  وبسقوط هاتين الإمبراطوريتين سقط من والاهما من ممالك عربية، وطويت صفحة من تاريخ المنطقة في عصور ما قبل الإسلام، وفتحت صفحة جديدة في رحاب الفتح الإسلامي.
 
شارك المقالة:
212 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook