العلاقة بين أجناس المجتمع وطوائفه المختلفة

الكاتب: المدير -
العلاقة بين أجناس المجتمع وطوائفه المختلفة
"ظلال الحب كله في
(العلاقة بين أجناس المجتمع وطوائفه المختلفة)

 

سبق أن تناوَلْنا في السابق أن المجتمعَ المسلم نسيجٌ اجتماعي، يجب أن تسُودَه المحبةُ الكلية النابعة من حب الله تعالى، هذا الحب الذي يغشى الأمة بالسعادة والمودة والرحمة والألفة؛ نتيجة تطبيق منهج الخالق العالم بصلاح المجتمع ونسيجه الاجتماعي، فقد حدَّد الخالق طبيعة عَلاقة النسيج الاجتماعي بين كل عناصر المجتمع وأفراده، ? مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ? [الأنعام: 38]، وهنا نتناول:

العلاقة بين أجناس المجتمع وطوائفه المختلفة:

لا طبقية ولا عنصرية في الإسلام، فالمجتمع المسلم لا يُفرِّق بين البشر لاختلاف ألوانهم: أبيض أو أسود، ولا لاختلاف أجناسهم: فارسي أو تركي أو عربي، فالكل داخل وطن الإسلام إخوة، لا فضل لبعضهم على بعض إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ? [الحجرات: 13].

 

فميزان الإسلام الذي يَزِنُ به الناسَ على اختلاف أجناسهم وألوانهم - هو التقوى، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على تأكيد ذلك في قوله: ((يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألَا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمرَ على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى))؛ البيهقي.

 

ما أروعَ أن يكون كلُّ المؤمنين إخوة في الله تعالى: ? إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ? [الحجرات: 10]! وما أروعَ قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلمان الفارسي: ((سلمان منا أهل البيت))؛ الطبراني والحاكم.

 

ولا تنابز بين المؤمنين، ولا تفاخر بينهم بالأنساب والألقاب، ولا يحقر بعضهم بعضًا؛ ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ? [الحجرات: 11]، وقد عبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا التفاخر والعصبية الجاهلية بقوله: ((دَعُوها؛ فإنها مُنْتِنة))؛ متفق عليه.

 

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على تربيةِ أصحابه على هذه القِيَم الإسلامية، فقد عاتب أبا ذرٍّ الغِفاري عندما أفلت لسانه بقوله لبلال بن رباح الذي كان عبدًا حبشيًّا: يا بن السوداء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر، طَفُّ الصاعِ، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضلٌ))؛ [ابن المبارك]، فانفعل قلب أبي ذر لهذا القول أشدَّ انفعال، ووضع جبهته على الأرض، يُقسِم ألا يرفعها حتى يطأها بلال؛ تكفيرًا عن قولته الكبيرة!

 

هذه هي صورة المجتمع الإسلامي بطوائفه المختلفة وأجناسه وأعراقه؛ الكل فيه سواء، وفي محبة وتعاون، يسالم بعضهم بعضًا، ويرحم بعضهم بعضًا، ويدل بعضهم بعضًا على الخير، والتفاضلُ بالأعمال؛ ولذلك فعليهم أن يجتهدوا كلٌّ مِن ناحيته حتى ترقى الإنسانية، فهل نرى سموًّا بالإنسانية أعلى مِن هذا السمو، أو تربية أفضل من هذه التربية؟

 

وفي قول الله تعالى: ? نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ? [الزخرف: 32]: تفضيل الله للأفراد بعضهم على بعض مِن حيث القدرات والاستعدادات، التي بها يتميز البعض في مجال خلاف الآخر؛ فمنهم مَن يتخصص في الطب، وهناك مَن يتخصص في الهندسة، وهناك مَن يتخصص في التربية، وكل واحد يحتاج الآخر، ويتفضل عليه في مهنته وتخصصه؛ مما يدفع الكلَّ إلى التعاون والتكامل، وخيرُ الناس أنفعهم للناس، وهذا من أجمل معاني العدالة.

 

علِّموا أنفسكم الحب كله: حب الله، وحب ما يحبُّ الله، وعلِّموا أولادكم هذا الحب الكلي، وانشروه في أقطار الأرض كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم، علموا أولادكم في المناهج التعليمية:

1- أنه لا طبقية ولا عنصرية داخل المجتمع، والكل سواسية، لا فرق بينهم، فكلهم لآدم، وآدمُ من تراب، وبيان ذلك من القرآن والسنة والسيرة.

2- أن التفاضل بينهم يكون بأفضلية عمل الخير، ومساعدة بعضهم بعضًا، وخير الناس أنفعهم للناس، ويتم تعويد التلاميذ على ذلك من خلال دراستهم لأمثلة واقعية عن ذلك، وعمل مسابقات بين الطلاب في عمل الخير لغيرهم وإعطاء الجوائز على ذلك.

 

يا أصحاب القنوات الفضائية، سخِّروها لحبِّ الله وحب ما أحب، هذه فرصتكم في شراء الغالي الثمين: حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحب كلِّ ما أحب اللهُ ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

لا تشتروا الرخيص وتعرضوه للناس، اتقوا الله الذي يخاطبكم بقوله تعالى: ? وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ? [البقرة: 41]، اليوم تستطيع الفرار إلى الله بحسن تصرفك، وغدًا لا تستطيع، ? فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ? [الذاريات: 50]، في يدك وسائل الفرار إلى الله بيسرٍ يا صاحب القنوات، وقد أعطاك الله وسائل النشر، يا بُشراك لو أدركت هذه الحقيقة، وفَّقك الله لما فيه الحب لك ولغيرك، ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ? [التحريم: 6]، العالَم متعطِّش للتوجيه الربَّاني منكم لنشر دينه وحبه لكم.

انشروا هذا الحب يُحِبَّكم الله!


"
شارك المقالة:
20 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook