العمران الريفي في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
العمران الريفي في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

العمران الريفي في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 
يشكل نمط السكن الريفي  بالمنطقة - من حيث التوزيع، والشكل، والتصميم، ومواد البناء - جاذبًا سياحيًا متميزًا، خصوصًا للسياح من سكان المراكز الحضرية. ويلاحظ تميز مفرداته تميزًا يجعله نمطًا فريدًا على مستوى المملكة كلها يعكس الظروف البيئية والعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة. وتعد المنطقة مركز استيطان بشري قديم ومتواصل؛ بسبب الاعتدال الحراري والتوافر النسبي للمياه والأراضي الخصبة، ما جعلها من أكثر الأنماط السكنية ثباتًا فيما يعرف بالعالم القديم، وساعدت طبوغرافيتها الصعبة في تقليل المؤثرات الخارجية عليها، وأخرت تحضرها، مما جعلها تعكس عبق الماضي القريب والبعيد، ويتمثل ذلك بأفضل ما تكون الحال في نمط عمرانها الريفي.
 
تتميز المنطقة بكثرة عدد قراها، ويرجع ذلك إلى صغر أحجام القرى بسبب الظروف الجبلية الصعبة، إذ تتبوأ المنطقة المرتبة الأولى في عدد القرى على مستوى المملكة. وتتشتت هذه القرى وتتبعثر في الأمكنة الجبلية، وعلى السفوح، والسهول والأودية الضيقة، والانحدارات الحادة، حيث تعكس مناظر سياحية رائعة، وتشير إلى إصرار الإنسان على ترويض الطبيعة والتعايش في انسجام معها. كما أن تصميمات المباني وأشكالها من الداخل والخارج ومواد البناء المستخدمة، تعكس نمطًا متميزًا غير مكرر في كثير من أنحاء المملكة. ويمكن تلخيص الأنماط العمرانية الريفية بالمنطقة في الآتي:  
 
1 - المسكن الطيني المرقف بالحجر: 
 
ويشتمل على طبقة من الحجر تبنى عليها مداميك طينية أفقية متراصة بسمك 40 - 60سم تتخللها الرقف: وهي أحجار رقيقة توضع بارزة من المداميك لتحميها من المطر. وينتشر هذا النوع في أبها، والشعف، والواديين، وشعف جارمة، والفرعين، وسراة عبيدة، وبني بشر. ويراوح ارتفاع المبنى بين 2 و 5 طوابق.
 
ويوجد نوع آخر طيني مماثل لهذا النمط، ولكن دون الرقف (بسبب قلة الأمطار نسبيًا)، وينتشر هذا النوع في محافظات ومراكز ظهران الجنوب، والحرجة، وأحد رفيدة، وخميس مشيط، والعرين، وطريب، وتثليث، وبيشة؛ وفي هاتين الأخيرتين يضاف إليه فناء داخلي (بسبب ارتفاع درجة الحرارة) كما لا يتجاوز ارتفاع المسكن طابقين في الغالب.
 
2 - المساكن الحجرية:
 
وتتركز هذه المساكن على قمم الجبال، والتلال، وأراضي المدرجات الزراعية في: بلقرن، وبني عمرو، والنماص، وتنومة، وبللحمر، والسودة، ورجال ألمع  ، وأجزاء من المجاردة.
 
تبنى بيوت هذا النمط من الصخور المحلية برص الحجارة المختلفة الأحجام بعضها فوق بعض دون استخدام أي مادة لاحمة (مشو)، فقط تملأ الفراغات بين الأحجار الكبيرة بالأحجار صغيرة الحجم وبشكل مميز وفريد. ويراوح ارتفاع السكن بين دور وخمسة أدوار.
 
3 - مباني الأصدار (السقيفة):
 
ويوجد هذا النوع في أجزاء الأصدار (تهامة العليا) في محافظات ومدن: المجاردة، وبارق، ومحايل، والفرشة، ووادي الحياة، وتبنى السقيفة من الحجارة، وتكون في أغلب الأحيان من دور واحد وثلاث غرف (المحلب، والمطبخ، وغرفة النوم)، ولأنَّ غالبية السكان هم من رعاة الأغنام فإنهم يحيطون بيوتهم بأحواشٍ تُعدُّ زريبةً لدوابهم.
 
4 - العشة: 
 
تنتشر في تهامة السفلى؛ وبخاصة المطلة على البحر الأحمر. وهي مشابهة للمسكن المنتشر في منطقة جازان، ومحافظتي القنفذة، والليث بمنطقة مكة المكرمة. وتتميز ببساطتها، فهي على شكل كوخ مخروطي مبني من جذوع الأشجار يسمح بانـزلاق المطر (يشبه الأكواخ الإفريقية في الجهة المقابلة من البحر الأحمر).
 
5 - المباني الدفاعية (القصبات): 
 
ساعدت ظروف عدم الاستقرار السياسي والصراعات القبلية المتكررة قبل توحيد المملكة، في وجود هذا النمط من المباني الدفاعية؛ فأصبح لكل قرية مبانٍ دفاعية (حصن أو قصبة أو أكثر) وما زال بعضها قائمًا حتى الآن يلاحظه المسافر على الطرق المارة بهذه القرى، ويبلغ ارتفاع بعضها 7 طوابق. وتختلف القصبات في الشكل؛ إذ بعضها دائري، وآخر مربع، وفي مواد البناء؛ فبعضها حجري، والآخر طيني مرقف، وثالث مختلط. وكانت تبنى القصبات في المواقع الإستراتيجية بوصفها أبراجًا لمراقبة تحركات العدو المحتمل، ويكثر عدد نوافذها في كل الجهات.
 
وكان سكان القرية يشتركون في بناء القصبات، ويتناوبون الحراسة من داخلها. هذا ولا تغيب الأهمية الدفاعية حتى عن المسكن الفردي؛ حيث يغلب عليه الشكل البرجي الذي يسهل الدفاع عنه.
 
وتتميز المساكن التقليدية بأنماط مميزة حيث الزينة الداخلية التي غالبًا ما تقوم المرأة بالدور الأكبر فيها من اختيار أشكال النقوش، وألوانها، ورسمها على الجدران، وإضافة اللمسات الجمالية المحلية الأخرى على المسكن.
 
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook