العهد المملوكي بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
العهد المملوكي بالرياض في المملكة العربية السعودية

العهد المملوكي بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 

اليمامة وعالية نجد من القرن السادس الهجري حتى منتصف القرن التاسع

 
انتهى نفوذ الأخيضريين في الخضرمة بعد منتصف القرن الخامس الهجري، لتمر المنطقة بمرحلة معتمة تندر المعلومات عنها. يذكر ابن خميس أنه مضت على اليمامة قرون متعاقبة مظلمة، الحكم فيها للقوة، والنفوذ لمن قويت شوكته، وتفرق النفوذ في أهلها بين القبائل والأسر  والواقع أن الغموض الذي اكتنف شأن دويلة الأخيضريين، يزداد عتامة عندما ندلف إلى القرن السادس وما بعده، إذ تقل المعلومات التي تمكن الباحث من بناء صورة تاريخية عن المنطقة، ذلك أنه من النادر وجود معلومات تمس المنطقة عند مؤرخي الحواضر الإسلامية المجاورة للجزيرة العربية في القرنين السادس والسابع الهجريين كابن الأثير (ت 630هـ / 1233م) وابن الجوزي (ت 597هـ / 1201م) وسبط ابن الجوزي (ت 654هـ / 1256م).
 
ومن عوامل تلك الندرة أن الإقليم لم يكن محور أحداث كبيرة مؤثرة في الأقاليم المجاورة، ولم تقم فيه حركة علمية نشطة يكون من ميادينها كتابة تاريخ المنطقة على أيدي بعض علمائها وأدبائها. وأن مؤرخي الحواضر الإسلامية الكبيرة ممن يكتب وفق منهج التاريخ العام، عادة ما يستوعبون في مؤلفاتهم ما يكتبه المؤرخون المحليون في الأقاليم. يضاف إلى ذلك ضعف علاقات الإقليم التجارية والثقافية بالأقاليم الأخرى، فقد انتهى النظر إلى بوادي الإقليم لكونه موئل الفصاحة، لأن الحد الزمني للسماع اللغوي من بيئات البادية (خاصة) انتهى مع القرن الرابع الهجري 
 
ففي الجانب السياسي، انعدم وجود حكم مركزي على درجة من الكفاءة والفاعلية، كما لم تكن هناك حاضرة ذات شوكة تحاول استقطاب حواضر الإقليم وبواديه، مما فتح المجال أمام ظهور قوى متعددة متنافسة، ونتج من ذلك تزايد الصراعات المدمرة وهو ما كان متجذرًا في المرحلة السابقة عندما عمت الفوضى بضعف الحكم العباسي  .  ولم تقم في اليمامة ولا في عالية نجد المجاورة للحجاز سلطة يحركها فكر ناضج، لكي تنجز عمرانًا مستقرًا وعلاقات تكاملية مع قوى المنطقة، وتحرر إنسان المدينة والبادية من دورات العنف والصراع المتكرر. وثمة مظهر ملتصق بالجانب السياسي برز في هذه المرحلة، وهو ازدياد نفوذ إمارات شرقي الجزيرة العربية (إقليم البحرين) في نجد، وإشراف بعض منها على الطرق التجارية وطرق الحج بين البحرين ومكة عبر نجد عامة  .  فالإمارة العيونية امتد نفوذها في بعض المراحل إلى نجد. ففي عهد الأمير محمد بن أحمد وصلت قوات العيونيين إلى ماء الدجّاني في شمال غربي الدهناء وقرب القاعية  ،  وكذلك كان للإمارة العصفورية نفوذ على اليمامة في نهاية القرن السابع الهجري  ،  وهو ما تأصل وزاد بشكل كبير في عهد الإمارة التي جاءت بعدها وهي الإمارة الجبرية  
 
ولقد حملت هذه المرحلة التاريخية مجموعة من الظواهر التي تستوقف الباحث، ومنها ظواهر وتطورات تمس الأوضاع القبلية والتركيب السكاني في المنطقة. فيبدو أنه خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين ازداد نشاط الهجرة والنـزوح من المنطقة من قِبل بعض القبائل ذات الجذور الراسخة فيها، ومنها مجموعة القبائل العامرية التي تعود بنسبها إلى ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكانت تقطن في جنوب اليمامة وعالية نجد. فبعد موجات الهجرة الأولى، في زمن الفتوح الإسلامية والدولة الأموية، شهدت أكناف عالية نجد وجنوب اليمامة هجرة لتلك القبائل على مراحل. وبالإضافة إلى العوامل الاقتصادية التي شجعت على تلك الهجرة، يرجح أن جزءًا من تلك القبائل انتقل إلى مناطق أخرى كالبحرين، حيث استقر جزء من عقيل، وبوادي العراق والشام حيث هاجر الكلابيون؛ لاستقطابهم من قِبل الدويلات التي ظهرت في تلك المناطق، نظرًا إلى حاجتها إلى أبناء تلك القبائل بوصفهم جنودًا موالين لها
 
لقد قامت دول عدة تنتمي إلى مجموعة القبائل العامرية، مثل: الدولة العقيلية في عانة والحديثة من بلاد الفرات، إمارة آل بدران في قلعة جعبر، ودولة بني وهب في هيت، ودولة بني عصفور في البحرين  ،  وإمارة بني مرداس الكلابية التي جاءت بعد هجرة كلابية عامة للاستقرار في تخوم العراق والشام خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين. كما أن تمكن بني مرداس من إقامة دولة لهم في حلب وشمال الشام، أدى إلى التشجيع على الهجرة الكلابية والعامرية من أكناف   نجد، لحاجة تلك الدولة إلى الجند الموالين لها من أبناء القبيلة نفسها. ويرى بعض الباحثين أن القرن السادس الهجري حري بأن يعد الزمن الذي شهد تكامل هجرة بني كعب بن ربيعة (العامريين) من الأفلاج، أي بنو جعدة وبنو قشير والحريش وبنو عقيل  ،  بمعنى أن معظم تلك القبائل اختفت من منابتها الأولى، ومن بقي منهم، وهم قلة، فقد اندمجوا في تجمعات قبلية أخرى. ولكن مَنْ خلف الأخيضريين في وسط اليمامة؟ ومَنْ خلف القبائل العامرية في منازلها الأولى؟ يفهم مما أورده ابن خلدون نقلاً عن ابن سعيد المغربي   أن بني كلاب سادوا اليمامة فترة ثم أخذها منهم بنو عامر بن عوف بن مالك (من عامر البحرين) ومنهم العصفوريون، إذ يقول ابن سعيد: (ملكوا أرض اليمامة من بني كلاب وكان ملوكهم فيها لعهد الخمسين والستمئة بنو عصفور). وفي موضع آخر يؤكد ابن سعيد أن اليمامة لعرب من قيس عيلان  .  وأن هؤلاء الكلابيين خلفوا بني الأخيضر بعد أن تعاونوا معهم زمنًا طويلاً كما يشير إلى ذلك بعض الباحثين. فظاهرة انتقال الجند إلى موقع السيادة والنفوذ في حال ضعف الدولة حدث مع دول كبيرة في تلك العصور الوسطية، فكيف بدويلة صغيرة (مثل الدولة الأخيضرية)، وهي بكل تأكيد أقل من دول حدث لها الأمر نفسه
 
أما في جنوب اليمامة فيذكر الجذالين قدوم أسر وقبائل شتى إلى المنطقة خلال القرن السابع وما بعده كالشثور والجميلات وبني زغب وبني لام، وغيرهم، ثم ظهر الدواسر من بعد ذلك بزمن  ،  وحل محل العامريين من قشير وغيرها في وادي الرين وعالية نجد، قبائل من قحطان والدواسر. ومن تبقى من أولئك فقد اندمج في تلك القبائل  
 
ومن الظواهر السكانية التي شهدتها المنطقة تجاه قبائل تميم غير المستقرة الميل إلى التحضر، ومنها فصائل قبلية عاشت زمنًا طويلاً في وادي الدهناء والصمان، إذ لم يعد في عصر ابن سعيد الأندلسي (القرن السابع) فصائل تميمية تحيا حياة البادية، فلا يوجد منها (تميم) قبيلة في شرق ولا غرب جارية على ما هي عليه قبائل العرب من الحل والترحال بعدما كانوا كما قال أوس بن مغراء:  
 
لا تطلــع الشـمس إلا عنـد أولنـا     وليس  تغـرب إلا عنــد آخرنــا  
كذلك ظهرت عائذ التي عاصرها ياقوت الحموي 626هـ / 1229م وذكر بعضًا من منازلها في الوشم، ونقل عن بدوي من أهل تلك البلاد أن الوشم خمس قرى عليها سور واحد من لبن، وفيها نخل وزروع لآل مزيد من بني عائذ. والقرية الجامعة فيها ثرمداء وبعدها شقراء وأشيقر وأبو الريش والمحمدية  .  ويذكر حمد الجاسر أن أكثر فروع عائذ تنتسب إلى عبيدة من قحطان، وأن فروع آل يزيد وآل مزيد تنتسب إلى حنيفة، في حين يذكر جبر بن سيار أنها كلابية عامرية  ،  ويرى باحث معاصر   أنها تحالف سياسي بين فروع من قبائل متعددة ترجع إلى عبيدة القحطانية وحنيفة والدواسر. وفي خضم هذه المتغيرات القبلية ظهرت زعامات في حجر حاضرة اليمامة. فقد ذكر ابن بطوطة، الرحالة المغربي المشهور، أنه مر بهذه المدينة سنة 732هـ / 1332م آتيًا من الأحساء، وكان أكثر سكانها من بني حنيفة، ويذكر أنها بلدهم قديمًا، وأن أميرها طفيل بن غانم، ثم ذكر أنه سافر بصحبته إلى الحج  .  ومما تحمله إفادة ابن بطوطة من الدلالات ارتباط زعامة حجر بالدين الحنيف، إذ يبدو هذا واضحًا من خلال أداء الأمير طفيل بن غانم الحج. ولم يقدم ابن بطوطة تفصيلات توصل إلى معرفة ما إذا كان طفيل بن غانم يشرف على قوافل للحجاج بين البحرين ومكة، أم أنه ذهب ليؤدي النسك بصورة فردية. كما لم يوضح ما إذا كانت حجر مرتبطة بكيان خارج الإقليم، وقد ذكر أن السلطان المملوكي حج في تلك السنة 732هـ / 1332م  .  فهل التقى به طفيل بن غانم؟ ويبدو أن (عائذ) بتكويناتها المختلفة لم تعد تلك القبيلة ذات القوة والهيبة خلال القرن الثامن، إذ أصابها الضعف، وبخاصة فصائلها التي تستوطن في شمالي اليمامة. فقد ذكر بعض المؤرخين، عند تناول عمارة التويم عام 700هـ / 1301م على يد مدلج بن حسين الوائلي، أنها كانت من قبل لأناس من عايذ بن سعيد، ثم إنهم جلوا عنها ودمرت. وكذلك حرمة، إذ يذكر ابن عيسى أنها قبل استيطان إبراهيم بن حسين الوائلي كانت قد تعطلت، وكانت من منازل بني عايذ بن سعيد  
إن غياب هذه القوة القبلية وظهور قوى أخرى لها تأثيرها في أحداث الإقليم وأوضاعه، قد يرجع إلى الحروب والصراعات التي استنـزفت طاقات تلك القوى القبلية. كما أن الظروف الاقتصادية والمناخية وما يرتبط بها من انعدام للأمطار وقحط وجدب مهلك للنبات والمراعي من العوامل الجوهرية المؤدية إلى رحيل القبائل وجلائها إلى مناطق أخرى؛ ذلك أن حياة معظم السكان الاقتصادية مرتبطة أشد الارتباط بالبيئة ومواردها المتقلبة
 
أما التطورات الثقافية والعلمية التي شهدتها نجد عامة في هذه المرحلة فإن أبرزها انتشار العامية في البيئات البدوية والحضرية في المنطقة. فبعد أن كان بعض البيئات البدوية في القرن الرابع الهجري منظورًا إليها على أنها موئل الفصاحة ومصدر اللغة السليمة، انتشرت العامية بين البدو كما كانت منتشرة في الحواضر وغاب أثر اللغة الفصيحة وتوارى الشعر الفصيح الذي سمعه الأزهري من بني نمير ومن بني يربوع التميميين  ،  ومن أعراب آخرين، ولم يعد متداولاً، بل حل محله ما عرف بالشعر العامي أو النبطي. ومع مرور السنين والعقود أصبح ذلك الشعر ملازمًا لمختلف أنماط السكان، يرددونه في مناسباتهم ويعدّونه مصدر الحكمة ومنبع الرأي السديد. وفي ظهوره ونشأته يذكر ابن خميس أن أقدم ما وصل إلينا منه ما يؤثر عن بني هلال، وما أورده ابن خلدون في مقدمته  .  ويذكر ابن عقيل أن الأدب العامي وجد مبكرًا بدليل شيوع الألفاظ العامية في القرن الخامس الهجري. وهو يرى أن الشعر العامي وفد إلى نجد ولم يخرج منها، وقد تعشقته قبائل نجد بتأثير السحر الملحمي الأسطوري في أدب اللغة الهلالية في عهد الفروسية العربي. ويجزم بأن الشعر العامي بلهجة أهل نجد وليد الشعر الهلالي العامي  
 
ويرى باحث آخر معاصر أن شمس الفصاحة عند البادية بدأت بالأفول في نهاية القرن الرابع الهجري، بدليل أن عالم اللغة عثمان بن جني (ت 392هـ / 1002م) ذكر في زمانه أنه لا يكاد يرى بدويًا فصيحًا وإن وُجدت منه فصاحة في كلامه. ولا يستبعد أن تكون بداية زحف العامية على لغة الشعر البدوي تزامنت مع هجرة بني هلال بين القرنين الرابع والخامس الهجريين أو بعد ذلك بفترة قصيرة  .  وفي هذه المرحلة التاريخية سادت اللغة العامية وتراجعت الفصحى وقل استخدامها، ساعد على ذلك الأمية المتفشية والانقطاع عن منابع الأدب العربي القديم وجذوره الذي خرج عدد من رموزه وأعلامه من هذه المنطقة. وإن كان ذلك مظهرًا عامًا لا يقتصر على نجد والجزيرة العربية، فإن نجد من الأقاليم التي فيها شعراء مبرزون في تلك الفترة ينظمون الشعر الفصيح، في حين لم تخلُ الأقاليم الأخرى من شعراء ينقلون صورة ما يجري في أقاليمهم باللغة الفصحى، أمثال علي بن المقرب في هجر (الأحساء) (ت 630هـ / 1233م).
 
إن غياب اللغة الفصحى وما يرتبط بها من أدب وشعر، وهو بنظر الباحث تحول في تاريخ الإقليم الثقافي واكب المرحلة المتدهورة التي عاشها إقليم نجد بصفة عامة، وهو - بلا ريب - من التحولات السلبية بالنسبة إلى الإقليم. فالفصاحة وسلامة اللغة هو ما جعل مناطق من الإقليم بيئة لغوية نموذجية يقصدها اللغويون القدماء في زمن جمع ألفاظ اللغة العربية. ففي ظِل الأمية الطاغية في تلك العصور، وفي ظِل الخواء الديني والفكري ظَلَّ الشعر العامي ردحًا من الزمن أحد مصادر قيم تلك المجتمعات، ومادتها الثقافية الأولى ومستودع معلوماتها البسيطة عن البيئة بتحولاتها المناخية. وما أنتج منه في عصور تاريخية ماضية إبان القرن السابع وما بعده، فإنه يعد وثيقة تاريخية ومصدرًا رئيسًا لدراسة تلك الحقب المجهولة  
 
ومن الظواهر العلمية نمو مدرسة فقهية حنبلية في إقليم الوشم في القرنين الثامن والتاسع الهجريين. وكان للمركز العلمي المتميز بنجد آنذاك - وهي بلدة أشيقر - أثر في نشر فقه هذا المذهب داخل الإقليم، على الرغم من أن البلدة ذاتها كانت تعاني من الصراع الداخلي بين الأسر والتنافس على الرئاسة وعلى مصادر الدخل ما أدى إلى خروج كثير من الأسر منها  .  وعلى الرغم من هذه المعطيات السلبية المتمثلة في الصراع والتنافس بين الأسر، وقبل ذلك بين التميميين من الوهبة والوائليين  ،  فقد ظلت البلدة تنمو لتصبح مركز إشعاع علمي وثقافي في نجد عامة. ولقد ذكر بعض الباحثين علماء من القرن السابع رحلوا من هذه البلدة لطلب العلم، منهم الشيخ سالم بن نافع بن رضوان النجدي (ت 650هـ / 1252م)   ما يدل على الإقبال على الاتجاه العلمي في تلك البلدة. أما العلماء الذين ظهروا في القرن الثامن وما بعده فعددهم في بلدة أشيقر كبير، وكان لهم أثر كبير في التعليم الديني بالمنطقة. وفي تقدير بعض الباحثين، فإن الحركة العلمية في أشيقر بدأت في أول القرن الثامن، يدل على ذلك كتاب الوقف الذي أوقفه صبيح مولى وعتيق عقبة بن راجح   (عاش في القرن الثامن)، إذ تدل القراءة التحليلية على أن كاتبها عالم ضليع في العلوم الشرعية، وما يميز الكتاب خلوه من الألفاظ العامية. وقد زخرت هذه البلدة بالفقهاء والعلماء في تلك الأجواء المعتمة. ومما خلفته الحركة العلمية بها من آثار ونتائج، نشر الفقه الحنبلي وتنشيط التعليم الديني في نجد، واتجاه الأهالي إلى الأعمال الخيرية، يبرز ذلك الوثائق المتعلقة بالأوقاف الخاصة بالمساجد والصوام والمحتاجين، وهذا يدل على اهتمامهم بصلة الأقارب والعناية بمساعدة أولئك المحتاجين من إخوانهم المسلمين  .  ويبدو أن انتشار فقه الحنابلة في الحواضر النجدية جاء نتيجة للصلات مع العراق الذي كانت حاضرته بغداد من مراكز فقه الحنابلة. ولا يمكن تجاهل فرضية حدوث هجرة اضطرارية لبعض العلماء والرواة إلى الحواضر النجدية القليلة بعد سقوط بغداد فرارًا بدينهم. وأن جزءًا من عناصر المجتمع العربي في بغداد وأرياف العراق الجنوبية تنتمي إلى قبائل عربية منتسبة إلى تلك المنطقة، ولعل ذلك ما حدا ببعض علماء الحنابلة إلى الاستقرار في الحواضر النجدية رغبة في نشر ما لديهم من علم هناك. كما أن الرحلات العلمية التي يقوم بها النجديون إلى الشام ومصر وغيرهما، ودراستهم على علماء الحنابلة هناك كان سببًا في تأثر هؤلاء بمشايخهم وبالمذهب الذي يتبعونه 
 
إن تداول العلم الشرعي في مجتمع قرى اليمامة، وإلمام جزء من السكان بالمسائل الفقهية والدينية يمثل بالإضافة إلى وعي إنسان تلك المنطقة، وهو مع ظواهر أخرى مثل نشأة مستوطنات بشرية جديدة وتوسع أخرى قائمة  ،  يشير إلى تطور نوعي، وإن كان محدودًا، في وعي جزء من سكان الإقليم. ومع ذلك تظل هناك ثغرات قوية في الحياة السياسية لتلك المدن والقرى المتناثرة والبوادي التي تطوقها. فالمدن ذاتها تعاني من التنافس والاقتتال، إذ يستمر الصراع الداخلي داخل البلدة الواحدة والصراع مع المدن الأخرى، في حين تعاظم مركز البادية وسيطرتها على الطرق، مما حطم أي محاولة لنمو علاقات تبادلية مع الأقاليم الأخرى إن لم تكن تحت إشرافها، وفقد الأمن الذي هو ركيزة أساسية لأي انطلاقة حضارية، وكلها سلبيات ومعوقات أذن الله بزوالها وخمود جذوتها عندما قامت الدولة السعودية الأولى.
 
شارك المقالة:
90 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook