العهد المملوكي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
العهد المملوكي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

العهد المملوكي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 

إمارة محمد أبي نمي 

هو أبو نمي محمد بن أبي سعد الحسن بن علي بن قتادة بن إدريس الحسني، شارك عم أبيه إدريس بن قتادة إمارة مكة المكرمة، ولا يعرف على وجه التحديد كيف كان ترتيب هذه المشاركة بين الأميرين على الرغم من أن بعض المصادر تشير إلى "أن الأمر بينهما على حد سواءغير أنه يظهر أن أبا نمي كان يأتي في الترتيب الأول من حيث النفوذ فيما يأتي إدريس في المرتبة الثانية
استأثر أبو نمي في سنة 654هـ / 1256م بحكم مكة المكرمة، فيما توجه إدريس إلى ميناء السرين جنوب مكة المكرمة، حيث يقيم أخوه راجح بن قتادة الذي سارع بالقدوم إلى مكة المكرمة وصالح بين الأميرين واشترك كلاهما في إمرة مكة المكرمة للمرة الثانية  .  في تلك الفترة كان أبناء الحسن بن قتادة الذين شاركوا في قتل والد أبي نمي يتحينون الفرصة للسيطرة على مكة المكرمة، فاستغلوا خروج أبي نمي إلى الطائف سنة 656هـ / 1258م فاتجهوا إلى مكة المكرمة وأخرجوا إدريس واستمروا بها ستة أيام. وحينما علم أبو نمي سارع بالعودة إلى مكة المكرمة وأخرجهم دون قتال واستمر إدريس في حكم مكة المكرمة 
سقطت الخلافة العباسية في بغداد سنة 656هـ / 1258م ما أدى إلى فراغ سياسي حاول خلاله حاكم تونس أبوعبدالله محمد بن زكريا الحفصي أن يدعو لنفسه بالخلافة سنة 657هـ / 1259م وتلقب بالمستنصر بالله، وبايعه أبو نمي أمير مكة المكرمة بالخلافة باعتباره وارثًا للخلافة العباسية ودعا له على منبر المسجد الحرام  .  عاد الرسوليون لمد نفوذهم إلى مكة المكرمة من جديد سنة 659هـ / 1261م حينما حج الملك المظفر يوسف الرسولي، وتوارى أمير مكة المكرمة عنه بأن خرج إلى وادي مُرّ، فيما قام المظفر بتوزيع الصدقات والهبات على أهل مكة المكرمة وحجاجها، وأقيمت الخطبة له على منبر المسجد الحرام واستمرت حتى سنة 661هـ / 1263م حين كسا الكعبة المشرفة، كما أرسل كسوة أخرى سنة 666هـ / 1268م  .  في تلك الفترة أعاد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس الخلافة العباسية إلى القاهرة سنة 659هـ / 1261م وقلد الخليفة العباسي المستنصر بالله السلطان المملوكي بلدان العالم الإسلامي ومنها البلاد الحجازية، وبالتالي أقيمت الخطبة للخليفة العباسي وللسلطان المملوكي ابتداءً من سنة 662هـ / 1264
وبذلك دخلت مكة المكرمة في مرحلة جديدة من تاريخها طابعها الصراع بين المماليك والرسوليين للسيادة على المدينة المقدسة. ففي ذلك العام كان يخطب بمكة المكرمة للخليفة العباسي والظاهر بيبرس والمظفر الرسولي  .  وتدخل السلطان المملوكي سنة 667هـ / 1268م، حين قدم لأداء فريضة الحج في أحوال مكة المكرمة الداخلية، وكان أبو نمي قد تمكن من إخراج إدريس من مكة المكرمة وانفرد بحكمها مما دفع السلطان المملوكي إلى الاعتراف به حاكمًا منفردًا، واشترط عليه مقابل ذلك أن يتنازل عن المكوس التي كان يتقاضاها من التجار، وأن تكون الخطبة والسكة للسلطان فوافق أبو نمي على ذلك  .  لم يدم الوضع طويلاً فقد حشد إدريس جيشًا زحف به إلى مكة المكرمة مما دفع أبو نمي لقبول المشاركة من جديد في السلطة كما وافق على تعيين نائب عن السلطان المملوكي في مكة المكرمة هو الأمير شمس الدين مروان، غير أن أميري مكة المكرمة ما لبثا أن أخرجاه منها في سنة 668هـ / 1269م. ولم يتخذ السلطان المملوكي أي إجراء ضدهما، كما لم يعين نائبًا جديدًا مكانه  .  وبعد عامين على الصلح بينهما حدث خلاف شديد بينهما سنة 669هـ / 1270م عمد خلالها إدريس لإخراج أبي نمي من مكة المكرمة والانفراد بالسلطة مما دفع أبا نمي للزحف على مكة المكرمة بعد أربعين يومًا من خروجه، والتقى بإدريس في خليص، وحدث قتال بين الطرفين قتل خلاله إدريس وانفرد أبو نمي بالحكم
 
في الفترة بين 670 و 675هـ / 1272 و 1276م حدث صراع على النفوذ بين أمراء مكة المكرمة والمدينة المنورة فقد طمع أمير المدينة المنورة جماز بن شيحة في السيطرة على مكة المكرمة وضمها لنفوذه فاستعان لهذا الغرض ببعض المعارضين لأبي نمي فتمكن من السيطرة على مكة المكرمة، وطرد أبا نمي منها، غير أن الأخير ما لبث أن عاد إليها واستعاد سلطته. وفي سنة 673هـ / 1275م جرت محاولة أخرى من جانب أمير المدينة المنورة لكنه سرعان ما عاد إلى المدينة المنورة بعد أن أعطاه أبو نمي مبلغًا من المال. وحدثت محاولة ثالثة سنة 675هـ / 1276م متحالفًا مع أمير ينبع إدريس بن الحسن بن قتادة، ودار قتال بين الطرفين بمر الظهران بالقرب من مكة المكرمة انهزم فيه عسكر المدينة المنورة وينبع، كما تم أسر إدريس فيما انسحب جماز إلى المدينة المنورة واستقرت الأوضاع في مكة المكرمة لأبي نمي   وفيما يتعلق بالصراع على النفوذ بين المماليك والرسوليين في مكة المكرمة فقد تقرب أبو نمي للملك الرسولي المظفر يوسف سنة 676هـ / 1277م، وظلَّ يخطب له في الأعوام التالية وكان يكسو الكعبة المشرفة في غالب السنين  .  غير أن السلطان المملوكي المنصور قلاوون عمد سنة 681هـ / 1282م إلى تحليف أبي نمي يمين الولاء والإخلاص له ولولده، ولتأكيد إخلاصه أرسل أبو نمي وفدًا من جانبه إلى القاهرة ضم أحد أولاده وعددًا من الأشراف وزعماء الحجاز 
غير أن أمير مكة المكرمة قد أخل ببعض عهوده ومواثيقه للسلطان المملوكي، ومنها فرض بعض المكوس والجبايات على الحجاج والتجار مما دفع السلطان المملوكي لإرسال حملة تأديبية إلى مكة المكرمة بقيادة علم الدين سنقر، ضمت ثلاثمئة فارس اشتبكت مع جيش أبي نمي، ثم توصل الطرفان إلى صلح سنة 683هـ / 1284م  .  ونتيجة ما بلغ السلطان المملوكي من رغبة أبي نمي في تحقيق الاستقلال عن السلطنة المملوكية فقد أمر السلطان بإرسال حملة عسكرية سنة 687هـ / 1288م يرافقها أمير المدينة المنورة جماز بن شيحة حيث استولت على مكة المكرمة وخطب فيها بعد الخليفة العباسي والسلطان المملوكي لأمير المدينة المنورة وسكت العملة باسمه، غير أنه خرج منها عندما علم بمراسلة قائد الجيش المملوكي لأبي نمي سرًا
توترت العلاقات بين السلطان المملوكي الأشرف خليل وأمير مكة المكرمة أبي نمي مما أدى إلى عدم ذكر اسم السلطان المملوكي في الخطبة عامي 690 - 691هـ / 1291 - 1292م وإقـــامــتـــــهــا للملك المظفر يوسف الرسولي صاحب اليمن، لكن أمير مكة المكرمة ما لبث أن أعاد الخطبة باسم السلطان المملوكي الأشرف خليل سنة 692هـ / 1293م وسك النقود باسمه حتى سنة 696هـ / 1297م   حين قطع أمير مكة المكرمة الخطبة عن السلطان المملوكي لاجين وأقامها للملك المؤيد داود بن المظفر يوسف الرسولي، كما استقبل ركب الحج اليمني أحسن استقبال  .  غير أن أمير مكة المكرمة ما لبث أن أعاد الخطبة للسلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 700هـ / 1301م  
توفي أمير مكة المكرمة أبو نمي سنة 701هـ / 1301م بعد أن حكم مكة المكرمة نحو خمسين سنة واتسم عهده الطويل - إلى حد ما - بالأمن والاستقرار والهدوء
 

خلفاء أبي نمي والصراع على الإمارة خلال القرن الثامن الهجري 

 
اضطربت الأوضاع السياسية في مكة المكرمة بعد وفاة أبي نمي سنة 701هـ / 1301م، فقد حدث نـزاع على الإمارة بين أبنائه، وبخاصة حميضة ورميثة وعطيفة وأبوالغيث، ولم ينحصر النـزاع بين هؤلاء فقط بل امتد لأولاد عمهم، فقد كان أبو نمي يؤثر من ذوي قرابته ابن شريكه السابق في الإمارة محمد بن إدريس بن قتادة، فجعل له ربع واردات الإمارة في كل سنة دون أن يشركه في الحكم أو تكون له ولاية العهد، أما أبناؤه فقد شاع أن رميثة الذي كان أرفع أبنائه شأنًا وأقربهم إلى أبيه سيكون ولي عهده، ومع هذا فلم يشركه في الحكم. وقبيل وفاة أبي نمي بيومين أمر بأن يدعى لولديه رميثة وحميضة على قبة زمزم على أنهما شريكان في إمرة مكة المكرمة، واستمرا في مشاركتهما بعد وفاة والدهما مدة عشرة أشهر. في تلك الأثناء مال فريق من الأشراف والقادة إلى عطيفة، فيما مال فريق آخر لرميثة وحميضة مما دفعهما لاعتقال أخويهما وسجنهما لكنهما هربا إلى ينبع وأقاما عند بني عمهما أولاد إدريس بن حسن بن قتادة إلى أواخر سنة 701هـ / 1302م  .  ونظرًا لاعتقاد كلٍ من رميثة وحميضة أن محمد بن إدريس بن قتادة منافس لهما على السلطة، فقد أشار بعض أتباعهما بقتله غير أن حميضة لم يوافق على ذلك، عندئذ تدخلت السلطة المملوكية وقامت بعزل رميثة وحميضة، وعينت أبا الغيث وعطيفة مكانهما سنة 702هـ / 1303م 
 
استمر الصراع قائمًا بين أبناء أبي نمي، وساعد على تصاعد ذلك الصراع تدخل عدد من القوى السياسية على رأسها الدولة المملوكية، ودولة المغول الإلخانيين في العراق التي التجأ إليها حميضة طلبًا للمساعدة مستغلاً التوتر الذي ساد العلاقات بين المماليك والإلخانيين. وعلى الرغم من فشل تلك المحاولة، إلا أن حميضة استطاع استعادة السلطة في مكة المكرمة سنة 718هـ / 1318م، وقطع الخطبة للسلطان المملوكي الناصر محمد وأقامها لإلخان المغول السلطان أبي سعيد. ثم عادت السيادة من جديد للمماليك بعد هرب حميضة في موسم حج 718هـ / 1318م  .  وفي سنة 719هـ / 1319م عهد السلطان المملوكي الناصر محمد إلى عطيفة بإمرة مكة المكرمة مدة سنة ثم أشرك معه أخاه رميثة سنة 720هـ / 1320م على أن يكون له نصف حاصل إيرادات مكة المكرمة والنصف الآخر لأخيه عطيفة  ،  وقد استمرا على هذا الوضع حتى سنة 731هـ / 1330م حين انفرد رميثة بالأمر واستمر حتى سنة 734هـ / 1333م حين قدم عليه أخوه عطيفة فأشركه معه في السلطة ثم اتفقا سنة 737هـ / 1336م على ترك إمارة مكة المكرمة لابنيهما مبارك بن عطيفة، ومغامس بن رميثة  .  ولكن السلطان المملوكي الناصر محمد قرر في السنة نفسها عزل عطيفة بن أبي نمي عن الإمارة فقبض عليه حينما قدم للقاهرة وزج به في السجن وولى أخاه رميثة إمرة مكة المكرمة مستقلاً بها 
استمر رميثة في حكم مكة المكرمة حتى سنة 746هـ / 1345م حين انتزعها منه ابنه عجلان، وقد توفي رميثة بعد ذلك بخمسة أشهر  
تعاظم النفوذ المملوكي بعد وفاة رميثة، كما دخل عجلان بن رميثة في نـزاع على السلطة مع أخيه ثقبة، وتدخلت السلطنة المملوكية في النـزاع الذي استمر بينهما حتى سنة 757هـ / 1356م حين اشتركا في إمارة مكة المكرمة  .  حدث نـزاع من جديد بين الأخوين سنة 760هـ / 1359م فدفع السلطان المملوكي الناصر حسن لإقصائهما وتعيين كلٍ من سند بن رميثة، ومحمد بن عطيفة مكانهما  .  أعيد عجلان إلى الإمارة من جديد سنة 762هـ / 1361م فأشرك معه أخاه ثقبة في الحكم، غير أن ثقبة ما لبث أن توفي بعد أيام قليلة  .  أشرك عجلان ابنه أحمد في حكم مكة المكرمة سنة 763هـ / 1362م   حتى سنة 774هـ / 1373م حين تنازل عجلان لابنه عن الحكم مع استمرار ذكر اسمه في الخطبة والدعاء له فوق قبة بئر زمزم حتى وفاته سنة 777هـ / 1375م 
 وعمد أحمد بن عجلان سنة 780هـ / 1378م إلى إشراك ابنه محمد في الحكم وحصل سنة 785هـ / 1384م على موافقة السلطان المملوكي برقوق  .  وقد استمرت المشاركة بينهما في السلطة حتى وفاة أحمد بن عجلان سنة 788هـ / 1386م وتولي ابنه مقاليد الحكم  ،  غير أنه لم ينعم بالسلطة طويلاً فقد قتل في ذي الحجة من العام نفسه وتولى مكانه عنان بن مغامس بن رميثة. ودخلت مكة المكرمة في تلك الفترة في فوضى سياسية، دفعت السلطان المملوكي برقوق لعزل عنان سنة 789هـ / 1387م وتعيين علي بن عجلان مكانه 
 غير أن عنان بن مغامس بن رميثة عاد مرة أخرى سنة 792هـ / 1390م ليشارك علي بن عجلان في الحكم بأمر من السلطان المملوكي  .  استمر عنان وعلي بن عجلان شريكين في السلطة حتى سنة 794هـ / 1392م عندما انفرد علي بن عجلان بإمارة مكة المكرمة   حتى مقتله سنة 797هـ / 1395م ببطن وادي مَرّ بالقرب من مكة المكرمة واستيلاء القادة العُمَرة على مكة المكرمة، وتولى السلطة في مكة المكرمة محمد بن عجلان دون تقلي
 

إمارة حسن بن عجلان وتحول مكة المكرمة إلى ولاية مملوكية 

 
تحولت مكة المكرمة إلى ولاية مملوكية منذ إمارة حسن بن عجلان بن رميثة الأولى سنة 798هـ / 1395م وأطلق عليه لقب (نائب السلطنة في الحجاز وهي المرة الأولى التي يطلق ذلك اللقب على شريف من أشراف مكة المكرمة  .  وقد أشرك معه في الإمارة سنة 810هـ / 1408م ابنه بركات  ،  كما أشرك في سنة 811هـ / 1409م ابنه الآخر أحمد
 
وعلى الرغم من عزل حسن بن عجلان وأبنائه عن إمارة مكة المكرمة سنة 818هـ / 1416م من قبل السلطان المملوكي المؤيد شيخ وتعيين رميثة بن محمد بن عجلان  ،  إلا أن السلطان المملوكي أعاد حسن بن عجلان إلى السلطة في العام التالي وأشرك معه ابنه بركات سنة 820هـ / 1418م  .  وفي سنة 821هـ / 1418م أبدى حسن بن عجلان رغبته في التخلي عن الحكم لابنه بركات  ،  ثم حاول في سنة 824هـ / 1421م التنازل عن الحكم لابنيه بركات وإبراهيم، غير أن السلطنة المملوكية ممثلة في السلطان المملوكي المظفر أحمد بن المؤيد شيخ لم توافق على ذلك، كما كان للمعارضة الشديدة من قِبَل القادة العُمَرة   على هذا الاقتراح أثر كبير في إفشاله
 

 مكة المكرمة في عهد خلفاء ابن عجلان

 
توفي حسن بن عجلان سنة 829هـ / 1426م فاســــــتدعى الســـلــطان المملوكي الأشرف برسباي كلاً من بركات وإبراهيم فخلع عليهما وفوض إمارة مكة المكرمة لبركات  ،  فانفرد بالحكم حتى عزله السلطان المملوكي جقمق سنة 845هـ / 1441م وعين مكانه أخاه علي بن حسن بن عجلان 
ثم استبدل في السنة التالية أخاه أبا القاسم بن حسن بن عجلان به  .  ولفشل أبي القاسم في إعادة الأمور في مكة المكرمة إلى أوضاعها الطبيعية فقد عُزل وأعيد بركات بن حسن بن عجلان مرة أخرى سنة 850هـ / 1446م  .  استمر بركات بن حسن بن عجلان في الحكم حتى سنة 859هـ / 1455م، حين أحس بعدم قدرته على إدارة شؤون مكة المكرمة بسبب كبر سنه، فقرر التنازل عن الإمارة لابنه محمد، فطلب من نائب الدولة المملوكية بجدة الأمير جانبك الظاهري أن يكتب بذلك إلى السلطان المملوكي إينال العلائي، فبعث نائب جدة برسالة للسلطان المملوكي الذي وافق، ووصل المرسوم المتضمن تعيين محمد بن بركات بن حسن بن عجلان بعد وفاة والده في شعبان 859هـ / 1455م 
 
تولى محمد بن بركات بن حسن بن عجلان إمارة مكة المكرمة بين عامي 859 و 903هـ / 1455 و 1497م وقد وصفه العصامي بأنه "نفذ أمره في جميع الأقطار الحجازية"  .  وقد حكم محمد بن بركات مكة المكرمة منفردًا حتى سنة 878هـ / 1474م عندما قام السلطان المملوكي قايتباي بإشراك ابنه بركات في السلطة 
 وحين توفي محمد بن بركات سنة 903هـ 1497م آلت السلطة تلقائيًا لابنه وشريكه في الإمارة بركات، ولم يواجه تعيينه أي اعتراض من جانب أحد من الأشراف أو القوى السياسية الأخرى في مكة المكرمة
وفوض السلطان المملوكي محمد بن قايتباي (أمر الأقطار الحجازية والحرمين) إلى بركات وأشرك معه أخاه هزاع في الإمارة  .  غير أن إخوته هزاعًا، وأحمد الملقب بجازان، وحميضة   نازعوه السلطة، فقد تولى جازان إمرة مكة المكرمة أكثر من مرة، كما تولى أخوه حميضة السلطة في مكة المكرمة سنة 909هـ / 1503م واستمر بها حتى سنة 912هـ / 1506م.
أشرك بركات معه في الحكم سنة 910هـ / 1404م أخاه قايتباي، ثم أضاف إليه ابنه علي بن بركات، وحين توفي علي عيّن ابنه محمد المعروف بالشافعي شريكًا لأخيه قايتباي الذي توفي سنة 918هـ / 1512م  .  أرسل أمير مكة المكرمة بركات بن محمد بن بركات ابنه محمد أبا نمي نيابة عنه تلبية لدعوة تلقاها من السلطان المملوكي الغوري، فاحتفى به السلطان وأشركه مع أبيه في (إمرة مكة المكرمة وجدة وينبع وسائر الأقطار الحجازية) ابتداءً من شهر رمضان 918هـ / 1512م، كما كلف السلطان المملوكي أمير مكة المكرمة بالنظر في مسألة تعيين أمير جديد للمدينة المنورة بالاشتراك مع شيخ الحرم وقضاة المدينة المنورة، وجعل السلطان رأي بركات هو المعول عليه 
 وصل أمير مكة المكرمة بركات بن محمد بن بركات إلى القاهرة سنة 921هـ / 1515م ليعبر عن ولائه وطاعته للسلطنة المملوكية ويوثق عرى العلاقات بين إمارة مكة المكرمة ودولة المماليك، فاستقبله السلطان المملوكي الغوري واحتفى به وأقره على إمارة مكة المكرمة، كما فوض إليه النظر في حكومة جدة وينبع  .  وحين سقطت دولة المماليك سنة 923هـ / 1517م ودخلت مصر والشام تحت سلطة الدولة العثمانية أرسل أمير مكة المكرمة بركات ابنه محمد إلى القاهرة لمقابلة السلطان العثماني سليم الأول، وتقديم فروض الطاعة والولاء، فأكرمه السلطان وأقر أباه في إمارة مكة المكرمة كما أقر مشاركة محمد لوالده. وقد استمر بركات في إمارة مكة المكرمة حتى وفاته سنة 931هـ / 1525م   وبدخول الشريف بركات في طاعة الدولة العثمانية بدأ حكم جديد في تاريخ مكة المكرمة السياسي
 
شارك المقالة:
49 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook