تقع منطقة الرياض ضمن نطاق الضغط المرتفع شبه المداري (Subtropical High Pressure System)، ولهذا الموقع الفلكي عدد من المؤثرات المناخية، منها وقوع المنطقة إجمالاً ضمن حدود الجزء الهابط من دورة خلية هادلي (Haddely Cell) في نظام الدورة العامة للرياح في الكرة الأرضية (Earth General Circulation System). لذلك تتعرض المنطقة - وبخاصة في فصل الشتاء - لتأثير الضغط المرتفع شبه المداري الذي يؤدي إلى هبوب رياح شمالية شرقية تجارية جافة، ما يجعل أغلب أيام الشتاء في منطقة الرياض ذات طقس مستقر وبارد نسبيًا، لكن تأثير هذا النظام يضعف كثيرًا مع بداية فصل الربيع حتى يتلاشى في فصل الصيف، وخصوصًا في الأجزاء الجنوبية من منطقة الرياض، ويعود ذلك إلى التزحزح العام لأنظمة الضغط شمالاً تبعًا لحركة الشمس الظاهرية السنوية التي تتجه شمالاً من فوق مدار الجدي بعد الانقلاب الشتوي في 21 ديسمبر، إلى أن تبلغ أبعد نقطة شمالاً في 23 يونيو عندما تتعامد الشمس على مدار السرطان عند دائرة عرض 23.50 شمالاً، هذا التزحزح يسمح بتقدم منطقة الالتقاء بين المدارين (Intertropical Convergence Zone) يصاحبها نظام الضغط الجوي المنخفض الموسمي نحو المنطقة، وتصاحبه غالبًا رياح جنوبية حارة

 

كما أن هذا الموقع يجعل المنطقة تتأثر بامتداد المؤثرات المناخية فوق المدارية (Extra Tropical Climate System) التي بدورها تؤثر في العروض الوسطى من الكرة الأرضية، خصوصًا في فصل الشتاء، وتتمثل هذه المؤثرات في امتداد الأخدود الهوائي الجوي العلوي (Upper Air Trough) إلى المنطقة، ولا سيما الجزء الشمالي منها في بعض أيام الخريف والشتاء والربيع  .  كما أن المنخفضات الجوية الحركية التي تصاحب هذا الأخدود تتمركز في شرق البحر المتوسط، وتؤدي إلى تزحزح محور منخفض البحر الأحمر السطحي شمالاً، وتقدم رياح سطحية جنوبية غربية دافئة رطبة تقابلها رياح شمالية باردة  .  وقد ينتج من هذه الآلية أحيانًا نشوء جبهات هوائية، وأعاصير نشطة تعبر المنطقة؛ ما يؤدي إلى هطلان بعض الأمطار الشتوية عندما تتوافر لها الظروف المناخية المناسبة، وبخاصة الرطوبة الجوية الكافية.

 

 

تتوسط منطقة الرياض جغرافيًا المملكة العربية السعودية، لذلك تحيط بالمنطقة والمملكة مساحات ضخمة هي قارة آسيا في الشمال والشرق، وقارة إفريقية غربًا، ما يجعل مناخ المنطقة قاريًا معظم أيام السنة  .  فالموقع الجغرافي القاري مع الموقع الفلكي يؤديان دورًا كبيرًا في جعل منطقة الرياض منطقة جافة في أغلب أيام السنة، فبحكم موقعها الفلكي تسود فيها الرياح الشمالية والشمالية الشرقية، وبسبب موقعها الجغرافي تصبح هذه الرياح جافة؛ لأنها قادمة من وسط آسيا الجاف، كما تجعل قارة إفريقية الضخمة معظم الرياح الغربية والجنوبية الغربية والشمالية الغربية في أكثر الأوقات جافة، ويظل تأثير البحار المحيطة بشبه الجزيرة العربية والمملكة تحديدًا - وهي: البحر الأحمر، وبحر العرب، والخليج العربي - محدودًا ولا يصل إلى منطقة الرياض للأسباب الآتية:

 

ضيق البحر الأحمر لا يسمح للرياح العابرة له بالمرور على مساحات مائية كبيرة تكسبها كمية كبيرة من بخار الماء، لذلك عندما تصل إلى منطقة الرياض تكون شبه جافة.

يقع بحر العرب جنوب منطقة الرياض، وتفصله عنها مساحة قارية كبيرة والمرتفعات الجنوبية للجزيرة العربية، ويتأثر هذا البحر بتيار الصومال البحري البارد الذي يجعل أجزاءه المتاخمة للجزيرة العربية متأثرة بمرتفع جوي أكثر أيام الفترة الممتدة من أكتوبر حتى أواخر إبريل، كل هذه العوامل بالإضافة إلى سيادة الرياح الشمالية والشمالية الشرقية تجعل تأثير بحر العرب في منطقة الرياض محدودًا جدًا، ويتمثل فقط في إمداد المنخفضات الجوية الحركية العابرة لها ببخار الماء في أيام محدودة من العام.

 

 

يُعدُّ الإشعاع الشمسي من أكثر العوامل التي تؤثر في مناخ منطقة الرياض؛ لأنه مصدر الطاقة التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، الذي يؤثر في مناخ المنطقة، فمنطقة الرياض بحكم موقعها الفلكي والجغرافي تتلقى كمية كبيرة من الإشعاع الشمسي، ولذلك فهي تُعدُّ من أكثر مناطق العالم تلقيًا له بسبب تعامد الشمس عليها أو شبه تعامدها معظم أيام السنة، إذ يمر مدار السرطان من وسطها تقريبًا، فضلاً عن صفاء السماء، وطول ساعات السطوع الشمسي اليومية، وانخفاض الرطوبة النسبية في أغلب أيام السنة، لذلك تراوح كمية الإشعاع الشمسي الواصلة إلى المنطقة صيفًا بين 400 لانجلي / يوم في شمال المنطقة و 500 لانجلي / يوم في جنوبها  .  وعلى الرغم من أن فصل الشتاء في منطقة الرياض بارد نسبيًا إلا أنها تتعرض لكميات كبيرة من الإشعاع الشمسي خلاله تراوح بين 250 لانجلي / يوم في شمال المنطقة و 350 لانجلي / يوم في جنوبها  .  وينعكس أثر الفائض الكبير من الإشعاع الشمسي على مناخ المنطقة، ولا سيما على درجات الحرارة فيها، خصوصًا في فصل الصيف، فترتفع إلى قيم عالية في جميع أجزاء المنطقة.

 

 

تتكون منطقة الرياض بشكل عام من سهول صحراوية شاسعة ولا توجد فيها مرتفعات عالية بدرجة كبيرة. وأكثر أجزاء منطقة الرياض ارتفاعًا هو جبل صبحا في جنوب شرق حلبان الذي يبلغ ارتفاعه 1524م فوق مستوى سطح البحر  ،  القمم في بعض أجزاء جبال طويق محدودة المساحة جدًا، ولا يظهر لها أثر يذكر في مناخ المنطقة. والمنطقة أيضًا محاطة من جميع الجهات بمساحات صحراوية شاسعة، لذلك تُعدُّ منطقة مفتوحة وبخاصة من الجهة الشمالية، وهذا يجعلها تتأثر بشكل ملحوظ بالرياح الشمالية والشمالية الشرقية التي تهب بشكل عام في أيام الشتاء باردة جافة، وفي أيام الصيف حارة جافة، فلا توجد جبال عالية شمال المنطقة تقوم بصد الرياح الشمالية الباردة وتحد من أثرها، وكذلك يفتقر جنوب المنطقة إلى جبال عالية تحد من أثر الرياح الجنوبية الحارة أو تؤدي إلى هطلان أمطار تضاريسية من خلال القيام بعمليات الرفع الميكانيكي للرياح الجنوبية الرطبة، وهي عمليات تتسبب في حدوثها المرتفعات، وتؤدي إلى زيادة كمية الأمطار مثل ما هو في كثير من المرتفعات الجبلية في العالم ومن ضمنها المرتفعات الجنوبية الغربية للمملكة.

 

أما المرتفعات الجبلية والبعيدة عن منطقة الرياض مثل مرتفعات إيران، وشمال شرق العراق، وجبال السروات في غرب المملكة وجنوب غربها؛ فإن أثرها سلبي على مناخ المنطقة، فمرتفعات غرب إيران، وشمال شرق العراق تجعل الرياح الشمالية الشرقية صيفًا أكثر حرارة؛ لأن تلك الرياح تهبط من تلك المرتفعات قبل أن تصل إلى منطقة الرياض وترتفع ذاتيًا (Adiabatic Heating)   بسبب عملية الهبوط، فتصل المنطقة وقد اكتسبت حرارة أكثر، وفي فصل الشتاء تكون مرتفعات غرب إيران وشمال شرق العراق مغطاة بالثلوج، ما يجعل الرياح الشمالية الشرقية تصل المنطقة وقد اكتسبت برودة أكثر؛ لأنها تمر بالغطاء الثلجي فوق تلك المرتفعات، ويكمن الأثر السلبي لجبال الحجاز والسروات على المنطقة في تصديها للرياح الجنوبية الغربية الرطبة، وحجبها عن المنطقة في كثير من الأحيان، إذ تصبح جافة عندما تصل إلى منطقة الرياض إِثْر تعرضها لتغيرات مناخية من قِبَل تلك المرتفعات.