العيش في الأماني غلط كبير

الكاتب: المدير -
العيش في الأماني غلط كبير
"العيش في الأماني غلط كبير




مشكلةٌ يعيشها بعض المسلمين؛ ذلك أنهم يعيشون في أمانيهم، ويُحاولون أن يُلبِّسوا على أنفسهم كثيرًا من الحقائق، وأن يُغمِضوا أعينَهم عن جوانب متعددة من الواقع الذي يَحيَونه.

 

وقد يفيد أن نَذكُر بعضَ الأمثلة عن العيش في الأماني:

? كنت في مجلس ضمَّ شبابًا صالحين متحمسين، وشيوخًا طيبين، أيام غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان المسلمة، فشرع شاب يقول: إن المجاهدين سيطروا على أربعة أخماس البلاد في أفغانستان، فصدَّق الحاضرون الخبرَ؛ لأنه من أمانيهم، ولم يسألوا ذلك الشابَّ عن مصدره، استوى في هذا الموقف الشباب والشيوخ، فانطلقوا من الغد يُشيعونه ويُفخِّمونه في حماسة شديدة، ولم يكن الخبر صحيحًا، وقد جاء في الحديث: ((كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سَمِع))، وفي رواية: ((بحَسْب المرء من الكَذِب أن يُحدِّث بكل ما سمع)).

 

? ويدخل رجلٌ مُتدين إلى جامعة في بلد من البُلدان العربية، فيرى في ساحتها عددًا من الطالبات المحجَّبات، فيُسرِف في التفاؤل، ويُعلِن أن تغيُّرًا كبيرًا حصل في ذاك البلد، ويتوقَّع قيامَ الدولة الإسلامية فيه بين عشيَّة وضُحاها.

 

? إن العيش في الأماني تزوير للحقيقة، وخداع للنفس، وهو أيضًا تخدير للأعصاب.

 

يجب ألا نَفِر من الاعتراف بالواقع الذي نحياه، فقد يكون واقعًا سيئًا أليمًا، وهو كذلك، فيجب أن نُدرِك ذلك، وألا نرضى به، وأن نعمل على إصلاحه.

 

إن علينا أن نجعل أمانينا الكريمة حقيقة قائمة في حياتنا؛ أي أن نسعى في تحقيق هذه الأماني، لا أن نعيش في أوهام نَخترِعها، حتى نَسعَد سعادةً موهومة، ونُسَر سرورًا كاذبًا.

 

وللعلماء العاملين، وللدعاة الصادقين دورٌ مهم في توعية الشباب، وتقرير أن المطلوب منهم هو الإصلاح والاستمرار في ذلك، إن الدعاة والعلماء يُمثِّلون القيادةَ الفكرية للأمة ولهؤلاء الشباب، وهناك كلمة صحيحة أطلقها بعضُ أهل العلم منذ أكثرَ من قرن من الزمان، قال: المسلمون إلى خير، ولكن النقص في القيادة.

 

يريد أن يَحُثَّ المسلمين على استدراك هذا النقص؛ قال الشاعر:

لا يَصلُح الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم ??? ولا سَراة إذا جُهَّالُهُم سَادُوا

 

ووقائع الأيام تدل على أن مستوى هذه القيادة ليس في المستوى المطلوب، فهناك شيء من السذاجة وعدم تقدير الدور الكبير الذي يجب أن يكون، إننا محاسبون جميعًا شبابًا وشيوخًا، وإننا مُطالَبون جميعًا أن نَستكمِل النقصَ، إن إمكانية الصلاح والإصلاح قائمةٌ الآن، فلا بد من اغتنامها والسعي في ذلك.

 

ولنحذرِ الكذب، وقَبُول الكذب، إن تشجيع العاملين ودفْعهم إلى مزيد من العمل يجب أن يكون صادرًا عن حقيقة ثابتة لا كَذِب فيها، إن الخير لا يأتي من طريق الشر، والكذب شر، وتصديق الكذب شر أيضًا.

 

يجب أن نحرِص على الدقَّة في كلامنا، وأن يَلتزِم كلامنا بالحقائق، لا يُجاوِزها إلى الكَذِب، ويجب أن ننأى عن إيقاع الشباب في اليأس، فلا حياة مع اليأس:? وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ? [يوسف: 87].

 

وبعد، فلنَعِش واقعَنا، ولنعمل على إصلاحه وَفْق شرع الله، حتى نَصِل إلى الوضع الأمثل، ولنَحذر أن نعيش في أمانينا المعسولة؛ كيلا نكون في الأوهام.

 

ولنحذر أن نقعَ في معاصي الله، في أقوالنا وأفعالنا؛ فهي محسوبة علينا، وأعداؤنا ينتظرون أن تقع منا زلَّة؛ ليُشوِّهوا حقيقةَ موقفنا.

 

إن أعداءنا كشَّروا عن أنيابهم، وأعدُّوا العُدةَ لابتلاعنا والقضاء علينا، فنحن في بلاد الشام نرى اتفاقَ الدول على حَرْبنا وإبادتنا، وما زالوا يؤيِّدون هذ الحاكم الفاجر الظالم المجرم قاتل الأبرياء من الرِّجال والأطفال والنِّساء، ولقد قسَّم الكفار بلدنا الواحد في مطلع القرن الميلادي الماضي، وعمِلوا على إذلالنا وإفقارنا، وهم ماضون في هذا الطريق، فلنتوكَّل على الله، ولننصُره في سلوكنا وقولنا، ولنَعتَمِد على أنفسنا ولا ننتظر النصرَ والمعونة إلا من الله.

 

ولنَعْش واقعنا وحياتنا لا أمانينا، والله الهادي إلى سواء السبيل!


"
شارك المقالة:
31 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook