(1) الإِيطاء : هو أن تتكرر كلمة الروي بلفظها ومعناها في قصيدة واحدة من غير فاصل يعتدُّ به كسبعة أبيات ، وهو مأخوذ من (المواطاة) التي تعني الموافقة ، مثل :
لقد هتفتْ في جنح ليل حمامةٌ |
|
على فننٍ وَهْنًا وإني لنائمُ |
أأزعمُ أني هائمٌ ذو صبابة |
|
لسعدى ولاأبكي وتبكي الحمائمُ |
كَذِبْتُ وبيتِ اللهِ لو كنتُ عاشقا |
|
لما سبقتني بالبكاءِ الحمائمُ |
أما إذا اتفت الكلمتان لفظا واختلفتا معنًى فإن ذلك يعد من ضروب الإبداع والتزيين ، وهو دليل الإحاطة العلمية ورسوخ قدم القائل في اللغة ، ولا يتسنى لكل أحد أن يأتي بمثل هذا ، مثال ذلك :
ماذا نؤمل من زمانٍ لم يزلْ |
|
هوَ راغبا في خاملٍ عن نَابِهِ |
نلقاه ضاحكةً إليه وجوهُنا |
|
وتراه جهمًا كاشرًا عن نَابِهِ |
فـ( نابه ) الأولى ذو نباهة ، والنباهة ضد الخمول ، و( نابه ) الثانية بمعنى السِّن .
(2) التَّضْمِين : وهو تعلق قافية البيت بصدر البيت الذي يليه وهو نوعان :
أ- قبيح : وذلك إذا كان مما لايتم الكلام إلا به ، كالفاعل ، والصلة وجواب الشرط ، وخبر المبتدأ والنواسخ ، مثل :
وهمْ وردوا الجِفارَ على تميمٍ |
|
وهمْ أصحابُ يومِ عكاظَ إنِّيْ |
شهِدتُ لهم مواطنَ صادقاتٍ |
|
شهدنَ لهمْ بحسنِ الظنِّ مِنِّيْ |
فقوله : ( شهدتُ ) خبر ( إن ) في البيت السابق .
ب-مقبول : إذا كان الكلام يتم بدونه كالتوابع ، وما أشبهها من الفضلات ، مثل :
وتعرفُ فيهِ منْ أبيهِ شمائلا |
|
ومن خاله ومن يزيدَ ومن جُحُرْ |
سماحةَ ذا ، وبِرَّ ذا ووفاءَ ذا |
|
ونائلَ ذا إذا صحا وإذا سَكِرْ |
فـ( سماحةَ ) ومابعده بدل اشتمال من قوله ( شَمائِلا ) .
(3) السِّناد : وهو اختلاف مايراعى قبل الروي من الحروف والحركات ، وهو خمسة : اثنان باعتبار الحروف ، وثلاثة باعتبار الحركات :
أ- سناد الردف : وهو جعل بعض الأبيات مردوفة ، وبعضها غير مردوف ، مثل :
إِذا كُنتَ في حاجةٍ مُرسلا |
|
فأرسلْ حكيما ولا تُوْصِهِ |
وإِنْ بابُ أمرٍ عليك التوى |
|
فشاورْ حكيمًا ولا تعْصِهِ |
فالبيت الأول مردوف والثاني غير مردوف .
ب- سناد التأسيس : وهو جعل بعض الأبيات مؤسسة ، وبعضها غير مؤسس ،مثل :
الرأيُ رأيُ أميرِ المؤمنينَ إذا |
|
حارتْ رجالٌ وضلتْ في مَرَائِيْهَا |
أسدى إليَّ أميرُ المؤمنين يدًا |
|
جلَّتْ كما جل في الأملاك مُسْدِيْهَا |
بيضاءَ ما شابها للأبرياء دمٌ |
|
ولا تَكَدَّر بالآثام صافِيْهَا |
فالبيت الأول والثالث فيهما ألف تأسيس ، والبيت الثاني غير مؤسس .
ج- سناد الإشباع : وهو تغيير حركة الدخيل في القافية المطلقة والمقيدة ، مثل :
وهلْ يتكافا الناس شتى خلالهم |
|
وما تتكافا في اليدين الأَصَابِعُ |
يُبجَّلُ إجلالا ويُكْبَرُ هيبةً |
|
أصيلُ الحجى فيه تُقًى وَتَوَاضُعُ |
ففي البيت الأول حركة الدخيل وهو الباء كسرة ، وفي البيت الثاني حركة الدخيل وهو الضاد ضمة.
د- سناد الحذو : وهو اختلاف حركة ماقبل الردف ، مثل :
السِّحْرُ من سود العيون لَقِيْتُهُ |
|
والبابِلِيُّ بلحْظِهِنَّ سُقِيْتُهُ |
الناعساتُ الموقظاتُ من الهوى |
|
المُغْرِياتُ بهِ وكُنْتُ سَلَيْتُهُ |
فحركة القاف في البيت الأول ، وحركة اللام في البيت الثاني تسمى حذوا ، وكان ينبغي أن تتحد حركة ماقبل اليائين ، لكنها جاءت في البيت الأول كسرة وفي البيت الثاني فتحة .
هـ سناد التوجيه : وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد ( الساكن ) ، مثل :
إنَّ (لا) بعد (نعم) فاحشةٌ |
|
فبـ(لا) فابدأْ إذا خِفْتَ النَّدَمْ |
لا تراني راتعا في مجلسٍ |
|
في لحوم الناس كالسَّبْعِ الضَّرِمْ |
فحرف الروي الميم الساكنة ، وقد جاء توجيه القافية الأولى فتحة ، وتوجيه الثانية كسرة .
هذه العيوب المتقدمة قد اغتفر للمولدين (المتأخرين ) ارتكابهُا لوقوعها كثيرا في شعر المتقدمين إلا التضمين القبيح ، فهو عيب غيرمغتفر ويجب الاحتراس منه .