العيون الطبيعية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 العيون الطبيعية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

 العيون الطبيعية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
حينما تخرج المياه الجوفية إلى سطح الأرض بكميات تكون كافية لتدفقها دون أن يتدخل الإنسان في خروجها تسمى بالعيون الطبيعية (الينابيع) (Springs)  . أما حينما تخرج المياه الجوفية طبيعيًا إلى السطح بكميات قليلة لا تسمح بالتدفق، فإنه يطلق عليها الرشح (النـز أو الوشل) (Seepage). وتخرج المياه الجوفية طبيعيًا إلى سطح الأرض تحت تأثير الجاذبية الأرضية في الأمكنة المنخفضة التي يكون عندها سطح الماء الجوفي في الخزانات الحرة أعلى من سطح الأرض أو من خلال الشقوق. كما أنها أيضًا تخرج طبيعيًا إلى سطح الأرض تحت ضغط ارتوازي في الأمكنة التي يكون فيها مستوى السطح البيزومتري للخزانات المحصورة أعلى من سطح الأرض، وتجد منافذ طبيعية تسمح بخروج الماء نتيجة لضعف الطبقة غير المنفذة أو لتشقق صخورها.
 
ترتبط العيون عالية التدفق غالبًا بالخزانات ذات النفاذية العالية، مثل الخزانات التي تتكون من الحمم البركانية (lava)، أو من الصخور الجيرية، أو من الرواسب الخشنة. في حين أن خزانات الصخور الرملية قد لا تسمح النفاذية فيها بتدفق كميات كبيرة من المياه. وتعتمد كمية المياه المتدفقة من العين على النفاذية في الخزان، وعلى حجمه وكذلك على مساحة مواقع التغذية وكمية التغذية، إذ تكون العلاقة طردية بين تصريف العين والمتغيرات السابقة. فمياه العيون تتدفق بكميات كبيرة وبشكل منتظم إذا كانت العيون تستمد مياهها من خزانات جيدة النفاذ، وتحتوي على مخزون كبير من المياه. في حين أن معظم العيون قليلة التدفق غالبًا تتذبذب كميات المياه المتدفقة منها وفقًا لتذبذب الأمطار في المنطقة ووفقًا للتغيرات اليومية والفصلية لمعدلات التبخر والنتح، إذ إن كميات المياه المتدفقة تزداد في مواسم سقوط الأمطار، وتزداد أيضًا عندما تنخفض معدلات التبخر والنتح في الفترات الباردة نسبيًا سواء في الليل أو في فصل الشتاء.
لقد كان للعيون الطبيعية دور مهم في نشأة مراكز الاستيطان القديمة في منطقة المدينة المنورة مثل العلا (وادي القرى) وخيبر. فقد ذكر ياقوت الحموي   المتوفى سنة 626هـ / 1229م أن:
 
"وادي القرى: وادٍ بين الشام والمدينة وهو بين تيماء وخيبر فيه قرى كثيرة وبها سمي وادي القرى، قال أبوالمنذر: سمي وادي القرى لأن الوادي من أوله إلى آخره قرى منظومة وكانت من أعمال البلاد وآثار القرى إلى الآن بها ظاهرة، إلا أنها في وقتنا هذا كلها خراب ومياهها جارية تتدفق ضائعة لا ينتفع بها أحد... وهي كانت قديمًا منازل ثمود وعاد، وبها أهلكهم الله، وآثارها إلى الآن باقية
 
إن عدد العيون الطبيعية بمنطقة المدينة المنورة قد قل في الوقت الحاضر بسبب هبوط مستوى الماء الجوفي في الخزانات، وبالتالي جفت معظم العيون  ، ويعود ذلك إلى تطور وسائل حفر الآبار، وتطور وسائل ضخ المياه منها، وكذلك الزيادة الكبيرة لعدد السكان في المنطقة، وتحسن مستواهم المعيشي؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على المياه للأغراض المنـزلية والزراعية. ولا تتوافر دراسات سابقة تحتوي على معلومات وبينات حديثة تبين عدد العيون في منطقة المدينة المنورة، وكميات المياه المتدفقة منها ونوعية مياهها. كما أن مثل هذه المعلومات أيضًا غير متوافرة لدى وزارة المياه والكهرباء. ولكن تشير وزارة المياه   إلى وجود ينابيع مهمة في الصخور البازلتية بالقرب من المدينة المنورة والعلا. ويذكر أحد الباحثين   أن الدراسات الفنية التي أجرتها شركات استشارية لصالح وزارة الزراعة والمياه قد دلت على وجود 150 عينًا طبيعية متمركزة في عشرة مواقع بمنطقة خيبر، وتستمد مياهها من خزانات صخور البازلت، مؤكدًا أن عدد العيون الرئيسة كان يبلغ 30 عينًا، يراوح إنتاجها من المياه (التصريف) بين 3.2 و 19 لتر / ث. وهذا يعني أن تصريف العيون الرئيسة في خيبر يعد من الرتبة الرابعة والخامسة وفقًا لتصنيف منذر (Meinzer)  .  أما بقية العيون الأخرى في خيبر، فإنها كانت تنتج كميات قليلة من المياه. وتعد نوعية مياه العيون في خيبر حسنة، إذ كان يراوح تركيز الأملاح الذائبة فيها بين 950 و 2000 جزء / مليون.
 
شارك المقالة:
295 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook