القطاع التجاري في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
القطاع التجاري في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

القطاع التجاري في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
أ - لمحة تاريخية:
 
كانت التجارة النشاط الاقتصادي الثاني بعد الزراعة بمنطقة حائل. حيث إن أهمية المنطقة تبرز قديمًا في أنَّها كانت ممرًا للجيوش الإسلامية إلى أرض العراق وفارس، ومعبرًا لهجرات القبائل منذ أقدم الأزمان، فهناك طريق الحج المكي الكوفي المعروف بدرب زبيدة، بالإضافة إلى مواقع أخرى لا تقل أهمية عنه مثل: سميراء وكوز وفيد والأجفر  وزرود والثعلبية (البدع وخضراء) 
 
ومن المؤكد أن طبيعتها الزراعية تجعلها محطة استراحة وتموين لتلك القوافل، وفي الوقت نفسه مركزًا لتبادل بعض السلع مع أهلها. وقد ظهرت الأسواق فيها قديمًا، حيث كانت المنطقة تحفل بعدد من المنازل ومحطات التجارة المهمة منذ العصر الجاهلي  ،  كان من أهمها فيد حيث كانت تقع على الطريق التجاري المهم الذي يربط ما بين النهرين بوسط الجزيرة،  
 
وكان بها من الأسواق الداخلية العامرة حيث الأخذ والعطاء والتعامل فيها كثير، سواء بين أهلها أنفسهم أو بينهم وبين جيرانهم من الأعراب الذين كانوا يفدون إليها للاجتياز منها، ولتصريف منتجات البادية من إبل وغنم وخيل وصوف ووبر وسمن وغير ذلك  .  وقد ظلت هذه الأسواق رائجة في صدر الإسلام حتى القرن السادس الهجري، وخير شاهد على ذلك ما جاء في وصف ابن جبير   لها، فهو يصف سوق سميرة أو سميراء فيقول: " وتبايع العرب فيها مع الحاج فيما أخرجوه من لحم وسمن ولبن ووقع الناس على قرم وعيمة   فبادروا لابتياع ذلك بشقق الخام التي يستصحبونها لمشاراة الأعراب لأنهم لا يبايعونهم إلا بها   "، وهكذا أدى الحج دورًا مهمًا في رواج هذه الأسواق بمنطقة حائل منذ فجر الإسلام، وأصبحت بمثابة القلب من إقليم نجد المتسع حيث صارت قوافل الحج والتجارة تمر به، مما جعل مناهل هذا الطريق كفيد وسميراء من الأهمية بمكان، وحيث كان الحجاج يبتاعون من بني نبهان وغيرهم من أعراب المنطقة ما يحتاجون إليه من المؤن لهم ولدوابهم.
 
ويمكن القول إن الحركة التجارية في المنطقة استمرت على ذلك الوضع حيث استفادت المنطقة من موقعها الجغرافي في طريق الرحلات من جنوب الجزيرة العربية إلى الشام، وعلى طريق الحجاج من العراق إلى مكة، وهذا الوضع كان يتأثر بشكل واضح حسب الحالة الأمنية التي تسود الطرق في تلك الأيام حيث إن استمرار الاضطرابات في القرون التالية أثَّر سلبًا في حركة القوافل التجارية والأسواق في المنطقة فتقل السلع حينًا وترتفع الأسعار بشدة، وتكثر السلع وتهبط الأسعار حينًا آخر، فضلاً عن الإتاوات التي تدفعها القوافل في الطريق.
 
وفي بداية العصر الحديث وفي العهد السعودي تغيرت الحال تدريجيًا فقد استخدمت السيارات في المنطقة ثم شقت الطرق وبدأت منطقة حائل تنمو وتزداد سنة بعد سنة، ونشطت الحركة التجارية لاستتباب الأمن ثم قفزت قفزة واسعة بعد أن ظهر النفط شرقي المملكة وبالتالي زيادة دخل الفرد، والدعم الكبير للنشاط الزراعي في المنطقة كان له أثر كبير على نمو الحركة التجارية في المنطقة.
 
ب - أبرز التطورات:
 
شهدت التجارة بالمنطقة ازدهارًا كبيرًا في العهد السعودي، ويرجع ذلك لعدد من الأسباب هي:
 
 استتباب الأمن.
 
 انتعاش الاقتصاد السعودي نتيجة للطفرة الاقتصادية التي واكبت اكتشاف البترول وتصديره.
 
 زيادة عدد السكان من السعوديين والوافدين الذين عملوا في مجالات الخدمات المختلفة، والصناعات المحلية، والزراعة، والإنشاءات العمرانية.
 
 التطور الزراعي الذي كان نتيجة للدعم المتواصل من الدولة، وتوافر العوامل الرئيسة لنمو هذا النشاط في المنطقة.
 
 المكانة السياحية التي بدأت المنطقة تحتلها من بين مناطق المملكة الأخرى 
 
 شبكة الطرق الحديثة من خلال ربط المنطقة بالمناطق المجاورة كمنطقة المدينة والقصيم وشمال المملكة، وتطور وسائل النقل الأخرى كمطار حائل الإقليمي. كل هذا تزامن مع تطور وسائل الاتصال الحديثة.
 
هذه التطورات كان لها أثر واضح على نمو التجارة بمنطقة حائل، ثم جاء افتتاح فرع وزارة التجارة في المنطقة ليكون بداية التنظيم الرسمي لهذا النشاط الرئيس حيث تعد أجهزة فروع الوزارة صورة مصغرة للدور الموكل إلى الوزارة. ثم لحق ذلك تأسيس الغرفة التجارية والصناعية بالمنطقة في أوج سنين الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة وتعاظم النشاط الاقتصادي في جميع أرجاء البلاد، حيث أدرك عدد من رجال الأعمال بمنطقة حائل أهمية وجود غرفة تجارية صناعية تخدم رجال الأعمال في مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي من تجاري وصناعي وزراعي وخدمات وتوفر عليهم الوقت والجهد بدلاً من السفر لإنجاز معاملاتهم بوساطة غرف المناطق المجاورة؛ ولهذا يعد تأسيس الغرفة التجارية الصناعية بحائل استجابة للتطورات التنموية التي شهدتها مختلف مناطق المملكة ومن بينها منطقة حائل حيث تطلب النمو التجاري، والدخول في مجالات الاستثمار المتعددة وجود مثل هذه المؤسسة الخدمية التي تعين رجال الأعمال بالقطاع الخاص على تذليل العقبات التي تعترضهم فتقدم لهم النصح والمشورة الواعية وتنسق فيما بينهم وبين الجهات الرسمية ذات العلاقة بكل ما يمكن أن يوفر لهم الجهد والوقت والمال.
 
ج - الوضع الحالي ودوره في اقتصاد المنطقة:
 
يعد قطاع التجارة من المكونات الأساسية للهيكل الاقتصادي لمنطقة حائل منذ زمن بعيد لوقوعها على طريق القوافل القديم، ويمكن تطوير قطاع التجارة بأبعاده الخارجية والداخلية، ويوجد بالمنطقة عدد من المنتجات الزراعية التي تلقى طلبًا خارجيًا سواء على المستوى المحلي أو العالمي، ويدعم حركة التجارة الخارجية توافر شبكات النقل والمواصلات والاتصالات الجيدة بالمنطقة، كما يمكن تطوير التجارة الداخلية نظرًا لتزايد الطلب الناتج عن حركة السياح والزوار بالمنطقة والمتوقع لها التزايد في المستقبل بعد اكتمال برامج التطوير السياحي في المنطقة التي يتوقع لها أن تكون أحد أهم مراكز الجذب السياحي في المملكة نظرًا لما تتمتع به المنطقة من مقومات سياحية عالية.
 
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى التطور التجاري الذي تشهده باقي محافظات منطقة حائل (بقعاء، وتربة حائل، وجبة، والحائط، والخطة، والروضة، والشملي، والسليمي، والكهفة، وموقق، والشنان، وسميراء) حيث تطورت الحركة التجارية في تلك المحافظات وأصبحت دعامة من دعائم الاقتصاد الوطني.
 
شارك المقالة:
59 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook