المؤمن القوي

الكاتب: مروى قويدر -
المؤمن القوي

المؤمن القوي.

 

 

الإيمان:

 

الإيمان لغةً يعني التصديق، آمن بالشيء أي صدّقه، وهو مصدر آمن يؤمن إيماناً، وفي ذلك اتفاق بين اللغويين من أهل العلم أن الإيمان معناه التصديق، قال الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)، وقال إخوة يوسف لأبيهم: (وَما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَنا وَلَو كُنّا صادِقينَ)، أي: ما أنت بمصدّق لنا، والأصل في الإيمان التصديق القلبي مع تصديق اللسان، وبذلك يُعرف حال المؤمن من المنافق، فالذي صدّق بلسانه ولم يصدّق بقلبه فهو منافق، أما من توافق قلبه مع لسانه تصديقاً فذلك حال المؤمن، أما من افترى وزعم أنه لا يلزم توافق القلب مع اللسان، وادّعى الاكتفاء بالقول فقط، فهو إما أن يكون منافقاً مناصراً لأهل النفاق، وإما أن يكون جاهلاً بما يقول معانداً للحق بغير علم.


ويُعرّف الإيمان اصطلاحاً كما دلّت عليه آيات الله وسنة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- وإجماع السلف الصالح؛ بأنه الاعتقاد في القلب والجنان، والقول باللسان، والعمل بالجوارح والأركان، يزيد بطاعة الرحمن، وينقص بطاعة الشيطان، قال تعالى: (وَيَزيدُ اللَّـهُ الَّذينَ اهتَدَوا هُدًى وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ مَرَدًّا)، وبذلك يمكن أن نقول أن الإيمان له ثلاث حقائق؛ حقيقة في اللسان، وحقيقة في الجنان، وحقيقة في الجوارح والأركان، أما حقيقة اللسان فهي النطق بالشهادتين بشهادة أن لا إله الا الله، وأنّ محمدا رسول الله، وحقيقة القلب هي الاعتقاد الجازم بصدق ما جاء به الله -عز وجل- على لسان نبيّه صلى الله عليه وسلم، وحقيقة الأركان هي الخضوع والتسليم لأوامر الله -عز وجل- ونهيه، وفي ذلك قوله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

 

صفات المؤمن القوي:

 

رُوَي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ)، ويُراد بالقوة هنا العزيمة، والإقدام، والتحمل، والجلد في سبيل الله، والمبادرة على الخير، ومن صفات المؤمن القوي:

  • جهاد النفس والمال في سبيل الله تعالى.
  • أن يكون الله ورسوله أحب اليه من سواهما: ويكون ذلك باتباع الله ورسوله واجتناب نواهيه.
  • الحب في الله والبغض في الله: وهو من أوثق عرى الإيمان، ومصدر التوافق والتلاؤم في المجتمع المسلم ودوام تآلفه، ففيه يتحابّون ويتوادّون ويتراحمون فيما بينهم، ويزور بعضهم بعضاً، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
  • التسليم بقضاء الله وقدره والصبر عند البلاء: فالرضا من أعظم الأبواب تقرباً إلى الله، وفيه نعيم الدنيا وطمأنينة القلب ووقاره، وفي مقابل رضاه عن ربه يرضى ربه عنه.
  • المسارعة في الخيرات: وذلك بالمبادرة بالطاعات، والتسابق في العبادات، وعدم إيثار لذة الدنيا الزائلة على دوام نعمة الآخرة، قال تعالى في كتابه الكريم: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).

 

فضل المؤمن القوي على الضعيف:

 

إن كل من يحقّق أركان الإيمان فيه خير عظيم، ولكن الناس بالطبع يتفاوتون في الفضل والأجر، فكلما كان المؤمن أقوى كان لله أقرب وأعظم منزلة، ولذلك جاء الأمر بأخذ هذا الدين بقوةٍ وعزيمة، وذمّ التراخي، كما قال تعالى لنبيّه: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، والقوة هنا تشمل جميع جوانب المؤمن، فهو قوي في توحيده، وقوي في صلاته، فيحافظ عليها في وقتها، ويتبعها بالنوافل والصدقات، وقوي في دنياه في طلبه للكسب الحلال وتعامله مع مجتمعه المسلم كما يرضاه الله عز وجل، وبذلك يكون تأثير المؤمن القوي أعظم عند الناس وأدعى للقبول في حال الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على خلاف المؤمن الضعيف الذي لا يستطيع أن يكون صاحب كلمةٍ عند غيره، فهو يغلب عليه طابع الاستسلام، فصاحب الصفّ الأخير لا يكون تأثيره كصاحب الطليعة وصاحب الكلمة المسموعة، فربما تطاولوا على الضعيف أو سخروا منه، فهو مسكين ضعيف لا حيلة له

شارك المقالة:
98 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook