انطلاقًا من مسؤوليات وزارة الزراعة في الحفاظ على العناصر البيئية في مختلف أرجاء المملكة، وتحقيقًا لرغبة المسؤولين في إبراز صناعة السياحة الداخلية وتطويرها، فقد تصدت لمهمة إنشاء المتنـزهات الوطنية من خلال تحديد مواقع ذات خصائص بيئية فريدة تمتاز بإمكانية تطويرها؛ لتستغل في توفير سبل الراحة والاستجمام والمتعة والفائدة للمواطنين، بإضافة الخدمات الضرورية والمرافق المساندة مثل: إنشاء مواقع للتخييم للعائلات والعزاب، وبناء دورات مياه، وتمهيد الطرق والدروب داخل المتنـزهات مع توفير مواقف سيارات، ومساجد، وملاعب للأطفال.

 

ولقد بدأت منظومة المتنـزهات الوطنية في المملكة بإنشاء متنـزه عسير الوطني بوصفه أول وأكبر متنـزه وطني في المملكة عام 1401هـ /1981م، وتلاه إنشاء عدد من المتنـزهات الوطنية في الأحساء والطائف وحائل وغيرها؛ لتقف جميعها شاهدًا على الدور الريادي للمملكة في مجال الوعي البيئي والمنهج الحضاري في إطار الإدارة المستدامة للبيئات الزراعية.

 

 

يقع متنـزه الأحساء الوطني في محافظة الأحساء، وقد أنشئ عام 1382هـ /1962م تحت اسم مشروع (حجز الرمال)، وكان الهدف من إنشائه حماية واحة الأحساء من تأثير الرمال الزاحفة التي أدت إلى طمر عدد من القرى والأراضي الزراعية، وتهديد الواحة ومزارعها التاريخية، وقد صُمم وفقًا للأسس العلمية والعملية الدولية، وهو يمثل واحدًا من أهم النماذج العلمية الناجحة لوقف زحف الرمال، وقد أمكن من خلاله التقليل من خطر زحف الرمال، والاستغناء عن رش الكثبان الرملية بالمواد البترولية الضارة بيئيا، وبعد النجاح الكبير الذي حققه مشروع حجز الرمال، ومن أجل الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة؛ أصدر معالي وزير الزراعة عام 1405هـ /1985م قرارًا بتحويل المشروع إلى متنـزه وطني وتطوير بعض أجزائه لأغراض التنـزه دون الإخلال ببنيته الأساسية وأهداف إنشائه.

 

ويقوم هذا المتنـزه في موضع داخل رمال صحراء الجافورة، ويمثل جزيرة خضراء وسط بحار الرمال الكثيفة، وهو يضم واحة الأحساء، ويمتد شرقًا إلى شاطئ العقير على الخليج العربي بمساحة إجمالية قدرها 2400كم  تحتوي على ثلاث بيئات مختلفة هي: مجمع واحة الأحساء، والامتداد الصحراوي في شرقيه، والبيئة البحرية.

 

1 - مجمع الواحة:

 

يتكون مجمع الواحة من ثلاثة فروع بيئية لها علاقة بطبيعة الواحة وهي:

 

 مزارع النخيل الممتدة على طول الواحة من مدينة الهفوف إلى مدينة العيون لمسافة 20كم بعرض خمسة كيلومترات، وهي رقعة خضراء تشكل مواطن بيئية لأنواع نباتية وحيوانية فطرية.

 مجاري وبحيرات الصرف لفائض مياه الري التي نشأت فيها وحولها بيئات أراضٍ رطبة تؤوي أنواعًا كثيرة من الأحياء النباتية والحيوانية.

 غابات مشروع حجز الرمال الذي أنشئ لحماية الواحة من زحف الرمال التي أصبحت مأوى لكثير من الطيور والزواحف والثدييات الصغيرة.

 

وتوضح البيئات الثلاث التطور الحضاري والثقافي الإنساني عبر أربعة آلاف سنة؛ إذ كانت الواحة تشكل المصدر الأساس لحياة الواحة في زراعة النخيل والحبوب والأعلاف، ومع مرور الزمن تأثرت الزراعة بتراكم الأملاح وزحف الرمال. وقد أنشئت قنوات لري المزارع وصرف فائض المياه للتخلص من الملوحة، وضخ الماء بعيدًا عن المناطق الحضرية اتقاء للآثار السلبية للمياه الآسنة، ونشأت بسبب ذلك ثلاث بحيرات على بُعد 15كم من أقرب منطقة عمرانية، وقد صارت هذه البحيرات أراضي رطبة واسعة نمت فيها وحولها نباتات متنوعة، كما جذبت أحياء مائية وبرمائية وبرية مختلفة.

 

2 - الامتداد الصحراوي الواقع شرقي الواحة ودون شاطئ الخليج العربي:

 

يمثل هذا الجزء بيئة صحراوية قاحلة تسود فيها الكثبان الرملية التي تنمو في منخفضاتها نباتات متفرقة من أنواع تأقلمت على الحرارة والجفاف مثل: الهرم (Zygophyllum album)، والشبرم (Zilla) (spinosa)، والثمام (Panicum turgidum)، كما تنمو على جوانب الكثبان الرملية بعض الحوليات. وتعيش فيها بعض الحيوانات الفطرية الليلية مثل: الأرانب، والثعالب، والقنافذ، وبعض القوارض.