المجالس في العهد السعودي بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المجالس في العهد السعودي بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

المجالس في العهد السعودي بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
ازدادت اللقاءات الثقافية في منتصف القرن الرابع عشر الهجري (الثلاثينيات الميلادية من القرن العشرين)، أي مع بدايات العهد السعودي، وأصبحت تعقد في النهار، في بستان من بساتين المدينة، وتسمى (قيلة) أو في الليل وتسمى (ليلة)، وإذا تعذر الخروج إلى البستان عقدت القيلة أو الليلة في بيت أحدهم بالتناوب، وغالبًا ما يرافق القيلة وجبة غداء والليلة وجبة عشاء. ومن أشهر البساتين التي كانت الجلسات تعقد فيها بستان (المصرع) أو (خيف السيد)، ويملكه آل المدني وبستان (الزهرة) لآل محروس، وهما يقعان شمال المدينة المنورة، ولا سيما (الزهرة) التي كانت تقع شمال جبل أحد في منطقة تسمى (العيون)، وتتميز هذه اللقاءات بأنها تجمع المنتدين من مختلف الطبقات، ولم تكن هناك فوارق اجتماعية أو وظيفية بل سادت بينهم روح الانسجام والتوافق. ويمكن تقسيم رواد تلك الندوات إلى ثلاث فئات حسب العمر والتسلسل الزمني لكل فئة:
 
الفئة الأولى:
 
أمين مدني، وأحمد عبيد، وأحمد ياسين الخياري، وأحمد رضا حوحو، وأحمد العربي، وضياء الدين رجب، وعبيد مدني، وعثمان حافظ، وعلي حافظ، وعبد القدوس الأنصاري، وعبد الرحمن الحصين، ومحمد الطيب الأنصاري، ومحمد الحافظ، ومحمد علي الحركان، ومصطفى عطار، ومحمد حسين زيدان، ومحمد عمر توفيق، ومحمد عالم الأفغاني، وغيرهم. ومن ثمرات هذه الندوة ظهور فكرة إصدار أول مجلة أدبية في المملكة وهي المنهل عام 1355هـ / 1936م لصاحبها عبد القدوس الأنصاري، وصحيفة المدينة المنورة عام 1356هـ / 1937م لصاحبيها عثمان حافظ وعلي حافظ.
 
الفئة الثانية:
 
حبيب محمود أحمد، وماجد أسعد الحسيني وغيرهما، وهذه الفئة من رواد المجالس الثقافية وقد شاركوا فيها بعد عام 1360هـ / 1941م تقريبًا.
 
الفئة الثالثة:
 
وهم من الأدباء والمثقفين الذين شاركوا في المجالس الثقافية أوائل السبعينيات الهجرية وما بعدها، ومنهم: عبد السلام هاشم حافظ، وعبد العزيز الربيع، وعبد الرحيم أبو بكر، ومحمد هاشم رشيد، ومحمد العامر الرميح، ومحمد العيد الخطراوي، وغيرهم. ومن هذه الأسماء - كما هو مذكور في مكان آخر - تشكلت في أواسط السبعينيات (أسرة الوادي المبارك)، وكان أعضاؤها يجتمعون في منـزل أحدهم بالتناوب إلى أن أسفرت عن ولادة (النادي الأدبي بالمدينة المنورة) عام 1395هـ / 1975م.
 
وقد ظهرت عدة مجالس أخرى وما زال بعضها مستمرًا، وتوقف بعضها الآخر بسبب وفاة القائمين عليها، وأهم هذه المجالس:
 
1 - مجلس آل عباس:
 
وقد مر تاريخه بمراحل ثلاث منذ إنشائه في أوائل القرن الرابع عشر الهجري:
 
المرحلة الأولى:
 
وهي فترة المؤسس أحمد إبراهيم عباس 1265 - 1337هـ / 1848 - 1918م، وهو أحد أعيان المدينة المنورة وعلمائها، وكان يعقد المجلس في بستانه المسمى (العباسية) بجوار مسجد قباء، وتؤمه مجموعة من أعيان المدينة ومثقفيها، يناقشون فيه القضايا العلمية والأدبية والزراعية.
 
المرحلة الثانية:
 
وتبدأ من النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري، وهي فترة المؤسس الثاني عبد الحميد عباس 1327 - 1408هـ / 1918 - 1987م، وهو أحد أدباء المدينة ومن كبار المزارعين، وقد تقلَّد مناصب قيادية عدة في مجال الزراعة، وكان المجلس يضم كبار علماء المدينة وأدبائها وضيوفها، ويعقد يوميًّا بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء، وفي رمضان من بعد صلاة التراويح إلى منتصف الليل، ويغلب على اهتمامات المجلس في هذه الفترة العلوم الشرعية، ويصفه صاحبه قائلاً:
 
 
نعم  الجــليس  كتــاب اللـه ندرسـه     فــي مجــلس طــاب زوارًا وروادا
لا لغــو فيــه ولا إثــم ولا هــذر     بـل ننشـر الخـير إصلاحًـا وإرشـادا
هذا الاقتباس الشعري يدل بوضوح على طبيعة ذلك المجلس من ناحية الموضوع ومن ناحية الجانب اللغوي السائد فيه، وهو وإن كان مشابهًا لندوة (أنور عشقي)، إلا أنه يتميز بوضوح الرؤية وتحديد الهدف، ويبدو أن الجانب اللغوي يستخدم مطية للموضوع التعليمي، فليس عند المنتدين وقت للاستمتاع بالجانب الفني.
المرحلة الثالثة:
 
بدأت في أوائل القرن الخامس عشر الهجري (ثمانينيات القرن العشرين الميلادي) تحت إشراف أبناء المؤسس الثاني بعد وفاته.
 
وقد اشتهر مجلس آل عباس في فتراته الثلاث بكثرة الشخصيات الرسمية ومجموعة كبيرة من العلماء الذين اختلفوا عليه، ومنهم: محمد المختار الشنقيطي، سفير الأردن السابق في المملكة، وأحمد زكي يماني، وعمر بهاء الأميري، ومحمد الطيب الأنصاري وغيرهم.
 
2 - مجلس آل القم قم جي:
 
مر هذا المجلس أيضًا بمراحل ثلاث منذ إنشائه في الثلاثينيات من القرن الرابع عشر الهجري (العقد الأول من القرن العشرين الميلادي)، وهي:
 
المرحلة الأولى:
 
مرحلة التأسيس في عهد الشيخ (عباس حمزة قم قم جي)، شيخ المزارعين في المدينة المنورة، وكان المجلس يعقد في فصل الشتاء في منـزله في منطقة المناخة، غرب المسجد النبوي الشريف، وفي فصل الصيف في بستانه المسمى (القم قم جي) بجوار بقيع الغرقد، مدفن أهل المدينة الشهير غرب المسجد النبوي. وكان المنتدون يدرسون فيه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وبعض الأمور الزراعية التي تهم سكان المدينة المنورة.
 
المرحلة الثانية:
 
وتبدأ من منتصف القرن الرابع عشر الهجري في عهد الشيخ (علي عباس قم قم جي)   1345 - 1408هـ / 1926 - 1987م، وهو من أعيان المدينة المنورة ومدير مصلحة العين الزرقاء فيها. ونظرًا لتطور وسائل الاتصال والمعرفة فقد تنوعت الموضوعات التي كان يناقشها المنتدون في هذه المرحلة من قضايا أدبية وصحفية وتاريخية وسياسية واجتماعية، ومنهم عبد العزيز الربيع، وعبد الفتاح أبو مدين.
 
المرحلة الثالثة:
 
وتبدأ مع بداية القرن الخامس عشر الهجري (ثمانينيات القرن العشرين الميلادي) تحت إشراف (خالد علي قم قم جي)، ويعقد المجلس في منـزله بالحرة الشرقية، إحدى المناطق الحديثة في المدينة المنورة التي ازدهرت بفعل توسعة الملك فهد - رحمه الله - للمسجد النبوي وإزالة كثير من المباني والبيوت المجاورة له، واستمر المنتدون الذين أشرنا إليهم في المرحلتين السابقتين في المجيء إلى هذا المجلس.
 
3 - مجلس زكي برزنجي 1296 - 1365هـ / 1878 - 1945م:
 
وهو أحد قضاة المدينة المنورة وعلمائها وأدبائها، ومن رواد مجلسه لفيف من أهل العلم والأدب، ومنهم عبيد مدني، وأمين مدني.
 
4 - مجلس محمد عثمان داغستاني 1300 - 1380هـ / 1882 - 1960م:
 
وهو أحد أدباء المدينة وأعيانها، وكان يعقد المجلس في منـزله بحي المناخة يوميًّا بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء، قبل إزالته في توسعة الملك فهد - رحمه الله - للمسجد النبوي، وكان مرتادوه يتدارسون شؤون العلم والأدب والفتوى. وتوقف انعقاد المجلس بوفاة صاحبه عام 1380هـ / 1960م، لكن الشيخ محمد عثمان ترك مكتبة عامرة بأمات الكتب والمخطوطات.
 
5 - مجلس محمود أحمد 1308 - 1392هـ / 1890 - 1972م:
 
وهو أحد أعيان المدينة المنورة وقضاتها، وعضو مجلس أوقاف منطقة المدينة المنورة. وكان المجلس يعقد في منـزله في (زقاق الحبس) إلى الشمال الغربي من المسجد النبوي، ثم انتقل إلى منـزله بشارع العنبرية، وهو شارع رئيس يمتد إلى البوابة الرئيسة للمدينة المنورة، وقد أزيل المنـزلان في توسعة الملك فهد - رحمه الله - للمسجد النبوي.
 
وبعد وفاته أصبح يُعقد في منـزل ابنه (حبيب محمود أحمد) الذي انتقل مؤخرًا إلى رحمة الله، في منـزله بمنطقة سيد الشهداء قريبًا من جبل أحد، يوميًّا بين المغرب والعشاء. وكان حبيب مدير مدرسة العلوم الشرعية الأهلية العتيدة وعضو مجلس الأوقاف الأعلى، ورئيس مجلس أوقاف منطقة المدينة المنورة الذي يعد من أهم مجالس المدينة لسببين: أولاً: لأنه يؤمه كبار ضيوف المدينة وعلمائها بالإضافة إلى شعرائها وأدبائها، وثانيًا لوجود المكتبة المتميزة الخاصة للسيد حبيب، والعامرة بأمهات المراجع والكتب والمخطوطات، وسنتحدث عنها في مكان آخر، وفي الغالب ما تكون زيارتها جزءًا من برنامج ضيوف النادي الأدبي بالمدينة، ومن أبرزهم د. سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر.
 
6 - مجلس مصطفى حسن عطار 1317 - 1396هـ / 1899 - 1976م:
 
وهو أحد أعيان المدينة ومثقفيها ومن رؤساء بلديتها السابقين، ودليل الحجاج الإيرانيين في المدينة المنورة، وكان مجلسه يعقد في منـزله في حي العنبرية الذي أزيل في التوسعة السعودية للحرم النبوي، ثم انتقل إلى منـزله في شارع المطار. ولمصطفى عطار هوايات متميزة في التمثيل والإخراج، ولم يقتصر اهتمام المجلس على الأدب والثقافة، وإنما امتد إلى علم الفلك والنجوم وأدواتها، واستمر انعقاد المجلس حتى وفاة صاحبه. ومن مرتاديه: علي حافظ، وعثمان حافظ، ومحمد عمر توفيق، وحسن مصطفى الصيرفي (الشاعر وعضو مجلس إدارة النادي الأدبي)، وإبراهيم شاكر، وعبيد مدني، ومحمد حسين زيدان.
 
7 - مجلس أحمد ياسين الخياري 1324 - 1380هـ / 1906 - 1960م:
 
وهو أحد أدباء المدينة ومؤرخيها المعروفين، وله كتب مطبوعة عدة تتعلق بآثارها ومساجدها وتاريخها الحافل، وهو من القراء المجودين، وأول مدير لمكتبة الحرم النبوي الشريف. وكان مجلسه يعقد في منـزله في حي الشونة جنوب المسجد النبوي وبالقرب منه، قبل أن تطاله يد الإزالة هو الآخر في التوسعة الأخيرة، وتؤمه طائفة من أهل العلم والأدب من داخل المدينة وخارجها. وكانت للخياري صلات كثيرة مع علماء العالم الإسلامي وأدبائه.
 
ومن المواسم المعروفة التي كان يعقد فيها هذا المجلس موسم رمضان أيام الجمع بعد صلاة الجمعة، إذ الجو القائظ في أيام الصيف المعروفة بلهيبها، لعدة أسباب؛ أولاً: قرب منـزل الخياري من المسجد النبوي، وثانيًا: يعقد المجلس في الدور الأرضي المعروف في المدينة بجوه البارد الرطب في غرفة تسمى (المقعد)، بالإضافة إلى أن المنـزل كله يتميز بالبرودة لوقوعه في حارة ضيقة مرتفعة البيوت حيث لا تضربها الشمس بحرارتها مباشرة وقتًا طويلاً من النهار، وثالثًا: يختلف المجلس بعض الشيء في تكوينه عن المجالس الأخرى، وينقسم رواده إلى أقسام: قسم يستمع إلى الدروس والمطارحات الأدبية والفكرية، وقسم يستفيد من المكتبة التي يضمها (المقعد) بالقراءة والتأمل، وقسم ربما اضطجع لأخذ قسط من النوم في تلك القيلولة. إذًا كانت هناك مرونة وحرية في اختيار النشاط الذي يرغب فيه مرتادو المجلس، إلا إذا صادف أن استضاف الخياري أحد أعلام الفكر والأدب من داخل المملكة أو خارجها، فإن المجلس كله يلتئم في مجموعة واحدة للإنصات للضيف والتحاور معه. ومن أهم رواده: عبد القدوس الأنصاري، ومحمد هاشم رشيد. وينفض المجلس قبل المغرب بنصف ساعة.
 
8 - مجلس عبيد عبد الله مدني 1324 - 1396هـ / 1906 - 1976م:
 
وهو أحد أدباء المدينة المنورة ومؤرخيها، وقد تقلد منصب مدير الأوقاف بها، بدأ مجلسه الأدبي في المدينة ثم انتقل إلى مكة المكرمة حينما اختير عضوًا في مجلس الشورى في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله، ثم استأنف انعقاده في المدينة حينما عاد إليها عام 1373هـ / 1953م، وكان يعقد يوميًّا من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء، ومن رواده طائفة من أدباء المدينة المنورة وعلمائها ومؤرخيها وأعيانها ورؤساء الدوائر الحكومية فيها، يتناقشون في قضايا أدبية وتاريخية واجتماعية. ودرج المجلس على هذا النشاط ردحًا من الزمن قبل أن يؤول مصيره إلى التوقف بعد وفاة صاحبه عام 1396هـ / 1976م.
 
9 - مجلس أمين عبد الله مدني 1329 - 1404هـ / 1911 - 1983م:
 
أمين هو شقيق عبيد مدني، ومن كبار مؤرخي المدينة المنورة وأحد رؤساء بلديتها السابقين، وله جائزة مسماة باسمه أشرنا إليها في آخر هذا الفصل. وكان يعقد مجلسه في منـزله بحي باب الشامي، شمال غرب المسجد النبوي الشريف، ومن رواده: عبد القدوس الأنصاري، ومحمد حسين زيدان، ومحمد الحافظ، وعلي حافظ، وعثمان حافظ، ومحمد هاشم رشيد، ومحمد العيد الخطراوي، ونايف هاشم الدعيس.
 
10 - مجلس أسعد طرابزوني الحسيني المتوفى عام 1409هـ / 1988م:
 
وهو أديب ومحقق وناشر، وله بعض الكتب التي نشرت، وكان يعقد مجلسه في منـزله بشارع الساحة، غرب المسجد النبوي الشريف، ومن رواده: محمد عمر توفيق، ومحمد حسين زيدان، ومصطفى عطار.
 
11 - مجلس محمد الحافظ موسى 1335 - 1418هـ / 1916 - 1997م:
 
وهو أحد قضاة المدينة المنورة وأدبائها وعلمائها، وله تأثير كبير على كثير من أدباء المدينة، كما هو مثبت في سيرة حياة الأستاذ عبد العزيز الربيع رحمه الله  .  وكان مجلسه يعقد في منـزله بحي عروة المطل على وادي العقيق، ومن أشهر رواده: الدكتور أنور ماجد عشقي، وعبد الفتاح أبو مدين، ومحمد هاشم رشيد، وقد توقف انعقاد المجلس بوفاة صاحبه.
 
12 - مجلس حسن مصطفى الصيرفي 1336هـ / 1917م:
 
وهو أحد شعراء المدينة المنورة وأحد مؤسسي أسرة (الوادي المبارك)   1375 - 1396هـ / 1955 - 1976م التي تمخض عنها نادي المدينة المنورة الأدبي، وهو عضو في النادي. وكانت ندوات الأسرة تعقد في منـزل أحد أعضائها ولا سيما في منـزله. وقد بدأ نشاط مجلسه عام 1417هـ / 1996م الذي يعقد أسبوعيًّا يوم الثلاثاء في منـزله بأول طريق العيون شمال المدينة المنورة، لمناقشة القضايا الأدبية والثقافية والعلمية.
 
13 - الندوة الثقافية للأمير عبد المجيد بن عبد العزيز 1362هـ / 1943م:
 
أنشئت هذه الندوة عام 1411هـ / 1990م بتوجيه منه - رحمه الله - عندما كان أميرًا لمنطقة المدينة المنورة، وكان لها مجلس يشرف على تنظيم المحاضرات والندوات يتكون من: الدكتور صالح العبيد مدير الجامعة الإسلامية، والشيخ عبد العزيز قاري عميد كلية القرآن الكريم في الجامعة، والشيخ عبد الرحمن المويلحي مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة المدينة المنورة.
 
وكانت الندوة تعقد يوم الأحد من كل أسبوع بعد صلاة العشاء في منـزل سموه على ضفاف وادي العقيق، ويتكون برنامج الندوة من تلاوة مباركة من آيات القرآن الكريم يتلوها أحد القراء المشهورين بالمدينة، وغالبًا ما يكون القارئ محمد أيوب، ثم تلقى المحاضرة، تتلوها المداخلات والمناقشات ورد المحاضر، وكان الأمير عبد المجيد - رحمه الله - يختتم الندوة بكلمة توجيهية، والندوات مسجلة صوتًا وصورة ولها أرشيف في إدارة تلفزيون المدينة.
 
وناقشت الندوة مختلف الموضوعات في العلم والأدب، واشترك في تقديمها مجموعة من العلماء والمشايخ والأدباء من المدينة، ومن ضيوفها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبد الله الزاحم، والدكتور نايف الدعيس، والشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، والشاعر فاروق شوشة، وحضر الندوة عدد كبير من مثقفي المدينة المنورة وأعيانها ورؤساء الدوائر الحكومية ومن طلبة العلم.
 
14 - الندوة الثقافية لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز 1364هـ / 1944م: 
 
تولى سموه إمارة منطقة المدينة المنورة عام 1420هـ / 1999م، وندوته امتداد لندوة صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز الذي تولى إمارة منطقة مكة المكرمة - يرحمه الله -، وتعقد أسبوعيًّا يوم الاثنين بعد صلاة المغرب في منـزله بحي سلطانة على ضفاف العقيق.
 
15 - مجلس الدكتور نايف هاشم الدعيس 1367هـ / 1947م:
 
وهو أستاذ جامعي ومؤلف معروف وعضو مجلس الشورى، وقد بدأ انعقاد المجلس في أواخر القرن الرابع عشر الهجري، وما زال يعقد في قاعة مكتبة صاحبه في منـزله بحي القبلتين، الذي يقع فيه مسجد القبلتين الشهير، يوم الثلاثاء بعد صلاة العشاء، ويحضره عدد من أساتذة الجامعات والأدباء والشخصيات الرسمية، ومنهم: أمين مدني، وعبد العزيز الربيع، وشكري فيصل، وأبو بكر الجزائري (أحد علماء المسجد النبوي الشريف)، وعبد الباسط بدر.
 
وقد حضر المجلس أيضًا ضيوف آخرون وأسهموا في أنشطته، ومنهم: أحمد ديدات، وعبد المجيد الزنداني، وحسن الترابي، وأنيس منصور، وتدار الجلسة بطريقة منظمة متفق عليها، فمثلاً يكلف أحد الأدباء أو المثقفين بإعداد محاضرة أو أمسية شعرية، وفي الموعد المحدد تلقى المحاضرة أو القصائد ثم يفتح باب النقاش، ويدير الجلسة عادة أحد الأدباء، مثل الدكتور محمد العيد الخطراوي، وتسجل الجلسة في أشرطة صوتية.
 
وفي العادة يكرم المجلس في كل موسم شخصية بارزة في العلم أو الإدارة أو الأدب، ومن أشهر الذين كرموا صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز - يرحمه الله - أمير منطقة المدينة المنورة حينذاك، والمهندس عبد العزيز الحصين أمين بلدية المدينة المنورة، والدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق.
 
16 - مجلس أحمد أمين مرشد 1369هـ / 1949م:
 
من رجال التعليم والصحافة في المدينة المنورة، وله عدد من المؤلفات عن البلدة المقدسة مذكورة في هذا الباب، وقد بدأ مجلسه الثقافي عام 1415هـ / 1994م الذي يعقد أسبوعيًّا يوم الخميس بعد صلاة المغرب في منـزله بحي الأزهري، شمال غرب المدينة المنورة، ويتميز مجلسه بالتركيز على مناقشة: كتاب عن المدينة المنورة، شخصية معروفة، حارة أو حي من أحياء المدينة، بعض أحداث المدينة. ويدير النقاش أحد الحاضرين بإلقاء محاضرته، ويشترك آخرون في المناقشة والتحليل والتعليق، وتسجل الجلسات بالفيديو، ويحضر المجلس طائفة من مثقفي المدينة المنورة.
 
17 - مجلس محمد بن فهاد المريخان الحربي 1375هـ / 1956م:
 
هو أحد أعيان قبيلته ومن رجال الأعمال، حاصل على الثانوية ودبلوم الصحافة والإعلام، وتولى عدة مناصب حكومية. في عام 1413هـ / 1992م اتخذ له مجلسًا ثقافيًّا أسبوعيًّا يعقد مساء الأربعاء في منـزله بحي الجرف شمال غرب المدينة المنورة، يحضره مجموعة من العلماء والأدباء وأساتذة الجامعات، تلقى فيه محاضرات في موضوعات شرعية وتاريخية وأدبية يناقشها الحاضرون، ومن أشهر رواده الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك، والدكتور عائض الردادي، وحسن الصيرفي.
 
18 - ندوة الأصدقاء الأسبوعية 1387هـ / 1967م:
 
من أعضائها المؤسسين الدكتور محمد عبد الرحمن العامودي، والطبيب أحمد زين العابدين ملا، ومحمد صالح عسيلان، ومحمود محمد العربي.
 
وكانت تعقد جلساتها في بيوت الأعضاء بالتناوب، ثم استقرت في استراحة الدكتور العامودي. ويتكون برنامج الندوة من تلاوة آيات من القرآن الكريم، وقراءة في كتاب رياض الصالحين، ثم يتم طرح موضوع ثقافي للنقاش الهادئ الهادف.
 
ومن أشهر (القيلات) تلك التي نظمت بمناسبة قدوم الشاعر علي أحمد باكثير إلى المدينة المنورة وبقائه فيها مدة ثلاثة أشهر من أول شعبان عام 1352هـ الموافق 19نوفمبر 1933م إلى 23 شوال 1352هـ / 8 فبراير 1934م حين غادرها إلى مصر، وقد احتفى به أدباء المدينة وشعراؤها، ودخلوا معه أكثر من مرة في مساجلات شعرية.
 
وكانت المساجلة الأولى في بستان عبد اللطيف بشناق الكتبي، خارج باب قباء، وهو من أبواب المدينة الحصينة إلى الجنوب من المسجد النبوي الشريف، في يوم من أيام عيد الفطر المبارك عام 1352هـ / 1933م وكان في فصل الشتاء. وعلى الرغم من برودة الجو - وبرودة شتاء المدينة القاسية أحيانًا - فقد اجتمع ستة من أدباء المدينة من بينهم باكثير والأنصاري والزمخشري واتفقوا على المساجلة الشعرية المرتجلة التي افتتحها باكثير بهذه الأبيات:
 
 
رعـى  اللــه يومًــا رأينــا بــه     وجــوه  المنــى ســرت النـاظرين
كـــأن النســـيم بـــه غـــادة     لتقبيلهــــا تنـــدب العاشـــقين
كــيُمْنى الرحــيم بــرأس اليتيــم     فيمنـــاه  فــوق رؤوس الغصــون
فأجاب الأنصاري:
 
 
كـــأن  الجبــال خيــام نصبــن     وذاك  المنـــار عليهـــا أميـــن
كــأن الغصــون غصــون النخـيل     غدائــــر منبوشـــة للمجـــون
كـــأن الحـــرار حــرار قبــاء     إمـــاء  صففــن ببهــو حــزين
وقد استمرت هذه المساجلة حتى بلغت تسعة وتسعين بيتًا شارك فيها باكثير بأربعة وأربعين، أي ما يقارب النصف.
 
واجتمع الشعراء الستة مرة أخرى في يوم آخر من أيام ذلك العيد، وفي الحديقة نفسها، وانضم إليهم في المساجلة الشيخ محمد الحافظ موسى، وصاحب البستان الذي لم يكن أديبًا، ولكنه شارك في المساجلة مدفوعًا بالجو الشاعري المؤثر، وقد افتتح المساجلة الشاعر طاهر زمخشري بهذا البيت:
 
 
صفــو أتيـــح فأســمعونا الآنــا     ممـــا يهـــز قلوبنـــا ألحانــا
ثم الأنصاري:
 
 
إخواننــا  فــي العيـد نُظـم جـمعهم     فــي روضــة أنعــم بهـم إخوانـا
ثم باكثير:
 
 
ســمح الزمـان بـوصلكم وحـضوركم     وَلكَـــمْ  تمنينـــاه قبــلُ زمانــا
عـاطيتكم  خـمر السـرور علـى الصفا     فغــدوت  مــن  صهبائهــا نشـوانا
إن  كــان قبـل اليـوم دهـري مذنبًـا     فــالآن كفّــر مــا جنــاه الآنــا
محمد الحافظ:
 
 
اللـه  أكــبر إننــا مــن لطفكــم     نــروي النفــوس فصاحــةً وبيانـا
دمتــم ودام المجــد يَخــطر فيكمـو     فــي  حلــة خـضرا زهـت ألوانـا
صاحب البستان:
 
 
ولقــد سـررت بجـمعكم يـا إخـوتي     وســألت ربــي أن يــدوم زمانــا
واستمرت المساجلة لتبلغ ثلاثة وخمسين بيتًا، كان نصيب باكثير فيها ثلاثة وعشرين بيتًا، أي النصف تقريبًا، ما يدل في كلتا المساجلتين على نفسه الشعري الطويل  
 
شارك المقالة:
54 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook