حجَّ النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع في العام العاشر ثم رجع إلى المدينة المنورة، وقد ورد أنه خرج فصلى على شهداء أحد واستغفر لهم كالمودّع للأحياء والأموات  .  وبعد ذلك مرض صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني والعشرين من شهر صفر سنة 11هـ / 632م كما في إحدى الروايات  .  ولما اشتد به المرض أمر أبا بكر بإمامة الناس في الصلاة، وفي غضون اشتداد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج فخطب بالناس وأشار إلى تخيير الله له بين الدنيا والآخرة وأنه اختار الآخرة  ،  وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم أوصى بالأنصار إذ جاء قوله: (إن الناس يكثرون ويقل الأنصار حتى يكونوا بمنـزلة الملح من الطعام فمن ولي منكم شيئًا يضر فيه قومًا وينفع آخرين فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم)  

 

وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، وصلى عليه المسلمون أوزاعًا بغير إمام ثم دفن حيث قبض في حجرة عائشة رضي الله عنها   التي أدخلت في المسجد النبوي مع حجرات نساء النبي الأخريات لاحقًا في عهد الوليد بن عبد الملك 86 - 98هـ / 705 - 717م. وهكذا فقدت المدينة المنورة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنقذها من الضلال والصراع وأحب أهلها الذين نصروه وآووه، وانتهت سنوات من تاريخ المدينة المنورة لا نظير لها فيما يستقبل من تاريخها حيث كان الوحي الرباني يوجه سلوكيات مجتمع المدينة المنورة ناقدًا ومقومًا، وموضحًا ما هو خير ورشاد، وحيث وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي يدير أمور المدينة المنورة جامعًا بين العمل بتوجيهات ربانية محددة وبين إدارة المدينة المنورة من خلال سياسات وتدبيرات بشرية يتوخى فيها المصلحة العامة وينطلق فيها من قيم الإسلام الأساسية