المساكن في البيئة الساحلية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المساكن في البيئة الساحلية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

المساكن في البيئة الساحلية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
يدخل طراز المدن الساحلية ضمن طراز العمارة الحجازية على النطاق الإقليمي، وعلى نطاق جغرافي أوسع تدخل عمارة هذه المدن ضمن طراز عمارة حوض البحر الأحمر، كما أن لعمارة هذه المدن خصائص محلية تميزها عن النمط المعماري السائد في بقية نواحي الحجاز، أو في منطقة حوض البحر الأحمر.
 
ويعتمد البناء في المدن الساحلية على استخدام الحجر الجيري والطين والنورة بوصفها مواد أساسية للبناء، إذ تُبنى المباني بهذه المواد بشكل متراص على شوارع متوسطة العرض ومستقيمة نسبيًّا، أو تكون بنظام الأحواض، مشكلةً نسيجًا عمرانيًّا منظَّمًا للمدينة، مركزه المسجد الجامع والسوق والميناء.
 
ومنازل هذه المدن تُبنى من طابقين أو من ثلاثة طوابق  ، ويكثر فيها استخدام الفواصل الخشبية بين مداميك الجدران التي يصل سمكها إلى 50سم، كما تحظى واجهات المنازل بعناية خاصة؛ إذ تُغطى كل الواجهات بطبقة من النورة البيضاء التي تمت لياستها، وتكثر فيها النوافذ الكبيرة (التي تكون بأربعة مصاريع) أو بالرواشين وذلك على مسافات متساوية، وفق توزيع متناسق وبديع يشمل جميع الأدوار التي يتكون منها المنـزل، وفي بعض الحالات تُكسى الواجهة الرئيسة للمنـزل بواجهة خشبية كاملة مكوَّنة من نوافذ بابية ورائية، وشرفات (بلكونات) بارزة تُسمى (مشايات).
 
وتُصنع النوافذ والرواشين من الأخشاب الجيدة المستوردة عن طريق البحر  ، وتُزيَّن بحشوات من الخشب المعشق أو المخروط، أو بحشوات عليها زخارف هندسية ونباتية منفذة بالحفر، كما تُزوَّد النوافذ الأرضية بقضبان من الحديد. وتأخذ النوافذ شكلاً مستطيلاً شاقوليًّا، وبعضها يُعمَل بشكل عِقد نصف دائري. أما الرواشين فتأخذ شكل صندوق كبير بارز عن سمت الواجهة، ومحمول على (كوابيل) وأطراف خشبية مثبتة في أصل الجدار، وفي بعض الأحيان يُركَّب الروشان داخل الفتحة المخصصة له ولا يكون بارزًا.
 
كما تحظى المداخل الخارجية للمنازل بعناية خاصة في التصميم، فتُنفَّذ بشكل فتحة مستطيلة عالية، يعلوها عِقد مسطح أو عِقد نصف دائري في إطار مستطيل، أو عِقد ثلاثي الفصوص، ويُصنع الباب من الخشب الجيد بمصراعين كبيرين عليها زخارف محفورة  ، أو بشكل ألواح مرصوصة تكوِّن بابًا كبيرًا يتوسطه باب آخر صغير يرتفع نحو خمسين سنتيمترًا عن مستوى العتب السفلي، ويُطلق على فتحة الباب الصغيرة اسم (الخوخة)، ويتم الدخول والخروج عبره طوال اليوم، ولا يُفتح الباب الكبير إلا عند الحاجة، وتُزيَّن فتحة الباب الصغير من أعلى بعارضة خشبية أو بقوس نصف دائري، تعلو أيًّا منهما زخرفة خشبية بشكل مئذنة عليها هلال. وتُدهَن الأبواب والنوافذ بالدهانات الزيتية المستوردة، ويُفضَّل فيها اللون الأزرق الذي ينسجم مع بياض الجدران الخارجية وزرقة البحر الذي تطل عليه واجهات أكثر المنازل، كما يُستخدم اللون الأخضر المشابه لخضرة المزارع المنتشرة في أفواه الأودية خلف هذه المدن.
 
ويعتمد التصميم الداخلي للمنـزل على وجود فناء داخلي، ويقوم هذا الفناء بدور تكاملي مع النوافذ والرواشين في تيسير عملية التهوية البينية للمنزل وطرد الهواء المستعمل، وتنظيم الإضاءة والحرارة داخله، فضلاً عن التمتع برؤية السماء. ويتكون التخطيط الشائع في منازل المدن الساحلية من سيب (دهليز) متصل بباب المدخل، يقوم على أحد ضلعيه مجلس البيت الذي يُسمى (الديوان)، وتقوم على الضلع الآخر غرفة مقابلة للديوان، ودرج يصعد إلى الطابق الأعلى، وكنيف (مرحاض) يقع في بيت الدرج أو بجانبه، وتشغل هذه الوحدات ثلث مساحة الأرض المعدَّة لبناء المنـزل، وتمثل جزءًا مستقلاًّ عن الدار، وهو خاص باستقبال الرجال.
 
ويفضي دهليز المدخل - عبر باب أوسط أو ممر منكسر - إلى فناء البيت الذي يسمى (الحوش). وعلى هذا الحوش يقوم عدد من الوحدات البنائية، بعضها بشكل حجرات ذات نوافذ بابية تُفتح على الحوش، وبعضها الآخر بشكل إيوان مبني من ثلاث جهات، ويُفتح بواجهته الرابعة كاملةً على الحوش. ويُسمى هذا النوع من الوحدات (صفَّة) وتُجمع على (صفف)، وفي إحدى هذه الصفف يوجد مطبخ المنـزل الذي تُبنى فيه كوانين الطبخ، وفرن الخبز، ومصطبة لأزيار الماء، و (بالوعة)، تُغسل عندها الأواني والملابس. وعادة ما تكون صفَّة المطبخ في إحدى الزاويتين الداخليتين للبيت، أما الزاوية الأخرى فتُبنى فيها غرفة ليست لها نوافذ على الفناء تُسمى (الخزانة)، تُستخدم في فصل الشتاء. كما يحتوي البيت من الداخل على مرحاض وحمام، ودرج يلتقي مع الدرج الصاعد من قسم الرجال إلى الطابق الأعلى.
 
وفي الطابق الأول تُكرَّر الحجرات والمرافق الموجودة في الطابق الأرضي، وتُبنى أمامها (مشاية) خشبية محمولة على جذوع بارزة من سقف وحدات الدور الأرضي. وتمكِّن هذه (المشاية) - التي تكون بعرض متر واحد في المتوسط - من الوصول إلى جميع الحجرات التي تُبنى في الطابق الأول.
 
وتُزيَّن واجهات (المشاية) المطلة على الفناء بأقواس خشبية مسننة، وتُغطَّى بسقف من أعلى، فتبدو وكأنها رواق معلق يدور حول الفناء الأوسط للمنـزل ويظلَّل جزءًا من هذا الفناء. ويُكتفى في بعض المنازل ببناء الوحدات الواقعة على الواجهة الخارجية للمنـزل فقط. كما يوجد في بعض البيوت الكبيرة ملحق خلفي هو (حوش) ثانٍ تُوضع فيه أمكنة للخزن، ومطبخ كبير للمنـزل. ويكون لبعض البيوت باب ثانوي بالإضافة إلى الباب الكبير الموجود في الواجهة الرئيسة.
 
أما الطابق العلوي الثاني فيتكون - عادة - من الوحدتين الواقعتين في الواجهة الرئيسة للمنـزل، ويُبنى من مواد بناء خفيفة، وتقل فيه سماكة الجدار. وفي بعض الأحيان يُكتفى بغرفة واحدة في هذا الطابق تُخصَّص لكبير الأسرة وتُسمى (الطيارة). ويُلاحَظ أن البيوت المكوَّنة من ثلاثة أدوار كانت قليلة جدًّا في مدن: ضباء، والوجه، وأملج.
 
وفي منـزل من هذا النوع كان يعيش كبير الأسرة وزوجته وأبناؤه الكبار المتزوجون، حيث يخصص لكل زوجين حجرة نوم مستقلة، وحجرة لنوم أطفال الأسرة الذكور، وأخرى للإناث، وحجرة أو أكثر تجتمع فيها الأسرة خلال النهار، كما يستفيد جميع الأسرة من الحوش الداخلي والصفف  
 
شارك المقالة:
79 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook