المساكن في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المساكن في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

المساكن في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
كان التنقل والترحال تبعًا لمواطن الكلأ أو الماء من أهم سمات المجتمع في الحدود الشمالية، إلى أن جاء الوقت المناسب للاستقرار؛ بعد تشغيل خط التابلاين عام 1370هـ / 1951م الذي ينقل النفط من المملكة إلى ساحل البحر المتوسط، وقد بذلت الدولة جهودًا عظيمة من أجل نجاح مشروعات الاستيطان نذكر منها:
 
 تنفيذ خطط التنمية التي انطلقت في عام 1390هـ / 1970م.
 
 بداية دعم (صندوق التنمية العقاري) وإقبال السكان في المنطقة للاستفادة منه.
 
 الاستيطان التلقائي الذي جاء نتيجة للاستفادة من الخدمات: (الطرق، والأسواق، والمراكز الخدمية)  . 
 
 دخول النفط في الاقتصاد مصدرًا رئيسًا.
 
وهكذا بدأ استقرار سكان هذه المنطقة يزداد تدريجيًا إلى أن أصبحت مكتظة بسكانها.
 

أنماط المساكن

 
يمكن تقسيم أبرز الأنماط السكنية في منطقة الحدود الشمالية إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي:
 
بيوت الشعر والخيام، والمنازل الطينية، والبيوت الشعبية.
 
أ - بيوت الشعر والخيام: 
 
1 - خصائص بيوت الشعر:
 
لعل أهم خصائص بيوت الشعر: سهولة صناعتها، وبساطة مكوناتها ووفرة موادها، وملاءمتها للظروف المناخية القاسية، وسهولة حملها في التنقل والترحال، وسعة مساحتها وتعدد أشكالها فمنها (البيت المروبع، والمخومس، والمسودس...).
 
2 - وصف المسكن:
 
يُعد الشَّعر العنصر الأساسي في عملية خياطة البيت، ويُستخلص هذا الشعر من الضأن والإبل والمعز، ويقوم بيت الشعر على عدد من الأعمدة، ويُثبت على الأرض بالأطناب التي تنتهي بأوتاد (أو مناسيب كما يسميها البدو)، ويكون بيت الشعر محاطًا بـ (الذراء أو الرواق) وهو بمنـزلة الباب المتحرك الذي يتحكم فيه البدو وفقًا لاتجاه الرياح  . 
 
ويمكن التحكم في بيت الشعر من جهاته جميعها، وإغلاقه بإحكام خصوصًا في الشتاء، فيكون بذلك على درجة كبيرة من الدفء، أو العكس بفتح الذراء (أو الرواق) في فصل الصيف؛ ليقلل من حرارة الجو. وتظهر معرفة الجماعات البدوية وتجربتها وتفاعلها مع الحياة في البيئة البدوية واضحة، فمثلاً عندما تختار مكان بناء بيت الشعر أو الخيمة، فإنها لا تنـزل في الأودية أو الشعاب في زمن سقوط الأمطار؛ تجنبًا لوصول الأمطار إليها، أما في فترة الصيف فيختارون الأمكنة التي لا تبعد كثيرًا عن موارد المياه؛ بسبب زيادة الطلب على المياه في هذه الفترة.
 
3 - نوعية الأثاث المستخدم:
 
يعتمد أهل البادية في الغالب على أثاث بسيط يسهل حمله ويلبي احتياجاتهم، ومن ذلك: المزودة، الخرج، والساحة، والقاطع، وقد بدأت وسائل التقنية الحديثة تنافس هذا الأثاث آخذة في الدخول إلى بيت الشعر من ذلك مولد الكهرباء والثلاجات... إلخ.
 
أ) الأدوات الخاصة بالطعام والقهوة:
 
وهي: الصينية، والرحا، والمرجاحة، والعيبة، والصميل (السعن)، والعكك، وأدوات تحضير القهوة مثل: النجر، والمحماس، والمبرد، والفنجال، والإبريق، والسحارة.
 
ب) الأدوات الخاصة بالري:
 
وهي: القربة، والراوية، والدلو، والشن، والخرج، والمطارة.
 
ج) الأدوات الخاصة بالرعي:
 
مثل: الشداد، والمسامة، والعقال، والغبيط (الهودج)، والخزام، والرسن، والشمالة، والربق، والمزبا، والميسيم، والمخيول، والعصا، والعجراء.
 
4 - مكونات بيت الشعر:
 
يتكون بيت الشعر من مجموعة من الأسدية التي يجمع بعضها إلى بعض لصناعة بيت الشعر، وهذه الأسدية هي:  
 
أ) الفلجان:
 
مفردها فليج؛ وهو سدو خاص من الشعر الأسود، يكوِّن - عند تركيب بعضه مع بعض سقف بيت الشعر وهو من أطول أنواع الأسدية، وأسهلها عملاً؛ وذلك لأنه يتكون من لون واحد فقط.
 
ب) الطرائق:
 
مفردها طريقة. وتوجد في نهاية كل طريقة وبدايتها الرتب التي تُربط بها الأطناب، وهي أسهل أنواع الأسدية، وتتكون غالبًا من لونين: الأبيض والأسود، ويراوح عرضها بين 20 و 30سم تقريبًا، ويزيد قليلاً عن عرض بيت الشعر.
 
ج) الذراء: 
 
ويسمى أيضًا (الرواق) وتتمثل وظيفته في كونه المحيط أو الساتر الجانبي لبيت الشعر من الجهات جميعها، ويستعمل بسهولة كبيرة، إذ يفتح الذراء من إحدى الجهات، ويغلق من الجهة الأخرى حسب اتجاه الرياح. ويُعد الذراء من أنواع الأسدية الطويلة، ويتكون من ثلاث قطع من الأسدية، يربط بعضها ببعض بالخيط والمخيط.
 
د) القاطع: 
 
ويسمى أيضًا (البجاد) ووظيفة القاطع الأساسية كونه ساترًا في بيت الشعر بين مكان (ربعة) الرجال، ومكان (ربعة) النساء؛ أي بين المجلس المخصص للرجال، والمجلس الخاص بالنساء.
 
ويُعد القاطع من أكثر أنواع الأسدية التي تتطلب جهدًا كبيرًا؛ لأنه يحتاج إلى فترة زمنية أطول من الفترة الزمنية التي تحتاج إليها أنواع الأسدية جميعها، ويتكون من خمسة أسدية ملونة هي: سدو الشفة؛ ويكون في الجزء العلوي، وسدو العفراء؛ ويكون في الطبقة الثانية، ويأخذ لونًا مختلفًا، وسدو الباعج، ويأخذ أيضًا لونًا مختلفًا، ويكون في الطبقة الثالثة، وسدو الملحة، ويأخذ لونًا مغايرًا آخر، وأخيرًا سدو القاعدة، ويأخذ في الغالب لونًا أسود؛ ويكون ملامسًا للأرض. وتتفاوت ألوان تلك الأسدية بين الأحمر، والأبيض، والأسود، ويُسدى كل منها على حدة، وتختار المرأة لهذه الأسدية الخمسة خطوط الشعر لتعطيها - بعد الربط بينها بالخيط والمخيط - القاطع الذي يظهر شكله النهائي مطعَّمًا بالألوان؛ ليعطي منظرًا جماليًا رائعًا.
 
هـ) سدو الساحة: 
 
يُستخدم فراشًا للجلوس عليه، وخصوصًا عند قدوم الضيوف. ويُعد هذا السدو من أنواع الأسدية التي تحتاج إلى جهد كبير، ويختلف طوله وعرضه بحسب الهدف الذي يُسدى من أجله، ويتكون من عدد من الأسدية الملونة.
 
و) سدو المزودة والخرج: 
 
يتكون من خيوط من الشعر ذات ألوان بيضاء، وحمراء، وقليل من اللون الأسود، ولا يكون طويلاً، إذ لا يتجاوز طوله في الغالب مترين، ويُسدى هذا السدو من نصفه، ويُخاط بالخيط والمخيط من جانبيه بحيث تبقى جهة واحدة مفتوحة تمثل فتحة المزودة والخرج التي تشبه الحقيبة.
 
ب - بيوت الطين أو الحجارة: 
 
يتمثل النمط الثاني من أنماط السكن في البيوت (القصور) المبنية من الطين والحجارة وغيرها من منتجات البيئة، وهي التي تتلاءم مع طبيعة حياة الاستقرار والحياة الحضرية.
 
وبيوت الطين قليلة في المنطقة، وتوجد في حواضر المنطقة (يظهر ذلك واضحًا في قرية لينة)  ،  ويغلب على هذه المنازل أنها تُبنى من دور واحد، وتحتوي على أحواش واسعة (أفنية) تكون قريبة بعضها من بعض.
 
1 - خصائص بيوت الطين أو (الحجارة):
 
يمتاز البيت الطيني أو (الحجري) التقليدي بخصائص، مثل: الفصل بين جناح الرجال وجناح النساء، ووجود مدخلين أحدهما للرجال والآخر للنساء، وفيه أجزاء مكشوفة تتمثل في المداخل والأحواش، وتكون فتحات الغرف في الدور الأرضي للداخل؛ ما يتيح الخصوصية، والأمن، ويوفر التهوية، والإضاءة الطبيعية.
 
وبعض المساكن في المنطقة يُطلق عليها اسم (القصر) وبعضها الآخر يُسمَّى (البيت)، والقصر عندهم هو المسكن الثابت المشيد من الطين أو الحجارة، والبيت عندهم اسم يطلق على البناء كما يطلق على الخيمة المصنوعة من الشعر أو صوف الغنم  . 
 
2 - خصائص المساكن والمباني:
 
يتكون البناء التقليدي في المنطقة الشمالية من سور خارجي مرتفع يحيط بالمنـزل من كل جهة. وتكون المنازل متجاورة ومتلاصقة بحيث تكون جدرانها مشتركة، ويحرص معظم الناس على أن يكون البيت مشتركًا و ملتصقًا بجدار الجار من أكثر من جهة؛ لحمايته من الأمطار، وعوامل التعرية، ولا يفصل المنازل بعضها عن بعض إلا ممرات ضيقة  . 
 
ولمعظم البيوت ملحق يُطلق عليه اسم (المراقة) أو الجاخور (الياخور) ويسمى أيضًا (القوع)، أو (الحوش)، وفيه حجرة صغيرة للغنم، وحجيرة تُبنى باللَّبِن ولا تُسقف يوضع فيها الحطب، وفيه كذلك حجرة أخرى مسقوفة لخزن الأعلاف، وهذا الملحق يحتوي أيضًا على مساحة كبيرة مفتوحة من الداخل تساوي نصف مساحة المنـزل، وغرفة تستخدم مخزنًا للوازم الدواب والركائب، مثل: الأشدة، والحدائج، وسروج الخيل، والحطب، والأقتاب، والأريشة للفلاح.
 
3 - مكونات المسكن:
 
والمنازل عادة ما (تتكون من مدخل رئيس يتفرع إلى الديوانية  ، حيث مجلس الرجال ويتقدم قليلاً لينعطف يمنة أو يسرة لستر مدخل النساء، ثم يفضي إلى حوش يلتف حول رواق مربع الشكل، وفي الغالب تتألف المنازل من ثلاث إلى أربع غرف بالإضافة إلى غرفة توقد فيها النار شتاءً، ويتجمع حولها أفراد الأسرة تسمى المشب.
 
ويكون عرض الرواق (أو الروشن)  المسقوف الذي يحيط بالغرف 4 - 5م، حيث يكون مجلسًا للأسرة في الصيف، ومحلاً لتعليق القِرَب التي تُستخدم في تبريد الماء.
 
وتمتاز المباني في منطقة الحدود الشمالية بعدد من الخصائص، منها - على سبيل المثال: الشكل المربع والمستطيل للغرف، والمجالس، والشكل الدائري لمنائر المساجد، ويغلب على البيوت أنها تُبنى من دور واحد أو دورين.
 
ومن مكونات المسكن:
 
الوجار:  وهو جزء محفور في المجلس، ومحاط ببناء طيني يُجمع فيه الحطب، وهو مكان إشعال النار، والكمار: ويكون على جدار المجلس، ويُبنى من الطين أو الخشب، وفيه رفوف تُوضع عليها أباريق الشاي، ودلال القهوة.
 
والسوامة: وهي فتحة في السقف تكون في المجلس أو في المطبخ تفيد في إخراج الدخان.
 
4 - مواصفات المسكن:
 
يتكون المنـزل عادة من عدة غرف ذات مقاسات متفاوتة، أكبرها هو مجلس الرجال (القهوة)، يليها الديوان الذي يكون مفتوحًا من ناحيته الشمالية ويكون مجلسًا في فصل الصيف، ويمتاز الديوان بكمار من الجص منحوتة عليه أشكال فنية جميلة من الزخارف، وهو مكون من رفوف تُوضع فيها أواني القهوة والشاي.
 
5 - تقاليد البناء:
 
ولأهالي المنطقة الشمالية عادات حميدة منها الكرم على سبيل المثال، ونستدل على ذلك مما كان يقوم به صاحب المنـزل الذي يريد البناء، فبعد أن يختار الموقع الملائم، ويحرص على قربه من المسجد في الدرجة الأولى، يقيم وليمة لعمال البناء في فترة الغداء، ثم يبدأ الجيران بتجهيز وجبة الغداء للعمال وصاحب المنـزل أشبه بالضيف، وهي عادة كريمة تدل على كرم أبناء المنطقة.
 
أ) إعداد الطين:
 
ينقل الطين من أمكنة وجوده (المطاين) على ظهور الدواب وبعد أن يخلط بالتبن وينقع بالماء يوضع في قالب يدعى (الملبن)  أو (الملبان)، ثم يسحب الملبن ويترك الطين حتى يجف وبعدها يستعمل في البناء.
 
ب) بناء الأعمدة أو السوار:
 
تبنى بالحجر المشغول بشكل دائري مع الجص، وتُسد الفتحات بين الأحجار باللَّبِن، ثم تُمسح بالجص فيما يشبه التلييس في الوقت الحاضر.
 
ج) التسقيف (الطمام): 
 
وهو نسيج متماسك محكم يتألف من خشب الأثل أو جذوع النخل بحيث توضع هذه الأخشاب على امتداد السقف، ثم تغطى بالعسب بعد تجريده من الخوص بالسكاكين، ثم يفرش فوق تلك الطبقة طبقة أخرى من الخوص تمنع تسرب الطين إلى الأسفل، وفي النهاية توضع طبقة من الطين وتثبت فوقها على أطراف المنـزل المزاريب؛  كيلا تتجمع مياه المطر فوق أسطح المنـزل.
 
 مظاهر الثبات والتغير
 
بما أن المنطقة الشمالية دخلت حقبة جديدة إثر اكتشاف النفط، فلا بد أن يظهر ذلك جليًا في أنماط المعيشة وفي طريقة البنيان، فقد أولت الدولة جل عنايتها للنهوض بهذه المنطقة فيسرت القروض عن طريق صندوق التنمية العقاري، ووفرت سبل النهوض والتطور والرقي فأصبحت ترى الفلل الكبيرة والعمارات الحديثة والشقق، كما دخلت الوسائل التقنية الحديثة كل بيت، من كهرباء وتكييف وجميع أسباب العيش المريح، فتوافرت وسائل الاتصال المتنوعة وظهرت المباني المزخرفة على الرغم من تمسك سكان المنطقة بموروثاتهم الثقافية، فظلت بيوت الشعر والخيام تطل علينا من مداخل العمائر والفلل.
 
شارك المقالة:
187 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook