المساكن وأدوات البناء في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المساكن وأدوات البناء في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

المساكن وأدوات البناء في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
يمكن تقسيم الخصائص الاجتماعية للسكان في منطقة القصيم إلى فئتين رئيستين أولاًهما الحياة الاجتماعية لدى الحضر؛ وهم سكان المدن والقرويون الذين يعيشون في القرى ويعملون في زراعة الأراضي، وأخراهما الحياة الاجتماعية لدى سكان البادية، ومما يجدر التنويه إليه هنا أنه يوجد تداخل في بعض مناشط الحياة الاجتماعية بين البيئة الحضرية والبيئة البدوية في أساليب الحياة السائدة، وطرقها، وأنماطها، سواء ما كان منها في الجانب المادي أو الجانب المعنوي. كما يوجد ترابط وثيق بين البيئة الطبيعية التي يعيش فيها الإنسان والمواد التي يستخدمها في بناء مسكنه؛ ففي منطقة زراعية مثل منطقة القصيم كانت جميع المواد المستعملة في بناء البيت من أساسه إلى قمته متوافرة محليًا، فقد كان يتم بناء أساسات البيت من الأحجار المتوافرة في البيئة المحلية، أما باقي البيت فيتم بناؤه من الطين  الذي يُعد المادة الأساسية في البناء، إذ يتم استخدام اللَّبِن في تشييد المنـزل، وأما السقف فإنه يُصنع من جريد النخل بعد إزالة الخوص، ثم يُغطى الجريد بالخوص المدعَّم بخشب الأثل، ثم بالطين المخلوط بالتبن لزيادة تماسكه ومنع تشققه.
 
ونظرًا إلى وجود أنماط متعددة من المساكن في منطقة القصيم، فقد تم تناولها على شكل محاور بحيث يمثل كل محور نمط البناء الخاص به في القرى والمدن والبادية، وكذلك تم تناول تشييد المساجد، وذلك على النحو الآتي:
 

مساكن القرى والمدن

 
كانت المنازل في منطقة القصيم مبنية من الحجارة والطين، حيث تكون الحجارة هي أساس المبنى، بينما تُقام الجدران من الطين، ويُسقف السقف بجريد النخل  . أما عن المنـزل من الداخل فإنه يعكس نمط المجتمع العربي السعودي المحافظ وعاداته وثقافته، إذ يتماشى تخطيط البيت من الداخل مع رغبات السكان ويتلاءم مع أوضاعهم الاقتصادية، ويمكن وصف المنـزل من الداخل بالقول: إن أول ما يواجهه الشخص بعد دخوله من الباب ممر صغير يُسمى (المجبب) أو (الدهليز)، وهذا الممر يقود إلى غرفة الاستقبال التي تُسمى (القهوة) أو (المجلس) والتي تحظى بالاهتمام الشديد بعمرانها، وتكون غالبًا في واجهة المنـزل، حيث تختلف عن سائر جهات البيت بارتفاعها الشديد الذي يزيد على 7م، ومساحتها الواسعة التي تصل إلى 40م  لتتسع لعدد كبير من الضيوف، كما تُزيَّن جدرانها بالجص الأبيض، وتُزيَّن أبوابها ونوافذها بالزخارف ذات الأشكال والألوان المختلفة، ويُغطى سقفها أحيانًا بطبقة من القماش الأبيض المصنوع من القطن.
 
وتستقل غرفة الاستقبال (القهوة) بليوانها الخاص  الذي يُقام على أعمدة من الحجر، ويتصل بدهليز مسقوف يؤدي إلى الباب الخارجي الخاص بالرجال يُسمى (السَّوِيق)، كما يتصل بدرج خاص يربط القهوة بسطح الليوان الذي يقل ارتفاعه عن ارتفاع سطح القهوة بأكثر من مترين.
 
ويوجد في جدار القهوة المطل على الليوان صفَّان من النوافذ:  أحدهما علوي ضيق الفتحات يمتد إلى الجدران الأخرى، وقد يَُثبَّت على كل نافذة شبك معدني لمنع العصافير والحشرات من الدخول؛ وصف سفلي واسع قد تصل أبعاد نوافذه إلى 12م، تُركَّب عليها أبواب خشبية مزخرفة تُفتح وتُغلق من الداخل.
 
وفي صدر المجلس موقد النار ويُسمى (الوجار)، ويوجد خلفه باب صغير يؤدي إلى (الطاق) الذي يُخزن فيه الحطب الذي يُستعمل في إشعال النار وسط الوجار، ويكون الحطب في الغالب من السمر والأرطى، وتوجد بين الطاق والوجار مساحة صغيرة تُسمى (المُسوَّى) يجلس فيها من يقوم بإعداد القهوة، وتوجد على يساره رفوف جانبية مزخرفة تُصفُّ فيها دلال القهوة وأباريق الشاي، وتوضع فيها العلب التي تُملأ بمستلزمات صنع القهوة والشاي، وإلى يمينه مجلس صغير يُسمى (المُحْكُمة)  - بضم الميم والكاف - يُخصَّص غالبًا لجلوس كبار السن والضيوف، بينما يجلس باقي المدعوين في جوانب المساحة الواسعة التي يمتد على جوانبها صفان من الوسائد التي تُسمى (المساند) أو (المراكب)، وتُفرش بأفضل أنواع السجاد المتوافر، ويُسمى البُسُط (جمع بساط) والزوالي (جمع زولية).
 
وتُوجد في السقف فوق الوجار مباشرة فتحة تبلغ أبعادها 50×70سم تُسمى (الكِشَّاف) ليتسرب منها الدخان الناتج عن إشعال النار، ويتم فتحها بوساطة حبل طويل ينتهي بالقرب ممن يقوم بإعداد القهوة لاستعماله عند اللزوم. وقد توجد فتحة مماثلة في سقف البيت الداخلي تُستعمل للغرض نفسه تكون مستديرة وضيقة في الغالب تُسمى (النَّبر)، وتُغطى وقت هطلان المطر.
 
وبالنظر إلى مخطط المنـزل في منطقة القصيم؛ نجد أنه يتكون من صالة داخلية مغلقة يُطلق عليها اسم (القُبّة)، تتفرع منها غرف داخلية قليلة التهوية توجد في إحداها غرفة صغيرة جدًا لتخزين التمر تُسمى (الجِصَّة)  لها باب صغير مرتفع في الوسط، وبجانبها حفرة صغيرة يتسرب إليها الدِّبْس الناتج عن رصِّ التمر، وذلك عبر مجرى صغير أسفل الجصة. ومن طرف هذه الصالة - التي تُعد مكانًا ملائمًا لاجتماع أفراد العائلة - يصعد درج إلى السطح تُقام تحته غرف صغيرة جدًا ذات سقف مائل تُستخدم لتخزين المؤن. وكان للسطح - الذي يسميه العامة (الطَّاية) - أهمية كبيرة، فقد كان يُستغل للنوم في ليالي الصيف الحارة أو القيلولة في أيام الشتاء، ولذا تُرفع جدرانه إلى الحد الذي يجعله مستورًا عن أصحاب البيوت المجاورة.
 
"وفي منازل الفلاحين وسط المزارع تُلحق بالبيت أحواش للبهائم وغرفة كبيرة لتخزين العلف تُسمى (الدَّكَّة)، وقد تُُبنى وسط البستان صالة جلوس مؤقتة تُستعمل في فصل الصيف تُسمى (العِشَّة)، حيث يُبنى جدار من الطين بارتفاع يقارب المتر، وتُقام جذوع النخل في الأركان، وتُسقف بأخشاب الأثل، ويُغطى سقفها وجوانبها بسعف النخيل ليساعد على دخول الهواء"  . 
 
كما يقوم بعض الموسرين بحفر بئر ضيقة داخل البيت تُسمى (الحسو)  لاستخراج الماء الذي يُستعمل لغسل الأواني والملابس والوضوء، ويتم استخراج الماء منها بتثبيت بكرة خشبية تُسمى (المحَّالة) يسير عليها حبل غليظ يُسمى (الرشا)، ويُصب الماء في (القَرو) وهو يُنحت من الحجر الخالص، وبأسفله فتحات صغيرة لخروج الماء، ويُقام أحيانًا قرب المساجد لاستخدامه في الوضوء.
 
وبما أن السكان اهتموا عند بناء منازلهم بجعلها مستورة عن أعين الناس؛ فإن المنـزل ينشأ - عادة - من فراغ في وسطه أو أحد أطرافه، ثم تُقام حول هذا الفراغ المركزي غرف تطل بأبوابها وفتحاتها عليه، بينما تبدو الجدران الخارجية - سواء المطلة على الشارع أو الملاصقة لبيوت الجيران - ذات ارتفاعات عالية تجعل من داخل البيت مكانًا محفوظًا يمكّن الأسرة من التمتع بداخله بكل حرية واطمئنان.
 
ويهتم السكان بتحسين منازلهم من الداخل؛ حيث تقضي الأسرة - ولا سيما النساء - أغلب الوقت في الصحن أو (الحوش) وهو المكان الخاص بالتمتع بالهواء الطلق، فهو في الشتاء مكان للجلوس نهارًا للتمتع بأشعة الشمس الدافئة، وفي الصيف مكان للجلوس والتمتع بالهواء الطلق ليلاً، خصوصًا في فترة ما بعد المغرب وقبل وقت النوم.
 
ويبدو شكل البيت التقليدي في منطقة القصيم وكأنه قلعة مغلقة تتلاءم كل التلاؤم مع العادات والتقاليد التي تقضي بضرورة فصل النساء عن الرجال؛ لذا نجد أن المنازل في المنطقة تقل فيها الفتحات الخارجية، وإن وُجدت فهي صغيرة وعالية، وفي كل بيت توجد فتحة أو فتحات صغيرة تقع فوق الأبواب الخارجية يستطيع من خلالها من بالداخل أن يرى من بالخارج دون أن يراه الأخير، وتطل من خلالها النساء لمعرفة طارق الباب قبل فتحه.
 
وصُمِّمت مداخل المنـزل لكي تؤدي بشكل مباشر إلى صحن البيت أو (الفناء)  ، حيث يكون الباب الخارجي متصلاً بممر طويل يحجب الجزء الداخلي من المنـزل عن رؤية العابرين أو الضيوف، كما أن قسمًا كبيرًا من المنـزل وُضع بشكل مستقل لاستقبال الرجال، وهو معزول تمامًا عن بقية أجزاء البيت الخاصة بالأسرة  ،  وهو ما سبق وصفه عند الحديث عن (القهوة) ومجلس الرجال.
 
أما (المطبخ) فيكون عادة في نهاية البيت، بعيدًا عن مجلس الرجال والداخلين إلى المنـزل، وهو حجرة صغيرة معدَّة للطبخ، فيها (مناصب) توضع عليها قدور الطبخ الصغيرة أو الكبيرة  ، ويوجد مكان خاص أرضيته غير مفروشة يُسمى (المقرصة) لعمل قرصان الدقيق والخبز، ويوجد بالسقف فتحة لخروج الدخان يُطلق عليها (النبر)، وكذلك يوجد بعض القدور والصحون والمغارف، وتُوضع السكاكين بين أخشاب باب المطبخ.
 
ويوجد في بعض المنازل (حوش) وهو مساحة ملحقة بالبيت، وقد يكون بها مدخل آخر إليه، ويوجد فيه عادة بيت للدجاج، ومكان لتربية عدد قليل من المعز أو البقر لإنتاج الحليب واللبن للاستهلاك الأسري، بالإضافة إلى بعض الأشجار مثل: النخيل أو الأترنج أو شجر السدر... وغيرها من الأشجار المثمرة. وفي أحد أركانه (تنور) لعمل الخبز، و (منحاز) لدق الحبوب وهرسها أو (رحى) لطحن الحبوب وجرشها أيضًا، وقد يوجد فيه (قرو) يوضع فيه الماء وهو حجر منحوت بشكل قدر كبير دائري أو مستطيل أو مربع.
 
أما الغرف في المنـزل التقليدي؛ فإنها تمتاز بأحجامها الصغيرة وانخفاض سقفها؛ بهدف الاحتفاظ بالبرودة والرطوبة داخل الغرفة صيفًا بينما تحتفظ بالدفء شتاءً، وتُستثنى من ذلك الغرفة المختصة بالضيوف (القهوة) التي تمتاز بسعتها وارتفاع سقفها، وليس للنوم حجرة معينة، فقد ينامون في أي حجرة يجدون لهم فيها متسعًا. وتُسمى الغرفة (صفّة) بتشديد الفاء، وقد يكون في الدار صفّتان أو ثلاث أو أكثر، فتوجد مثلاً صفّة (الحشيش) أي أعلاف الدواب، وصفّة (المرزق؛ أو المخزن)، وقد تُطلق على الصِّفاف تسميات مثل الصفّة الدنيا، أو الصفّة القصوى، أو الصفّة الوسطى.
 
وقد تُبنى في بعض البيوت فوق السطح غرف يُطلق على الواحدة منها اسم (الرَّوْشَن)  الذي ينحصر استعماله في مناسبات خاصة رغم الاهتمام الظاهر ببنائه، فهو يُستخدم للنوم أو لجعله مخزنًا علويًا، ويكون في الدور الثاني بمثابة غرفة النوم حاليًا، يسكنه الزوج والزوجة، وتضع المرأة مقتنياتها في صندوق من الخشب يُطلق عليه (سَحَّارة) ويكون مزخرفًا ومرصعًا بمسامير (قمور)، تضع فيه أثوابها وأدوات زينتها مثل (حُق العاج) المكون من طقم من الأحجام المتناسقة والمتدرجة في الكبر تضع فيه المساحيق الخاصة بزينتها ومنها: المشاط، والريحان، والمعمول، والرشوش. وتوضع في هذا الروشن - أيضًا - مقتنيات الرجل مثل الأسلحة وأدوات الصيد... وغيرها.
 
ومن الضروريات التي يحتويها المنـزل ما يأتي:
 
أ - المخازن:
 
تتباين المخازن حسب وظيفتها؛ فمنها ما هو مخصص لتخزين الغلال (القمح والذرة)، وهذه يكون حجمها صغيرًا مقارنة ببقية غرف المنـزل، ويُراعى تجصيص جدرانها لمنع تسرب الرطوبة إلى داخلها، ومنها ما هو مخصص لتخزين التمور ويُسمى (الجصة) وهي غرفة صغيرة تأخذ شكلاً مربعًا أو مستطيلاً، ولا يوجد لها باب، وإنما توجد فتحة ذات باب خشبي على ارتفاع يقارب 1.5م، ويتم إدخال التمر وإخراجه عن طريقها، وفي أسفل الغرفة يوجد ميزاب (مثعب)، ويتم تسهيل عملية خروج دبس التمر.
 
ب - الدرج: 
 
يُشيد الدرج - في الغالب - في مكان يحافظ على خصوصية المسكن، ويتكون من مجموعة من العتبات المتدرجة المبنية من اللَّبِن والخشب، ويؤدي الدرج إلى الدور العلوي الذي إما أن يكون سطحًا مكشوفًا، أو أن يحتوي على دور آخر توجد فيه غرف النوم المختصة بأهل المسكن.
 
ج - الطاية: 
 
وهي سطح المنـزل، وكانت تُستخدم - عادة - للنوم في ليالي الصيف؛ إذ لم تكن توجد أجهزة تبريد كهربائية (مكيفات).
 
د - الحمام:
 
يُسمى (الصهروج أو البرج) باللهجة العامية، ويُعد الحمام من العناصر المعمارية الرئيسة في المسكن التقليدي بمنطقة القصيم، وغالبية مساكن المنطقة تحتوي على حمامين: أحدهما مخصص للرجال، والآخر للعائلة، وهو يُشيَّد مرتفعًا عن سطح الأرض، ويتكون من دورين: السفلي منهما تتجمع فيه المواد العضوية، وهو في الغالب يطل على أحد الشوارع الكائن بها المسكن، ويحتوي على فتحة خارجية تسهل عملية تنظيفه باستمرار. أما العلوي فمخصص لقضاء الحاجة والاستحمام 
 

مساكن البادية

 
تُصنع بيوت الشعر (الخيام)  من شعر المعز، وتُنسج بشكل شقق طويلة يُخاط بعضها بجانب بعض فيتكون منها البيت، ويقوم بيت الشعر على أوتاد وأطناب وأعمدة يراوح طولها بين 1 و 4م، بحيث يرتفع على الأعمدة، بينما تشده الأطناب إلى الأوتاد فيُثبت بها، ولبيت الشعر أروقة تُناط بالسقف وتتدلى منه، ويظل بيت الشعر مفتوحًا من إحدى الجهات، وليس في بيت الشعر التقسيمات التي تم ذكرها في المنـزل، وإنما تمتاز هذه البيوت بالبساطة؛ لتسهيل حملها من مكان إلى آخر.
 

 بناء المساجد 

 
مما لا شك فيه أنه لا يمكن استعراض البناء وطبيعته في منطقة القصيم دون التعرض إلى بناء المساجد التي تمثل جانبًا مهمًا وأساسيًا من جوانب الثقافة المادية في بيئة المنطقة. ويُقام المسجد - عادة - وسط القرية، وهو بسيط لا تعقيد فيه، ويتكون من المرافق الآتية:
 
أ - المحراب: 
 
هو بروز بشكل نصف دائري يكون - في الغالب - وسط الجدار الأمامي لجهة القبلة، وهو المكان الذي يقف فيه الإمام للصلاة، وغالبًا ما يكون بعرض متر واحد تقريبًا، ويبرز بمقدار 1.5م، وهو العلامة المميِّزة للمسجد عن غيره من الأبنية، ويمتد من الأساس حتى سترة السطح بشكل نصف دائري، وغالبًا ما يكون أسفله أكثر اتساعًا من أعلاه بحيث يُرى من بعيد بشكل مخروطي، وفي بعض الأحيان يكون شكل المحراب مربعًا أو مستطيلاً.
 
ب - الروضة:
 
وهي المكان الذي يقع خلف الإمام في الصف الأول من صفوف المسجد، ويصل عرض الروضة إلى ما بين 4 و 6م تقريبًا.
 
ج - الأروقة (المصابيح): 
 
وهي المصلى الرئيس الذي تُقام فيه الصلاة دائمًا باستثناء بعض الأوقات، وذلك حسب الأحوال المناخية. وتحدّد الأروقة ضخامة المسجد من عدمها؛ فبتعدد الأروقة في المسجد واتساعها يتحدد كبر المسجد وهذا - غالبًا - ما يكون بالجوامع، أما المساجد التي تُصلى فيها الصلوات الخمس فقط فغالبًا ما تتكون من رواقين أو ثلاثة حسب موقع المسجد والمنازل المحيطة به. ويتكون الرواق من دعامات وأعمدة بأعلاها عتبات تستند إليها أسقف من الحجارة تشكل مثلثًا متساوي الساقين، وتأخذ شكل حنية من الأعلى، حيث يُسقَف سطح المسجد عليها.
 
د - السرحة الداخلية:
 
وهي قطعة أرض تمتد بامتداد المسجد من الخلف، قد تكون مثل مساحة المسجد أو أقل منها، ويراوح ارتفاع السور المحيط بها ما بين 2 و 3م، وتُصلى فيها صلاة الظهر غالبًا في فصل الشتاء طلبًا لدفء أشعة الشمس.
 
هـ - السرحة الظاهرية (الخارجية):
 
وهي قطعة أرض تمتد بامتداد المسجد من أحد الجانبين، قد تكون مثل مساحة المسجد أو أقل منها، والسور المحيط بها هو امتداد للسور المحيط بالسرحة الداخلية، وتُصلى فيها صلاة العصر في فصل الشتاء وصلاتا المغرب والعشاء في فصل الصيف.
 
و - المنارة (المئذنة): 
 
وهي مكان بارز ومرتفع عن المسجد. وغالبًا ما تقوم المنارة على دعامات لها أساس من الأسفل، وتختلف من حيث الارتفاع والضخامة بحسب كبر المسجد، وغالبًا ما يراوح بروزها عن ارتفاع سترة المسجد بين 3 و 4م تقريبًا. وقد يكون شكلها دائريًا أو مربعًا أو مستطيلاً. والهدف من إقامتها هو رفع الأذان من فوقها، وهي الآن بمثابة علامة بارزة لموقع المسجد.
 
ز - المصباح:
 
يكون عادة في مقدمة المسجد، وهو مسقوف ومحاط بالجدران من ثلاث جهات بينما تُترك الجهة الشرقية مفتوحة على الصحن (الفناء). كما يكون سقف المسجد مرتفعًا، ويوجد في جدرانه عدد من النوافذ من جميع الجهات وتكون بحجم كبير نسبيًا. وفي المصباح تُؤدى صلوات الظهر والعصر والصلوات الأخرى خصوصًا في أوقات اعتدال الجو، ويشغل المصباح نصف مساحة المسجد تقريبًا.
 
ح - صحن المسجد:
 
يشغل النصف الآخر من مساحة المسجد، ويكون مكشوفًا بالكامل، وتُفرش أرضيته بالحصير وأحيانًا بالبحص (الحصى الصغيرة)، ويُستعمل لصلوات المغرب والعشاء والفجر صيفًا، ولصلاتي الظهر والعصر شتاءً عندما تكون السماء صافية.
 
ط - الخلوة (القبو): 
 
هي قبو أو نفق تحت السرحة الداخلية، يمتد بامتدادها، ويصل عمق الخلوة إلى 3م تقريبًا، وغالبًا ما تتكون من رواقين قائمين على صف من الأعمدة. والهدف من إنشاء الخلوة هو الصلاة فيها أيام الشتاء وبخاصة صلاتا العشاء والفجر، وأحيانًا تُصلى فيها جميع الصلوات إذا كان الجو باردًا جدًا. ويوجد عدد من الفتحات في أمكنة متفرقة حول الإطارات في سقف الخلوة، وخصوصًا بمحاذاة سور المسجد من الداخل من أجل التهوية، وتُسمى تلك الفتحات (النبرات؛ مفردها نبرة) وهي باردة صيفًا ودافئة شتاء.
 
ي - المسقاة: 
 
وهي بئر ضيقة ملحقة بجانب المسجد أو مقابلة له، وبجانبها بركة صغيرة يُجمع فيها الماء بعد استخراجه من البئر عن طريق الدلو الذي يُسحَب بوساطة حبل، ويُستخدم هذا الماء المجمَّع في الحوض القريب من البئر للوضوء. وللمسقاة الملحقة بالمسجد بابان: أحدهما يطل على الشارع والآخر يطل على السرحة الداخلية أو الخارجية حسب موقع المسقاة من المسجد. ويُستفاد من المسقاة في الوضوء للصلاة كما سبق، بالإضافة إلى أن كثيرين من أفراد الحي يستفيدون منها في حصولهم على الماء سواء للشرب أو الاستخدامات الأخرى.
 
ك - المنبر: 
 
وهو مكان مرتفع قليلاً عن أرض المسجد، يقع بجوار المحراب إلى اليمين منه، يقف الخطيب يوم الجمعة لإلقاء الخطبتين من فوقه، أو خطبتي الاستسقاء أو العيدين إن أُقيمت الصلاة فيه.
 
وكان المسجد في السابق مبنى أساسه من الحصى في الغالب، ثم يُكمَل بناؤه باللَّبِن والطين، ويُسقف بخشب الأثل أو السمر المغطى بجريد النخيل، ويُبطَّن بسعف الجريد أو القش ثُمَّ يُطلى بالطين. أما جدرانه عامة فإنها تُطلى بالطين الحفيرة التي يوضع معها في الغالب التبن أو هدب الأثل كي يقوِّي تماسكها وتشابكها. أما أرضية المسجد وسطحه فيُطليان - أيضًا - بالطين الحفيرة المخلوطة بالتبن أو هدب الأثل، أو يُفرش - أحيانًا - بالحصباء والحصير؛ لعدم وجود الفرش كما هو في الوقت الحاضر.
 
مظاهر الثبات والتغير
 
لقد تطور البناء في منطقة القصيم، وأخذ ينتقل من مرحلته التقليدية القديمة إلى مرحلة تتسم بالعمران الحديث بما يتناسب مع الحياة الجديدة التي بدأت بعد عهد الاستقرار وتوحيد الدولة، واكتشاف البترول، وانفتاح المملكة على العالم الخارجي. ولقد كان لخطط التنمية المتلاحقة التي بدأت من عام 1390هـ / 1970م دور كبير في انتقال الحياة الاجتماعية في المنطقة من الحياة التقليدية إلى النمط الحديث، إضافة إلى دخول الكهرباء المدن.
 
كما تغيرت مواد البناء في منطقة القصيم من الطين واللَّبِن إلى مادتَي الأسمنت والحديد. ويتميز البناء الحديث بأنه أصبح بشكل أدوار متعددة، وفي صفوف منظمة ومرتبة ترتيبًا هندسيًا، وقد أدت هذه الأبنية الحديثة إلى إيجاد شوارع عريضة ومنظمة ومسفلتة حسب متطلبات البناء والحياة الجديدة.
 
وامتازت الأبنية الحديثة بالنظافة النسبية، والتهوية الصحية الحديثة، ودخول أشعة الشمس غرفها، ودخول إضاءة ممتازة، ولقد أثر هذا كله في تقدم الوضعين: الصحي والاجتماعي للسكان، وكان هذا التطور في البناء نتيجة ارتفاع مستوى معيشة الناس من الناحية الاقتصادية، وزيادة الدخل المادي للبلاد  
وبالإضافة إلى ذلك؛ فقد كان للقروض التي تقدمها الدولة للمواطنين عن طريق صندوق التنمية العقارية أكبر الأثر في النمو العمراني الذي شهدته - وما زالت تشهده - منطقة القصيم، فقد أتاحت هذه القروض طويلة الأجل للمواطنين الفرصة لبناء مساكن خاصة بهم لم يكونوا يستطيعون الحصول عليها لولا دعم الدولة السخي والمتواصل لرفعة الوطن والمواطن.
 
وعلى الرغم من تطور البناء في منطقة القصيم، وانتقاله من المرحلة التقليدية القديمة إلى العمران الحديث الذي يتناسب مع الحياة الجديدة التي شهدتها البلاد، وانفتاح المجتمع السعودي على العالم الخارجي، وعلى الرغم من تحديث جميع المرافق الحياتية في المجتمع وتعميمها على أرقى المستويات العالمية؛
 
"إلا أن المخطِّط والمواطن السعودي لا يزال ينظر إلى موروثات الآباء والأجداد على أنها مصدر قوته وحضارته، فعلى سبيل المثال غالبًا ما يُلاحَظ في معظم القصور والفلل السكنية الفاخرة موقع خاص للخيمة العربية التقليدية التي يستقبل فيها المواطن ضيوفه في فخر واعتزاز، وحتى في الفنادق الراقية ذات الخمسة نجوم غالبًا ما يكون هناك من يستقبل ضيوفه بالقهوة العربية، كما أنه غالبًا ما يكون هناك ركن خاص للموروثات الشعبية التي كثيرًا ما اشتملت على خيمة الشعر والمجلس العربي. ويلاحَظ وجود الكثير من المؤسسات المتخصصة التي تقوم بإنشاء غرف على الطراز القديم من اللَّبِن والطين، وغالبًا ما يسعد المواطنون بإقامتها داخل منازلهم تأكيدًا على الترابط مع الماضي وحنينًا إليه"  
 
شارك المقالة:
100 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
1

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook