المساكن ومواد البناء بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المساكن ومواد البناء بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

المساكن ومواد البناء بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
يتصف النمط الحضري في المنطقة الشرقية بتوزيع المدن والقرى إلى أحياء كبيرة، وكل حي يشتمل على عدد من الحارات يُسمى (الفريج)، ويرتبط كثير من سكان الفريج بروابط القرابة أو المصاهرة. ويكون في الفريج ساحة عامة تُسمى (البراحة)، التي تعد متنفسًا للسكان؛ فهي مكان لتجمع الجيران وملعب للأطفال، ومكان للتجمع عند الطوارئ، ومكان لإقامة المناسبات الاجتماعية مثل احتفالات الأعياد والزواج، كما استخدمت البراحات موقفًا لعربات (القاري) التي جُلبت إلى المنطقة فيما بعد.
وتتصف طرق المنطقة في السابق بأنّها طرق ضيقة مُتعرجة، وكثيرٌ منها ذو نهايات مُغلقة، ويتصف بناء السكن في الحارات بعدم التناسق، فتجد أنّ الطريق في بدايته متسع لكنّه يضيق كلما اتجهت إلى نهايته.
 
وقد تأثر بناء المنازل في المنطقة الشرقية بنمط العمارة الإسلامية، ويتضح ذلك جليًا في الطراز المعماري، وعمل الأقواس والأعمدة  ، والتفنن في النقوش والزخرفة في بعض مباني المنطقة. وقد اعتمدت مواد البناء على البيئة المحلية؛ فعلى سبيل المثال، يعتمد بناء المنازل على الطين في الأحساء لتوافر التربة الطينية فيها، واعتمد بناء المنازل في المدن الساحلية على الحجر البحري المستخرج من البحر، كما أنّ النخل الذي تشتهر به المنطقة، يُستفاد من جذوعه وجريده في سقوف المنازل وبناء الجسور وغيرها.
 
وقد ارتبط بناء المنازل بعامل المناخ في المنطقة، فنظرًا إلى حرارة الجو في الصيف، وعدم وجود أجهزة التكييف في ذلك الوقت رُوعي في المواد المستخدمة في البناء أن تكون أقل نقلاً للحرارة مثل الطين، والجص الأبيض الذي يُستخدم في تلييس (تدهين) الجدران، والخشب الذي يُستخدم في السقوف، كما أنّ استخدام الميزاب   - وهو وسيلة تصريف المياه من سطوح المنازل إلى الخارج عند هطلان الأمطار - أساس في البناء.
 
ويعمل ضيق الطرق وتعرجها على تجنب جدران المنازل التعرض لأشعة الشمس المباشرة ما يُخفف من شدة حرارة الشمس، بالإضافة إلى أنّ النوافذ الخارجية (الدرايش)  التي تطل على الشارع سمة مميزة للبيوت في السواحل، لينفذ الهواء من خلالها إلى داخل البيوت والغرف، وليُخفف من رطوبة الجو. أمّا في المدن والبلدات غير الساحلية فكان نظام البناء يتصف بعدم وجود النوافذ والشرفات التي تُطل على الطرقات والأزقة  
 
وكان هناك نمط مُتّبع في بعض المدن والبلدات في المنطقة الشرقية مثل القطيف؛ وهو أنّ المنازل المتجاورة تفتح أبوابها على ممرات داخلية مسقوفة تُعرف بالدهاليز أو بـ (السباط)، ويُفيد في معرفة الناس القادمين، كما أنّه يُمكن الجيران من التواصل بعضهم ببعض دون الحاجة إلى استخدام أبواب المنازل الخارجية، بالإضافة إلى أنّ بعض كبار السن يستخدمونه مكانًا للجلوس وتبادل الأحاديث.
 
ويتسم أسلوب البناء بالبساطة؛ فعند رغبة أحد الأفراد في بناء منـزل له على أرض يملكها فإنّه يتفق مع أحد البنائين الذين لهم خبرة في البناء - ويُسمى (الأستاد) - فيقوم بزيارة موقع الأرض، وبالاتفاق مع صاحبها يتم تحديد عدد الغرف وسعتها ومنافعها، ومن خلال هذه المعاينة يرتسم في ذهن الأستاد تصور واضح لما سيكون عليه البناء، وبعد الاتفاق على قيمة البناء يقوم الأستاد بإحضار عدد من معاونيه البنائين، وعادة يراوح عددهم بين 5 و 10 ويُطلق عليهم اسم (الكولى) أو (الشقردية)، ويبدأ عملهم بحفر أساس البناء تحت إشراف الأستاد، ثم يشرعون في بناء الجدران الداخلية والخارجية، ثم السقف والحجى. ويستمر البناؤون في عملية البناء من الصباح الباكر حتى أذان المغرب، ويتخلل ذلك أوقات الغداء والصلاة. والأجرة تراوح بين 1 و 10 ريالات حسب مهارة البنائين وخبرتهم. وفي القرى يختلف الوضع إذ كان الناس يتعاونون في البناء كل حسب جهده وقدرته، ويقوم صاحب البناء بتوفير التمر والماء واللبن وبعض الأكل مكافأةً ومعونةً لهم.
 
ويتصف بناء المنازل في ذلك الوقت بتلاصقها بعضها ببعض، ويُعبر ذلك عن قوة الترابط الاجتماعي بين السكان في ذلك الوقت، كما أنّ تلاصق المباني مُفيد في صدّ الرياح التي تهب على المنطقة، بالإضافة إلى أثره الإيجابي في الجانب الأمني؛ إذ إنّ الفراغات بين المنازل قد تشكل مصدر تهديد للسكان، خصوصًا أن الأمن كان ضعيفًا قبل توحيد المملكة.
ونظرًا إلى ارتباط معظم سكان المناطق الساحلية من المنطقة الشرقية بالبحر، فعادة يتم اختيار مواقع قريبة من الساحل لبناء المساكن؛ ليسهل على الأهالي مراقبة مراكبهم والوصول إليها في يسر وسهولة.
 
ويُمكن تصنيف البناء في المنطقة إلى أربعة أنواع رئيسة هي:
 
 في المدن الداخلية مثل الأحساء تكون مادة البناء من الطين المعمول في شكل اللَّبِن، ويتم عمل اللَّبِن بخلط تربة طينية بالماء وإضافة التبن إليها ليزيد من تماسكها، ثم تُوضع في قوالب خشبية وتُترك في أشعة الشمس لتجف، وبعد أن يجف يكون اللَّبِن جاهزًا لاستخدامه في البناء. وبعد إتمام عملية البناء يتم تبييض الجدران - وبخاصة الخارجية - بجص أبيض ليحافظ على الجدران من الأمطار وغيرها، وفي بعض الأحيان تُبنى أساسات المبنى من الحصى ثم يُوضع عليها اللَّبِن.
 
 في المناطق الساحلية مثل الدمام والخبر والجبيل يكون البناء من الحجر البحري أو كما يُسمى (الفروش) المستخرجة من البحر، وتُبيض الجدران الداخلية للغرف بالجص الذي يعمل على تخفيف درجة الحرارة أثناء الصيف.
 
 في أطراف المدن والقرى هناك بيوت يسكنها أهل البادية يُمكن تسميتها بيوت البادية، ويعتمد بناؤها على البساطة، وهي أرض يتم تسويرها بسعف النخل والجريد، وتُبنى بداخلها غرفتان - أو أكثر - من الطين حسب الحاجة، وتُسقف بجذوع النخل.
 في بوادي وصحارى المنطقة يعتمد أهل البادية - كما هو معتاد - على الخيام وبيوت الشعر سكنًا لهم.
 
شارك المقالة:
88 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook