المسك والريحان لنصح طلبة الإيمان

الكاتب: المدير -
المسك والريحان لنصح طلبة الإيمان
"المسك والريحان لنصح طلبة الإيمان
سلسلة المحجة البيضاء (1)




الحمد لله، وبعد:

فقد وضع الطلبة الأقدام على الثانويات والجامعات والمدارس...

 

فطرأ عليَّ التعليق بِنُقَطٍ مِن النَّصائِح المُفيدَةِ - فضلًا من الرب الرحيم - فأقول:

أولًا: ليكن الهَدَفُ الأوَّل من التَّعلم النفعَ، وتقديم الذي تمس الحاجة إليه...

 

فالطبيب ينوي العلاج، ورفع الحرج عن الخلق، وعون الذي بأمس الحاجة إلى المعين، وكذا الحال للمرأة؛ فتنوي العلاج للإناث اللائي هن بأمس الحاجة إلى الطبيبات المسلمات النافعات في الباب، وقد قرَّر الأئمة أن تعلُّم الطب فرضٌ على الكفاية، قال الحافظ النووي رحمه الله: أما العلوم العقلية، فمنها ما هو فرض كفاية؛ كالطب والحساب المحتاج إليه.

 

ثانيًا: قل قبل مفارقة المَنزل:

اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِك مِن أَن أضِلَّ أو أزِلَّ أو أظلِمَ أو أُظلَمَ أو أجهَلَ أو يُجهَلَ عليَّ.

 

أخرج الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في فضل دعاء الخروج: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟

 

ثالثًا: كثيرًا ما يكون الذهاب بإحدى الحافلات، وكذا العود، فليكن الحرص على النظر إلى ما أباح الله النظر إليه، ومنع البصر من النظر إلى ما حرَّم الله النظر إليه، وعلى تجنب الاختلاط.

 

واجعل الركوب في الناقلة الفرصة لذكر الله تعالى؛ لأجل القرب منه جل جلاله قبل القرب من الثانوية.

 

وحاول البعد عن الطالحين، والقرب من الصالحين؛ لأجل إفادة الصالح بالثبات على ما هو عليه من الصلاح الذي هو إحدى النِّعم الربانية، فإن لم يجد الذي يحتكُّ به من أحد الصالحين، فإنه على وشك الاحتكاك بأحد بالفجرة، فيخشى له التأثر بهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله)).

 

وإن القُرْبَ من الصالح: لثبات لَكَ/ لَكِ أنتَ/ أنتِ أيضًا، فهو ثبات من الله للطرفين - إن شاء الله.

 

رابعًا: السُّكوت ولزوم الصمت، ففيه فوائد:

أ- الانتفاع من المعلم، فقد يكون الطالب في الفصل، لكن يستوي مع الذي امتنع عن الحضور في الجهل بالدرس الذي ألقاه الأستاذ؛ لانشغاله بالكلام عن الدرس، وقد يكون الطالب الذي في الخارج - والحال هذه - أفضلَ منه؛ إذ له الفرصة على القيام ببعض الأعمال، وهو لا.

 

ب- غَلْقُ الباب الذي منه الشر يدخل، فلا بد وأن يكون من الطلبة المشاغِب المشاغل، المُفْرِط في الكلام، لا يمر عليه صغيرٌ إلا وعلَّق عليه، ونسبه الى الحُسْن أو القُبْح.

 

وأعظم وسائل اكتساب الخلق الذميم للطالب هذا، هو مشاركته في أقواله، والتعليق عليها واحدًا واحدًا، وقد يقر القائلَ على قوله الباطل وهو لا يريد إقراره، بل قد يزيد على قوله أقوالًا.

 

ج- الامتثال للأمر الشرعي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم والآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت)).

 

وأخرج الترمذي - بسنده متصل -: ((من صمت نجا)).

وقال ابن مسعود: والله الذي لا إله إلا هو، ما على الأرض أحقُّ بطول سجن من لسان.

وقال وهب: أجمعت الحكماء على أن رأس الحكمة الصمت.

 

قال الحافظ ابن رجب (ص/???): فمن هنا يعلم: أن ما ليس بخير من الكلام، فالسكوت عنه أفضلُ من التكلم به، اللهم إلا ما تدعو إليه الحاجة مما لا بد منه، وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: إياكم وفضولَ الكلام.

 

خامسًا: احرص على المذاكرة، وإمعان النظر في الدرس، لا لأجل ذات الدرس فقط، ولا لأجل الامتحان فقط؛ بل لأجل السلامة من الآثام المترتبة على التفريط في المذاكرة.

 

فالطالب الذي لم يذاكر الدرس:

1- إما أن يكون له الاهتمام بالامتحان.

2- وإما لا.

 

فعلى الأول، له حالان:

?- إما أن يتخذ الغش الوسيلة للنجاح فيه.

2- وإما لا.

 

فالأول بحدِّ ذاته مذموم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من غشَّنا فليس منا)).

 

وربما تولَّد منه الذي لا يُرضي الربَّ؛ إذ قد يَقْبِضُ المراقب عليه، أو يَشُكُّ فيه؛ فيسأله عن الذي معه، فينكر أن يكون قد صحب أوراقًا معه لأجل الغش في الامتحان، فيكون قد أنكر واقعًا، وقال بالكذب الصريح البيِّن، ولبعض الثانويات الصور المراقبة، ولا مفر من القبض عليه حينئذٍ.

 

وربما طُرِدَ من المؤسسة؛ لأجل أمر واحد، وهو عدم المذاكرة.

 

سادسًا: الحرص على الصلاة النافلة وأنتَ/ وأنتِ في الجامعة أو الثانوية، أو المدرسة، وعلى سبيل الخصوص: صلاة الضحى التي هي صلاة الأوابين كما صرح به النبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وقال أبو هريرة: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.

 

وكانت الأم الطاهرة (عائشة رضي الله عنها): ملازمة لها.

 

سابعًا: معلوم أن أغلب الثانويات تغلق الأبواب عند الظهر، وللأكثر الفُسحة في التاسعة والنصف، وهو وقت الضحى، ومنه، فعليك بالصلاة في الوقت هذا، دون الالتفات إلى الخَلْق، وإلى ما يقولون، فإنه ما أحد منهم سَلِم.

 

وثِقْ أنَّ مثل الفعل هذا: لدعوة إلى الله، فيتذكر الصالح الصلاةَ بفعلك لها؛ فيصلي تبعًا لك، ويتأثر الذي لم يكن يفعلها بفعلك، فيفعلها - بفضل من الله - ويفعلها الآخر، ثم جاره، إلى أن يكثر العدد، فتزول الوحشة، وتندرس الوحدة، فتصير الثانوية موضع طاعة بدل أن تكون موضع معصية، حتى يصير الفاسق غريبًا، بدل أن يكون الطائع غريبًا.

 

ثامنًا: علِّق القلب بالله، وادعه في السر والعلانية، وكن على اليقين من الإجابة.

 

تاسعًا: لكل أَحدٍ العلم بنفسه، وأدرى بحال النفس من غيره، حاشا الرب الذي خلقها، وسوَّاها، وكوَّنها ? فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ? [طه: 7]، وهو الذي قال: ? رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ? [الإسراء: 25].

 

فإن كانت النفس مائلة إلى الخير، فاحرص على الخير وأنتَ في الثانوية أو الجامعة، واحرص على الإكثار منه ما استطعتَ/ استطعتِ إليه سبيلًا، بل اجعل الخير فيها أكثر من أي موطن كان، حاشا المواضع المعظَّمة شرعًا، فإن كنتَ من أهل النوافل، فأكثِر النوافل فيها، وإن كنت من ذوي الخلق الحسن، فأكثر الخلق الحسن فيها، وإن كنت من ذوي الإرشاد والنصح، فأكثر منه فيها، وإن كنت من أهل الصدقة، فأكثر الصدقة فيها، إذ فيها الجم الغفير من الخلق، وأنت لهم قدوة، فالخير الواحد الذي تقوم به: قد يفعله الكم الهائل منهم، وهذا نور على نور.

 

وإن كانت النفس مائلة إلى الشر وفعل الذي لا يرضي الربَّ، فاحذر الحذر الشديد من فعل الذي لا يرضي الربَّ وأنتَ فيها، بل اجعل الحرص على تجنب المعاصي أكثر من الحرص على فعل الطاعات، إذ قد يجد الفاعل للمعصية المقتدي به من الخلق، وما أكثر ما يقع ذلك، فتجد الرجل لا يتعاطى السيجارة، فسرعان ما يتعاطاها وهو في الموضع الخبيث.

 

والغرض من إكثار الخير فيها، لأجل نفع الغير بطريق الاقتداء بك فقط، لا لأجل تعظيم الثانوية!!

 

عاشرًا: الخروج بالثياب الشرعية، والبعد عن التعطر في حق النساء، فعلى المرأة ألا تتعطر وهي تريد الذَّهاب إلى الجامعة المسلمة، وألا يكون الثَّوْبُ مِنَ المُحَرَّمِ الخُروج به شرعًا.

 

? يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ? [الأحزاب: 59].

 

‏دخل نسوة على عائشة رضي الله عنها؛ عليهن ثياب رقاق، فقالت:

إن كنتنَّ مؤمناتٍ، فليس هذا بلِباسِ المؤمنات.

 

ثم وهي في الجامعة، عليها بالالتزام بالأدب الشرعي، وعدم التحدث مع الأجانب الحديث الذي لا طائل منه، فكم من الطالبات اللائي تجاوزن ذلك إلى الاتصال بالأجانب، واللقي معهم، بل والخروج معهم، فكم دخل الشرُّ من الباب هذا، وكم من حرُمات انتُهكت، وكم من فواحش اقتُرفت!

 

فتجد الفتاة العربية التي في القسم العربي، تقوم بما لا تقوم به العجميات!!

فأين العلم؟!

 

ختامًا: عليك بالتوسط وأنت في الدراسة النظامية، فلا تكن المقصر الجافي فيها، ولا المفرط الغالي الذي لا همَّ له إلا هي؛ إذ بالأول يكون الانحطاط بعد الرقي، والسقوط بعد الصعود، والندم الذي لا يفيد، وبالثاني التضييع لما هو أولى بالعناية منها، فقد يقصر العبد فيما هو أهم من الدراسات تلك، مع عنايته البالغة بها، كأنْ يكون ممن فرط في برِّ أمِّه، أو أبيه، أو ممن يجب عليه العناية به، وأسوأ منه التضييع لأعظم الحقوق، وهو الحق الرباني الذي من أجله أوجد الثقلين ? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ? [الذاريات: 56]، وقال تعالى: ? يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ? الآية [البقرة: 21].

 

وعليه، يجب على المرء السيرُ بين الطرفين المذمومين، فلا يكون من المقصرين في الأول، ولا من المغالين فيه، بل عليه بالتوسط المذكور.

 

تنبيه:

عندما تصل إلى الجامعة أو الثانوية، لا بد من الاحتياط، بسلك الطريق الذي يفضي إلى الفصل الذي أنت فيه من دون الاختلاط بالرجال في حق النساء، وبالنساء في حق الرجال.

 

فقد يكون المركز الذي تدرس فيه: إسلاميًّا صرفًا، فيفصل الرجال عن النساء، والنساء عن الرجال، لكن قد يحصل التصادم أحيانًا، وهو سبب للفتن.


"
شارك المقالة:
24 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook