المسلم الجديد داعية جديد

الكاتب: المدير -
المسلم الجديد داعية جديد
"المسلم الجديد داعية جديد




الأصلُ في الإسلام: أنَّ كلَّ مسلم داعيةٌ إلى الله تعالى، كلٌّ بحسبه، والمسلم الجديد بعدَ أن يتعلَّم دينَ الإسلام، فإنَّ مِن المهم أن يقوم بالدعوة إلى الله، وهي إحدى الوسائل الرئيسة في تثبيته على الإسلام، وإنْ كان هذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، والأمكِنة والأزمِنة، والأصل في ذلك اعتبارُ الفروق الفرديَّة بيْن الناس.

 

ولَمَّا أسلم الطُّفَيل بن عمرو الدَّوْسي رضي الله عنه قال: يا نبي الله، إني امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام، فادْعُ الله أن يجعل لي آية تكون لي عونًا عليهم فيما أدعوهم إليه، فقال: ((اللهمَّ اجعلْ له آية))، فأَذِن له بالدَّعوة، وأيَّده بالدعاء.

 

إنَّ أقوى دِعامة للمسلِم الجديد تحفظ له إسلامَه، أن يقومَ بدعوة غيره للإسلام، فالمسلِم الجديد سفيرُ الإسلام، وداعيتُه الجديد، وكان من هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذنَ لِمَن يُسلِم ويتعلَّم القرآن أن يعودَ داعيًا إلى قومه، والشواهدُ في السيرة النبويَّة كثيرة جدًّا، فكان يَفِدُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم الأفرادُ ويدخلون في الإسلام، ثم يأذن لهم أن يعودوا لدعوةِ أقوامهم.

 

ومِن الشواهد: ما جاء في قصَّة عُمَير بن وَهْب رضي الله عنه فإنَّه بعدما أسْلمَ قال: يا رسولَ الله، إني كنتُ جاهدًا على إطفاء نورِ الله، شديدَ الأذى لِمَن كان على دِين الله عزَّ وجلَّ وأنا أحبُّ أن تأذنَ لي فأقدَم مكة، فأدْعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام، لعلَّ الله يَهديهم، وإلا آذيتُهم في دِينهم، كما كنتُ أوذي أصحابَك في دينهم، قال: فأذِن له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة.

 

قال ابن إسحاق: فلمَّا قدم عُميرٌ مكَّة، أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذي مَن خالفه أذًى شديدًا، فأسلم على يديه ناسٌ كثير، وفي عام الوفود كان المسلِمون يعودون إلى أقوامهم بالدَّعْوة؛ فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتينا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن شَبَبةٌ متقاربون، فأقمْنا عنده عشرين ليلة، فظنَّ أنَّا اشتقْنا أهلنا، وسألَنا عمَّن تركْنا في أهلنا فأخبرناه، وكان رقيقًا رحيمًا، فقال: ((ارجعوا إلى أهليكم، فعلِّموهم، ومُروهم، وصلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي، وإذا حضرتِ الصلاة، فليؤذِّنْ لكم أحدُكم، ثم ليؤمَّكم أكبرُكم)).

 

ومن المعلوم: أنَّ المسلم الجديد له أثرُه الفعَّال في الدعوة، لا سيَّما أنَّ كثيرًا من المسلمين الجُدد لا ينفكُّون عن بيئتهم ومجتمعهم، والمسلِم الجديد: إمَّا أن ينعزل عن مجتمعه ويهاجر عنه، وإما أن يَبْقى على ما كان عليه، والغالِب أنَّه لا ينعزل عنه، ويؤكِّد ذلك ما جاء في دراسة علمية على عَيِّنة من المسلمين الجُدد في مدينة الرِّياض، فقد تبيَّن من الدراسة: أنَّ 94% من المسلمين الجُدد على صِلة بأصدقائهم من غير المسلمين.

 

ولذلك؛ فمِن أهمِّ متطلبات الدَّعْوة بيْن المسلمين الجُدد - لا سيَّما القادمين من بلدان غيرِ إسلامية - أن يتمَّ إعدادُهم ليكونوا دعاةً إلى دِين الإسلام، والمسلِم الجديد إن لم يَقُمْ بالدعوة بسلوكه وقوله، فقد يذوب في المجتمع الذي يعيش فيه، وهو مأمورٌ بأن يعتزَّ بدِينه، وأن يُظهرَه؛ لأنَّه الحق الذي لا ريبَ فيه.

 

المستقبل - العدد 164 - ذو الحجة 1425هـ، يناير 2005م


"
شارك المقالة:
29 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook