المشيمة وتشريحها ووظائفها

الكاتب: د. ايمان شبارة -
المشيمة وتشريحها ووظائفها.

المشيمة وتشريحها ووظائفها.

المشيمة كتلة لحمية شديدة التوعية بشكل قرص مدور، وظيفتها توفير المبادلات الغذائية والتنفسية بين الجنين والحامل؛ وإفراز بعض الهرمونات التي لها وظائف خاصة في أثناء الحمل، تبدأ بالتكون في الشهر الثالث من الحمل، وتستمر على القيام بوظائفها حتى الولادة حين تنطرح بعد انقذاف الجنين.

شكل المشيمة دائري، قطرها نحو 16سم، وثخنها في الوسط 1.5 ـ3سم، وبقرب المحيط 4 ـ6ملم، ووزنها في تمام الحمل يعادل سبع وزن الجنين إلى سدسه؛ أي نحو 500 ـ600غ في جنين وزنه 3500غ.

للمشيمة وجهان: رحمي وجنيني، ومحيط .

 ـ الوجه الرحمي أحمر مدمى مزغب لامع عليه أثلام عميقة تقسمه فصوصاً تسمى الفلق المشيمية، عددها نحو خمس عشرة فلقة.

 ـ الوجه الجنيني أملس يستره الغشاء الأمنيوسي الشفاف، ويرتكز عليه في مركزه حبل السرة.

 ـ المحيط: وتتمادى المشيمة عنده مع الأغشية، وحوله أوردة يتفاغر بعضها ببعض مؤلفة ما يسمى الجيب الإكليلي.

ترتكز المشيمة على قعر الرحم أو قريباً منه على أحد وجهيه الأمامي أو الخلفي وهو الأغلب، وتتألف المشيمة من عنصرين: أحدهما يسمى الغشاء الساقط الرحمي المشيمي، والثاني جنيني يسمى المشيمة خاصة.

 ـ الغشاء الساقط الرحمي: يسمى كذلك الغشاء الساقط القاعدي، ويتألف من طبقتين: طبقة إسفنجية في الظاهر ملتصقة بجدار الرحم فيها أنابيب غدية وأوعية دموية غزيرة، وطبقة كثيفة في الباطن مؤلفة من خلايا ساقطة، وهذه الطبقة هي وحدها التي تنفصل عن الرحم مع المشيمة الجنينية بعد الولادة.

 ـ المشيمة خاصة: وهي مؤلفة من صفيحتين بينهما مسافة ممتلئة بالدم الوالدي الذي تسبح فيه الزغابات المشيمائية (الكوريونية)، وهما صفيحة ظاهرة ملتصقة بالغشاء الساقط القاعدي تسمى الصفيحة القاعدية، وصفيحة باطنة تسمى الصفيحة المشيمائية يسترها الغشاء الأمنيوسي من الباطن، وتتألف من طبقتين: طبقة خارجية بشروية وطبقة داخلية ضامة.

تلتصق الصفيحتان القاعدية والمشيمية بشدة في محيط المشيمة، وتقع الحجرة بين الزغابات الممتلئة بالدم بين الصفيحتين القاعدية والمشيمائية.

يصل الدم الشرياني إلى الحجرة بين الزغابات من مئات الشرايين الرحمية المشيمية التي تجتاز الصفيحة القاعدية، وتصب في مركز أجواف الفلق، وتتكون الأوردة من فتحات كثيرة على الصفيحة القاعدية في محيط الفلق، وتجتاز الصفيحة القاعدية لتصل إلى جدار الرحم حيث تصب في أوردته.

أما الزغابات المشيمائية فيتألف كل منها من محور وعائي مؤلف من وُرَيد وشُرَين يتفرعان من الوريد السري والشريان السري، ويتصل أحدهما بالآخر بكثير من الأوعية الشعرية، ويحيط بها نسيج ضام رخو يستره غلاف بشروي مكون من طبقتين: طبقة عميقة مؤلفة من خلايا أسطوانية تدعى طبقة  لانغهانس Langhans تزول في أشهر الحمل الأخيرة، وطبقة سطحية تسمى الطبقة الغاذية المخلوية syncytiotrophoblast مؤلفة من عدد كبير من نوى الخلايا المبثوثة ضمن هيولى غير مجزأة، والزغابات متفرعة بشدة، ترتكز فروعها الطويلة على الطبقة القاعدية في حين تبقى القصيرة سابحة في الحجرة بين الزغابات.

إذاً، لا يوجد اتصال بين دم الحامل ودم الجنين؛ فدم الحامل يصب في الحجرة بين الزغابات مفصولاً عن دم الجنين بجدر الزغابات التي يجري فيها دمه، ولو أنه أصبح من الثابت أن كمية بسيطة جداً من كل دم تتسرب نحو الدم الآخر في أثناء الحمل؛ يدل على ذلك التفاعلات المناعية حين وجود اختلاف الزمر Rh بين الحامل والجنين، ومن خلال جدر الزغابات الرقيقة جداً تحدث المبادلات الغازية والغذائية وغيرها بين الدمين بآليات مختلفة.

فيزيولوجية المشيمة

تقوم المشيمة بتوفير المبادلات المختلفة بين دم الجنين ودم الأم لضمان تنفسه وتغذيته وطرح بعض فضلاته؛ فهي تقوم بما تقوم به أجهزة الهضم والتنفس والدوران والبول في الكهل ، كما تقوم بإفراز بعض الهرمونات.

المبادلات: تحدث المبادلات بآليات مختلفة، فبعض المواد تمر من إحدى الجهتين إلى الأخرى بالانتشار البسيط بسبب اختلاف كثافتها في كل من الجهتين، وبعضها يمر بوساطة الذرات الحاملة، فتدخل المادة المنتقلة في تركيب إحدى المركّبات على أحد وجهي الغشاء، ثم تتجرر على وجهه الثاني، وبعضها يمر بتدخل فعالية خلوية خاصة في الغشاء المشيمي، وعدا هذا تتعلق المبادلات بسن الحمل وسعة سطح الزغابات وثخن جدرانها وبضغط السوائل الموجودة في كل من الطرفين وبدرجة الضغط الحلولي في كل منها.

بحسب هذه الآليات المختلفة يمر غاز الأكسجين من دم الوالدة إلى دم الجنين، ويمر غاز Co2 بالعكس من دم الجنين إلى دم الوالدة، وتمر المواد المغذية المختلفة والڤيتامينات والهرمونات والصادات والأدوية. ومرور الأدوية خاصة له شأن كبير لأنه يتطلب معرفة ما قد يضر الجنين منها إذا تناولته الحامل، ويجب ألا يوصف أي دواء للحامل ما لم يعرف إمكان مروره من المشيمة ودرجة تأثيره في الجنين.

مفرزات المشيمة

تفرز المشيمة عدة هرمونات:

1 ـ موجهة الغدد التناسلية المشيمائية chorionic gonadotropin: يفرز من الطبقة الغاذية المخلوية، ووظيفته دعم الجسم الأصفر في الفترة الأولى من الحمل. ويدل كشف هذا الهرمون في بول المرأة أو مصل دمها (ومقداره واحد تقريباً فيهما) على أنها حامل، وهو لذلك الأساس في تفاعلات الحمل على اختلاف أنواعها، ويمكن كشفه منذ موعد الطمث المتأخر (ومقداره حينها وحدة دولية واحدة في السم3 الواحد)، ويزداد تدريجياً إلى أن يبلغ ذروته (100 وحدة دولية في السم3 الواحد) بين اليومين الستين والسبعين من الحمل، ثم ينقص تدريجياً حتى يبلغ 25 وحدة دولية في السم3 نحو اليوم المئة والعشرين من الحمل، ويستمر مقداره ثابتاً حتى نهاية الحمل، ويهبط فجأة بعد الولادة ببضعة أيام إلى الصفر إلا إذا بقيت بعض القطع المشيمية الفعالة في الرحم.

ترتفع مقادير هذا الهرمون قليلاً في الحمل التوءمي، وتزيد كثيراً في الرحى العدارية، وأكثر من ذلك في الورم المشيمائي البشروي؛ مما يستند إليه في تشخيص هاتين الآفتين.

2 ـ الموجهة الجسدية الثديية المشيمائية chorionic somatomammotropinيشبه فعله فعل هرمون النمو النخامي، وينبه عدا ذلك الفعالية المولدة للّبن. يتوضع هذا الهرمون كسابقه في الطبقة الغاذية المخلوية، ويكشف في مصل الحامل منذ الأسبوع السادس من الحمل، ويزداد باستمرار في الثلثين الأولين من الحمل من الصفر حين بدء الحمل حتى 0.4 ميكروغرام في السم3 الواحد من المصل في نهاية الثلث الأول، حتى 4 ميكروغرام في السم3 الواحد من المصل في نهاية الثلث الثاني، ويستمر الارتفاع في الثلث الأخير بكميات تختلف بين حامل وأخرى، ثم يزول بعد الولادة مباشرة. وتنقص مقاديره في أثناء الحمل في حالات تألم الجنين وتأخر نموه كما تنقص حين يتجاوز الحمل الأربعين أسبوعاً، ويجب لذلك إنهاء الحمل إذا نقص مقداره 50% عما كان عليه قبل الولادة؛ لأن ذلك يدل على تألم الجنين.

يتداخل هذا الهرمون في عدد من أعمال الاستقلاب؛ فهو يحرض انحلال الشحوم وارتفاع مقدار الحموض الدسمة الحرة في الدوران، ويثبط تمثل كل من الغلوكوز والغلوكوجين في الحامل، وله فعل مولد للأنسولين.

3 ـ الإستروجينات: تزداد الإستروجينات في المرأة الحامل باطراد من بدء الحمل حتى نهايته، ويقدر ما تنتجه المشيمة منها بأكثر من نصف كميتها الجائلة في الدم. ولكن تختلف أنواع الإستروجينات في الحامل عنها في غير الحامل، فمن المعلوم أن الإستراديول هو أكثرها وجوداً في غير الحامل في حين يرتفع مقدار الإستريول كثيراً في أثناء الحمل؛ ليصبح هو الأكثر وجوداً، ويزيد ارتفاعه في الحمل التوءمي، وينقص على العكس في تألم الجنين وفي موته.

4 ـ البروجسترون: تفرز المشيمة كمية كبيرة من البروجسترون طوال الحمل عدا الكمية القليلة التي يفرزها المبيضان، وتزداد كمية البريغنانديول pregnanediol (وهو المستقلب الرئيسي للبروجسترون) في البلازما وفي البول تدريجياً منذ بدء الحمل حتى الأسبوع الثاني والثلاثين منه؛ ليستقر بعد ذلك على نحو ثابت حتى قبل المخاض بأيام حين يهبط، ويعدّ هبوطه هذا أحد آليات تحريض المخاض.

شارك المقالة:
211 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook