المعابد والنصب الحجرية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المعابد والنصب الحجرية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

المعابد والنصب الحجرية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
تنتشر المعابد والمشكاوات والكوات الخاصة بمعبودات ما قبل الإسلام في منطقة الحجر، ومن هذه المعابد ما كانت له صبغته العمومية، ومنها ما كان محرابًا تعبديًا خاصًّا بالعشيرة التي أقامته  ،  وكانت ظاهرة إقامة المعابد فوق الأمكنة المرتفعة تقليدًا قديمًا في المعابد عمومًا والنبطية بصفة خاصة، فقد أقيم كثير من هذه المعابد بأحجام مختلفة على جبل إثلب الواقع في الجهة الشمالية الشرقية من الحجر، وأشهرها بطبيعة الحال هو ذلك الإيوان المحفور في الصخر الذي اشتهر عند الأهالي باسم (الديوان) أو (مجلس السلطان)  ، ومن المرجح أن هذا المعبد الصخري المتسع والمنحوت بعناية في صخور الحجر، أحد المعابد المحلية الرئيسة للمعبود النبطي الرئيس (ذو الشرى)، وقد نحت (الديوان) على هيئة غرفة كبيرة مستطيلة الشكل، طولها نحو 12.80م وعرضها 8.90م وارتفاعها 8م، ونحتت في ثلاثة من جوانبها مساطب حجرية؛ لتخدم غرض الجلوس أو وضع النذور ومستلزمات الطقوس عليها، في حين حليت الجدران أسفل السقف بإفريز زخرفي بارز متناسق، وشكّل على جانبي المدخل عمودان نبطيان يعلوهما عتب حجري بعرض الواجهة.
 
وقد نحت الديوان في إحدى كتلتين صخريتين ضخمتين في جبل إثلب، بحيث تكون الكتلة الصخرية الثانية المقابلة بمثابة مصد من الرياح وحجبٍ لأشعة الشمس الحارة عنه، ويوجد بجوار الديوان خزان ماء ضخم، منحوت في أرضية الجبل على هيئة متوازي مستطيلات، أبعاده 10م طولاً و 5م عرضًا و 5م عمقًا، تؤدي إليه قناتان لإمداده بالمياه  ،  وقد يخدم هذا الخزان أغراض التطهير وغيرها من مستلزمات الطقوس، فضلاً عن إمداده الكهان وزائري المنطقة الكثيرين بالمياه في مناسبات تجمعهم في الاحتفالات الدينية الخاصة بالمعبودات آنذاك.
 
لقد درج الأنباط، سواء في البتراء أو الحجر أو غيرهما من مواقعهم الأخرى على تصوير معبوداتهم بهيئات مجردة، تشبه النصب واللوحات الحجرية، وقد تشكل فيها أحيانًا بعض ملامح الوجه كالعينين والأنف بشكل اصطلاحي وغير تفصيلي، وكان من المعتاد إقامتها أو نحتها داخل معابد أو مشكاوات صغيرة منحوتة في الصخر، ينتشر بعضها كذلك في الجهة الجنوبية من جبل إثلب وفي أمكنة أخرى من الحجر، منها واحدة تقع قبالة الديوان كتب بجانبها نقش يفيد بأنها مكرسة للمعبود (شايع القوم)، وثمة مشكاة أخرى تقع على يسار الديوان في الممر الضيق كتب بجانبها نقش نبطي   يذكر المعبود (أعرا) الذي انتشرت عبادته في منطقة بصرى الواقعة جنوب سورية  .  ويغلب على تصميم المشكاوات في منطقة الحجر اتخاذها شكل المحاريب المقوسة من أعلى، أو إضافة عتب علوي عليها على هيئة الجمالون الإغريقي، كما أن بعضها الآخر يحيط به الأعمدة أو يعلوه النسر المقدس الذي يرمز على الأرجح إلى المعبود النبطي (ذو الشرى).
 
وقد نحت في بعض محاريب جبل إثلب  نصبان متجاوران، في حين نحت في بعضها الآخر ثلاثة أنصاب حجرية متجاورة، يفصل بين كل واحد منها والآخر قطع عميق في الصخر  .  وسواء عبرت النصب الثلاثة عن صور مختلفة لمعبود واحد، أو لمعبودات ثلاثة، فإن لها من الروابط والوشائج ما يجمعها معًا، ويجمع أتباعها من حولها.
 
وفي حقيقة الأمر فإن تصوير المعبودات النبطية بهذا الشكل المجرد والبسيط لا يعني عجزًا في المقدرة الفنية لفناني الأنباط، سواء في البتراء أو في الحجر، فواجهات مقابرهم شاهد كبير على تمكنهم، وعلو سهمهم في الفنون المعمارية عمومًا، وفن النحت بخاصة، ولكن الدافع وراء ذلك يمكن تفسيره، فيما يرجح، بالمشاعر المتدينة المحافظة لديهم، ونظرتهم إلى ماهية معبوداتهم بحسبانها تتسم بالروحانية أكثر من المادية  ،  وبما جعلهم يمتنعون عن أن يضفوا على معبوداتهم صورًا محددة أو قوالب جامدة تحصرهم فيها.
 
شارك المقالة:
77 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook