إن الأنشطة البشرية، المتمثلة فيما أنجزه سكان المدينة المنورة من أعمال مختلفة في شتى مجالات الحياة والمشتملة على حفر الآبار وشق العيون وبناء المدن الترفيهية والمتنـزهات والحدائق والأنشطة الأدبية والرياضية والأسواق، لها دور بارز في صناعة السياحة في المنطقة، وفيما يأتي وصف لأبرز وجوه المقومات السياحية البشرية في منطقة المدينة المنورة.

 

 

1 - العين الزرقاء:  

 

هي قناة مائية تجري تحت الأرض أنشأها مروان بن الحكم عندما كان أميرًا على المدينة المنورة في العهد الأموي بأمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وأصلها من بئر الأزرق، وهي بئر واسعة الأرجاء عذبة الماء في بستان قرب مسجد قباء، وقد شقت القناة لتصل إلى مساكن المدينة من الشمال إلى الجنوب، وأجريت من العين فروع إلى المسجد النبوي وبعض الأحياء، ويجري الباقي حتى يصب في المزارع قرب جبل أحد.

 

حظيت العين خلال العصور الإسلامية المتوالية بعناية ملوك المسلمين وأمرائهم فأضيفت إليها مياه من عدة آبار كبئر أريس، وبئر الرباط، وبئر بويرة، وفي سنة 560هـ / 1165م أخذ منها الأمير (سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء) شعبة من عند مخرجها بجانب مصلى العيد فساقها إلى باب المدينة، ثم أوصلها عند الرحبة بالقرب من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فانتفع بها أهل المدينة، وفي أواخر القرن التاسع الهجري أمر الملك الأشرف قايتباي بإجراء إصلاحات واسعة فيها، وفي أوائل الخلافة العثمانية توقفت مياه العين الزرقاء فأمر السلطان سليمان القانوني بإصلاح قنواتها وتحسينها وذلك عام 932هـ / 1526م، وقامت عليها عدة إصلاحات، وأضيفت إلى مياهها مياه من آبار أخرى وكان آخرها في حكم السلطان عبدالحميد الثاني، وفي العهد السعودي اهتم الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - بها وأمر بتشكيل هيئة خاصة لإدارتها، وصارت إدارة حكومية وأجريت مياهها في أنابيب معدنية وذلك لحفظها من التلوث ثم أوصلت إلى البيوت، إلا أنه بسبب الطفرة العمرانية وتوسع المدينة المنورة وازدياد سكانها لم تعد مياه العين كافية لسقيا المدينة، فتم إنشاء مصلحة المياه وزودت الشبكة بموارد مياه جديدة إلى أن حلت مياه البحر المحلاة مكانها  . 

 

2 - بئر أريس (الخاتم):  

 

تقع هذه البئر غرب مسجد قباء,واسمها (أريس) يعني الفلاح إلا أن شهرتها تعود إلى سقوط خاتم الخلافة فيها من يد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة السادسة من خلافته، وهو الخاتم الذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حمله الخليفة أبوبكر رضي الله عنه مدة خلافته، وكذلك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدة خلافته، وانتقل بانتقال الخلافة إلى الخليفة عثمان وقد دخلت بئر أريس في التوسعة الأخيرة لمسجد قباء وغطتها الساحة الخارجية من الجهة الغربية.

 

3 - سقيفة بني ساعدة:

 

وهي حديقة محاطة بسور، تبلغ مساحتها نحو 3600م  ، وكانت أرضها مكانًا لسقيفة بني ساعدة التي تقع إلى الشمال الغربي من المسجد النبوي الشريف، ولسقيفة بني ساعدة مكانة تاريخية حيث جلس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وهي المكان الذي جرت فيه بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أول خليفة للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللموقع أهمية تاريخية وتراثية وأثرية عالية، ويمكن استغلاله في أنشطة سياحية مختلفة.

 

4 - بحيرة سد عاقول:

 

بحيرة تقع على طريق المدينة - القصيم، تتجمع بها المياه، خصوصًا في مواسم الأمطار، وتوجد بجانبها حديقة، وتتميز البحيرة باستواء الأمكنة المحيطة بها، التي يمكن استخدامها كأمكنة للجلوس والتنـزه، ويقبل عليها الزوار في الوقت الحاضر من داخل منطقة المدينة وخارجها.

 

5 - خيف البصل:  

 

بقايا مزارع قديمة جدًا تقع شرق المدينة المنورة وتبعد عنها نحو 20كم، وتقدر مساحتها بنحو كيلومتر مربع، أهم ما تمتاز به وجود قنوات مياه أرضية مبنية من الحجارة المجصصة تحت سطح الأرض، وفيها ثلاثة قصور متهدمة مبنية من الأحجار يفصلها تل عن المزارع، وللموقع أهمية تاريخية وأثرية.

 

6 - خيبر القديمة وحصن المرحب: 

 

خيبر بلدة تاريخية قديمة عرفت بهذا الاسم منذ أقدم العصور، وقد وردت عدة روايات في تفسير سبب التسمية، لعل من أهمها هو اشتهارها بحصونها وقلاعها، ذلك أن كلمة (خيبر) وجمعها (خيابر) تعني الحصن بلغة الأقوام السامية التي سكنت خيبر قديمًا، ووفقًا لما ذكرته بعض الدراسات فإن خيبر - من الخبر، وهو معرفة الشيء - مدينة تاريخية شمال المدينة المنورة بـ 171كم على الطريق المؤدي إلى تبوك، تشتهر بكثرة عيونها، إذ توجد العشرات من العيون الكبيرة والصغيرة دائمة الجريان في خيبر يستفاد منها في سقي واحات النخيل ومن أهمها: (اللجيجة - البركة - عين علي - الهامة - البحير - عين الريا - وعين إبراهيم - عين المستقى - السليل - شباث - الجمة - برديدة - أم حكيم - البلالية - سمحة). وقد قدر إجمالي عدد العيون بخيبر بما يزيد على 300 عين دائمة الجريان، إلا أن بعض العيون اضمحلت واندثرت وبدأ بعضها بالاضمحلال والاندثار نتيجة حفر الآبار الارتوازية، كذلك تشتهر خيبر بنخيلها، حتى قيل فيها المثل الشعبي: (يا مهدي التمر على أهل خيبر).

 

ولخيبر أودية رئيسة جعلت عيونه ثرارة، ومن هذه الأودية: وادي الغرس (السرير): يمر جنوبها بينه وبين الصلصلة، ووادي السلمة: يمر بين بلدة خيبر الرئيسة (الشريف) وبين جبل عطوة جنوبها، ووادي الصوير، وهو وادي الشريف نفسه، ووادي أبي وشيع: شمال الصوير، ووادي المضاويح: شمال أبي وشيع، ووادي الزهيراء، آخرها في الشمال، وفي كل وادٍ عدد من القرى وزروع خضرة نضرة، وجميع هذه الأودية تجتمع في مكان يسمى المجمعة يكون رأس وادي الطبق إلى إضم ثم البحر، وبخيبر أيضًا عدد من القرى من أهمها: الشريف، وأبووشيع، والصوير، ومكيدة، وزبران، والنطاة، والسرير والعشاش 

 

وتضم خيبر حصن المرحب الذي فتحه المسلمون في معركة خيبر المشهورة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ويتميز بارتفاعه، وقد أحاطته هيئة السياحة والآثار بسور، وخيبر القديمة مهجورة في الوقت الحاضر، وتضم مجموعة من المباني السكنية والمسجد والسوق، وتوجد بينها وبين الحصن مجموعة من مزارع النخيل، وللموقع أهمية تاريخية وأثرية عالية، ويمكن استغلاله في أنشطة سياحية مختلفة.

 

7 - قرية مكيدة وحصن الوطيح: 

 

قرية قديمة في محافظة خيبر ترتبط بقصة المرأة التي وضعت السم في الطعام للرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك أطلق عليها اسم مكيدة، ويوجد في هذه القرية مبانٍ تراثية قديمة، ويوجد حصن الوطيح بموقع مرتفع يشرف على القرية بأكملها، وتبلغ مساحة هذا الحصن نحو 450م  ، وهو حصن قديم تهدمت أجزاء كثيرة منه، وللموقع أهمية تاريخية وأثرية.

 

8 - البلدة القديمة في العلا:  

 

أمكنة تاريخية قديمة، تهدمت أجزاء كثيرة منها، وتمثل التراث العمراني القديم للمنطقة، وتوجد بها مبانٍ مختلفة الاستعمالات كالمسجد والسوق، وتتميز بوجود آثار باقية لقلعة موسى بن نصير، بالإضافة إلى الطنطورة  التي كانت تستخدم في معرفة المواسم الزراعية وتوقيت توزيع المياه على المزارعين.

 

يغلب على محافظة العلا الطابع التاريخي والأثري، فهي محافظة ضاربة جذورها في التاريخ، والشاهد على ذلك أدلة كثيرة أبرزها مدائن صالح، يضاف إلى ذلك غنى المحافظة بالموارد الطبيعية.

 

وتعد شرعان صورة طبيعية خلابة لما تحتويه من أمكنة طبيعية جبلية تشكلت من جراء النحت والتعرية، وخير مثال على تلك التشكيلات الصخرية صخرة نحتتها الرياح وعوامل التعرية وجعلتها تشبه خرطوم الفيل، تسمى صخرة الفيل.

 

9 - بدر:  

 

بدر موقع ماء من مياه العرب الشهيرة وكانت إحدى أسواق العرب المشهورة، وجاء اسمها على رجل من بني غفار اسمه (بدر بن قريش بن مخلد بن النضر بن كنانة) وهو أول من حفر بئرًا في بدر.

 

وتعد بدر من المواقع التاريخية المهمة لدى المسلمين، حيث جرت على أرضها المعركة الفاصلة بين المسلمين والمشركين وانتصر فيها الإسلام وهزم فيها الباطل، وتبلغ مساحة الموقع الذي حدثت فيه موقعة بدر نحو 45كم  ، ويشمل مقبرة الشهداء الذين ذكرت أسماؤهم على لوحة بالمقبرة، كما يشمل جبل العدوة الدنيا والعدوة القصوى والجبل الأصفر (أسفل الركب) وجبل الملائكة.

 

كما أن لشاطئ الرايس وميناء الجار الأثري قيمة سياحية تضفي على محافظة بدر سمة فريدة، فموقع شاطئ الرايس يمتاز بسمات تجعل له مستقبلاً سياحيًا واعدًا، أهمها نوعية بيئته وتركيبته الطبيعية، حيث الامتداد الرملي لمسافات طويلة في البحر. كذلك يمارس سكان الرايس صيد الصقور عن طريق الشباك، وهي مهنة وهواية ورياضة ما زالت تمارس عند السكان المحليين ولها حضور سياحي.