مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
تقدمت القوات السعودية إلى مكة المكرمة في السابع عشر من ربيع الآخر عام 1343هـ / 15 أكتوبر 1924م، ودخلتها بسلام بعد أن غادرها الشريف علي إلى جدة وتحصن بها، وكان جميع أفراد القوات السعودية قد دخلوا مكة المكرمة بملابس الإحرام ملبِّين ومكبِّرين، فطافوا بالكعبة المشرفة وسعوا بين الصفا والمروة دون إراقة قطرة دم، ثم نـزلوا في خيامٍ شرق مكة المكرمة بمنطقة العدل في انتظار وصول الإمام عبدالعزيز
وفي مساء يوم الخميس السابع من جمادى الأولى من عام 1343هـ الموافق الرابع من ديسمبر عام 1924م وصل الإمام عبدالعزيز إلى مكة المكرمة محرمًا بالعمرة، وطاف بالبيت الحرام، وسعى بين الصفا والمروة، ثم توجه إلى مكان إقامته، وهناك كان يستقبل يوميًا وفود العلماء وكبار الشخصيات الحجازية وشيوخ القبائل الذين أعلنوا مبايعتهم وولاءهم له
بدأ الإمام عبدالعزيز أثناء إقامته في مكة المكرمة في مراسلة الشريف علي في جدة للتفاوض، لكن جميع الجهود السلمية لم تنجح معه وأصرَّ على الحرب، فتقدمت القوات السعودية في السابع من جمادى الآخرة عام 1343هـ الموافق 3 / 1 / 1925م بقيادة الإمام عبدالعزيز إلى جدة ونـزلت بالرغامة، وأخذت في محاصرتها من الناحية الشرقية الشمالية، وعندما أهلَّ موسم الحج لذلك العام أمر الإمام عبدالعزيز بالاستعداد لاستقبال الحجاج، وأمر بتجهيز الطرق إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وجَعْلها آمنة، وأرسل قوة إلى موانئ رابغ والليث والقنفذة لتهيئتها لاستقبال حجاج البحر، وتزويدها بقوافل الجِمال لنقل الحجاج وتيسير وصولهم إلى مكة المكرمة، كما أنه عندما دخل شهر ذي الحجة سمح لبعض قواته التي تقوم بحصار جدة بأداء فريضة الحج
وبعد انقضاء الحج استأنف الجيش السعودي حصاره لجدة، وأرسل الإمام عبدالعزيز قوة بقيادة الأمير محمد بن عبدالعزيز لضم المدينة المنورة بناءً على طلبٍ من أعيانها كما هو حال بقية مدن الحجاز فقد حرص أهلها على إعلان انضمامهم إلى الدولة السعودية وإرسال الوفود لتأكيد ولائهم. وكان بإمكان الإمام عبدالعزيز اقتحام جدة والاستيلاء عليها بالقوة في فترة قياسية، إلا أنه فضَّل التريث وإظهار طول النَّفَس حرصًا منه على أخذ الأمور بالحكمة وحسن التدبير، ورغبةً منه في عدم إراقة الدماء والحفاظ على سلامة السكان في مدينة جدة، وخصوصًا أن فيها عددًا من البعثات الدبلوماسية، وأن يكون ضمه للحجاز بالطرق السلمية ما استغرق وقتًا استمر نحو العام
وفي يوم السبت 19 جمادى الأولى 1344هـ الموافق 5 / 12 / 1925م استبشر الجميع باستسلام حامية المدينة المنورة، ومبايعة أهلها للإمام عبدالعزيز بالولاء والطاعة، وبذلك حلَّ السلام والأمن والاستقرار في ربوع الحرمين الشريفين
وفي أول يوم من شهر جمادى الآخرة عام 1344هـ / 17 نوفمبر 1925م قرر الشريف علي بن الحسين التسليم بعد نحو عام من الحصار، وقام الإمام عبدالعزيز والشريف علي بالتوقيع على شروط التسليم، فغادر الشريف علي جدة بحرًا في اليوم السادس من الشهر نفسه الموافق 22 / 12 / 1925م وتوجه إلى البصرة لينـزل عند أخيه فيصل بالعراق
وبعد اتخاذ الترتيبات اللازمة في مدينة جدة دخلها السلطان عبدالعزيز، ورحب به الأهالي بالهتاف والتأييد والدعاء له بالتوفيق، وأطلقت المدفعية مئة طلقة وطلقة ترحيبًا بمقدمه الميمون، وكان ذلك في اليوم الثامن من جمادى الآخرة، واستقبل في مقر إقامته أعيان جدة ووجهاءها معلنين ترحيبهم به وتأييدهم له، كما تقدم للسلام عليه قناصل الدول العربية والأجنبية المعتَمَدون في جدة؛ وهم قناصل مصر وإيران وبريطانيا وروسيا وإيطاليا وفرنسا وهولندا، وممثلو الدول والشركات الأجنبية، فرحب بهم السلطان عبدالعزيز، وأعرب عن شكره لهم على موقفهم الحيادي
وفي الخامس والعشرين من شهر جمادى الآخرة من عام 1344هـ الموافق العاشر من يناير 1926م بايع أهل الحجاز السلطان عبدالعزيز بوصفه ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته، وأعلن السلطان عبدالعزيز في مكة المكرمة بلاغًا عامًا لأهل الحجاز بيَّن فيه أهدافه، وأنه عمل ذلك من أجل سلامة الأمكنة المقدسة وأمنها، كما أعلن العفو العام عن جميع السياسيين وأوصاهم بتقوى الله عز وجل
وفي الثالث من شعبان 1344هـ / 16 فبراير 1926م ونتيجةً لدخول الحجاز تحت حكم الملك عبدالعزيز اعترفت حكومة الاتحاد السوفييتي بالملك عبدالعزيز ملكًا على الدولة السعودية الحديثة، وأعقب ذلك اعتراف بريطانيا في الرابع عشر من شعبان الموافق 27 فبراير 1926م، واعتراف فرنسا في السابع عشر من شعبان، واعتراف هولندا في غرة رمضان، ثم تتابعت اعترافات الدول العربية والإسلامية والأجنبية في السنوات التالية
وفي 26 من ذي القعدة 1344هـ / 1926م بدأت جلسات المؤتمر الإسلامي العام في مكة المكرمة الذي حضره أكثر من ستين عضوًا يمثلون معظم البلاد والجمعيات العربية والإسلامية، وكان من نتائجه تأييد الملك عبدالعزيز فيما قام به من جهود في توحيد البلاد وتحقيق الأمن والاستقرار للحرمين الشريفين. وقد قاد الملك عبدالعزيز وفود الحجاج لحج ذلك العام، حيث استُقبلوا أفضل استقبال، وأُمِّنت لهم الطرق، وتم توفير جميع احتياجاتهم من مساكن وأغذية، وقد حج الجميع في أمن وسلام وعادوا إلى بلادهم وهم يحملون أحسن المشاعر لِمَا شاهدوه من أمن واستقرار ورغد عيش؛ ما أسهم في إزالة الشائعات والأكاذيب التي كان يروجها الأعداء والمغرضون، وإزالة المخاوف التي كانت سائدة قبل مجيء الملك عبدالعزيز لحكم الحجاز
 
شارك المقالة:
40 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook