المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المملكة العربية السعودية

المملكة العربية السعودية.

 
 
تمكن الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود من استعادة الرياض في الخامس من شوال 1319هـ / 15يناير 1902م من يد والي ابن رشيد، مبتدئًا بذلك عهدًا جديدًا هو عهد المملكة العربية السعودية، وخلال السنتين التاليتين استطاع الأمير عبد العزيز فرض نفوذه في المناطق الجنوبية والوسطى من نجد، ولم ينته عام 1324هـ / 1906م إلا وقد تمكن من إخراج قوات ابن رشيد والقوات العثمانية التي أرسلت لمساعدته من المدينة المنورة والعراق من منطقة القصيم المهمة وضمها إلى دولته بعد عدد من المعارك والمناورات  .  وزاد من ضعف قوة آل رشيد نـزاع استشرى بين زعمائهم أرغم بعضهم على اللجوء إلى العثمانيين في المدينة المنورة  .  وقد أثارت هذه الانتصارات السريعة مخاوف بعض أصدقاء الأمير عبد العزيز ومنافسيه وأعدائه في داخل نجد وخارجها، لكن الأمير أخذ في مواجهة تلك الأطراف واحدة بعد الأخرى حتى تمكن من التغلب عليها  
 
في بداية عام 1331هـ / 1913م أدرك الأمير عبد العزيز أن ظروفه وظروف الدولة العثمانية في منطقة الأحساء والقطيف قد أصبحت مناسبة لضم تلك المنطقة إلى دولته، فتوجه بقواته إليها في جمادى الأولى الموافق لشهر إبريل من ذلك العام، وتمكن من إجبار الحامية العثمانية في الأحساء على التسليم ومغادرة المنطقة إلى البحرين  .  وقد ترتب على ضم الأمير عبد العزيز للأحساء والقطيف اتساع رقعة دولته وزيادة موارده المالية وبروزه على المستوى الإقليمي  .  وخلال الحرب العالمية الأولى لم ينضم الأمير عبد العزيز إلى العثمانيين ولا إلى البريطانيين على الرغم من طلب الطرفين منه المساعدة، وبدلاً من ذلك اهتم بأموره الداخلية وبدأ في إنشاء الهجر لتوطين البادية، ومع نهاية سنوات الحرب أصبحت تلك الهجر قواعد عسكرية على أطراف بلاده  
 
تخوف الأمير عبد العزيز من إعلان الشريف حسـين في محرم عام 1335هـ / نوفمبر 1916م نفسه ملكًا على العرب، فاتصل بالبريطانيين الذين كانوا يدعمون ثورة الشريف فطمأنوه  .  وخلال السنوات الثلاث التالية ظل الأمير عبد العزيز يراقب تطورات الحرب وما كان يجري في جبل شمر والحجاز، وفي الوقت نفسه أخذت حركة الإخوان تنتشر بين القبائل النازلة بين نجد والحجاز وبخاصة في واحتي تربة والخرمة، ولم تجد محاولات الشريف حسين خلال عام 1336هـ / 1918م لوقـف ذلك الانـتـشار  .  وبعد استسلام حامية المدينة المنورة أمر الشريف حسين ابنه عبد الله بالتوجه بمن معه من الجنود النظاميين ورجال القبائل لتأديب أهل تربة والخرمة وإخضاعهم لسلطته، فلما تأكد الأمير عبد العزيز من نوايا الشريف حسين وابنه تجاه البلدتين أمر أمير هجرة الغطغط سلطان بن بجاد بالتوجه بأتباعه إلى بلدة الخرمة والانضمام إلى أميرها خالد بن لؤي للدفاع عن المنطقة، فلما علم الإخوان باستيلاء الأمير عبد الله على تربة يوم 24 شعبان 1337هـ / 26 مايو 1919م قرروا مهاجمته في الليلة التالية، وقد تمكن نحو ألف وخمسمئة من الإخوان من التغلب على الجيش الشريفي المكون من نحو سبعة آلاف مقاتل والمجهز بكميات كبيرة من البنادق والمدافع والذخائر والأموال التي جلبها من المدينة المنورة  
 
خاف البريطانيون من اجتياح الإخوان للطائف ومكة المكرمة وما يمكن أن يحدثه ذلك من أثر على حليفهم الشريف حسين ورعاياهم المسلمين في الهند ومصر، فأرسلوا تحذيرًا شديدًا للأمير عبد العزيز الذي وصل إلى ميدان المعركة وطلبوا منه إخلاء المنطقة والعودة بقواته إلى نجد وإلا فإنه سيعد محاربًا لهم  .  انسحب الأمير من تربة مشترطًا على البريطانيين ضمان عدم اعتداء الشريف حسين على تربة والخرمة وتسوية الأمور معه. وخلال الثلاث سنوات التالية تمكن الأمير عبد العزيز من مد نفوذه إلى جنوبي الحجاز وعسير وإلى جبل شمر والجوف، وتلقب على إثر ذلك بلقب (سلطان نجد وملحقاتها). وفي عام 1339هـ / 1921م منح البريطانيون إمارة شرق الأردن ومملكة العراق لاثنين من أبناء الشريف حسين، فأسهم كل ذلك في تعقيد المشكلات بين سلطان نجد وملك الحجاز، وقد بذلت الحكومة البريطانية عدة محاولات لحل المشكلات بين نجد والحجاز والعراق وشرق الأردن، كان أهمها وآخرها مؤتمر الكويت في جمادى الأولى 1342هـ / ديسمبر 1923م، لكن الشريف حسين رفض المشاركة فيه  
 
في جمادى الآخرة 1342هـ / يناير 1924م أعلن الملك حسين نفسه خليفة للمسلمين في عمَّان، وهو أمر لم يوافق عليه السلطان عبد العزيز وغيره من حكام المسلمين، وكان الملك حسين قد منع النجديين من أداء نسك الحج منذ معركة تربة 1337هـ / 1919م، كما أن مشكلة تبعية واحتي تربة والخرمة لم تجد حلاً. ونتيجة لتذمر النجديين الشديد من عدم السماح لهم بأداء الحج، عقد السلطان عبد العزيز في ذي الحجة 1342هـ / يوليو 1924م اجتماعًا في الرياض حضره العلماء وأمراء البلدان وقادة الإخوان ورؤساء القبائل، وترأسه الإمام عبد الرحمن الفيصل والد السلطان، وقد اتفق الجميع على وجوب أداء نسك الحج سلمًا أو بالقوة  . وفي بداية شهر صفر من العام التالي وصل إلى الطائف خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد على رأس أكثر من ثلاثة آلاف من الإخوان، ولم يستطع الجنود النظاميون المتمركزون في الطائف ولا الأمير علي بن الحسين والقوات التي أرسلت من مكة المكرمة للدفاع عنها الوقوف في وجه الإخوان الذين اجتاحوا الطائف وأجبروا الأمير علي وقواته على الانسحاب إلى مكة المكرمة  .
اجتمع أعيان الحجاز في جدة وقرروا أن يتنازل الملك حسين لابنه علي على أمل أن يتوصل الأخير إلى سلام مع السلطان عبد العزيز، فقبل الملك حسين وبويع الملك علي في الخامس من ربيع الأول 1343هـ / 1924م، لكنه لم يستطع التوصل إلى اتفاق مع السلطان عبد العزيز، ولم يكن واثقًا من قدرته على المقاومة فانتقل إلى جدة، وفي السابع عشر من الشهر نفسه دخل جيش الإخوان مكة المكرمة محرمين بالعمرة من دون قتال  .  وفي الثامن من جمادى الأولى وصل السلطان عبد العزيز إلى مكة المكرمة على رأس جيشه محرمًا، فأمن الناس ووعدهم بإزالة المظالم وتطبيق الشريعة. وبعد شهر زحف بجيشه إلى جدة - التي تحصن فيها الملك علي - وفرض عليها حصارًا استمر قريبًا من السنة، وخلال فترة الحصار كان السلطان يبعث السرايا إلى الموانئ والبلدان الواقعة إلى الجنوب والشمال من جدة لضمها إلى دولته، فلما يئس الملك علي من إمكانية كسر الحصار أو الحصول على مساعدات خارجية وسَّط المعتمد البريطاني في جدة لترتيب عملية تسليم البلاد للسلطان عبد العزيز، وقد قام المعتمد بالمهمة، وغادر الملك علي جدة في 6 / 6 / 1344 هالموافق21 / 12 / 1925م  .  وبعد أسبوعين بايع أعيان مكة المكرمة وجدة والمدينة وغيرهم من الأهالي السلطان عبد العزيز آل سعود ملكًا على الحجاز  
 
شارك المقالة:
43 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook